بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

وقال الكاتب المسيحي جورج جرداق في كتابه: (صوت العدالة الإنسانية): أما علي بن أبي طالب، فما كان أعجب أمره يوم غامر في سبيل عقيدته التي هي عقيدة محمد بن عبد الله، وفي سبيل الحق ورعاية الشرف والإخاء هذه المغامرة التي لم يعرف التاريخ أجل منها، وأقوى وأدل على وحدة الذات بين عظيم وعظيم.
وإنها لإرادة على التضحية قل أن تجد لها مثيلاً إلا في الظروف النادرة التي تقف بها النفس الإنسانية الواعية بين حالين من وجود وفناء في حيز من إدراك معنى الوجود على مثال خاص.
فإما أن تؤثر لهذا الجسد عيشاً يقربه دون ما يحييه من قيم الحياة الصاعدة، فتنكر هذه القيم وتفضل عليها وجوداً هو أشبه بالفناء من حيث أن الوجود حياة تحيا! وإما أن تؤثر لهذا الكيان الإنساني انصهاراً بكليات القيم دونما نظر إلى وجود عضوي لا يتصل بروح الوجود الفذ، فتأتي هذه القيم سالكاً إليها طريق التهلكة.
وما فناؤك آنذاك إلا دليل على أن الوجود إنما هو لديك حياة تحيا لا عيش يعاش!
أجل، إنها لتضحية قل أن تجد لها مثيلاً إلا في اختيار سقراط للموت وفي مسلك غيره من السقارطة، تضحية علي بن أبي طالب يفدي النبي بنفسه راضياً مختاراً على صورة أهون منها على لقاء الموت في ساحة القتال، أو على شفاه قمقم السم! فما أصعب على المرء أن يأخذ مكان رجل حكم عليه المجرمون بالقتل.
وأن يرقد في فراشه فلا يخطئه هؤلاء إذا دخلت إرادتهم طور التنفيذ وهم منه على خطوات ينظرون إليه ويسمع إليهم.
ثم إنه يترقب بين حين وحين رؤية أنظارهم تتوامض بالغدر تحت عينيه، وسيوفهم تتلامع بالموت فوق رأسه، طوال ليلة كاملة!
لقد كان علي بمغامرته هذه استمراراً لمحمد.

وكانت تضحيته من روح المقاومة التي عرف بها ابن عمه العظيم، وكان مبيته في فراش النبي تزكية للدعوة وحافزاً على الجهاد الطويل! ثم إن في هذه المغامرة ما يوجز الحقيقة عن الإمام وطباعه ومزاجه، فإذا هي صادرة عنه كما تصدر الأشياء عن معادنها دون تكلف ودون إجهاد.
ففيها نموه الذهني المبكر الذي جعله يدرك من الدعوة التي يدق فهمها فهماً صحيحاً على من كان في مثل سنه.
وفيها زهده بالحياة إذا لم تكن عمراً لمكارم الأخلاق.
وفيها صدقه المر وإخلاصه العجيب.
وفيها عدله بين نفسه وبين سواه من أهل الجهاد وما يتوخاه بذلك من نصرة للمظلومين والمستضعفين إذا قتل هو ونجحت الرسالة على يدي صاحب الهجرة.
وفيها مواجهته للأمور بسماحة وبساطة لا يعرف معهما إلى الكلفة سبيلاً.
وفيها المروءة والوفاء والطيبة والشجاعة وسائر صفات الفروسية التي يمثلها علي بن أبي طالب.
بل قل هي شيء من استشهاده المقبل
وقال الأستاذ بولس سلامة في ملحمة الغدير:
هــــزه الشوق للنبــــــي فشـــــد العزم يهفــــو إلى جماع المآثر
في رمال الصحراء يسري وحيداً مقـفـر الكـف أعـوزته الأباعـر
صابر في العذاب والجوع حتـــى عجب القـفر مـن تقـشف صابر
إلى أن يقول:
لا فـراش ســوى الثرى، لا غــطاء لا ضياء سـوى النجوم الزواهر
فيناجي السهى يصعــد فــــي الأجــ ــــــواء طرفاً يشـق ستــــر الدياجر
إن هذا الصمت الرهـيب لقـــــــدس يغسل المــرء بالعـــذاب الصاهر
فالخطــــــوب الجســـــام والألم الممــ ـــدود وحــــــي مطهــــر للضمائر
فإذا كان طاهـــــــــــراً كعلــــــــــي شــــــــد لله قـلبـــــه بأواصــــر
يذكـــــــــــر الله بكـــــرة وعـشيـــا ويـصــلي فــي كل ومضة خاطر
فالمناجــاة والصــــــلاة عـطــــــور تتعـالـــى إلـــى السماء مباخـــر
يا رمال الصحـــراء هــــذا عـلـــــي فاملــئي الدرب والضفاف أزاهر
هـــو بعـــد النبـــــي أشرف ظـــــل لاح في الـسبسب الخلــي مهاجر
حملـــــي أجنــــــح الأثيـــــر نسيماً من جفــون الأسحار ريان عاطر
وابسطــي حولـــه الزنابــــق فـرشاً وانشري فـوقـــه الغمام مقاصر
جعلنا الله واياكم ممن يحظون بنظره عطوفه من امام زماننا المهدي الموعود
وتشملنا العنايه الربانيه والنظره المحمديه للتوفيق والجهاد بين يدي القائم عليه السلام
نسألكم الدعاء

اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

وقال الكاتب المسيحي جورج جرداق في كتابه: (صوت العدالة الإنسانية): أما علي بن أبي طالب، فما كان أعجب أمره يوم غامر في سبيل عقيدته التي هي عقيدة محمد بن عبد الله، وفي سبيل الحق ورعاية الشرف والإخاء هذه المغامرة التي لم يعرف التاريخ أجل منها، وأقوى وأدل على وحدة الذات بين عظيم وعظيم.
وإنها لإرادة على التضحية قل أن تجد لها مثيلاً إلا في الظروف النادرة التي تقف بها النفس الإنسانية الواعية بين حالين من وجود وفناء في حيز من إدراك معنى الوجود على مثال خاص.
فإما أن تؤثر لهذا الجسد عيشاً يقربه دون ما يحييه من قيم الحياة الصاعدة، فتنكر هذه القيم وتفضل عليها وجوداً هو أشبه بالفناء من حيث أن الوجود حياة تحيا! وإما أن تؤثر لهذا الكيان الإنساني انصهاراً بكليات القيم دونما نظر إلى وجود عضوي لا يتصل بروح الوجود الفذ، فتأتي هذه القيم سالكاً إليها طريق التهلكة.
وما فناؤك آنذاك إلا دليل على أن الوجود إنما هو لديك حياة تحيا لا عيش يعاش!
أجل، إنها لتضحية قل أن تجد لها مثيلاً إلا في اختيار سقراط للموت وفي مسلك غيره من السقارطة، تضحية علي بن أبي طالب يفدي النبي بنفسه راضياً مختاراً على صورة أهون منها على لقاء الموت في ساحة القتال، أو على شفاه قمقم السم! فما أصعب على المرء أن يأخذ مكان رجل حكم عليه المجرمون بالقتل.
وأن يرقد في فراشه فلا يخطئه هؤلاء إذا دخلت إرادتهم طور التنفيذ وهم منه على خطوات ينظرون إليه ويسمع إليهم.
ثم إنه يترقب بين حين وحين رؤية أنظارهم تتوامض بالغدر تحت عينيه، وسيوفهم تتلامع بالموت فوق رأسه، طوال ليلة كاملة!
لقد كان علي بمغامرته هذه استمراراً لمحمد.

وكانت تضحيته من روح المقاومة التي عرف بها ابن عمه العظيم، وكان مبيته في فراش النبي تزكية للدعوة وحافزاً على الجهاد الطويل! ثم إن في هذه المغامرة ما يوجز الحقيقة عن الإمام وطباعه ومزاجه، فإذا هي صادرة عنه كما تصدر الأشياء عن معادنها دون تكلف ودون إجهاد.
ففيها نموه الذهني المبكر الذي جعله يدرك من الدعوة التي يدق فهمها فهماً صحيحاً على من كان في مثل سنه.
وفيها زهده بالحياة إذا لم تكن عمراً لمكارم الأخلاق.
وفيها صدقه المر وإخلاصه العجيب.
وفيها عدله بين نفسه وبين سواه من أهل الجهاد وما يتوخاه بذلك من نصرة للمظلومين والمستضعفين إذا قتل هو ونجحت الرسالة على يدي صاحب الهجرة.
وفيها مواجهته للأمور بسماحة وبساطة لا يعرف معهما إلى الكلفة سبيلاً.
وفيها المروءة والوفاء والطيبة والشجاعة وسائر صفات الفروسية التي يمثلها علي بن أبي طالب.
بل قل هي شيء من استشهاده المقبل
وقال الأستاذ بولس سلامة في ملحمة الغدير:
هــــزه الشوق للنبــــــي فشـــــد العزم يهفــــو إلى جماع المآثر
في رمال الصحراء يسري وحيداً مقـفـر الكـف أعـوزته الأباعـر
صابر في العذاب والجوع حتـــى عجب القـفر مـن تقـشف صابر
إلى أن يقول:
لا فـراش ســوى الثرى، لا غــطاء لا ضياء سـوى النجوم الزواهر
فيناجي السهى يصعــد فــــي الأجــ ــــــواء طرفاً يشـق ستــــر الدياجر
إن هذا الصمت الرهـيب لقـــــــدس يغسل المــرء بالعـــذاب الصاهر
فالخطــــــوب الجســـــام والألم الممــ ـــدود وحــــــي مطهــــر للضمائر
فإذا كان طاهـــــــــــراً كعلــــــــــي شــــــــد لله قـلبـــــه بأواصــــر
يذكـــــــــــر الله بكـــــرة وعـشيـــا ويـصــلي فــي كل ومضة خاطر
فالمناجــاة والصــــــلاة عـطــــــور تتعـالـــى إلـــى السماء مباخـــر
يا رمال الصحـــراء هــــذا عـلـــــي فاملــئي الدرب والضفاف أزاهر
هـــو بعـــد النبـــــي أشرف ظـــــل لاح في الـسبسب الخلــي مهاجر
حملـــــي أجنــــــح الأثيـــــر نسيماً من جفــون الأسحار ريان عاطر
وابسطــي حولـــه الزنابــــق فـرشاً وانشري فـوقـــه الغمام مقاصر
جعلنا الله واياكم ممن يحظون بنظره عطوفه من امام زماننا المهدي الموعود
وتشملنا العنايه الربانيه والنظره المحمديه للتوفيق والجهاد بين يدي القائم عليه السلام
نسألكم الدعاء
