*فقد تميز الرسول اﻷعظم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله بشخصية فذَّة ليس لها نظير في تاريخ البشرية قاطبة، حيث تحلت شخصيته المقدسة بأبعاد في واقعها معصومة من كل نقص او عيب فليست شخصية عادية تكونت اثر نشأتها في بيئة مميزة بل اﻷمر بالعكس من ذلك حيث نشأ في بيئة متخلفة حضاريا متسِّمة برذائل الصفات اﻷخﻼقية إﻻ القليل من الثابتين على الحنيفية اﻹبراهيمية السمحاء من أجداده صلوات الله عليهم، ومن هنا كانت عظمة الرسول اﻷكرم فكان الشخصية التي غيرَّت مسير الحضارة العربية والعالمية والى يوم الناس هذا اثر تربيته الربانية وهو القائل:*«أدبني ربي فأحسن تأديبي».*
*خصال اﻷنبياء تتصاغر أمام عظمة خصاله وأخﻼقه وقد وصفه بارئه بما لم يصف رسوﻻ بمثله فقال عز ذكره (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[1]،بهذه الخصال الحميدة الشريفة استطاع النجاح في مهمته اﻹلهية حيث كان كل من يجلس إليه يتعلق به ويعشق محضره وﻻ يطيق اﻻبتعاد عنه، وكان يعطي جلساءه كلهم نصيبا وﻻ يحسب أحداً منهم أن أحداً أكرم عليه منه، ومن جالسه صابره حتى يكون هو المنصرف عنه، من سأله حاجه لم يرجع إﻻ بها أو بميسور من القول قد وسع الناس منه خلقه وصار لهم أباً وصاروا عنده في الحق سواء، مجلسه مجلس حلم وحياء وصدق وأمانه ﻻ ترفع فيه اﻷصوات وﻻ تؤبن فيه الحرم وﻻ تنثني فلتاته متعادلين متواصلين فيه بالتقوى متواضعين يوقرون الكبير ويرحمون الصغير ويؤثرون ذا الحاجة ويحفظون الغيب.*
*كان صلوات الله عليه دائم البشر سهل الخُلق ليس بفظّ وﻻ صخّاب وﻻ فحّاش وﻻعياب وﻻ مداح يتغافل عما يشتهي فﻼ يؤيس منه وﻻ يخّيب فيه مؤمليه كان ﻻ يذم أحداً وﻻ يعيِّره وﻻ يطلب عورته وﻻ عثراته.[2]*
*كان لرسول الله صلى الله عليه وآله من المواساة ﻷمته ما يحير العقول ويذهل العقﻼء بعظمته يأكل كأدنى الناس ماﻻً وحاﻻً وكما قال اﻹمام الضامن علي بن موسى الرضا عليه السﻼم:*«ما شبع النبي صلى الله عليه وآله من خبز بُر ثﻼثة أيام حتى مضى لسبيله».[3]*وقال أمير المؤمنين علي عليه السﻼم:*«كنا مع النبي صلى الله عليه وآله في حفر الخندق إذ جاءت فاطمة ومعها كُسيرة خبز فدفعتها إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال النبي: ما هذه الكسيرة؟ قالت: خبزته قرصاً للحسن والحسين جئتك منه بهذه الكسيرة. فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا فاطمة أما انه أول طعام دخل جوف أبيك منذ ثﻼث».*
*بهذا الصبر واﻹيثار واﻷخﻼق استطاع التأثير في الجميع ـ إﻻ من شذ من المنافقين ـ وبناء الحضارة اﻹسﻼمية ومجدها التليد وكاد المسلمون أن يكونوا سادة العالم لو اقتفوا اثر الرسول واتخذوه قائدا بحق وقدوة وهو أمر قرآني مؤبد إلى قيام الساعة قال تعالى:*(لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)[4]*إﻻ انهم انقلبوا على أعقابهم وقد اخبر القرآن العظيم بذلك اﻻنحراف الكبير قال تعالى:*(وَمَا مُحمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ).[5]*
*كان لﻼنقﻼب واﻻنحراف الذي اعقب استشهاد رسول الله صلى الله عليه وآله اكبر اﻻثر في تخلف تحقيق اﻷهداف الكبرى من الدعوة المحمدية التي احتاجت الى الوقت لتحيق الغايات المرجوة فكان عامل الوقت المطلوب للنهوض باﻷمّة وبناء حضارتها سيف ذو حدين استغله أصحاب المطامع من المنافقين لتحقيق مآربهم التي سرعان ما أصبحت وبال على اﻷمة حيث دُنس منصب اﻹمامة والخﻼفة الظاهرية واعتلى منبر رسول الله صلى الله عليه وآله القردة مغتصبين الخﻼفة من آل النبوة والعصمة صلوات الله عليهم، فبعد إن كان المتوقع لﻸمة ان تُحكم من قبل قادة منصبين من قبل الله مطهرين ومعصومين أصبحت تدار من حثالة اﻷمة وأعداء الرسالة والنبوة ـ وكما يقال الناس على دين ملوكهم ـ فانتشرت المفاسد ﻻسيما الفكرية منها والعالم اليوم ينظر إلى اﻹسﻼم من عين أعدائه الغاصبين ﻻ من عين أهله المحقين المنصَّبين من قبل الله سبحانه، لذا فﻼ غرو ان ﻻ يؤمنوا ويشنوا غاراتهم وهجوماتهم المتوالية على اﻹسﻼم وهم ﻻ يفقهون من اﻹسﻼم المحمدي شيئاً.*
*كان من المقرر لﻺسﻼم المحمدي الحنيف أن يبني حضارة عصماء ليس لها نظير عبر التاريخ اﻹنساني من أول حضاراته إلى آخرها بل ﻻ تبقى حضارة غير اﻹسﻼمية المحمدية على وجه البسيطة لكن تخلف اﻷمة عن نهج الحق وأتباع أئمة الضﻼلة حال دون ذلك، ولن تتحقق اﻷهداف المرجوة من اﻹسﻼم إﻻ برجوع اﻷمة الى أهل بيت العصمة والطهارة عليهم أفضل الصﻼة والسﻼم وهو مشروط بالتبري من اﻷعداء والمنافقين الغاصبين وأشياعهم والوقوف بوجه أبواقهم اﻹعﻼمية الصادحة إلى اليوم بتقديسهم وإتباعهم، إنّا لله وانا اليه راجعون، قال تعالى:*(إِنَّ اللَّهَ ﻻَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)[6].*
*نسأل الباري سبحانه إن يوفقنا لنكون من جنود موﻻنا الحجة المهدي عجل الله فرجه الذي على يديه تتحقق اﻵمال واﻷحﻼم وتكتمل العقول ويصحح اعوجاج الدين.*
*________________*
*[1]*ـ سورة القلم: 4.*
*[2]*ـ بحار اﻻنوار، ج16، ص148، كما عن منتهى اﻵمال، الشيخ عباس القمي ج1، ص67.*
*[3]*ـ نفس المصدر ص69.*
*[4]*ـ سورة اﻷحزاب:21*
*[5]*ـ سور آل عمران: 144.*
*[6]*ـ سورة يوسف:11.*
اللهم صل على الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
واللعنة الدآئمة الوبيلة على أعدآئهم وظالميهم أجمعين
اختي الكريمة بارك الله فيكِ في الدنيا والاخرة على هذا الجهد القيم وفقكِ الله ورعاكِ, وسدد الرحمن خطاكم وقضى حوائجكم
وصلّي الله على محمّد وآله الطاهرين
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شكرا جزيلا لكم على هذا الطرح الجميل
بارك الله فيكم وقضى حوائجكم في الدينا والأخرة
اللهم صل على محمد وال محمد الابرار الاخيار
للهم اغفر لي جميع مامضى من ذنوبي واعصمني فيما بقي من عمري وارزقني عملا زاكيا ترضى به عني
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله كل خير على هذا الطرح الرائع
حفظكم الله تعالى من شر الجن والانس مع شيعة محمد وال محمد