بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنّ من اهم الامور التي ينبغي الالتفات لها في عملية تهذيب النفس، هي العصبية، حيث قد يتحلى الانسان المؤمن بكثير من الصفات الحسنة والممدوحة، وتبقى هذه الصفة وهي العصبية كامنة في باطنه قبل أن تثيرها الأحداث والمناسبات، فعلى الإنسان المؤمن أن يستثير هذه الصفة، ويلتفت إلى الموقف الذي ينبغي أن يتخذه فيما لو ابتلى بمورد تتحرّك فيه المشاعر التي قد تؤدي إلى العصبيّة، فما هي العصبيّة، وما هي آثارها، وما هو موقف الإسلام منها؟
1- تعريف العصبيّة
إنَّ العصبيّة صفة سيّئة، تمنع صاحبها من القرب الإلهيّ، وتحجبه عن رؤية الحقّ، وقد تلقي به في نار جهنّم، وهي الدفاع عن جهة أو شخص، بحيث يرى باطلها حقّاً، وإن كانوا على باطل، ويرى من يقف في مقابلهم على باطل وإن كانوا محقّين.
2- العصبيّة في الرؤية الإسلاميّة
أ- حذَّر القرآن الكريم من العصبيّة، وجعلها من أوصاف الكافرين، يقول تعالى: ﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ﴾1، ولذا كان من يتّصف بها كأنَّه يتّصف بصفة الكفر، وتترتّب عليه آثار الكفر يوم القيامة.
ب- عن الإمام الباقر عليه السلام: "من كان في قلبه حبّة من خردل من عصبيّة بعثه الله يوم القيامة مع أعراب الجاهليّة".
وتفسير هذه السيرة الواردة في الرواية من حشره مع أعراب الجاهلية لأنَّ هذا المقدار من العصبيّة حتى لو كان قليلاً إلى هذا الحدّ،(حبّة من خردل)، لكنَّه من الممكن أن يودِيَ بصاحبه إلى جهنّم، وأن يخرجه عن الصراط المستقيم، وهو ليس كلاماً على ورق، بل قد حصل ويحصل، وممّن حصل معهم إبليس لعنه الله إمام المتعصّبين: إنَّ إبليس هو أوّل من تعصَّب، وهو إمام المتعصّبين، يستفزّهم في الدنيا ويقودهم في الآخرة إلى نار جهنّم.
3- إبليس رأس العصبيّة
إنَّ من يتعصَّب فليعلم أنَّ إبليس قد نفخ في أوداجه، لأنّ العصبيّة هي ريح إبليس، بغضِّ النظر عمَّن يتعصّب له، إذ أنَّ المتعصِّب قد يتعصَّب لعائلته، أو منطقته، أو عشيرته، أو غير ذلك، وكلّه من العصبيّة التي مصيرها النار وغضب الجبَّار، فإنَّ إبليس قد تعصَّب لأصله كما يقول أمير المؤمنين عليه السلام: "... فافتخر على آدم بخلقه وتعصَّب عليه لأصله، فعدوّ الله إمام المتعصّبين وسلف المستكبرين الذي وضع أساس العصبيّة.."2.
ويقول عليه السلام: "اعتَرَتْهُ (إبليس) الحميَّة وغلبت عليه الشِّقْوَة وتعزّز بخلقة النار واستوهن خلق الصَّلصَالِ"3.
وهنا يشير إلى تعصُّب إبليس لخلقته الناريّة، في مقابل خلقة آدم الطينيّة، حيث نظر إليها بعين التوهين والاحتقار. ويوضح عليه السلام ذلك فيقول في مورد آخر من نهج البلاغة: "ولقد نظرت فما وجدت أحداً من العالمين يتعصَّب لشيءٍ من الأشياء، إلَّا عن علَّة تحتمل تمويه الجهلاء، أو حجَّة تليط بعقول السفهاء غيركم، فإنَّكم تتعصَّبون لأمر ما يعرف له سبب ولا علَّة، أمَّا إبليس فتعصَّب على آدم لأصله، وطعن عليه في خلقته، فقال: أنا ناريّ وأنت طينيّ، وأمَّا الأغنياء من مترفة الأمم فتعصّبوا لآثار مواقع النّعم، فقالوا: "نحن أكثر أموالاً وأوّلاداً وما نحن بمعذّبين"4.
4- العصبيّة المذمومة
إنَّ هذا التعصُّب المذموم في الرؤية الإسلاميّة، هو التعصُّب الذي يُخرج المرء عن جادّة الصواب، ويتمسّك بعصبيّة حتى لو كان في ذلك نصرة للباطل وانتهاكاً للحرام وتجاوزاً للشرع، وإلَّا فإنَّ مودَّة الرجل لأهله وأبناء قومه ليست عصبيّة.
فعن الإمام زين العابدين عليه السلام بعد أن سئل عن العصبيّة قال: "العصبيّة التي يأثم عليها صاحبها، أن يرى الرجل شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين، وليس من العصبيّة أن يحب الرجل قومه، ولكن من العصبيّة أن يعين قومه على الظلم"5.
5- العصبيّة الممدوحة
نلحظ في كلام المعصومين عليهم السلام إشارة إلى تعصُّب غير مذموم، لكنَّه في الواقع ليس تعصُّباً، بل هو تمسّك بالدين، وبأخلاق سيّد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلم، وهو ما نراه واضحاً في حديث أمير المؤمنين عليه السلام: "فإن كان لا بدَّّ من العصبيَّة فليكن تعصّبكم لمكارم الخصال، ومحامد الأفعال، ومحاسن الأمور، التي تفاضلت فيها المُجداء والنُّجداء من بيوتات العرب، ويعاسيب القبائل، بالأخلاق الرغيبة والأحلام العظيمة، والأخطار الجليلة، والآثار المحمودة. فتعصَّبوا لخلال الحمد من الحفظ للجوار، والوفاء بالذمام، والطاعة للبر، والمعصية للكبر، والأخذ بالفضل، والكفّ عن البغي، والإعظام للقتل، والإنصاف للخلق، والكظم للغيظ، واجتناب الفساد في الأرض"6.
v النتيجة
لذا يجب أن نلتفت إلى هذا المرض الخطير والداء الكبير، فإذا أردنا أن نسعى لمقام القرب، وأن نزكي أنفسنا، فلا بدَّّ من استئصاله حتى لا نقع في شرك إبليس ونكون من جنوده وأعوانه.
جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
يقول الإمام الصادق(ع)"العامل بالظّلم والرَّاضي به والمعين له شركاء ثلاثتهم"
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جَعَلَ الْحَمْدَ مفْتَاح اًلذِكْرِهِ وَخَلَقَ الأشْيَاءَ نَاطِقَةً بحَمْدِه وَشُكرِهِ
وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى نَبِيِّهِ مُحَمَّدالْمُشتَقِّ اسْمُهُ مِنْ اسْمِهِ الْمحْمُودِوَعَلى آلهِ الطَّاهِرينَ أُولِي الْمَكارِمِ وَالْجُوِد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(إلهي!.. رضا بقضائك، وتسليما لأمرك؛ لا معبود لي سواه)
الفاطمية :،: دماء الزهراء :،:
أعوذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم وهمزاته .. سلمت يمناك عزيزتي
وسائلين المولى عزوجل أن ينعم عليكم بوافر رحمته وسعة رزقه أنه رحمن رحيم
ووفقكم لما يحبه ويرضاه
وصلى الله على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
دمتم برعاية الإمام المهدي المنتظر عليه السلام عج
خادمة العترة الطاهرة
تسبيحة الزهراء
(اللهم أفرغ علينا صبرًا و ثبت أقدامنا و انصرنا على القوم الكافرين)