اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
واللعنة الدآئمة الوبيلة على أعدآئهم وظالميهم أجمعين
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين عليهم السلام
ما هو يوم الظلة المذكور في القران الكريم؟
الاجابة للشيخ صالح الكرباسي
يوم الظُلَّة: هو اليوم الذي أنزل فيه اللهُ القادرُ المنتقمُ العذابَ على قوم النبي شعيب ( عليه السَّلام ).
و الظلة: سِمةُ ذلك اليوم، حيث أن قوم شعيب ـ و هم أصحاب الأيكة [1] ـ عندما كذبوا شعيباً و لم يأخذوا بنصائحه و استهزؤا به و تحدَّوه بإنزال العذاب، بعث الله سحابة العذاب التي أظلتهم ثم أحرقتهم و أبادتهم جميعاً.
ففي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر [2] ( عليه السَّلام ) ... قوله: ﴿ ... عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ﴾ [3] ، فبلغنا ـ و الله أعلم ـ أنه أصابهم حَرٌّ و هم في بيوتهم، فخرجوا يلتمسون الرَوح من قِبَل السحابة التي بعث الله فيها العذاب، فلما غشيتهم أخذتهم الصيحة، ﴿ ... فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ ﴾ [4] ، و هم قوم شعيب" [5] .
و قيل إنه كان لشعيب قومان قوم أهلكوا بالرجفة و قوم هم أصحاب الظلة [6] .
قال قتادة: أرسل شعيب مرتين، إلى مدين مرة، و إلى أصحاب الأيكة مرة، [7] .
قصة أصحاب الأيكة:
و جاء في قصص الأنبياء ( عليهم السلام ) بِالْإِسْنَادِ إِلَى الصَّدُوقِ، بِإِسْنَادِهِ إِلَى وَهْبٍ، قَالَ: َبَعَثَ اللَّهُ شُعَيْباً إِلَى أَهْلِ مَدْيَنَ وَ لَمْ يَكُونُوا فَصِيلَةَ شُعَيْبٍ وَ لَا قَبِيلَتَهُ الَّتِي كَانَ مِنْهَا، وَ لَكِنَّهُمْ كَانُوا أُمَّةً مِنَ الْأُمَمِ بُعِثَ إِلَيْهِمْ شُعَيْبٌ، وَ كَانَ عَلَيْهِمْ مَلِكٌ جَبَّارٌ وَ لَا يُطِيقُهُ أَحَدٌ مِنْ مُلُوكِ عَصْرِهِ، وَ كَانُوا يَنْقُصُونَ الْمِكْيَالَ وَ الْمِيزَانَ وَ يَبْخَسُونَ النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ مَعَ كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ وَ تَكْذِيبِهِمْ لِنَبِيِّهِ وَ عُتُوِّهِمْ، وَ كَانُوا يَسْتَوْفُونَ إِذَا اكْتَالُوا لِأَنْفُسِهِمْ أَوْ وَزَنُوا لَهُ، فَكَانُوا فِي سَعَةٍ مِنَ الْعَيْشِ، فَأَمَرَهُمُ الْمَلِكُ بِاحْتِكَارِ الطَّعَامِ وَ نَقْصِ مَكَايِيلِهِمْ وَ مَوَازِينِهِمْ، وَ وَعَظَهُمْ شُعَيْبٌ.
فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمَلِكُ: مَا تَقُولُ فِيمَا صَنَعْتُ، أَ رَاضٍ أَنْتَ أَمْ سَاخِطٌ؟
فَقَالَ شُعَيْبٌ: أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَيَّ أَنَّ الْمَلِكَ إِذَا صَنَعَ مِثْلَ مَا صَنَعْتَ يُقَالُ لَهُ مَلِكٌ فَاجِرٌ.
فَكَذَّبَهُ الْمَلِكُ وَ أَخْرَجَهُ وَ قَوْمَهُ مِنْ مَدِينَتِهِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْهُمْ: ﴿ ... لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا ... ﴾ [8] .
فَزَادَهُمْ شُعَيْبٌ فِي الْوَعْظِ.
فَقَالُوا: ﴿ ... يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء ... ﴾ [9] ، فَآذَوْهُ بِالنَّفْيِ مِنْ بِلَادِهِمْ، فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْحَرَّ وَ الْغَيْمَ حَتَّى أَنْضَجَهُمُ اللَّهُ، فَلَبِثُوا فِيهِ تِسْعَةَ أَيَّامٍ، وَ صَارَ مَاؤُهُمْ حَمِيماً لَا يَسْتَطِيعُونَ شُرْبَهُ، فَانْطَلَقُوا إِلَى غَيْضَةٍ لَهُمْ [10] ، وَ هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَصْحابُ الْأَيْكَةِ [11] ، فَرَفَعَ اللَّهُ لَهُمْ سَحَابَةً سَوْدَاءَ، فَاجْتَمَعُوا فِي ظِلِّهَا فَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَاراً مِنْهَا فَأَحْرَقَتْهُمْ، فَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ ... فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ ... ﴾ [12] " [13] .
القرآن الكريم و قصة عذاب يوم الظلة:
﴿ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ * قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ * وَمَا أَنتَ إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ * فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفًا مِّنَ السَّمَاء إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * قَالَ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ * فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ [14]
ـــــــ
[1] الأيكة: واحدة الأيك، و هو الشجر الملتف الكثير.
قيل إن أصحاب الأيكة كانوا أصحاب شجر ملتف، و كان شجرهم شجر المقل، و هم قوم شعيب.
و يقال: الأيكة، اسم قرية ، و الليكة اسم بلد. أنظر: مجمع البحرين : 5 /256 ، للعلامة فخر الدين بن محمد الطريحي ، المولود سنة : 979 هجرية بالنجف الأشرف / العراق ، و المتوفى سنة : 1087 هجرية بالرماحية ، و المدفون بالنجف الأشرف / العراق ، الطبعة الثانية سنة : 1365 شمسية ، مكتبة المرتضوي ، طهران / إيران .
[2] أي الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) ، خامس أئمة أهل البيت ( عليهم السلام ) .
[3] القران الكريم : سورة الشعراء ( 26 ) ، الآية : 189 ، الصفحة : 375 .
[4] القران الكريم : سورة هود ( 11 ) ، الآية : 67 ، الصفحة : 229 .
[5] تفسير القمي: 2 / 125، لعلي بن ابراهيم القمي ( رحمه الله ) .
[6] بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 12 / 382. ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود بإصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية .
[7] بحار الأنوار: 12 / 375.
[8] القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 88 ، الصفحة : 162 .
[9] القران الكريم : سورة هود ( 11 ) ، الآية : 87 ، الصفحة : 231 .
[10] الغيضة : الأجمة ، و هي مغيض ماء يجتمع فيه الشجر ، و الجمع غياض و أغياض. أنظر: مجمع البحرين : 4 / 220 .
[11] جاء ذكر أصحاب الأيكة في القرآن الكريم في الآيات التالية:
1. سورة الحجر ( 15 ) ، الآية : 78.
2. سورة الشعراء ( 26 ) ، الآية : 176.
3. سورة ص ( 38 ) ، الآية : 13.
4. سورة ق ( 50 ) ، الآية : 14.
[12] القران الكريم : سورة الشعراء ( 26 ) ، الآية : 189 ، الصفحة : 375 .
[13] بحار الأنوار: 12 / 384 .
[14] القران الكريم : سورة الشعراء ( 26 ) ، الآيات : 176 - 190 ، الصفحة : 374 .