إعجاز القرآن ثابت حتى عند الخصوم
هل يصح الاحتجاج على غير المسلمين بعجز المخالفين على الاتيان بمثل القرآن من مصادرنا التاريخية الاسلامية؟
الجواب:
ربما نفهم من سؤالكم بأنكم تقصدون الإشكال المطروح من خصوم الإسلام بأن قوة الإسلام وسلطانه وسيطرته على الأمور وعلى التأريخ ونقل الأحداث قد أدت وتسببت في إخفاء أثر كل من عارض القرآن فيسقط إدعاء المسلمين من عدم وجود معارض للقرآن وإلا فقد يكون هنالك من جاء بكتاب أو سورة مثله!
والجواب عنه واضح فإنه يبطل هذا الزعم وهذا الإدعاء ما يلي:
أولاً: نقل كلام وادعاء الكثير ممن عارضوا القرآن أو أدّعوا النبوة مثل مسيلمة الكذاب وسجاح والأسور العنسي وطليحة بن خويلد وعبد الله بن المقفع وأبو العلاء المعري والمتنبي, فمع نقل كلام ومعارضة هؤلاء للقرآن الكريم يسقط إدعاء من يدعي أن قوة الإسلام وسلطانه منع من نقل كلام معارضي القرآن,وكذلك يمكن للمعارض أن يذهب إلى فارس أو الروم ليحصل على الأمان ويعارض القرآن من هناك بسلام!!
ثانياً: إن الدواعي لنقل كلام معارضي القرآن ولو سراً وخفية متوافرة عند المشركين والمنافقين واليهود والنصارى والملحدين لإسقاط الإسلام, فلّما لم يدّع أحد من هؤلاء وجود شيء من ذلك فإنه يثبت عدم وجود مثل هذا المعارض للقرآن, مع أن عدم وجود معارض للقرآن أمر عدمي لا يحتاج إلى دليل وكل من يدّعي وجود ذلك فعليه المجيء بالدليل وليس العكس.
وقد ردّ السيد الخوئي (قدس) على مثل هذه الشبهة في ( البيان ص52) بقوله: ((إنّ هذه المعارضة لو كان حاصلة لأعلنتها العرب في أنديتها, وشهرتها في مواسمها وأسواقها, ولأخذ منه أعداء الإسلام نشيداً يوقعونه في كل مجلس, وذكراً يرددونه في كل مناسبة, وعلّمه السلفُ للخلف, وتحفظوا عليه تحفُّظ المدعي على حجته, وكان ذلك أقرّ لعيونهم من الاحتفاظ بتاريخ السلف كيف, وأشعار الجاهلية ملأت كتب التأريخ وجوامع الأدب, مع أنّا لا نرى أثراً لهذه المعارضة)).
وقال الخطّابي أيضاً في (بيان إعجاز القرآن ص50):
إنّ هذا السؤال ساقط والأمر فيه خارج عمّا جرت به عادات الناس من التحدّث بالأمور التي لها شأن وللنفوس بها تعلق, وكيف يجوز ذلك عليهم في مثل هذا الأمر الذي قد انزعجت له القلوب, وسار ذكره بين الخافقين.
ولو جاز ذلك في مثل هذا الشأن مع عظم خطره وجلالة قدره, لجاز أن يقال إنه خرج في ذلك العصر نبي آخر وأنبياء ذوو عدد, وتنزّلت عليهم كتب من السماء, وجاءوا بشرائع مخالفة لهذه الشريعة, وكُتم الخبر فيها فلم يظهر, وهذا ممّا لا يحتمله عاقل.
أقول مضيفاً: ولم يدّعه أحدٌ أيضاً فهذا كذاك.
مركز الأبحاث العقائدية