بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
((( دعاء الإمام علي (ع) في التحميد لله عزَّ وجلَّ والثناء عليه )))
المصدر : صحيفة الإمام علي (ع) - تأليف : الشيخ جواد قيومي اصفهاني
دعاء مروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام..
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
((( دعاء الإمام علي (ع) في التحميد لله عزَّ وجلَّ والثناء عليه )))
المصدر : صحيفة الإمام علي (ع) - تأليف : الشيخ جواد قيومي اصفهاني
دعاء مروي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام..
اَلْحَمْدُ لِلهِ أَوَّلِ مَحْمُودٍ وَآخِرِ مَعْبُودٍ، اَلْبَديءُ بِلَا مَعْلُومٍ لِأَزَلِيَّتِهِ وَلَا آخِرٍ لِأَوَّلِيَّتِهِ، وَالْكائِنِ قَبْلَ الْكَوْنِ بِغَيْرِ كِيانٍ، وَالْمَوْجُودِ في كُلِّ مَكانٍ بِغَيْرِ عِيانٍ، وَالْقَريبِ مِنْ كُلِّ نَجْوى بِغَيْرِ تَدانٍ.
عَلَنَتْ عِنْدَهُ الْغُيُوبُ وَضَلَّتْ في عَظَمَتِهِ الْقُلُوبُ، فَلَا الْأَبْصارُ تُدْرِكُ عَظَمَتَهُ وَلَا الْقُلُوبُ عَلَى احْتِجابِهِ تُنْكِرُ مَعْرِفَتَهُ، يُتَمَثَّلُ فِي الْقُلُوبِ بِغَيْرِ مِثالٍ تُحُدُّهُ الْأَوْهامُ أَوْ تُدْرِكُهُ الْأَحْلامُ.
ثُمَّ جَعَلَ مِنْ نَفْسِهِ دَليلاً عَلى تَكَبُّرِهِ عَنِ الضِّدِّ وَالنِّدِّ، وَالشَّكْلِ وَالْمِثْلِ، فَالْوَحْدانِيُّةُ آيَةُ الرُّبُوبِيَّةِ، وَالْمَوْتُ الْآتي عَلى خَلْقِهِ مُخْبِرٌ عَنْ خَلْقِهِ وَقُدْرَتِهِ، ثُمَّ خَلَقَهُمْ مِنْ نُطْفَةٍ وَلَمْ يَكُونُوا شَيْئاً دَليلاً عَلى إِعادَتِهِمْ خَلْقاً جَديداً بَعْدَ فَنائِهِمْ كَما خَلَقَهُمْ أوَّلَ مَرَّةٍ.
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، الَّذي لَمْ يَضُرَّهُ بِالْمَعْصِيَةِ الْمُتَكَبِّرُونَ، وَلَمْ يَنْفَعْهُ بِالطَّاعَةِ الْمُتَعَبِّدُونَ، الْحَليمِ عَنِ الْجَبابِرَةِ الْمُدَّعينَ وَالْمُمْهِلِ لِلزَّاعِمينَ لَهُ شَريكاً في مَلَكُوتِهِ، الدَّائِمِ في سُلْطانِهِ بِغَيْرِ أَمَدٍ، وَالْباقي في مُلْكِهِ بَعْدَ انْقِضاءِ الْأَبَدِ، وَالْفَرْدِ الْواحِدِ الصَّمَدِ، وَالْمُتَكَبِّرِ عَنِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ.
رافِعِ السَّماءِ بِغَيْرِ عَمَدٍ، وَمُجْرِي السَّحابِ بِغَيْرِ صَفَدٍ، قاهِرِ الْخَلْقِ بِغَيْرِ عَدَدٍ، لكِنِ اللَّهُ الْأَحَدُ الْفَرْدُ الصَّمَدُ، الَّذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ.
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي لَمْ يَخْلُ مِنْ فَضْلِهِ الْمُقيمُونَ عَلى مَعْصِيَتِهِ، وَلَمْ يُجازِهِ لِأَصْغَرِ نِعَمِهِ الْمُجْتَهِدُونَ في طاعَتِهِ، الْغَنِيِّ الَّذي لَا يَضَنُّ بِرِزْقِهِ عَلى جاحِدِهِ، وَلَا يَنْقُصُ عَطاياهُ أَرْزاقُ خَلْقِهِ، خالِقِ الْخَلْقِ وَمُفْنيهِ (1)، وَمُعيدِهِ وَمُبْديهِ وَمُعافيهِ (2)، عالِمِ (3) ما أَكَنَّتْهُ السَّرائِرُ وَأَخْبَتْهُ الضَّمائِرُ، وَاخْتَلَفَتْ بِهِ الْأَلْسُنُ وَآنَسَتْهُ الْأَزْمُنُ.
اَلْحَىِّ الَّذي لَا يَمُوتُ، وَالْقَيُّومِ الَّذي لَا يَنامُ، وَالدَّائِمِ الَّذي لَا يَزُولُ، وَالْعَدْلِ الَّذي لَا يَجُورُ، وَالصَّافِحِ عَنِ الْكَبائِرِ بِفَضْلِهِ، وَالْمُعَذِّبِ مَنْ عَذَّبَ بِعَدْلِهِ، لَمْ يَخَفِ الْفَوْتَ فَحَلُمَ، وَعَلِمَ الْفَقْرَ إِلَيْهِ فَرَحِمَ، وَقالَ في مُحْكَمِ كِتابِهِ : ( وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دابَّةٍ ) (4).
أَحْمَدُهُ حَمْداً أَسْتَزيدُهُ في نِعْمَتِهِ، وَأَسْتَجيرُ بِهِ مِنْ نِقْمَتِهِ، وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِالتَّصْديقِ لِنَبِيِّهِ، الْمُصْطَفى لِوَحْيِهِ، الْمُتَخَيَّرِ لِرِسالَتِهِ، الْمُخْتَصِّ بِشَفاعَتِهِ، الْقائِمِ بِحَقِّهِ، مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَعَلى أَصْحابِهِ وَعَلَى النَّبِيّينَ وَالْمُرْسَلينَ وَالْمَلَائِكَةِ أَجْمَعينَ وَسَلَّمَ تَسْليماً.
إِلهي دَرَسَتِ الْآمالُ، وَتَغَيَّرَتِ الْأَحْوالُ، وَكَذَبَتِ الْأَلْسُنُ، وَأُخْلِفَتِ الْعِداةُ (5) إِلَّا عِدَتُكَ، فَإِنَّكَ وَعَدْتَ مَغْفِرَةً وَفَضْلاً، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاَعْطِني مِنْ فَضْلِكَ، وَأَعِذْني مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجيمِ.
سُبْحانَكَ وَبِحَمْدِكَ، ما أَعْظَمَكَ وَأَحْلَمَكَ وَأَكْرَمَكَ، وَسِعَ بِفَضْلِكَ حِلْمُكَ تَمَرُّدَ الْمُسْتَكْبِرينَ، وَاسْتَغْرَقَتْ نِعْمَتُكَ شُكْرَ الشَّاكِرينَ، وَعَظُمَ حِلْمُكَ عَنْ إِحْصاءِ الْمُحْصينَ، وَجَلَّ طَوْلُكَ عَنْ وَصْفِ الْواصِفينَ.
كَيْفَ لَوْلَا فَضْلُكَ حَلُمْتَ عَمَّنْ خَلَقْتَهُ مِنْ نُطْفَةٍ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً، فَرَبَّيْتَهُ بِطيبِ رِزْقِكَ، وَأَنْشَاْتَهُ في تَواتُرِ نِعَمِكَ، وَمَكَّنْتَ لَهُ في مِهادِ أَرْضِكَ، وَدَعَوْتَهُ إِلى طاعَتِكَ، فَاسْتَنْجَدَ عَلى عِصْيانِكَ بِإِحْسانِكَ، وَجَحَدَكَ وَعَبَدَ غَيْرَكَ في سُلْطانِكَ.
كَيْفَ لَوْلَا حِلْمُكَ أَمْهَلْتَني، وَقَدْ شَمَلْتَني بِسِتْرِكَ، وَأَكْرَمْتَني بِمَعْرِفَتِكَ، وَأَطْلَقْتَ لِساني بِشُكْرِكَ، وَهَدَيْتَنِي السَّبيلَ إِلى طاعَتِكَ، وَسَهَّلْتَنِي الْمَسْلَكَ إِلى كَرامَتِكَ، وَأَحْضَرْتَني سَبيلَ قُرْبَتِكَ.
فَكانَ جَزاؤُكَ مِنِّي أَنْ كافَأْتُكَ عَنِ الْإِحْسانِ بِالْإِساءَةِ، حَريصاً عَلى ما أَسْخَطَكَ، مُنْتَقِلاً فيما اَسْتَحِقُّ بِهِ الْمَزيدَ مِنْ نِقْمَتِكَ، سَريعاً إِلى ما أَبْعَدَ عَنْ رِضاكَ، مُغْتَبِطاً بِغِرَّةِ الْأَمَلِ، مُعْرِضاً عَنْ زَواجِرِ الْأَجَلِ، لَمْ يَنْفَعْني (6) حِلْمُكَ عَنِّي وَقَدْ أَتاني تَوَعُّدُكَ بِأَخْذِ الْقُوَّةِ مِنِّي، حَتّى دَعَوْتُكَ عَلى عَظيمِ الْخَطيئَةِ، أَسْتَزيدُكَ في نِعَمِكَ (7) غَيْرَ مُتَأَهِّبٍ لِما قَدْ أَشْرَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ نِقْمَتِكَ، مُسْتَبْطِئاً لِمَزيدِكَ وَمُتَسَخِّطاً لِمَيْسُورِ رِزْقِكَ، مُقْتَضِياً جَوائِزَكَ بِعَمَلِ الْفُجَّارِ، كَالْمُراصِدِ رَحْمَتَكَ بِعَمَلِ الْأَبْرارِ، مُجْتَهِداً أَتَمَنَّى عَلَيْكَ الْعَظائِمَ، كَالْمُدِلِّ الْأمِنِ مِنْ قِصاصِ الْجَرائِمِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، مُصيبَةٌ عَظُمَ رُزْؤُها وَجَلَّ عِقابُها.
بَلْ كَيْفَ لَوْلَا أَمَلي وَوَعْدُكَ الصَّفْحَ عَنْ زَلَلي أرْجُو إقالَتَكَ، وَقَدْ جاهَرْتُكَ بِالْكَبائِرِ، مُسْتَخْفِياً عَنْ أَصاغِرِ خَلْقِكَ، فَلَا أَنَا راقَبْتُكَ وَأَنْتَ مَعي، وَلَا راعَيْتُ حُرْمَةَ سِتْرِكَ عَلَىَّ، بِأَىِّ وَجْهٍ أَلْقاكَ، وَبِأَىِّ لِسانٍ أُناجيكَ، وَقَدْ نَقَضْتُ الْعُهُودَ وَالْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكيدِها وَجَعَلْتُكَ عَلَىَّ كَفيلاً.
ثُمَّ دَعَوْتُكَ مُقْتَحِماً فِي الْخَطيئَةِ فَأَجَبْتَني، وَدَعَوْتَني وَإِلَيْكَ فَقْري فَلَمْ أُجِبْ، فَواسَوْأَتاهُ وَقبيحَ (8) صَنيعاهُ، أَيَّةَ جُرْأَةٍ تَجَرَّأْتُ وَأَيَّ تَغْريرٍ غَرَّرْتُ نَفْسي.
سُبْحانَكَ فَبِكَ أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ، وَبِحَقِّكَ أُقْسِمُ عَلَيْكَ، وَمِنْكَ أهْرُبُ إِلَيْكَ، بِنَفْسي اِسْتَخْفَفْتُ عِنْدَ مَعْصِيَتي لَا بِنَفْسِكَ، وَبِجَهْلي اِغْتَرَرْتُ لَا بِحِلْمِكَ، وَحَقّي أَضَعْتُ لَا عَظيمَ حَقِّكَ، وَنَفْسي ظَلَمْتُ، وَلِرَحْمَتِكَ الْآنَ رَجَوْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإلَيْكَ أَنَبْتُ وَتَضَرَّعْتُ، فَارْحَمْ إِلَيْكَ فَقْري وَفاقَتي، وَكَبْوَتي لِحُرِّ وَجْهي وَحَيْرَتِي فِي سَوْأَةِ ذُنُوبي، إِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ. يَا أَسْمَعَ مَدْعُوٍّ، وَخَيْرَ مَرْجُوٍّ، وَأَحْلَمَ مُغْضٍ (9)، وَأَقْرَبَ مُسْتَغاثٍ، أَدْعُوكَ مُسْتَغيثاً بِكَ، اِسْتِغاثَةَ الْمُتَحَيِّرِ الْمُسْتَيْئِسِ مِنْ إِغاثَةِ خَلْقِكَ، فَعُدْ بِلُطْفِكَ عَلى ضَعْفي، وَاغْفِرْ بِسَعَةِ رَحْمَتِكَ كَبائِرَ ذُنُوبي، وَهَبْ لِي عاجِلَ صُنْعِكَ، إِنَّكَ أَوْسَعُ الْواهِبينَ، لَا إِلهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمينَ، يَا اَللَّهُ يَا أَحَدُ، يَا اَللَّهُ يَا صَمَدُ، يَا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ.
اَللَّهُمَّ أَعْيَتْنِي الْمَطالِبُ، وَضاقَتْ عَلَىَّ الْمَذاهِبُ، وَأَقْصانِي الْأَباعِدُ، وَمَلَّنِي الْأَقارِبُ، وَأَنْتَ الرَّجاءُ إِذَا انْقَطَعَ الرَّجاءُ، وَالْمُسْتَعانُ إِذا عَظُمَ الْبَلَاءُ، وَاللَّجَاءُ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ، فَنَفِّسْ كُرْبَةَ نَفْسٍ إِذا ذَكَّرَهَا الْقُنُوطُ مَساوِيَها يَئِسَتْ مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلَا تُؤْيِّسْني مِنْ رَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.
عَلَنَتْ عِنْدَهُ الْغُيُوبُ وَضَلَّتْ في عَظَمَتِهِ الْقُلُوبُ، فَلَا الْأَبْصارُ تُدْرِكُ عَظَمَتَهُ وَلَا الْقُلُوبُ عَلَى احْتِجابِهِ تُنْكِرُ مَعْرِفَتَهُ، يُتَمَثَّلُ فِي الْقُلُوبِ بِغَيْرِ مِثالٍ تُحُدُّهُ الْأَوْهامُ أَوْ تُدْرِكُهُ الْأَحْلامُ.
ثُمَّ جَعَلَ مِنْ نَفْسِهِ دَليلاً عَلى تَكَبُّرِهِ عَنِ الضِّدِّ وَالنِّدِّ، وَالشَّكْلِ وَالْمِثْلِ، فَالْوَحْدانِيُّةُ آيَةُ الرُّبُوبِيَّةِ، وَالْمَوْتُ الْآتي عَلى خَلْقِهِ مُخْبِرٌ عَنْ خَلْقِهِ وَقُدْرَتِهِ، ثُمَّ خَلَقَهُمْ مِنْ نُطْفَةٍ وَلَمْ يَكُونُوا شَيْئاً دَليلاً عَلى إِعادَتِهِمْ خَلْقاً جَديداً بَعْدَ فَنائِهِمْ كَما خَلَقَهُمْ أوَّلَ مَرَّةٍ.
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمينَ، الَّذي لَمْ يَضُرَّهُ بِالْمَعْصِيَةِ الْمُتَكَبِّرُونَ، وَلَمْ يَنْفَعْهُ بِالطَّاعَةِ الْمُتَعَبِّدُونَ، الْحَليمِ عَنِ الْجَبابِرَةِ الْمُدَّعينَ وَالْمُمْهِلِ لِلزَّاعِمينَ لَهُ شَريكاً في مَلَكُوتِهِ، الدَّائِمِ في سُلْطانِهِ بِغَيْرِ أَمَدٍ، وَالْباقي في مُلْكِهِ بَعْدَ انْقِضاءِ الْأَبَدِ، وَالْفَرْدِ الْواحِدِ الصَّمَدِ، وَالْمُتَكَبِّرِ عَنِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ.
رافِعِ السَّماءِ بِغَيْرِ عَمَدٍ، وَمُجْرِي السَّحابِ بِغَيْرِ صَفَدٍ، قاهِرِ الْخَلْقِ بِغَيْرِ عَدَدٍ، لكِنِ اللَّهُ الْأَحَدُ الْفَرْدُ الصَّمَدُ، الَّذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ.
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذي لَمْ يَخْلُ مِنْ فَضْلِهِ الْمُقيمُونَ عَلى مَعْصِيَتِهِ، وَلَمْ يُجازِهِ لِأَصْغَرِ نِعَمِهِ الْمُجْتَهِدُونَ في طاعَتِهِ، الْغَنِيِّ الَّذي لَا يَضَنُّ بِرِزْقِهِ عَلى جاحِدِهِ، وَلَا يَنْقُصُ عَطاياهُ أَرْزاقُ خَلْقِهِ، خالِقِ الْخَلْقِ وَمُفْنيهِ (1)، وَمُعيدِهِ وَمُبْديهِ وَمُعافيهِ (2)، عالِمِ (3) ما أَكَنَّتْهُ السَّرائِرُ وَأَخْبَتْهُ الضَّمائِرُ، وَاخْتَلَفَتْ بِهِ الْأَلْسُنُ وَآنَسَتْهُ الْأَزْمُنُ.
اَلْحَىِّ الَّذي لَا يَمُوتُ، وَالْقَيُّومِ الَّذي لَا يَنامُ، وَالدَّائِمِ الَّذي لَا يَزُولُ، وَالْعَدْلِ الَّذي لَا يَجُورُ، وَالصَّافِحِ عَنِ الْكَبائِرِ بِفَضْلِهِ، وَالْمُعَذِّبِ مَنْ عَذَّبَ بِعَدْلِهِ، لَمْ يَخَفِ الْفَوْتَ فَحَلُمَ، وَعَلِمَ الْفَقْرَ إِلَيْهِ فَرَحِمَ، وَقالَ في مُحْكَمِ كِتابِهِ : ( وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دابَّةٍ ) (4).
أَحْمَدُهُ حَمْداً أَسْتَزيدُهُ في نِعْمَتِهِ، وَأَسْتَجيرُ بِهِ مِنْ نِقْمَتِهِ، وَأَتَقَرَّبُ إِلَيْهِ بِالتَّصْديقِ لِنَبِيِّهِ، الْمُصْطَفى لِوَحْيِهِ، الْمُتَخَيَّرِ لِرِسالَتِهِ، الْمُخْتَصِّ بِشَفاعَتِهِ، الْقائِمِ بِحَقِّهِ، مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَعَلى أَصْحابِهِ وَعَلَى النَّبِيّينَ وَالْمُرْسَلينَ وَالْمَلَائِكَةِ أَجْمَعينَ وَسَلَّمَ تَسْليماً.
إِلهي دَرَسَتِ الْآمالُ، وَتَغَيَّرَتِ الْأَحْوالُ، وَكَذَبَتِ الْأَلْسُنُ، وَأُخْلِفَتِ الْعِداةُ (5) إِلَّا عِدَتُكَ، فَإِنَّكَ وَعَدْتَ مَغْفِرَةً وَفَضْلاً، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاَعْطِني مِنْ فَضْلِكَ، وَأَعِذْني مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجيمِ.
سُبْحانَكَ وَبِحَمْدِكَ، ما أَعْظَمَكَ وَأَحْلَمَكَ وَأَكْرَمَكَ، وَسِعَ بِفَضْلِكَ حِلْمُكَ تَمَرُّدَ الْمُسْتَكْبِرينَ، وَاسْتَغْرَقَتْ نِعْمَتُكَ شُكْرَ الشَّاكِرينَ، وَعَظُمَ حِلْمُكَ عَنْ إِحْصاءِ الْمُحْصينَ، وَجَلَّ طَوْلُكَ عَنْ وَصْفِ الْواصِفينَ.
كَيْفَ لَوْلَا فَضْلُكَ حَلُمْتَ عَمَّنْ خَلَقْتَهُ مِنْ نُطْفَةٍ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً، فَرَبَّيْتَهُ بِطيبِ رِزْقِكَ، وَأَنْشَاْتَهُ في تَواتُرِ نِعَمِكَ، وَمَكَّنْتَ لَهُ في مِهادِ أَرْضِكَ، وَدَعَوْتَهُ إِلى طاعَتِكَ، فَاسْتَنْجَدَ عَلى عِصْيانِكَ بِإِحْسانِكَ، وَجَحَدَكَ وَعَبَدَ غَيْرَكَ في سُلْطانِكَ.
كَيْفَ لَوْلَا حِلْمُكَ أَمْهَلْتَني، وَقَدْ شَمَلْتَني بِسِتْرِكَ، وَأَكْرَمْتَني بِمَعْرِفَتِكَ، وَأَطْلَقْتَ لِساني بِشُكْرِكَ، وَهَدَيْتَنِي السَّبيلَ إِلى طاعَتِكَ، وَسَهَّلْتَنِي الْمَسْلَكَ إِلى كَرامَتِكَ، وَأَحْضَرْتَني سَبيلَ قُرْبَتِكَ.
فَكانَ جَزاؤُكَ مِنِّي أَنْ كافَأْتُكَ عَنِ الْإِحْسانِ بِالْإِساءَةِ، حَريصاً عَلى ما أَسْخَطَكَ، مُنْتَقِلاً فيما اَسْتَحِقُّ بِهِ الْمَزيدَ مِنْ نِقْمَتِكَ، سَريعاً إِلى ما أَبْعَدَ عَنْ رِضاكَ، مُغْتَبِطاً بِغِرَّةِ الْأَمَلِ، مُعْرِضاً عَنْ زَواجِرِ الْأَجَلِ، لَمْ يَنْفَعْني (6) حِلْمُكَ عَنِّي وَقَدْ أَتاني تَوَعُّدُكَ بِأَخْذِ الْقُوَّةِ مِنِّي، حَتّى دَعَوْتُكَ عَلى عَظيمِ الْخَطيئَةِ، أَسْتَزيدُكَ في نِعَمِكَ (7) غَيْرَ مُتَأَهِّبٍ لِما قَدْ أَشْرَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ نِقْمَتِكَ، مُسْتَبْطِئاً لِمَزيدِكَ وَمُتَسَخِّطاً لِمَيْسُورِ رِزْقِكَ، مُقْتَضِياً جَوائِزَكَ بِعَمَلِ الْفُجَّارِ، كَالْمُراصِدِ رَحْمَتَكَ بِعَمَلِ الْأَبْرارِ، مُجْتَهِداً أَتَمَنَّى عَلَيْكَ الْعَظائِمَ، كَالْمُدِلِّ الْأمِنِ مِنْ قِصاصِ الْجَرائِمِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، مُصيبَةٌ عَظُمَ رُزْؤُها وَجَلَّ عِقابُها.
بَلْ كَيْفَ لَوْلَا أَمَلي وَوَعْدُكَ الصَّفْحَ عَنْ زَلَلي أرْجُو إقالَتَكَ، وَقَدْ جاهَرْتُكَ بِالْكَبائِرِ، مُسْتَخْفِياً عَنْ أَصاغِرِ خَلْقِكَ، فَلَا أَنَا راقَبْتُكَ وَأَنْتَ مَعي، وَلَا راعَيْتُ حُرْمَةَ سِتْرِكَ عَلَىَّ، بِأَىِّ وَجْهٍ أَلْقاكَ، وَبِأَىِّ لِسانٍ أُناجيكَ، وَقَدْ نَقَضْتُ الْعُهُودَ وَالْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكيدِها وَجَعَلْتُكَ عَلَىَّ كَفيلاً.
ثُمَّ دَعَوْتُكَ مُقْتَحِماً فِي الْخَطيئَةِ فَأَجَبْتَني، وَدَعَوْتَني وَإِلَيْكَ فَقْري فَلَمْ أُجِبْ، فَواسَوْأَتاهُ وَقبيحَ (8) صَنيعاهُ، أَيَّةَ جُرْأَةٍ تَجَرَّأْتُ وَأَيَّ تَغْريرٍ غَرَّرْتُ نَفْسي.
سُبْحانَكَ فَبِكَ أَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ، وَبِحَقِّكَ أُقْسِمُ عَلَيْكَ، وَمِنْكَ أهْرُبُ إِلَيْكَ، بِنَفْسي اِسْتَخْفَفْتُ عِنْدَ مَعْصِيَتي لَا بِنَفْسِكَ، وَبِجَهْلي اِغْتَرَرْتُ لَا بِحِلْمِكَ، وَحَقّي أَضَعْتُ لَا عَظيمَ حَقِّكَ، وَنَفْسي ظَلَمْتُ، وَلِرَحْمَتِكَ الْآنَ رَجَوْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإلَيْكَ أَنَبْتُ وَتَضَرَّعْتُ، فَارْحَمْ إِلَيْكَ فَقْري وَفاقَتي، وَكَبْوَتي لِحُرِّ وَجْهي وَحَيْرَتِي فِي سَوْأَةِ ذُنُوبي، إِنَّكَ أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ. يَا أَسْمَعَ مَدْعُوٍّ، وَخَيْرَ مَرْجُوٍّ، وَأَحْلَمَ مُغْضٍ (9)، وَأَقْرَبَ مُسْتَغاثٍ، أَدْعُوكَ مُسْتَغيثاً بِكَ، اِسْتِغاثَةَ الْمُتَحَيِّرِ الْمُسْتَيْئِسِ مِنْ إِغاثَةِ خَلْقِكَ، فَعُدْ بِلُطْفِكَ عَلى ضَعْفي، وَاغْفِرْ بِسَعَةِ رَحْمَتِكَ كَبائِرَ ذُنُوبي، وَهَبْ لِي عاجِلَ صُنْعِكَ، إِنَّكَ أَوْسَعُ الْواهِبينَ، لَا إِلهَ إلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمينَ، يَا اَللَّهُ يَا أَحَدُ، يَا اَللَّهُ يَا صَمَدُ، يَا مَنْ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ.
اَللَّهُمَّ أَعْيَتْنِي الْمَطالِبُ، وَضاقَتْ عَلَىَّ الْمَذاهِبُ، وَأَقْصانِي الْأَباعِدُ، وَمَلَّنِي الْأَقارِبُ، وَأَنْتَ الرَّجاءُ إِذَا انْقَطَعَ الرَّجاءُ، وَالْمُسْتَعانُ إِذا عَظُمَ الْبَلَاءُ، وَاللَّجَاءُ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ، فَنَفِّسْ كُرْبَةَ نَفْسٍ إِذا ذَكَّرَهَا الْقُنُوطُ مَساوِيَها يَئِسَتْ مِنْ رَحْمَتِكَ، وَلَا تُؤْيِّسْني مِنْ رَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمينَ.
~~ ~~ ~~ ~~ ~~ ~~ ~~ ~~
1 ـ مقنيه، مغنيه "خ ل".
2 ـ معاقبته "خ ل".
3 ـ العالم "خ ل".
4 ـ فاطر: 45.
5 ـ العدة "خ ل".
6 ـ يقنعنى "خ ل".
7 ـ نعمتك "خ ل".
8 ـ قبح "خ ل".
9 ـ مقض "خ ل".
2 ـ معاقبته "خ ل".
3 ـ العالم "خ ل".
4 ـ فاطر: 45.
5 ـ العدة "خ ل".
6 ـ يقنعنى "خ ل".
7 ـ نعمتك "خ ل".
8 ـ قبح "خ ل".
9 ـ مقض "خ ل".