الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد واله واللعنة الدالئمة على اعدائهم اجمعين .
اننا تيقنا بان الكفر بالطاغوت مقدمة واجبة للتمسك بالعروة الوثقى :
لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ فقد استَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لاَ انْفِصامَ لَها وَ اللَّهُ سَميعٌ عَليمٌ (256)
بقيت افكر كيف اتوصل لمعرفة الطاغوت لاقف امامه معلنا كفري به والبراءة منه لاحكم تمسكي بالعروة الوثقى .
فوجدت ان لا سبيل للوصول اليه الا بالقران الكريم الذي :
لا يَأْتيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزيلٌ مِنْ حَكيمٍ حَميدٍ (42)(فصلت)
وكل شيئ تم بيانه فيه لان ديننا كامل لا نقص فيه :
الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دينَكُمْ وَ أَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي وَ رَضيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دينا(المائدة)
لذلك احتضنت القرآن بين جفني وانا ابحث عن نافذة يشع منها نور البيان لمعرفة الطاغوت لعنة الله عليه فعثرت على هذه الاية والتي فيها الخلاص من حيرتي :
وَ ما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرينَ (144)(آل عمران)
ان الله سبحانه الحكيم العليم لا ياتي بنقطة في القرآن الكريم الا لحكمة تناسب جلالته وحكمته فلماذا قال تعالى :
أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ
نعم لقد جرني هذا الاسلوب الرباني بان هناك احتمال انه قد قتل صلى الله عليه واله ولم يصرح بالقتل لانه تعالى هكذا اسلوبه في كثير من اياته كما اوجب الصلاة وبيَّنها رسول الله صلى الله عليه واله ولعن المنافقين ولم يذكر اسماءهم ؛ اذن فعلينا البحث للتوصل الى الحقيقة في قتله صلى الله عليه واله والعثور على العلة التي استعمل فيها رب العالمين هذا الاسلوب ولم يقل تعالى "انه ان مات انقلبتم" كما هو تفكير الكثير من المسلمين بانه مات موتا طبيعيا لكن القرآن الكريم رفض هذا اليقين في طريقة موته صلى الله عليه واله وجاء في محكم الكتاب احتمال انه مات مقتولا .
ثم قال تعالى :
انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً
وهذا واضح بيِّن ساطع نوره بان الاغلبية هم من انقلبوا على اعقابهم كافرين مرتدين عن الاسلام كما ورد في القرآن الكريم اكثر من 94 آية تذم الاكثرية لذلك فان هذه الاية التي تقول "انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ" ان جمعناها مع عشرات الايات التي تذم الاكثرية نجدها حقيقة لابد من الاعتراف بها بان الاكثرية انقلبت على اعقابها بعد "موت رسول الله او قتله" .
فمن هؤلاء الاكثرية التي ارتدت عن الدين ورجعت للشرك والجاهلية ؟!!
ثم قال تعالى :
وَ سَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرينَ
من هم هؤلاء " الشَّاكِرينَ" الذين ثبتوا ولم ينقلبوا على اعقابهم مرتدين ؛ حقا انها حقيقة يجب البحث عنها بدقة لمعرفة هؤلاء الذين لم ينقلبوا لنتمسك بهم بعد كفرنا بمن انقلب على عقبيه .
فان القران الكريم الذي :
ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38)(الانعام)
يبين لنا عنهم وعن هويتهم بصورة اوضح من تشعشع نور الشمس في وضح النهار :
اولا :
قد ورد في القران الكريم مدح الشاكرين ثم بين رب العالمين هم الاقلية من البشرومنها نفهم ان الشاكرين الذين لم ينقلبوا على اعقابهم هم الاقلية في قبال عموم من انقلبوا وهذا ديدن البشرية كما نجد في هذه الاية :
يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحاريبَ وَ تَماثيلَ وَ جِفانٍ كَالْجَوابِ وَ قُدُورٍ راسِياتٍ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَ قَليلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ (13)(سبا)
نعم قليل هم من يشكرون وهم من لم ينقلبوا على اعقابهم
* ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْديهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرينَ (17)(الاعراف)
* أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْياهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (243)(البقرة)
* وَ لَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَ جَعَلْنا لَكُمْ فيها مَعايِشَ قَليلاً ما تَشْكُرُونَ (10)(الاعراف)
* ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْديهِمْ وَ مِنْ خَلْفِهِمْ وَ عَنْ أَيْمانِهِمْ وَ عَنْ شَمائِلِهِمْ وَ لا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرينَ (17)(الاعراف)
* وَ ما ظَنُّ الَّذينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (60)(يونس)
* وَ هُوَ الَّذي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ وَ الْأَفْئِدَةَ قَليلاً ما تَشْكُرُونَ (78)(المومنون)
* وَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَ لَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ (73)(النمل)
* ثُمَّ سَوَّاهُ وَ نَفَخَ فيهِ مِنْ رُوحِهِ وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ وَ الْأَفْئِدَةَ قَليلاً ما تَشْكُرُونَ (9)(السجده)
* لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَ ما عَمِلَتْهُ أَيْديهِمْ أَ فَلا يَشْكُرُونَ (35)(يس)
* اللَّهُ الَّذي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فيهِ وَ النَّهارَ مُبْصِراً إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (61)(غافر)
ولعل قائل يقول ان من هذه الايات نعرف بيقين ان الاكثرية غير مؤمنة لانها غير شاكرة فاقول له نعم هكذا قال الله سبحانه :
* وَ لَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلاَّ قَليلٌ مِنْهُمْ وَ لَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَ أَشَدَّ تَثْبيتاً (66)(النساء)
* حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَ فارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَ أَهْلَكَ إِلاَّ مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَ مَنْ آمَنَ وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَليلٌ (40)(هود)
* قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَ إِنَّ كَثيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلاَّ الَّذينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ قَليلٌ ما هُمْ وَ ظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ (24)(ص)
وقد بلغ دركة الذين لم يشكروا انهم كافرون كما في هذه الآيات المباركة :
* وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزيدَنَّكُمْ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابي لَشَديدٌ (7)(ابراهيم)
* قالَ الَّذي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ أَنَا آتيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قالَ هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَني أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَ مَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَريمٌ (40)(النمل)
* وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَ مَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَ مَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَميدٌ (12)(لقمان)
* إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَ لا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ وَ إِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَليمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (7)(الزمر)
اذن الذين لم يشكروا هم الكافرون بنص القران الكريم لاريب فيه ولذلك فان الشكور هو الصبور:
* وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (5)(ابراهيم)
* أَ لَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْري فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (31)(لقمان)
* فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ بَيْنَ أَسْفارِنا وَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْناهُمْ أَحاديثَ وَ مَزَّقْناهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19)(سبا)
* إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ إِنَّ في ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (33)(الشورى)
فالشاكر هو من كان سعيه مشكورا لانه هو المؤمن المطيع العابد الذي لم ينقلب على عقبيه :
إِنَّ هذا كانَ لَكُمْ جَزاءً وَ كانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً (22)(الانسان)
فتلخص من كل ما مضى :
ان الاكثرية ارتدت على اعقابها بعد موت او قتل رسول الله صلى الله عليه واله
وان الاقلية بقيت على استقامة ولم تنقلب
وهؤلاء الاقلية هم الشاكرون
قارئي العزيز انت الحاكم هنا وضميرك :
من كان الاقلية الشاكرة يومئذ ؟؟
ومن كان الاكثرية المنقلبة على اعقابها ؟
ُالسلام عليك يا امير المؤمنين علي بن ابي طالب :
السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا وَلِيَّ اللَّهِ أَنْتَ أَوَّلُ مَظْلُومٍ وَ أَوَّلُ مَنْ غُصِبَ حَقُّهُ صَبَرْتَ وَ احْتَسَبْتَ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ فَأَشْهَدُ أَنَّكَ لَقِيتَ اللَّهَ وَ أَنْتَ شَهِيدٌ عَذَّبَ اللَّهُ قَاتِلَكَ بِأَنْوَاعِ الْعَذَابِ وَ جَدَّدَ عَلَيْهِ الْعَذَابَ جِئْتُكَ عَارِفاً بِحَقِّكَ مُسْتَبْصِراً بِشَأْنِكَ مُعَادِياً لِأَعْدَائِكَ وَ مَنْ ظَلَمَكَ أَلْقَى عَلَى ذَلِكَ رَبِّي إِنْ شَاءَ اللَّهُ يَا وَلِيَّ اللَّهِ إِنَّ لِي ذُنُوباً كَثِيرَةً فَاشْفَعْ لِي إِلَى رَبِّكَ فَإِنَّ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ مَقَاماً مَحْمُوداً مَعْلُوماً وَ إِنَّ لَكَ عِنْدَ اللَّهِ جَاهاً وَ شَفَاعَةً وَ قَدْ قَالَ تَعَالَى وَ لا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى.
اللهم اكتبنا مع الشاكرين واجعلنا ممن ثبت على الاسلام ولم يرتد على عقبيه .
بقلم سيد جلال الحسيني
نسألكم الدعاء