اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المسألة
نحن نعلم ان ابليس "لعنه الله" كان من المؤمنين بالله وكان عابدا مع الملائكة وعند الاختبار بالسجود لآدم (ع) عصى الله وكانت العقوبة الطرد من الرحمة. السؤال: بعض الناس عصوا الله أيضاً بما هو أعظم كقتل النفس المحترمة وبعضهم لا يعترف بوجود الله مطلقا لماذا لا تكون العقوبة أشد من عقوبة ابليس؟ وهل ان الشيطان خلق ليلعب دور الاغواء؟ واذا كان الجواب بالنفي اذاً كيف تكون الحياة دون وجود الشيطان والحياة قائمة على أساس الخير والشر؟ ولماذا أمهله الله حتى قيام الدين هل ليلعب دور الاغواء أم ماذا ونحن نعلم ان الظالم لا تجاب دعوته؟
الجواب
ليس في خلق الله تعالى من هو أعظم معصيةً لله من إبليس، ذلك لأنَّه كابر الله تعالى وجاهره بالحرب وتوعَّد ربَّه بالسعي في إضلال عباده ما وجد لذلك من سبيل، وأعلن أنَّ منتهى غايته مدةَ وجوده في الدنيا هو أنْ ينقض على الله تعالى إرادته في أنْ يعبده خلقه من الجن والانس.
فهو تعالى حينما عصاه إبليس طرده من رحمته بعد أنْ سأله عن منشأ معصيته له فذكر ما يُعبِّر عن إستكباره وعتوّه عن أمر ربِّه لذلك طرده ربُّه من رحمته، شأنه في ذلك شأن العصاة المستنكفين عن إمتثال أوامر الله جلَّ وعلا.
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ * قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ﴾
وقال تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ * فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ * إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى أَن يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلاَّ تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ * قَالَ لَمْ أَكُن لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ * وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ﴾
فإبليس حينما عصا ربَّه فلم يسجد رغم الأمر الإلهي عُوقب بما يُعاقب به العصاة -ليس أكثر- وهو اللعن والطرد من رحمة الله تعالى.
قال تعالى: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ﴾
وقال تعالى: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ﴾
وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾
وقال تعالى: ﴿يَوْمَ لَا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ﴾
فما عوقب به إبليس بعد معصيته لأمر الله تعالى لم يكن أكثر مما يُعاقب عليه العصاة المستكبرين إلا إنَّ إبليس أخذته العزةُ بالاثم فتجاسر وجاهر بسخطه على ربِّه وأخذ يتوعَّد خالقه ويُكابره، وأعلن انَّه سوف يناصبه الحرب وزعم انَّه ينقض عليه إرادته وذلك بإضلال عباده ما وسعه مدة وجوده في الدنيا.
قال تعالى: ﴿لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا * وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا﴾
وقال تعالى على لسان إبليس: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ﴾
وقال تعالى على لسان إبليس: ﴿قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ/إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ
وقال تعالى على لسان إبليس أيضاً: ﴿قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إَلاَّ قَلِيلاً﴾
وفي آية اخرى قال: ﴿قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ﴾
ثم إنَّ إبليس لم يكن قد صدر منه هذا التجاسر المستقبح ثم سكن عنه الغضب فثاب إلى رشده أو انصرف إلى شأنه بل ظلَّ ساخطاً على ربِّه ساعياً بكل مجهوده من أجل غواية عباد الله تعالى وصرفهم عمَّا أراده الله تعالى لهم فجنَّد لهذه الغايةِ الجنود من الجن والانس, فما من معصيةٍ أو موبقةٍ أو عظيمة من العظائم، وما من شركٍ بالله تعالى أو كفرٍ به من لدن آدم (ع) إلى يومنا هذا إلا وهو شريك فيه.
قال تعالى: ﴿تَاللّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾
وقال تعالى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ﴾
وقال تعالى: ﴿اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُوْلَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾
وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ﴾
وقال تعالى: ﴿فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ * وَجُنُودُ إِبْلِيسَ أَجْمَعُونَ﴾
وقال تعالى: ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا﴾
فمثل هذه الآيات المباركات -وغيرها كثير- دليل واضح على انَّ إبليس شريك -ومنذ أول يوم هبط فيه الانسان إلى الارض- في غِواية وتضليل الناس وصرْفهم عن عبادة الله تعالى أو الالتزام بشرائعه وأحكامه, بل إنَّك لن تجد نبَّياً قد تصدى القرآن لبيان ما وقع له مع قومه إلا وقد أشار معه إلى ما كان لإبليس من أثرٍ على قوم ذلك النبي, فكان هو المحرِّض على مناكفة الانبياء وتكذيبهم, وهو الساعي بعد ذلك إلى حرف الامم عن خطِّ الرسالات بعد عناء بذله الانبياء كان هو أحد مَن ساهم في مضاعفته.
قال تعالى يحكى عما سيقع على جميع أهل النار من أول الدنيا إلى فنائها من المستضعفين والمستكبرين: ﴿وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ * وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾
الغاية من خلق إبليس
وأما انَّ الشيطان خُلق للإغواء فالامر ليس كذلك بل إنَّ الغاية من خلقه هي الغاية خلق الجن والانس ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾
فمعصيةُ إبليس وكفره وغوايته للناس كان بسوء إختياره وإلا فإنَّ الله تعالى قد هيأ له أسباب الهداية شأنُه شأن سائر خلقه, وكان على عتوه بصيراً بعاقبته ومآل أمره قال تعالى: ﴿وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ فَلَمَّا تَرَاءتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّيَ أَخَافُ اللّهَ وَاللّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾
فإبليس ليس مقسوراً على فعل الغواية لعباد الله تعالى بل هو إنما يفعل ذلك لخبث سريرته وطغيانه على ربِّه فهو مستحق للعقوبة, وليس معنى ذلك انِّه خارج عن سلطان الله تعالى وتقديره بل انَّ الله جلَّ وعلا لمَّا خلق عباده من الجن والانس اقتضت حكمته انْ يمنحهم العقل والهداية وأنْ يمنحهم الاختيار في حدود سلطانه وانْ يمكِّنهم من فعل ما يُريدون في حدود سلطانه, فاختار بعضُهم الهدى واختار بعضهم السعي في هداية الخلق, واختار آخرون الضلال واختار إبليس وجنودُه مضافاً إلى الضلال السعي في إضلال خلق الله تعالى, وليس لإبليس من سلطان يَقسرُ به الناس على الضلال, فهو أعجز من ذلك, نعم له القدرة بمشيئة الله على السعي من أجل إضلال الناس شأنه في ذلك شأن آخرين من خلق الله تعالى إلا انَّهم لم يختاروا هذا الطريق.
قال تعالى: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ﴾
وقال تعالى: ﴿إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا﴾
وأما ان الله جلَّ وعلا قد مكنَّه من الوسوسة للناس دون أنْ يرونه فهو لم يُمكِّنه من ذلك لهذه الغاية وانِّما هو بسوء اختياره اتخذ لنفسه هذه الغاية, فشأن إبليس شأن غيره من الجن قادرون على الإلقاء في روع الانسان دون ان يبُصرهم, لذلك فجنود إبليس من الجن لهم عين هذه الملكة التى كانت له قال تعالى: ﴿إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾
فالطبيعة التكونية لخلق الجن تقتضى القدرة على التواري عن أنظار بنى الانسان, وذلك لحكمة اقتضتها العناية الالهية في تدبير الكون إلا انَّ إبليس وجنوده وظَّفوها بسؤ اختيارهم لغاية الإضلال كما وظَّف الانسان الكثير من قدراته الممنوحة له من الله في معصية الله تعالى.
وأما انَّ الله جل وعلا استجاب له دعاءه فأطال عمره إلى يوم الوقت المعلوم فلأن ذلك هو مقتضى ما أراده الله تعالى في تدبير شئون خلقه حيث انَّ إرادته قد اقتضت تمحيص خلقه و امتحانهم بعد أودع فيهم الاختيار قال تعالى: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾
وقال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾
ثم انَّ الله تعالى كثيراً ما يمنح النعم للكافرين والطغاة استدراجاً لهم, ولانَّ تدبيره لشئون خلقه يقتضي ذلك.
قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُم مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ/وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ﴾
وقال تعالى: ﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ * وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾
فا المدُّ في عمره لا يعدو كونه إملاءً من الله تعالى واستدراجاً له وحينذاك سيندم ولاة حين مندم.
قال تعالى: ﴿كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ/فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ﴾
وقال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا﴾
سماحة الشيخ محمد صنقور