قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)(1).
روي في سبب نزول الآية ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) امر بلالا بعد فتح مكة ان يؤذن فصعد بلال وأذن على ظهر الكعبة فقال (عتاب بن أسيد) الذي كان من الاحرار: أشكر الله ان مضى ابي من هذه الدنيا ولم ير مثل هذا اليوم ... وقال (الحارث بن هشام) ألم يجد رسول الله غير هذا الغراب الاسود للأذان؟! فنزلت الآية الآنفة وبينت معيار القيم الواقعية.
وقد نقل للآية المباركة غير ما تقدم في شأن النزول ولكن الكل يدخل تحت مسألة التفاخر بالانساب والالوان ونحو ذلك.(2)
اغلى القيم الانسانية
القرآن الكريم يُلغي التفاضل بالانساب والقبائل الذي كان سائدا في العصر الجاهلي ويبين ان الميزان الواقعي هو التقوى فهي اغلى القيم (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ) ونظام القيم هذا أثمر عن اناس امثال سلمان وابو ذر وعمار والمقداد. ان التقوى هي رسالة السماء الى الارض فهي قرينة التوحيد حيث ان الانبياء عليهم السلام دعوا الى توحيد الله تعالى والى التقوى فمثلا تجد القرآن يتحدث عن نبي الله هود عليه السلام (وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ) وعن ابراهيم عليه السلام (إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ) وقال تعالى (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللّهَ)(3)
اذن التقوى هي المعيار للتفاضل بين البشر وعلى كل انسان ان يتزود بها (وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى) (ولباس التقوى ذلك خير)
معنى التقوى
التقوى لغة من الوقاية أي حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره وقد قال تعالى: (قوا انفسكم واهليكم....) اذن التقوى لغة هي جعل الانسان في وقاية مما يخاف
واما في تعارف الشرع والاصطلاح فان التقوى هي حفظ النفس مما يؤثم بترك المحظور والمحرم ويتم ذلك بترك بعض المباحات والشبهات لئلا يقع في حمى المحرمات
وقد تسأل : هل يمكن معرفة التقوى من خلال كثرة عمل الانسان ككثرة صلاته وصومه؟
والجواب: ان المتقي ليس هو مجرد الصوام او كثير الصلاة ونحو ذلك والا كم من صائم ليس له من صيامه الا الجوع والعطش وكم من مصل ليس له منها الا القيام والقعود
وكذلك ليس المتقي هو المنعزل عن المجتمع والمنزوي عن الناس والا فان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان مع المجتمع وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) في شهر رمضان يتعبد في المسجد ويعتزل بيته ولكنه لم يكن يعتزل من الناس وكما هو معلوم ان الناس تأتي الى المسجد وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يلتقي بهم انما المتقي هو الذي يجتنب المحرم ويعيش الاحساس بالمسؤولية وكما روي ان (لا يراك الله حيث نهاك ولا يفقدك حيث امرك)
اذن كثرة العمل ليست كاشفة عن التقوى
عن المفضل بن عمر قال كنت عند ابي عبد الله (الصادق) عليه السلام فذكرنا الاعمال فقلت: ما اضعف عملي فقال: مه استغفر الله ثم قال لي (ان قليل العمل مع التقوى خير من كثير العمل بلا تقوى) فقلت: كيف يكون كثير بلا تقوى؟ قال: نعم مثل الرجل يطعم طعامه ويرفق جيرانه ويوطي رحله فاذا ارتفع له الباب من الحرام دخل فيه فهذا العمل بلا تقوى ويكون الآخر ليس عنده فاذا ارتفع له الباب من الحرام لم يدخل فيه)(4) يتضح من الرواية المباركة ان كثرة العمل لا يلازمها التقوى دائما فضلا عن تقوى الفكر والنظر فان هناك من اذا امكنه اتيان الحرام لم يتورع عنه ومما تقدم اتضح ان على الانسان المؤمن لا سيما في هذا الشهر الفضيل ان يتورع عن المحرمات لا ان يصوم من الاكل والشرب فقط بل من صام صامت جوارحه فليجتنب الكذب، الغيبة، النظرة المحرمة، ايذاء الآخرين، استماع الغناء .... لا سيما ان الله تعالى قال في ذيل آية الصيام (لعلكم تتقون) وليحذر الانسان ايضا من استكثار العمل والعجب والرياء. عن الامام الباقر عليه السلام : ثلاث هن قاصمات الظهر: رجل استكثر عمله، ونسي ذنوبه، واعجب برأيه (5)
اثار التقوى
قد يتصور البعض ان اثار التقوى تقتصر على عالم الاخرة مثل ان يحشر المتقون الى الرحمن وفدا وانهم في امن من كل خوف وانهم في جنات ونهر وما الى ذلك من النعيم الاخروي والفوز عند الله تعالى ولكن هذا ليس بصحيح بل ان اثار التقوى موجودة حتى في عالم الدنيا واليك بعضا منها
1ـ الفرقان والتمييز بين الحق والباطل (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)(6)
2ـ يجعل الله له مخرجا ويسرا من امره ورزقا (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)(7)
3ـ تقوى الرجال وصلاحهم له اثر على ذريتهم بل وعلى من حوله . عن اسحاق بن عمار قال: سمعت ابا عبد الله عليه السلام يقول: ان الله ليصلح بصلاح الرجل المؤمن ولده وولد ولده ويحفظه في دويرته ودويرات حوله فلا يزالون في حفظ الله لكرامته على الله ثم ذكر عليه السلام الغلامين فقال (كان ابوهما صالحا) الم تر ان الله شكر صلاح ابويهما لهما. (8)
(1) الحجرات/ 13
(2) لاحظ تفسير الامثل 16/ 410
(3) النساء / 131
(4) الكافي ج 2 ـ باب الطاعة والتقوى ـ ح7 (يوطي رجله) كناية عن كثرة الضيافة وقضاء حوائج المؤمنين بكثرة الواردين الى منزله
(5) البحار ج 69 نقله عن الخصال
(6) الانفال/ 29
(7) الحديد/ 28
(8) تفسير العياشي 2/ 337
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ السلام على الحسين ، وعلى علي بن الحسين ، وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين سلمت يمناكِ أختي الكريمة
نشكر لكِ إنتقائكِ المميز للمواضيع ... أنار الله قلبك بنور القرآن الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ربي يجزاك خير الجزاء أختي العزيزة على الطرح المبارك
الله يوفقكم ويقضي جميع حوائجكم وينور قلوبكم بنور آيات القرآن العظيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,
اللهم صل على محمد وآل محمد ..
بارك الله فيكِ و جزاكِ الله كل خير
وقضى الله حوائجكِ بحق محمد وآل محمد .
اللهم صل على محمد وآل محمد
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولاد الحسين وعلى اصحاب الحسين عظم الله لنا ولكم الأجر
طرح موفق
بارك الله فيك
إلهي أنتَ الذي أشرقتَ الأنوارَ في قلوب أوليائك، حتى عرفوك ووحّدوك أنتَ المؤنس لهم، حيث أوحشتهم العوالم وأنت الذي هديتَهم، حيث استبانت لهم المعالم يا مَنْ أذاقَ أحبّاءه حلاوةَ المؤانَسة فقاموا بين يديه متملّقين ويا من ألبسَ أولياءه ملابسَ هيبته فقاموا بين يديه مستغفرينإلهي اطلبْني، حتى أصلَ إليك واجذبني بمَنّك، حتى أقبِلَ عليك