

غبت عني حترت لني أشوفك وين .. غبت عني كثر وني يبويه حسين
رقيه تنوح بهاليوم يابويه .. رقيه تنادي المظلوم يابويه
اتلفت بهاليوم ريتك تكون وياي .. عشت بحزن وهموم وماشربت لجلك ماي
يابويه ريت تقوم تلفيني يارجواي .. يحميني سيفك دوم بيدك ترف الراي
غاب القمر والنور وسودت الأفلاك .. زاد الظلم والجور غمضن عيوني هناك
شفتك إلينا تزور عشت الحلم وياك .. يابويه فكري يدور تبقى يمي أنخاك
ارحمني يالعطشان لاتنسى يالمحبوب .. ياشمعة الوجدان كل عمري لاماتذوب
ياجنة الرحمان ياغاية المطلوب .. ارحم عمر إنسان ضاقت عليه إدروب
قمت وفؤادي ينوح يازهرة الأيام .. يابويه لالاتروح تتركني لظلام
يكفي القلب جروح وحزن وآلام .. ابذل وياك الروح أرجع للأيتام
غبت عني غبت عني
السلام عليكِ يا مولاتي يا رقية يوم ولدتِ ويوم استشهدتِ ويوم ترجعين
بيوم المحشر لتكشفي للعالم عن مصابكِ الأليم
لعن من آذاكِ وقتلكِ وسلط سياط الظلم عليكِ
ومن ظلمكِ وظلم أبيكِ الطاهر (ع) وأيتمكِ وأنتِ صغيرة
حتى صرعكِ وأنتِ تحتضني رأس أبيكِ الشريف
لأنكِ لم تتحملي أن ترين بحالته فضيعة
وجهه القمري مخسوف ولحيته مخضبة بالدماء

بين تلك الأزقّة المتعرجة، والبيوت المتكأة على بعضها بحنو أزلي والتي تحكي للناظر قصة تاريخ طويل، حيث تحوّل أديم الأرض إلى طبقات من العصور والأزمان والجماجم، نقلت قدميّ بخطى بطيئة،اتامل
تلك التعرجات والخدوش والزخارف الحجرية، فسافرت بين الذاكرة إلى الزمن البعيد، وأشرعت في قاربها الذي يلغي العصور والمسافات، وأخذت تطوف سجلات الزمن وتقلب أوراق التاريخ.
أما الآجر الذي بنيت به تلك البيوت، فما زال يحتفظ في تعرّجاته آثار الماضي العتيق وتنبعث منه رائحة السنين المحروقة، وحكايات طويلة عاشها أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) مع جبابرة العصر الأموي وبطشهم وتسلطهم وسفكهم للدماء ولويهم للحقائق.

رقية يتيمة الحسين (عليهما السلام)
في ذلك المكان العتيق، وفي تلك الزاوية من الزمن المنسي، يرقد بسلام جثمان طاهر لروح مطمئنة، تشكل أحد الرموز الدافقة التي اعتلتها واقعة الطف قبل ما يزيد على ألف وأربعمائة عام، ورغم كل ذلك الكم الهائل من السنين الطويلة تلتهب تلك الرموز كلما اقتربنا من العشرة الأولى لشهر محرم الحرام، حكمةٌ كان الله سبحانه أرادها أن تكون نبراساً خالداً لبني البشر، ذلك هو مرقد السيدة رقية بنت الإمام الحسين (عليه السلام) إحدى الوقائع المؤلمة التي امتازت بها واقعة الطف الخالدة. ذلك المرقد المقدّس الذي تعجّ ربوعه بالزائرين من كلّ فجّ عميق على طول فصول السنة، قضية محركة لأجيال الحاضر تشدها برموز الماضي، وتبحث في سببية تضحياتهم الكبيرة، في سبيل إعلاء كلمة الله في الأرض.
مرقد عتيق لجثمانٍ طاهر، يمثل رمزاً من رموز الحق في صراعه الأبدي ضد الباطل.
كل ذلك يؤكده الأثر التاريخي لتلك الواقعة التي يضمها الزمن السحيق ويحركها الجيل الحاضر، ويتوارثها الأبناء من الآباء بما لها من مدلولات ورموز عميقة، تجعل الأمّة على درجة من التحمل والتصدي لما يثار من غبار حول الحقائق، يراد به طمس معالمها وإيغالها عنوة في مشروع حيوية الإنسان وإبعاده عن تاريخه ورموزه، وجعله كشجرة بلا جذور في مهب الريح.

جثمان طاهر، وجسد صغير لمرقد يجثو بسلام في تلك المدينة العتيقة التي تسلّقها الزمن فأوصلها إلى بوابة العالم، وارتقت كتب التاريخ من جامعات الكون، منها العارفون، قصة المواجهة! قصة الصراع العنيف الذي دار بين الحق والباطل، قصة التمييز بينهما والتقييم للخاسر والمنتصر.
رقية في كتب الشيعة
لقد كان لأبي عبد الله الحسين (عليه السلام) عدة أولاد بنين وبنات، منهم طفلة ذات ثلاث سنين معروفة بـ (رقية) ومدفونة في سوق شارع العمارة في دمشق.
وقد ورد ذكرها في كتب أرباب المقاتل في واقعة كربلاء وناداها الإمام الحسين (عليه السلام) ونطق باسمها في أكثر من موضع وحادثة، وخصوصاً في الساعات الأخيرة من عمره الشريف عندما أراد أن يودّع أهله وعياله نادى بأعلى صوته يا أختاه! يا أم كلثوم، وأنت يا زينب، وأنت يا رقية، وأنت يا فاطمة، وأنت يا رباب، أنظرن إذا أنا قتلت فلا تشققن عليّ جيباً، ولا تخمشن عليّ وجهاً، ولا تقلن عليّ هجراً)) (اللهوف في قتلى الطفوف).

رقية في اللغة
إن للاسم تأثيراً عميقاً على نفس الإنسان كما ثبت ذلك في علم النفس، ولذا ورد عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): ((إن من حق الولد على والده ثلاثة: يحسن اسمه، ويعلمه الكتاب، ويزوجه إذا بلغ)). وأما كلمة (رقية) - كما جاء في اللغة - فهي تصغير راقية بمعنى الارتفاع والسمو والتصغير هنا للتحبيب.
وهكذا جميع أسماء ربائب الوحي فهي جميلة ورزينة ترمز وتشير إلى معاني الرفعة والطهر والنقاء والخير والصلاح، وأقل ما نقول للمستهزأ بها إنه لا يعرف العربية.
أما الأسماء الدخيلة والمتعربة و... فلا ترمز عادة إلا للفساد والإفساد جاءت بها أيادي مجهولة وأخذها بعض البسطاء والسذّج بدون وعي ومعرفة وبعضهم أخذها تشبها أو حقداً.
رقية يتيمة الحسين (عليهما السلام)
الولادة والشهادة
الذي يبدو من مجمل التواريخ أن السيدة رقية (عليها السلام) ولدت ما بين عام (57 هـ و58 هـ) ووفاتها في (5 صفر 61 هـ) (ستاره درخشان شام: للشيخ علي الرباني الخلخالي: ص 219)