بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم واللعن عدوهم
"فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله، والزعيم محمد، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون" الزهراء عليها السلام
تمهيد
وقفت لا يخالجها شك فيما تقدم عليه، ولا يطفح عليها موقفها الرهيب بصبابة من خوف أو ذعر، ولا يمر على خيالها الذي كان جديا كلم الجد، تردد في تصميمها، ولا تساورها هاجسة من هواجس القلق والارتباك، وها هي الان في أعلى القمة من استعدادها النبيل، وثباتها الشجاع على خطتها الطموح، وأسلوبها الدفاعي، فقد كانت بين بابين لا يتسعان لتردد طويل، ودرس عريض، فلا بد لها من اختيار أحدهما وقد اختارت الطريق المتعب من الطريقين الذي يشق سلوكه على المرأة بطبيعتها الضعيفةلما يكتنفه من شدائد ومصاعب تتطلب جرأة أدبية، وملكة بيانية مؤثرة، وقدرة على صب معاني الثورة كلها في كلمات وبراعة وفنية في تصوير النقمة، ونقد الأوضاع القائمة تصويرا ونقدا يجعلان في الألفاظ معنى من حياة، وحظا من خلود، لتكون الحروف جنود الثورة الخيرة، وسندها الخالد في تاريخ العقيدة،ولكنه الأيمان والاستبسال في سبيل الحق الذي يبعث في النفوس الضعيفة نقائضها، ويفجر في الطبائع المخذولة قوة لا تتعرض لضعف ولا تردد. ولذا كان اختيار الثائرة لهذا الطريق مما يوافق طبعها، ويلتئم مع شخصيتها المركزة على الانتصار للحق، والاندفاع في سبيله.
وكانت حولها نسوة متعددات من حفدتها ونساء قومها كالنجوم المتناثرة يلتففن بها بغير انتظام، وهن جميعا سواسية في هذا الاندفاع والالتياع، وقائدتهن بينهن تستعرض ما ستقدم عليه من وثبة كريمة تهيئ لها العدة والذخيرة، وهي كلما استرسلت في استعراضها ازدادت رباطة جأش، وقوة جنان، وتضاعفت قوة الحق التي تعمل في نفسها، واشتدت صلابة في الحركة، وانبعاثا نحو الدفاع عن الحقوق المسلوبة، ونشاطا في الاندفاع، وبسالة في الموقف الرهيب، كأنها قد استعارت في لحظتها هذه قلب رجلها العظيم، لتواجه به ظروفها القاسية وما حاكت لها يد القدر -أستغفر الله- بل ما قدر لها المقدر الحكيم من مأساة مروعة تهد الجبل وتزلزل الصعب الشامخ. وكانت في لحظتها الرهيبة التي قامت فيها بدور الجندي المدافع شبحا قائما ترتسم عليه سحابة حزن مرير، وهي شاحبة اللون، عابسة الوجه، مفجوعة القلب، كاسفة البال، منهدة العمد، ضعيفة الجانب، مائعة الجسم، وفي صميم نفسها، وعميق فكرها، المتأملة إشعاعة بهجة، وإثارة طمأنينة، وليس هذا ولا ذاك استعذابا لأمل باسم، أو سكونا إلى حلم لذيذ، أو استقبالا لنتيجة حسنة مترقبة، بل كانت الإشعاعة إشعاعة رضا بالفكرة، والاستبشار بالثورة، وكانت الطمأنينة ثقة بنجاح، لا هذا الذي نفيناه بل على وجه آخر، وإن في بعض الفشل الآجل إيجابا لنجاح عظيم وكذلك وقع، فقد قامت أمة برمتها تقدس هذه الثورة النائرة بل تستمد منها ثباتها واستبسالها في هذا الثبات.
ودفعتها أفكارها في وقفتها تلك إلى الماضي القريب يوم كانت موجات السعادة تلعب بحياتها السعيدة، ويوم كان نفس أبيها يصعد، ونسمه يهبط. وكان بيتها قطب الدولة العتيد، ودعامة المجد الراسخة المهيمنة على الزمن الخاشع المطيع.
ولعل أفكارها هذه ساقتها إلى تصور أبيها صلى الله عليه وآله وسلم وهو يضمها إلى صدره الرحيب، ويحوطها بحنانه العبقري، ويطبع على فمها الطاهر قبلاته التي اعتادتها منه، وكانت غذاءها صباحا ومساء.
ثم وصلت إلى حيث بلغت سلسلة الزمن، فيواجهها الواقع العابس وإذا بالزمان غير الزمان وها هو بيتها مشكاة النور ورمز النبوة والإشعاعة المتألقة المحلقة بالسماء، مهدد بين الفينة والفينة،وها هو ابن عمها الرجل الثاني في دنيا الإسلام باب علم النبوة، ووزيرها المخلص، وهارونها المرجى، الذي لم يكن لينفصل ببدايته الطاهرة عن بداية النبوة المباركة، فهو ناصرها في البداية، وأملها الكبير في النهاية، يخسر أخيرا خلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وتقوض معنوياته النورية التي شهدت لها السماء والأرض جميعا، وتسقط سوابقه الفذة عن الاعتبار ببعض المقاييس التي تم اصطلاحها في تلك الأحايين.
وهنا بكت بكاء شقيا ما شاء الله لها أن تبكي، ولم يكن بكاء بمعناه الذي يظهر على الأسارير، ويخيم على المظاهر، بل كان لوعة الضمير، وارتياع النفس، وانتفاضة الحسرات في أعماق القلب، وختمت طوافها الأليم هذا بعبرتين ندتا من مقلتيها.
ثم لم تطل وقفتها، بل اندفعت كالشرارة الملتهبة وحولها صويحباتها حتى وصلت إلى ميدان الصراع، فوقفت وقفتها الخالدة، وأثارت حربها التي استعملت فيها ما يمكن مباشرته للمرأة في الإسلام، وكادت ثورتها البكر أن تلتهم الخلافة لولا أن عاكسها شذوذ الظرف، وتناثرت أمامها العقبات.
اللهم العن اعداء الزهراء من الاولين والاخرين
المصدر \كتاب عقائد الشيعه الاماميه للسيد الشهيد الاول محمد باقر الصدر قدس سره الشريف
ان ماأردت الفوز بالعلياء والمكارم فاسجد وقل بفاطم بفاطم بفاطم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جزاكم الله كل خير وبارك الله فيكم
ربِّ اغفر و ارحم و تجاوز عما تعلم إنك أنت الأعز الأجل الأكرم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الابرار الاخيار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عظم الله اجورنا واجوركم بمصاب ابي الاحرار ابي عبد الله الحسين عليه السلام
جزاك الله كل خير على هذا الطرح الرائع
وبارك الله بكم وجعله الله في ميزان حسناتكم