بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
ثانيا: في حال حصول فتنة واضطراب اجتماعي أو عقائدي لابد للمؤمن أن يبقى على الاعتقاد القديم والموقف القديم الذي كان يعتقده قبل حصول الفتنة، لان الموقف القديم والاعتقاد القديم هو متيقن الصحة وما يصدر في زمن الفتنة هو مشكوك الصحة لا يدرى أهو حق أم باطل،فالعقل السليم والفطرة المستقيمة توجب على الإنسان أن يبقى على ما هو متيقن ولا ينقض يقينه بالشك، وبهذا الأمر العقلائي وردت نصوص روائية توجب على المكلف في عصر الغيبة الكبرى أن يبقى على ما هو عليه من الأمر القديم حتى يتبين له الحال، ومن هذه النصوص:
ألف: ما روي عن زرارة عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال: «يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم، فقلت له: ما يصنع الناس في ذلك الزمان؟ قال عليه السلام: يتمسكون بالأمر الذي هم عليه حتى يتبين لهم» (راجع الإمامة والتبصرة لابن بابويه: ص125. كمال الدين وتمام النعمة: ص350).
باء: وعن عبد الله بن سنان قال دخلت أنا وأبي على أبي عبد الله فقال صلوات الله وسلامه عليه: «كيف أنتم إذا صرتم في حال لا ترون فيها إمام هدى ولا علماً يرى ولا ينجو منها إلا من دعا بدعاء الغريق، فقال له أبي إذا وقع هذا فكيف نصنع؟ فقال أما أنت فلا تدركه، فإذا كان ذلك فتمسكوا بما في أيديكم حتى يتضح لكم الأمر» (راجع كتاب الغيبة للنعماني: ص161. معجم أحاديث الإمام المهدي للشيخ الكوراني: ج3/ ص399).
جيم: عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: «يأتي على الناس زمان يصيبهم فيها سبطة يأرز العلم فيها كما تأرز الحية في جحرها، فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم نجم، قلت: فما السبطة؟ قال: الفترة. قلت: فكيف نصنع فيما بين ذلك؟ فقال: كونوا على ما أنتم عليه حتى يطلع الله لكم نجمكم» (راجع كتاب الغيبة للنعماني: ص162. كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدق: ص349. بحار الأنوار للمجلسي: ج52/ ص134).
دال: وعن الإمام موسى بن جعفر صلوات الله وسلامه عليه قال: «إذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم لا يزيلنكم عنها أحد، يا بني إنه لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به، إنما هو محنة من الله عز وجل امتحن بها خلقه لو علم آباؤكم وأجدادكم ديناً أصح من هذا لاتبعوه...» (راجع الكافي للشيخ الكليني: ج1/ ص336. بحار الأنوار: ج51/ ص150).
هاء: عن أبي عبد الله عليه السلام قال: «إذا أصبحت وأمسيت لا ترى إماما تأتم به فأحبب من كنت تحب وأبغض من كنت تبغض حتى يظهره الله عز وجل».
ويمكن لنا ونحن نعيش عصر الغيبة الكبرى، نرى الفتن تهجم علينا ساعة بعد ساعة ويضمحل فيها الإيمان في قلوب الناس يوما بعد يوم، أن نطبق هذه الأحاديث الشريفة على حياتنا، وننبه المؤمنين على عدم الإسراع بتصديق أصحاب الأهواء المستحدثة وأرباب البدع المضلة وقادة الرايات الضالة والبقاء على ما هم عليه والثبات على ذلك،لأننا قد رأينا بالتجربة إن كل تلكم الرايات سرعان ما خفت صوتها وانكشف أربابها واضمحلت أفكارها وهلك من اتبعها وسقط في الفتنة والامتحان من صدق بها.
أما ما هو الأمر الذي يجب أن نثبت عليه ونتمسك به؟ فهو الأمر الذي أسس أساسه الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وخط نهجه الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وهو أمر السفارة والنيابة العامة والمرجعية الدينية التي سار عليها القدماء من علمائنا الأعلام منذ بدء الغيبة الكبرى إلى اليوم.
فلو علم أولئك الأعلام دينا ومذهبا وطريقة أهدى من هذه التي نحن عليها لاتبعوها، فمنهجهم إذا منهج متيقن الصحة، وما استحدث من الأفكار والآراء والرايات متيقن الخطأ أو لا اقل مشكوك الصحة فينبغي عقلا وشرعا التوقف عندها والرجوع إلى من أمرنا الله بالرجوع إليهم وأمرنا الإمام سلام الله عليه بالرجوع إليهم ألا وهم علماء الدين ورواة أحاديثهم في هذا العصر.
ثبتنا الله وجميع المؤمنين من فتن آخر الزمان وأخطاره آمين يا رب العالمين.
اللهم اطلبني حتى اصل اليك
ربنا لاتؤاخذنا ان نسينا او اخطانا
..