جاء في رسالة لب اللباب : يقول العلامة الطابطبائي : قبل أكثر من مائة سنة كان يعيش في شوشتر عالم جليل القدر , وكان هذا العالم مرجعاً للناس في القضاء والأمور العامة , ويدعى السيد علي الشوشتري , فكان كباقي العلماء الأعلام متصدياً للأمور العامة من التدريس والقضاء والمرجعية الدينية . في أحد الأيام طرق بابه شخص وهو يقول : لي معك حاجة , عندما فتح السيد بابه رأى نساجاً , فقال له : ماذا تريد ؟ فأجاب بأن الحكم الفلاني الذي حكمت به طبق دعوى الشهود بملكية فلان للملك الفلاني غير صحيح , وذلك الملك لطفل يتيم , وسنده مدفون في المحل الفلاني . فما قمت به ليس صحيحاً , وليس هذا النهج نهجك .
فيجيبه آية الله الشوشتري : أَوَقعَتُ في خطأ ؟
فأجاب النساج : الكلام هو ما قلته , ثم انصرف .
ففكر آية الله السيد الشوشتري طويلاً , وتساءل عمن يكون هذا الرجل وماذا قال , ثم يقوم بالتحقيق ويتبين له أن سند ملكية الطفل مدفون في ذلك المكان , وأن الشهود على ملكية فلان شهود زور . فانتابه شعور بالخوف وقال في نفسه : ربما كان الكثير من الأحكام التي أصدرتها من هذا القبيل , فأخذه الاضطراب والخوف . وفي الليلة التالية وفي نفس الوقت يطرق النساج الباب من جديد ويقول له : يا سيد ؛ ليس الطريق ما تسير إليه , وفي الليلة الثالثة تتكرر هذه الواقعة بنفس الكيفية , ويقول له النساج : لا تتأخر , اجمع الأثاث وبع البيت فوراً , ثم اتجه إلى النجف الأشرف , وافعل ما أقوله لك , وبعد ستة أشهر كن بانتظاري في وادي السلام هناك .
فقام السيد لوقته وعمل بالتعاليم , وباع البيت وجمع الأثاث ثم تهيأ للسفر إلى النجف , وفي اللحظة الأولى من دخوله المدينة الشريفة يرى الرجل ذاته عند طلوع الشمس في وادي السلام , وكأنه خرج من بطن الأرض ليقف أمامه ويعطيه بعض التعليمات ثم يختفي . ويدخل المرحوم الشوشتري إلى النجف الأشرف عاملاً بما يمليه عليه ذلك النساج ليصل بعدها إلى درجة ومقام لا يمكن وصفهما رضوان الله تعالى وسلامه عليه .
وكان السيد الشوشتري - مراعاة للاحترام – يحضر دروس الفقه والأصول عند الشيخ الأنصاري الذي كان بدوره يحضر دروس السيد الأسبوعية في الأخلاق , وبعد وفاة الشيخ رحمة الله عليه يتصدى الشوشتري رحمة الله عليه لإتمام الأبحاث التي انتهى إليها الشيخ , ولكن الأجل لم يمهله طويلاً , فبعد ستة أشهر يلتحق بالرفيق الأعلى . خلال هذه المدة ( الستة أشهر ) يكتب المرحوم السيد الشوشتري ورقة إلى أحد تلامذة الشيخ الأنصاري البارزين , المدعو الملا حسين قلي الدرجزيني الهمداني الذي كان له مع السيد علاقة في أيام المرحوم الأنصاري وكان يستفيد من دروسه في الأخلاق والعرفان , وكان عازماً على التدريس وإتمام مباحث الشيخ التي كان يحررها بنفسه , وفي هذه الورقة يذكره بأن نهجكم هذا ليس كاملاً , وأنه ينبغي عليكم الحصول على المقامات العالية إضافة إلى ذلك , غرضه من ذلك التعبير , وإرشاده إلى طريق الحق والحقيقة .
وتمر الأيام ليكون المرحوم الملا حسين قلي - الذي كان يستفيد قبل سنوات من وفاة العلامة الأنصاري من محضر المرحوم السيد علي في المعارف الإلهية - من أعاظم عصره وعجائب دهره في الأخلاق ومجاهدة النفس وكسب المعارف الإلهية . وقد ربى تلامذة عظاماً , أصبح كل واحد منهم آية عظيمة وواحداً من أساطين المعرفة والتوحيد , ومن أبرزهم المرحوم الحاج الميرزا جواد الملكي التبريزي , والمرحوم السيد أحمد الكربلائي الطهراني , والمرحوم السيد محمد سعيد الحبوبي , والمرحوم الحاج الشيخ محمد البهاري .
ومن طلاب مدرسة السيد أحمد الكربلائي الأستاذ الأعظم والعارف الأمثل المرحوم الحاج الميرزا علي القاضي التبريزي رضوان الله عليه .
كرامات أولياء الله ومكاشفاتهم