اللهم صل على محمد وآل محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز:
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾
ورد في كتب التفاسير ومجاميع روايات أهل البيت (ع) مجموعة من الروايات الدالة على فضائل أهل البيت (عليهم السلام) في تفسير معنى سورة القيمة نوجزها في ما يلي:
جاء في موسوعة بحار الأنوار للعلامة المجلسي (أعلى الله مقامه):
أقول: ذكر والدي (رحمه الله) أنه رأى في كتاب عتيق جمعه بعض محدثي أصحابنا في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) هذا الخبر، ووجدته أيضا في كتاب عتيق مشتمل على أخبار كثيرة.
قال: روي عن محمد بن صدقة أنه قال: سأل أبو ذر الغفاري سلمان الفارسي (رضي الله عنهما) يا أبا عبد الله ما معرفة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بالنورانية ؟
قال: يا جندب فامض بنا حتى نسأله عن ذلك، قال: فأتيناه فلم نجده. قال: فانتظرناه حتى جاء...
قال صلوات الله عليه: ما جاء بكما ؟
قالا: جئناك يا أمير المؤمنين نسألك عن معرفتك بالنورانية...
قال صلوات الله عليه: مرحبا بكما من وليين متعاهدين لدينه لستما بمقصرين، لعمري أن ذلك الواجب على كل مؤمن ومؤمنة، ثم قال صلوات الله عليه: يا سلمان ويا جندب ...
قالا: لبيك يا أمير المؤمنين
قال (عليه السلام): إنه لا يستكمل أحد الإيمان حتى يعرفني كنه معرفتي بالنورانية فإذا عرفني بهذه المعرفة فقد امتحن الله قلبه للإيمان وشرح صدره للإسلام وصار عارفاً مستبصراً، ومن قصر عن معرفة ذلك فهو شاك ومرتاب، يا سلمان ويا جندب
قالا: لبيك يا أمير المؤمنين
قال (عليه السلام): معرفتي بالنورانية معرفة الله عز وجل ومعرفة الله عز وجل معرفتي بالنورانية وهو الدين الخالص الذي قال الله تعالى: "وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة "
يقول: ﴿ وَمَا أُمِرُوا ﴾ إلا بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو الدين الحنيفية المحمدية السمحة،...
وقوله: ﴿ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾ فمن أقام ولايتي فقد أقام الصلاة وإقامة ولايتي صعب مستصعب لا يحتمله إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان. فالملك إذا لم يكن مقربا لم يحتمله، والنبي إذا لم يكن مرسلا لم يحتمله والمؤمن إذا لم يكن ممتحنا لم يحتمله
قلت: يا أمير المؤمنين من المؤمن وما نهايته وما حده حتى أعرفه ؟
قال (عليه السلام): يا با عبد الله...
قلت: لبيك يا أخا رسول الله،...
قال: المؤمن الممتحن هو الذي لا يرد من أمرنا إليه بشئ إلا شرح صدره لقبوله ولم يشك ولم يرتب
اعلم يا أباذر أنا عبد الله عز وجل وخليفته على عباده لا تجعلونا أربابا وقولوا في فضلنا ما شئتم فإنكم لا تبلغون كنه ما فينا ولا نهايته، فان الله عز وجل قد أعطانا أكبر وأعظم مما يصفه وأصفكم أو يخطر على قلب أحدكم فإذا عرفتمونا هكذا فأنتم المؤمنون.
قال سلمان: قلت: يا أخا رسول الله ومن أقام الصلاة أقام ولايتك ؟
قال: نعم يا سلمان تصديق ذلك قوله تعالى في الكتاب العزيز: ﴿وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾
فالصبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والصلاة إقامة ولايتي، فمنها قال الله تعالى: ﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ﴾ ولم يقل: وإنهما لكبيرة لان الولاية كبيرة حملها ﴿إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾، والخاشعون هم الشيعة المستبصرون، وذلك لان أهل الأقاويل من المرجئة والقدرية والخوارج وغيرهم من الناصبية يقرون لمحمد (صلى الله عليه وآله) ليس بينهم خلاف وهم مختلفون في ولايتي منكرون لذلك جاحدون بها إلا القليل
وهم الذين وصفهم الله في كتابه العزيز فقال: ﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾ وقال الله تعالى في موضع آخر في كتابه العزيز في نبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وفي ولايتي فقال عز وجل: ﴿وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ﴾ فالقصر محمد والبئر المعطلة ولايتي عطلوها وجحدوها، ومن لم يقر بولايتي لم ينفعه الإقرار بنبوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ألا إنهما مقرونان
وذلك أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نبي مرسل وهو إمام الخلق، وعلي من بعده إمام الخلق ووصي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، كما قال له النبي (صلى الله عليه وآله): " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي "
وأولنا محمد وأوسطنا محمد وآخرنا محمد، فمن استكمل معرفتي فهو على الدين القيم كما قال الله تعالى: ﴿وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ﴾
جاء في كتاب تأويل الآيات للعلامة الكبير شرف الدين الحسيني:
ما رواه محمد بن خالد البرقي مرفوعا، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر (عليه السلام) قال في قوله عز وجل:
﴿لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ﴾ قال: هم مكذبوا الشيعة، لان الكتاب هو الآيات، وأهل الكتاب الشيعة.
وقوله ﴿وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ﴾ يعني المرجئة.
وقوله ﴿حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ قال: يتضح لهم الحق.
وقوله ﴿رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ - يعني محمدا صلى الله عليه وآله - يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً﴾ يعني يدل على أولي الأمر من بعده وهم الأئمة (عليهم السلام) وهم الصحف المطهرة.
وقوله ﴿فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ﴾ أي عندهم الحق المبين.
وقوله ﴿وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾ يعني مكذبوا الشيعة.
وقوله ﴿إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَةُ﴾ - أي من بعد ما جاءهم الحق.
وقوله ﴿وَمَا أُمِرُوا - هؤلاء الأصناف - إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ والاخلاص: الايمان بالله ورسوله والأئمة (عليهم السلام).
وقوله ﴿وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ - فالصلاة والزكاة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام - وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ﴾ قال: هي فاطمة عليها السلام.
وقوله ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ قال: الذين آمنوا بالله ورسوله وبأولي الأمر، وأطاعوهم بما أمروهم به، فذلك هو الإيمان والعمل الصالح.
وقوله ﴿رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ﴾ قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: الله راض عن المؤمن في الدنيا والآخرة، والمؤمن وإن كان راضيا عن الله فان في قلبه ما فيه، لما يرى في هذه الدنيا من التمحيص، فإذا عاين الثواب يوم القيامة رضي عن الله الحق حق الرضا وهو قوله ﴿وَرَضُوا عَنْهُ﴾.
وقوله ﴿ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ﴾ أي أطاع ربه
إعداد: حوزة الهدى للدراسات الإسلامية
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين