اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يقول الله تعالى في محكم كتابه:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾1.
معنى الذلّة على المؤمنين والعزّة على الكافرين
من صفات حزب الله, الرحمة بالمؤمنين, والشدّة على الكافرين. فالمؤمن صاحب قلب رقيق ملؤه الحنوّ على عباد الله المؤمنين, وبالمقابل هو أسد هصور على أعداء الله والدِّين والإنسانية، فهي صفة قلبية لها انعكاس خارجيّ على السلوك: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾.
أي: رحماء على المؤمنين, غلاظ شداد على الكافرين.
﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ﴾2.
فهو من الذلّ: الّذي هو اللين, لا من الذلّ الّذي هو الهوان. قال ابن عبّاس: "تراهم للمؤمنين كالولد لوالده, وكالعبد لسيّده, وهم في الغلظة على الكافرين كالسبع على فريسته"3.
قال القرطبيّ: أي يرأفون بالمؤمنين ويرحمونهم ويلينون لهم, من قولهم: دابّة ذلول أي تنقاد سهلة, وليس من الذلّ في شيء. ويغلظون على الكافرين ويعادونهم4.
والأذلّة والأعزّة جمعا الذليل والعزيز, وهما كنايتان عن خفضهم الجناح للمؤمنين تعظيماً لله الّذي هو وليّهم وهم أولياؤه, وعن ترفّعهم عن الاعتناء بما عند الكافرين من العزّة الكاذبة الّتي لا يعبأ بأمرها الدِّين كما أَّدّب الله تعالى بذلك نبيّه الكريم في قوله عزّ وجلّ: ﴿لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾5.
فالمؤمن ذو حنان على المؤمنين يليّن جانبه معهم ويرفق بهم, وبالمقابل هو شديد على الكافرين وأعداء الله غليظ عليهم, لا تأخذه بهم رأفة ولا رحمة لأنّهم حادّوا الله ورسوله, وأرصَدُوا لأحكام شريعته تعالى، ودينه, وللمؤمنين.
قال تعالى: ﴿ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ *أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَة.﴾ ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ﴾7 ، ﴿وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَة﴾8.
1- سورة المائدة، الآية: 54.
2- سورة الفتح، الآية: 29.
3- تفسير مجمع البيان، الشيخ الطبرسي، ج3، ص357.
4- تفسير القرطبي، القرطبي، ج 6، ص 220.
5- سورة الحجر، الآية: 88.
6- سورة البلد، الآيتان: 17 – 18.
7- سورة المائدة، الآية: 45.
8- سورة البلد، الآية: 17.
الكتاب: أولئك حزب الله
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين