بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

5- إرعاب الظالمين :.
إن الواقعيّة التي التزمها الإمام زين العابدين عليه السلام في حياة الزهد والعبادة، كما انفتحت له بها قلوب الناس الطيّبين، فكذلك اقتحم بها على الظالمين أبراجهم، وقصورهم، فملأ أثوابهم خيفةً ورهبةً، كما غشّى عيونهم وأفكارهم بما رأوه عليه من المظهر الزاهد، والاشتغال بالعبادة .
ولقد قرأنا في حديث مسلم بن عقبة سفّاح الحرّة لمّا طلب الإمام، فأكرمه، وقد كان مغتاظاً عليه، يبرؤ منه ومن آبائه، فلمّا رآه وقد أشرف عليه اُرعب مسلم بن عقبة، وقام له، وأقعده إلى جانبه !.
فقيل لمسلم: رأيناك تسب هذا الغلام وسلفه، فلما اُتي به إليك رفعت منزلته ? فقال: ما كان ذلك لرأي منّي، لقد مُلي قلبي منه رُعباً (9) .
وسنقرأ في حديث عبد الملك بن مروان، لمّا جَلَبَ الإمام مقيّداً مغلولا من المدينة إلى الشام، فلمّا دخل عليه الإمام عليه السلام بصورة مفاجئة قال لعبد الملك: ما أنا وأنت ?.
قال عبد الملك: قلتُ: أقمْ عندي . فقال الإمام: لا اُحب، ثم خرج . قال عبد الملك: فو الله، لقد امتلأ ثوبي منه خيفةً (10) .
ومهما يكن من تدخّل أمر (الغيب) في هذه القضايا، وفرضه لنفسه على البحث، إلاّ أن من المعلوم كون تصرف الإمام عليه السلام نفسه، وحياته العملية وتوجّهاته المعنوية، وتصرّفاته المعلنة في الأدعية، والمواعظ، والخطب والمواقف، وما تميّزت به من واقعية، كل هذا المجهول لاُؤلئك العُمي البصائر قد أصبح أمراً يهزّ كيانهم، ويُزعزع هدوهم، ويملؤهم بالرعب والخيفة .
ولقد استغلّ الإمام ذلك لصالح أهدافه الدينيّة وأغراضه الاجتماعية .
ومع كلّ هذا التعرّض والتحديّ، وكلّ هذه الأبعاد المدركة و الاَثار المحسوسة، مع دقّتها وعمقها، فإنّ التحفظ على ما في ظواهرها، وجعلها (روحيّة) فقط وعدم الاعتقاد بكونها نتائج طبيعيّة من صنع الإمام وإرادته، يدلّ على سذاجة في قراءة التاريخ، وظاهريّة في التعامل مع الكلمات والأحداث، وقصور في النظر والحكم .
وكذلك الاستناد إلى كلّ تلك المظاهر، ومحاولة إدراج الإمام مع كبار الصوفيّة، وجعله واحداً منهم (11)، فهو بخلاف الإنصاف والعدل ?.
ولماذا يقع اختيار عبد الملك الخليفة على الإمام عليه السلام، من بين مجموعة الزهّاد والعبّاد، ليوجّه اليه الإهانة، ويلقي القبض عليه، ويكبّله بالقيود والأغلال، ويرفعه إلى دمشق ? دون جميع المتزهدين والعباد الاَخرين ?.
بينما كل اؤلئك المتظاهرين بالزهد، متروكون، بل محترمون من قبل السلطان، وأجهزة النظام ?.
لو لم يكن في عمل الإمام ما يثير الخليفة إلى ذلك الحدّ .
نسأل الباري ان يجعلكم ويشملنا من انصار الحجه المنتظر ارواحنا له الفدا
نسألكم الدعاء كلما رفعتم لله كفا

اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين

5- إرعاب الظالمين :.
إن الواقعيّة التي التزمها الإمام زين العابدين عليه السلام في حياة الزهد والعبادة، كما انفتحت له بها قلوب الناس الطيّبين، فكذلك اقتحم بها على الظالمين أبراجهم، وقصورهم، فملأ أثوابهم خيفةً ورهبةً، كما غشّى عيونهم وأفكارهم بما رأوه عليه من المظهر الزاهد، والاشتغال بالعبادة .
ولقد قرأنا في حديث مسلم بن عقبة سفّاح الحرّة لمّا طلب الإمام، فأكرمه، وقد كان مغتاظاً عليه، يبرؤ منه ومن آبائه، فلمّا رآه وقد أشرف عليه اُرعب مسلم بن عقبة، وقام له، وأقعده إلى جانبه !.
فقيل لمسلم: رأيناك تسب هذا الغلام وسلفه، فلما اُتي به إليك رفعت منزلته ? فقال: ما كان ذلك لرأي منّي، لقد مُلي قلبي منه رُعباً (9) .
وسنقرأ في حديث عبد الملك بن مروان، لمّا جَلَبَ الإمام مقيّداً مغلولا من المدينة إلى الشام، فلمّا دخل عليه الإمام عليه السلام بصورة مفاجئة قال لعبد الملك: ما أنا وأنت ?.
قال عبد الملك: قلتُ: أقمْ عندي . فقال الإمام: لا اُحب، ثم خرج . قال عبد الملك: فو الله، لقد امتلأ ثوبي منه خيفةً (10) .
ومهما يكن من تدخّل أمر (الغيب) في هذه القضايا، وفرضه لنفسه على البحث، إلاّ أن من المعلوم كون تصرف الإمام عليه السلام نفسه، وحياته العملية وتوجّهاته المعنوية، وتصرّفاته المعلنة في الأدعية، والمواعظ، والخطب والمواقف، وما تميّزت به من واقعية، كل هذا المجهول لاُؤلئك العُمي البصائر قد أصبح أمراً يهزّ كيانهم، ويُزعزع هدوهم، ويملؤهم بالرعب والخيفة .
ولقد استغلّ الإمام ذلك لصالح أهدافه الدينيّة وأغراضه الاجتماعية .
ومع كلّ هذا التعرّض والتحديّ، وكلّ هذه الأبعاد المدركة و الاَثار المحسوسة، مع دقّتها وعمقها، فإنّ التحفظ على ما في ظواهرها، وجعلها (روحيّة) فقط وعدم الاعتقاد بكونها نتائج طبيعيّة من صنع الإمام وإرادته، يدلّ على سذاجة في قراءة التاريخ، وظاهريّة في التعامل مع الكلمات والأحداث، وقصور في النظر والحكم .
وكذلك الاستناد إلى كلّ تلك المظاهر، ومحاولة إدراج الإمام مع كبار الصوفيّة، وجعله واحداً منهم (11)، فهو بخلاف الإنصاف والعدل ?.
ولماذا يقع اختيار عبد الملك الخليفة على الإمام عليه السلام، من بين مجموعة الزهّاد والعبّاد، ليوجّه اليه الإهانة، ويلقي القبض عليه، ويكبّله بالقيود والأغلال، ويرفعه إلى دمشق ? دون جميع المتزهدين والعباد الاَخرين ?.
بينما كل اؤلئك المتظاهرين بالزهد، متروكون، بل محترمون من قبل السلطان، وأجهزة النظام ?.
لو لم يكن في عمل الإمام ما يثير الخليفة إلى ذلك الحدّ .
نسأل الباري ان يجعلكم ويشملنا من انصار الحجه المنتظر ارواحنا له الفدا
نسألكم الدعاء كلما رفعتم لله كفا

( 9) مروج الذهب (3: 80) وانظر ما مضى ص (71) الفصل الأول .
( 10) تاريخ دمشق (الحديث 42) ومختصره لابن منظور (17: 4 -235-) .
(11) لاحظ الفكر الشيعي (ص 31 و 68) والصلة بين التصوف والتشيع (ص 148) و (ص 151 و 157) وانظر خاصة (ص 161) .