بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

أجمع علماؤنا السابقون منهم واللاحقون على أنَّ المصدر الأساسيّ لظهور هذه الفتنة هم بعض وكلاء الإمام الكاظم (ع)، وقد أثاروا هذه الشبهة من أجل الاستحواذ على الأموال التي كانت بأيديهم -وكانت أموالاً كثيرة-، وتأكَّد أنَّ هذا هو الباعث الأصلي للشبهة التي أثاروها من اقرار بعضهم قبيل موته، فمثلاً: قال ابن السرّاج -قبيل موته- لورثته: إنَّ تحت يدي أموالاً -قرابة العشرة آلاف دينار- وهي ليست لي، هي حقوق، وأخماس، وزكوات، ومظالم، أُعطيتُها لأني وكيلٌ عن الإمام الماضي -الامام الكاظم (ع)-، فسوَّلتُ لي نفسي، فاستحوذتُ عليها، ولا أريد أن أُصلى في جهنَّم، فارحموني يرحمكم الله، ادفعوها لأبي الحسن الرِّضا فإنه الإمام). هذا الشخص لأنه شعر بقرب الأجل لذلك تحرك ضميره، ولكن مجموعة من أبنائه كانوا فسقة، فلم يسلِّموا الأموال، إلا أنَّهم اعترفوا أنَّ مُورِّثهم قد قال لهم ذلك، وحيث لم تكن هناك وثيقة تُثبت أنَّ الأموال للإمام الرضا (ع)، فمن السهل عليهم أن يستولوا عليها. هذا واحد من المؤشرات.

وهناك موقف آخر يوثِّقه علماء التأريخ، وعلماء الرجال، يونس بن عبد الرحمن -أحد علماء الطائفة، ومن أكابرهم المعروفين بالورع والتقوى- هذا الرجل عندما أظهر علي بن أبي حمزة البطائني شبهة الوقف، وأنَّ الإمام لم يمت، وعندما أظهر زياد القندي شُبهة الوقف، وادّعى أنَّ الإمام لم يمت، تصدى يونس لفضحهم والإنكار عليهم، وأخذ يتحدَّث في الأوساط الشيعية، ويؤكِّد ويُثبت كذبهم، وأنَّ الإمامة للرضا (ع)، وأنَّ الكاظم (ع) قد مضى إلى ربِّه. لذلك سعوا من أجل استمالته، فقالوا له: يا يونس، ما دفعك إلى ما فعلت؟ نُعطيك عشرة آلاف دينار وتسكت؟!! فغضب فقال: رَوينا أنا وأنتم، روينا عن الصادقين أنهم قالوا: إذا ظهرت البِدَع، فعلى العالم أن يُظهر علمه، فإن لم يفعل سلب نور الإيمان (4). لا أدعُ جهادكم. فأظهروا العداوة له، هذا مؤشر آخر، يعبِّر عن الدافع الحقيقي للشبهة التي أثاروها وروَّجوا لها، وثمة مؤشِّرات أخرى -لعلنا نشير إليها ان شاء الله-.
لماذا راجت مثل هذه الشبهة في الوسط الشيعي؟
تعلمون أنَّ الظرف الذي عاشه أكثر أئمة أهل البيت (ع)، وعلى الخصوص الإمام الصادق، في نهاية إمامته حينها كانت الدولة العباسية قد أحكمت قبضتها على عموم الحاضرة الإسلامية على يد أبي جعفر المنصور الدوانيقي، وبعده هارون الرشيد الذي بلغت في عهده الدولة العباسية ذروتها في الاستحكام، في هذا الظرف العصيب كان الشيعة يعيشون أسوء الظروف، فكانت السجون منهم ملأى، وكانوا يخشون على أنفسهم من أن يُنسبوا إلى الأئمة، فكان يُقال لأحدهم زنديق، ولا يقال أنَّه جعفري، شيعي! في هذا الظرف كان أهل البيت (ع) يستعملون التقَّية، ويتكتَّمون على الكثير مما يرتبط بشأنهم، وقد أثَّر ذلك على الوسط الشيعيّ، وعلى مستوى وعيه، ونضوجه، واستيعابه لقضيَّة الإمامة وبعض ملابساتها وتفاصيلها.
مثل هذه الأجواء تكون أرضاً خصبة لنشوء الشُّبهات، واستحكامها في نفوس السَّوَقة والعامَّة من الناس، فلذلك يمكن أن تروج الشبهة بسهولة في مثل هذه الظروف العصيبة. والإمام الكاظم (ع) -الذي يُنتظر منه أن يكون مرجعاً عندما تطرأ أيُّ شبهة- كان في قعر السجون يُعذَّب. والذين يمكن أن يكونوا موئلاً ومرجعا يلجأ الناس إليهم عندما تعلقُ في أذهانهم شُبهة، قد غرَّت عدداً منهم الدنيا! فلمن يلجأ الناس؟! والذي زاد الأمر سوءً هو أنَّ الشبهة قد صدرت من رجالٍ كانوا من ذوي الوزن الثقيل ومن أصحاب التمّيز الاجتماعي والعلمي، فذلك ما ساهم في استحكام الشبهة ورواجها فمثل ابن ابي حمزة البطائني، وأمثال عثمان بن عيسى الرواسيّ، هؤلاء من رجال الامام الكاظم (ع)، وكان بعضهم من رجال الامام الصادق (ع)، فبطبيعة الحال، تستحكم الشبهة عند عوامّ الناس، رغم وضوح فسادها ومنافاتها لما قامت عليه الأدلة القطعية.
جعلنا الله واياكم ممن يحظون بنظره عطوفه من امام زماننا المهدي الموعود
وتشملنا العنايه الربانيه والنظره المحمديه للتوفيق والجهاد بين يدي القائم عليه السلام
نسألكم الدعاء

4- (نص الرواية): لما مات أبو الحسن (ع) وليس من قوامه إلا وعنده المال الكثير فكان ذلك سبب وقفهم وجحودهم لموته وكان عند زياد القندي سبعون ألف دينار وعند بن أبي حمزه ثلاثون ألف دينار قال: فلما رأيت ذلك وتبين لي الحق وعرفت من أمر أبي الحسن الرضا عليه السلام ما عرفت تكلمت ودعوت الناس إليه قال فبعثا إلي وقالا لي: ما يدعوك إلى هذا؟ ان كنت تريد المال فنحن نغنيك وضمنا لي عشره آلاف دينار وقالا لي: كف فأبيت فقلت لهما: انا روينا عن الصادقين عليهما السلام انهم قالوا: إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يظهر علمه فإن لم يفعل سلب نور الايمان وما كنت لأدع الجهاد في أمر الله عز وجل على كل حال فناصباني وأظهرا لي العداوة. عيون أخبار الرضا (ع) -الشيخ الصدوق- ج 2 ص 103.اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

أجمع علماؤنا السابقون منهم واللاحقون على أنَّ المصدر الأساسيّ لظهور هذه الفتنة هم بعض وكلاء الإمام الكاظم (ع)، وقد أثاروا هذه الشبهة من أجل الاستحواذ على الأموال التي كانت بأيديهم -وكانت أموالاً كثيرة-، وتأكَّد أنَّ هذا هو الباعث الأصلي للشبهة التي أثاروها من اقرار بعضهم قبيل موته، فمثلاً: قال ابن السرّاج -قبيل موته- لورثته: إنَّ تحت يدي أموالاً -قرابة العشرة آلاف دينار- وهي ليست لي، هي حقوق، وأخماس، وزكوات، ومظالم، أُعطيتُها لأني وكيلٌ عن الإمام الماضي -الامام الكاظم (ع)-، فسوَّلتُ لي نفسي، فاستحوذتُ عليها، ولا أريد أن أُصلى في جهنَّم، فارحموني يرحمكم الله، ادفعوها لأبي الحسن الرِّضا فإنه الإمام). هذا الشخص لأنه شعر بقرب الأجل لذلك تحرك ضميره، ولكن مجموعة من أبنائه كانوا فسقة، فلم يسلِّموا الأموال، إلا أنَّهم اعترفوا أنَّ مُورِّثهم قد قال لهم ذلك، وحيث لم تكن هناك وثيقة تُثبت أنَّ الأموال للإمام الرضا (ع)، فمن السهل عليهم أن يستولوا عليها. هذا واحد من المؤشرات.

وهناك موقف آخر يوثِّقه علماء التأريخ، وعلماء الرجال، يونس بن عبد الرحمن -أحد علماء الطائفة، ومن أكابرهم المعروفين بالورع والتقوى- هذا الرجل عندما أظهر علي بن أبي حمزة البطائني شبهة الوقف، وأنَّ الإمام لم يمت، وعندما أظهر زياد القندي شُبهة الوقف، وادّعى أنَّ الإمام لم يمت، تصدى يونس لفضحهم والإنكار عليهم، وأخذ يتحدَّث في الأوساط الشيعية، ويؤكِّد ويُثبت كذبهم، وأنَّ الإمامة للرضا (ع)، وأنَّ الكاظم (ع) قد مضى إلى ربِّه. لذلك سعوا من أجل استمالته، فقالوا له: يا يونس، ما دفعك إلى ما فعلت؟ نُعطيك عشرة آلاف دينار وتسكت؟!! فغضب فقال: رَوينا أنا وأنتم، روينا عن الصادقين أنهم قالوا: إذا ظهرت البِدَع، فعلى العالم أن يُظهر علمه، فإن لم يفعل سلب نور الإيمان (4). لا أدعُ جهادكم. فأظهروا العداوة له، هذا مؤشر آخر، يعبِّر عن الدافع الحقيقي للشبهة التي أثاروها وروَّجوا لها، وثمة مؤشِّرات أخرى -لعلنا نشير إليها ان شاء الله-.
لماذا راجت مثل هذه الشبهة في الوسط الشيعي؟
تعلمون أنَّ الظرف الذي عاشه أكثر أئمة أهل البيت (ع)، وعلى الخصوص الإمام الصادق، في نهاية إمامته حينها كانت الدولة العباسية قد أحكمت قبضتها على عموم الحاضرة الإسلامية على يد أبي جعفر المنصور الدوانيقي، وبعده هارون الرشيد الذي بلغت في عهده الدولة العباسية ذروتها في الاستحكام، في هذا الظرف العصيب كان الشيعة يعيشون أسوء الظروف، فكانت السجون منهم ملأى، وكانوا يخشون على أنفسهم من أن يُنسبوا إلى الأئمة، فكان يُقال لأحدهم زنديق، ولا يقال أنَّه جعفري، شيعي! في هذا الظرف كان أهل البيت (ع) يستعملون التقَّية، ويتكتَّمون على الكثير مما يرتبط بشأنهم، وقد أثَّر ذلك على الوسط الشيعيّ، وعلى مستوى وعيه، ونضوجه، واستيعابه لقضيَّة الإمامة وبعض ملابساتها وتفاصيلها.
مثل هذه الأجواء تكون أرضاً خصبة لنشوء الشُّبهات، واستحكامها في نفوس السَّوَقة والعامَّة من الناس، فلذلك يمكن أن تروج الشبهة بسهولة في مثل هذه الظروف العصيبة. والإمام الكاظم (ع) -الذي يُنتظر منه أن يكون مرجعاً عندما تطرأ أيُّ شبهة- كان في قعر السجون يُعذَّب. والذين يمكن أن يكونوا موئلاً ومرجعا يلجأ الناس إليهم عندما تعلقُ في أذهانهم شُبهة، قد غرَّت عدداً منهم الدنيا! فلمن يلجأ الناس؟! والذي زاد الأمر سوءً هو أنَّ الشبهة قد صدرت من رجالٍ كانوا من ذوي الوزن الثقيل ومن أصحاب التمّيز الاجتماعي والعلمي، فذلك ما ساهم في استحكام الشبهة ورواجها فمثل ابن ابي حمزة البطائني، وأمثال عثمان بن عيسى الرواسيّ، هؤلاء من رجال الامام الكاظم (ع)، وكان بعضهم من رجال الامام الصادق (ع)، فبطبيعة الحال، تستحكم الشبهة عند عوامّ الناس، رغم وضوح فسادها ومنافاتها لما قامت عليه الأدلة القطعية.
جعلنا الله واياكم ممن يحظون بنظره عطوفه من امام زماننا المهدي الموعود
وتشملنا العنايه الربانيه والنظره المحمديه للتوفيق والجهاد بين يدي القائم عليه السلام
نسألكم الدعاء
