بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ﴾1 .
كلّ من يتوقّع حصول مطلوبٍ له في المستقبل، وحصل لهُ ظنّ وجود أسبابه، حصل لهُ في باطنهِ فرحٌ مقارن لتصوّر حصوله، ويُسمّى ذلك الفرح (رجاءً).
وإنْ كان المتوقّع واجب الوقوع في المستقبل يُسمّى (انتظار المطلوب) وحينئذٍ لا بُدَّ أن يكون الفرح أقوى.
وإنْ لم تكن الأسباب معلومة الوقوع ولا مظنونة يُسمّى (تمنّياً).
وإنْ كان عدم حصول الأسباب معلوماً، وكان توقع الحصول باقياً كان ذلك الرّجاء من باب ( الغرور والحماقة).
فتبيّن أنَّ الرجاء والخوف متقابلان، وكما أنّ الخوف في السلوك يشتمل على فوائد كذلك الرّجاء.
فإنّ الرجاء يبعث على الترقّي في درجات الكمال وسرعة السير في طريق وصوله إلى المطلوب ﴿يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾2 .
وأيضاً الرّجاء يقتضي حسن الظَّن بمغفرة الباري تعالى وعفوه، والثقة برحمته ﴿أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ﴾3 . وقال الله تعالى في حصول المطلوب بموجب هذا التوقّع "أنا عندَ ظنّ عبدي بي"4 .
وعدم الرّجاء، في هذا المقام، يبعث اليأس والقنوط ﴿إِنَّهُ لاَ يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾5 . وإبليس بسبب اليأس هذا صار هدفاً للّعنة الأبديّة ﴿لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ﴾6 .
لكنّ السالك إذا وصل إلى مرتبة المعرفة ينتفي رجاؤه لعلمه أنّ ما ينبغي حاصل وما لم يحصل لا ينبغي7 . ومع هذا العلم إنْ كان الرّجاء باقياً، كان جاهلاً لجميع ما يحتاج إليه في مطلوبه وما لا يحتاج إليه وقد فرضناه عارفاً.
ويُعلم من هذا الفصل، والفصل المتقدِّم، أنّ السالك، ما دام في السلوك، لم يَخلُ من الخوف والرجاء﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً﴾8 ، فإنّ استماع آيات الوعد والوعيد، والتفرُّس بدلائل النقص والكمال، وتوقّع وقوع كلِّ واحدٍ منها، وتصوُّر أنّ انتهاء السلوك إلى مقصدهم هو أعلى المقاصد، أو إلى الحرمان، يلزم منه تقارن الخوف والرّجاء ولا يُمكنه ترجيح أحدهما على الآخر"لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا"9 ، لأنّه لو رجح الرّجاء لزم أمنٌ في غير موضعه ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ﴾10 ، وإنْ ترجّح الخوف لزم يأسٌ موجب للهلاك ﴿إِنَّهُ لاَ يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾11 .
هوامش
1- سورة البقرة: الآية 218.
2- سورة فاطر: الآية 29 30.
3- سورة البقرة: الآية 218.
4- مما أوصى الله به إلى موسى بن عمران، بحار الأنوار: ج 70، ص 389، باب 59، رواية 56.
5- سورة يوسف: الآية 87.
6- سورة الزمر: الآية 53.
7- وقد قال الإمام الحسين عليه السلام: "ماذا وجد من فقدك وما الّذي فقد من وجدك" دعاء عرفة: مفاتيح الجنان.
8- سورة السجدة: الآية 16.
9- ذُكر هذا مضموناً في بحار الأنوار: ج 75، ص 259 وهو ما يُعبّر عنه في الروايات الشريفة "بين الخوف والرجاء".
10- سورة الأعراف: الآية 99.
11- سورة يوسف: الآية 87.
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ﴾1 .
كلّ من يتوقّع حصول مطلوبٍ له في المستقبل، وحصل لهُ ظنّ وجود أسبابه، حصل لهُ في باطنهِ فرحٌ مقارن لتصوّر حصوله، ويُسمّى ذلك الفرح (رجاءً).
وإنْ كان المتوقّع واجب الوقوع في المستقبل يُسمّى (انتظار المطلوب) وحينئذٍ لا بُدَّ أن يكون الفرح أقوى.
وإنْ لم تكن الأسباب معلومة الوقوع ولا مظنونة يُسمّى (تمنّياً).
وإنْ كان عدم حصول الأسباب معلوماً، وكان توقع الحصول باقياً كان ذلك الرّجاء من باب ( الغرور والحماقة).
فتبيّن أنَّ الرجاء والخوف متقابلان، وكما أنّ الخوف في السلوك يشتمل على فوائد كذلك الرّجاء.
فإنّ الرجاء يبعث على الترقّي في درجات الكمال وسرعة السير في طريق وصوله إلى المطلوب ﴿يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ﴾2 .
وأيضاً الرّجاء يقتضي حسن الظَّن بمغفرة الباري تعالى وعفوه، والثقة برحمته ﴿أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ﴾3 . وقال الله تعالى في حصول المطلوب بموجب هذا التوقّع "أنا عندَ ظنّ عبدي بي"4 .
وعدم الرّجاء، في هذا المقام، يبعث اليأس والقنوط ﴿إِنَّهُ لاَ يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾5 . وإبليس بسبب اليأس هذا صار هدفاً للّعنة الأبديّة ﴿لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ﴾6 .
لكنّ السالك إذا وصل إلى مرتبة المعرفة ينتفي رجاؤه لعلمه أنّ ما ينبغي حاصل وما لم يحصل لا ينبغي7 . ومع هذا العلم إنْ كان الرّجاء باقياً، كان جاهلاً لجميع ما يحتاج إليه في مطلوبه وما لا يحتاج إليه وقد فرضناه عارفاً.
ويُعلم من هذا الفصل، والفصل المتقدِّم، أنّ السالك، ما دام في السلوك، لم يَخلُ من الخوف والرجاء﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً﴾8 ، فإنّ استماع آيات الوعد والوعيد، والتفرُّس بدلائل النقص والكمال، وتوقّع وقوع كلِّ واحدٍ منها، وتصوُّر أنّ انتهاء السلوك إلى مقصدهم هو أعلى المقاصد، أو إلى الحرمان، يلزم منه تقارن الخوف والرّجاء ولا يُمكنه ترجيح أحدهما على الآخر"لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا"9 ، لأنّه لو رجح الرّجاء لزم أمنٌ في غير موضعه ﴿أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ﴾10 ، وإنْ ترجّح الخوف لزم يأسٌ موجب للهلاك ﴿إِنَّهُ لاَ يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلاَ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾11 .
هوامش
1- سورة البقرة: الآية 218.
2- سورة فاطر: الآية 29 30.
3- سورة البقرة: الآية 218.
4- مما أوصى الله به إلى موسى بن عمران، بحار الأنوار: ج 70، ص 389، باب 59، رواية 56.
5- سورة يوسف: الآية 87.
6- سورة الزمر: الآية 53.
7- وقد قال الإمام الحسين عليه السلام: "ماذا وجد من فقدك وما الّذي فقد من وجدك" دعاء عرفة: مفاتيح الجنان.
8- سورة السجدة: الآية 16.
9- ذُكر هذا مضموناً في بحار الأنوار: ج 75، ص 259 وهو ما يُعبّر عنه في الروايات الشريفة "بين الخوف والرجاء".
10- سورة الأعراف: الآية 99.
11- سورة يوسف: الآية 87.
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين