
بسم الله الرحمن الرحيم
(( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي ))
صدق الله العلي العظيم
قال الإمام جعفر بن الصادق عليه أفضل الصلاة و السلام : .....قوله تعالى: {يا أيّتها النّفس المطمئنّه} إنمّا يعني الحسين بن عليّ فهو ذو النّفس المطمئنّة الرّاضية المرضيّة، وأصحابه من آل محمد هم الرّاضون عن الله تعالى يوم القيامة، وهو راض عنهم.
صدق مولانا عليه السلام .

ما خلت أن الدهر من عاداتــه *** تروى الكلاب به ويظمى الضيغمُ
و يقـدم الأمـوي و هو مـــؤخر*** و يؤخــــر الـعلوي و هو مــــــقدمُ
مثل ابن فاطمة يبـــيـت مشردا*** و يزيد فـــــي لذاتــه متــنعـــــــــمُ
يرقى منــــابـر أحمد متأمـــــرا*** في المسلمين و ليس ينـــــكر مسلمُ
و يضيق الدنيا على ابن محمد*** حتـــــى تقاذفــــه الفضـــاء الأعظمُ
خرج الحسين من المدينة خائفاً*** كــــخروج مـوسى خائفا يتـــــــكتمُ
و قد انجلى عن مكة وهو ابنها*** فكأنما المـــــأوى عليه محـــــــــرمُ
لم يدر أين يريح بدن ركـــابه*** و به تشرفت الحــــطيم و زمـــــزمُ
كيف ستُجاب مولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام يوم القيامة حينما تسأل عن الحسين عليه السلام ؟! فقد رأته في عالم الدنيا يخرج مطرودا من المدينة و بعدها مكة ! أتطرد يابن مكة من حرمها و أمنها و بك و بجدك حل الأمن و الأمان ؟!
أم أن الله تعالى أراد لك حجاً لم يحجه أحد ، لا نبي و لا ملك و لا مرسل ، لتصبح كعبة بعد الكعبة أو ذا حرمة أعظم من الكعبة !
أراد لك أن تؤسس قاعدة الحج الحقيقة التي شيدها جدك و أبوك ! آبائك بنوا الكعبة على ولايتك و فوق جسدك ستُبنى كعبة ، أريد لك خير الحجيج ليس من الرجال و النساء فقط بل حتى من الأطفال و الرضع ! فهل اخترهم لكي يكون لك حديث و صيت لأجل نفسك أم أنك اخترتهم لأن الظروف اتقضت أن تنفذ مشيئة ربانية على يديك ؟!
يجيبها الحسين عليه السلام : أماه يا زهراء ! لا تقولي كم طفل سيحج قولي كم طفل سيكون أضحية و قربانا !
تجيبه فاطم : لا توجع قلب البتول ..لا توجع قلبها ...لا تقطع نياطه يا حسين !
و بينهما عظيمة من نسج عظمتهما اسمها زينب تقول :
الحج ينتهي بالفرج باقي المناسك قد تكملها الرجال نيابة عن النساء
ولكن حج ولدكِ اكملته النساء ! إن حجه في بلد واحد لكنهن أكملنه في بلدان أخرى ليرمين الجمرات العلويات
على كل شيطان مريد من أعداء الله !
لله در حج كحجك و الأهل فداء لك و نحن معك !هكذا لبت حجيج نور الله و لم تأبه ..

زينب :
الحج ينتهي بالفرج ، باقي المناسك تكملها قد الرجال نيابة عن النساء ..
ولكن حج ولدكِ تكمله النساء ، و إن كان الحج في بلد واحد ، فإنهن أكملنه يؤخذن لأعداء الله الظالمين .
الحسن و أم البنين و أبنائها رسول الله علي عليهم أفضل الصلاة و السلام ينادون :
ميزت بحجك تبارك حجك و كلنا لك الفداء ، أعزمت على الخروج من أجل الله تعالى و لصون حرمته و بيته ؟
تصون حرم الله و تحمي حرم الله و لكنك تعود و حرمك تريد الأعداء بها الإهانة و الذلة خرجت حاميا و لم تحمى حرمك !
رسول الله يقول الى ابنه الحسين : عزمت على الخروج ؟ قال من اجل الحفاظ ومن اجل صون حرمة الله في بلد الله
تخرج بهن و يعدن من دونك !

خرجنا جميعا و لكن أرواحنا معلقة بأستار الكعبة المقدسة ، لم يكن أحد من الناس يدرك ماحج الإمام و ماهو هدف الإمام ، حتى قال خطبته ، بعدها صرنا متلهفين ، ننتظر عرفة الوقوف بين يدي الله تعالى ، و في هذه السنة كانت عرفة ليست كغيرها ، ل تشبه غيرها ، كان الوصل الحسين عليه السلام ليس كغيره ، دعاؤه ، تسبيحه ، ذكره الله ، كان يذكر الله و نحن نسير ، كانت عرفاته معرفة الحق و نكران الباطل و كانت عرفات المعروف و النهي عن المنكر ، كنا نعيش معه أياما و عرفات لم نعشها من قبل ، عرفات العرفان و الانقطاع للرب تعالى ، كان يعيش يوم الثامن منتظرا لهذا اليوم ، كنا الناس المقربين الذين ننتظر الحج معه و نعيش حياة و لحظات لم نرها طيلة العام ، كنا نتصل به و نرتقي ...فنتهيأ لوقوف يوم عظيم و حج رباني في أطهر البقاع بل أشرفها من مكة ، كنا نعرف انه عليه السلام يتهيأ لعرفة غير التي يعرفها الخلق ، ليست بذي الحجة بل بعاشوراء ، عرفان من سيخرج من أرض الله فور وصوله امر الله الذي أعد له بالأدعية و الاستغفار و التفكر و تنطق أنا خراج لله و في الله حتى ألقى الله تعالى .

و لكن الملفت في ادعيته هذا العام أنه يسأل الله الصبر له و لأهله .. وكان آخر دعائه الصبر ولمن معه من أهله و من غير أهله ... هذه الكلمة اقشعر بدني منها ... عرفت من الصبر ليس على مناسك هذا الحج ... كان لنا نحن ...نعم ..حج جديد لنسوة سيحرن بعد رجالهن ، و ليس لرجال سيلقون الله قريبا . نعم خصص دعاء الصبر لنا نحن الغريبات الحائرات المطيعات لله و لأمر إمامنا عليه السلام .
يجيب الحسين عليه السلام : نعم كنت أقصد ذلك اليوم يا أختاه .. أقصد ذلك الوقوف ..
تجيبه زينب : بل يوم الترويع
قال لها : لهذا سألت الله الصبر لكِ أنتِ خصصتِ و من معكِ
لا لي ولهؤلاء من أبناء علي عليه السلام .

زينب : جائني بعد أن عرض على أخوته أمر الخروج ..و قبل أن يكمل حديثه معهم ، نظروا لصوارمهم اجابة لدعوته ، لا بقولهم نعم بل صوارمهم في أغمادها لبته .فوقفوا أصاحيا بين يديه و في سبيله ، لم يعترضوا و لم يناقشوا فهو إمامهم ! اتاه أعظمهم و قال معك و ولاه على النساء ، انزعجن اضطربن ليس لخوف بل هو أمر الله هل يفلحوا أم لا يفلحوا و خوفا على حرم الله و حرم رسوله صلى الله عليه و آله ، و شجاعتهن كالزهراء عليها السلام لا يخفن ظالما ، و لكن لأنهن ينتسبن لله و هم أعظم النسوة في دينه فخفن على أن تنتهك حرمة الله . سبحان الله هو اعلم حيث يجعل رسالته .

خرج المولى خائفا يترقب ، ليس خوف على نفسه و إلا لما كان عارض الحكم الاموي و خرج بالنسوة و الأطفال ، بل لأنه خاف الفتنة و الهتك في بيت الله ، لأن السلطات الظالمة أمرت به و لو كان متمسكا بأستار الكعبة . يجب أن ينتهك أمر الله و لو على حساب غربة الحسين عليه السلام الذي تغرب لأجل دين الله و لأجل أن يبقى هذا البيت ، فلم يتجرأ أحد على هدمه و رميه إلا بعد أن قتل الحسين عليه السلام و رمي ، فالبيت رموه بالمنجنيق و الحسين عليه السلام رموه بالسهام و الحجارة و الكلام و الادعاءات الباطلة عليهم لعائن الله أجمعين ! فلم يؤخر خروجه و جعلها عمرة مفردة و خرج !
و يالحزن البيت و الحرم و يالألم الملائكة الطائفين و المؤمنين ببعد الإمام التقي النقي ! وامصيبتاه !
خرج ليكون له موقف وحده مع من خرج ... من أراد أن يكون معي فمعي في اليوم الثامن المحامل جاهزة ...
خرجنا وهناك من لم ىيستطع الخروج ... جاء ليحج بحج الامام عرفا بحق لكنه لم يستطع ، بسبب العجز و بسبب الظروف
خرج الحسين عليه السلام ، وهناك من يبكي أكمل معنا ...أكمل معنا ...أكمل معنا ...!! و كأن الكون كله يندب من الكعبة المشرفة تناديه
لا تريد وداعه و لكن يا مكة خرج منكِ جدي خوف القتل و ها أنا أخرج و لا بعد ذلك لقاء !

تلبية مسلم
كانت هناك تلبية مميزه في الطريق لم تخرج من أبي عبد الله بل من مسلم ابن عقيل
ورد عليه بتلبيه .. جداه لاتقل أننا لم نحج ، حجينا بحج لم يفرضه ديينا على جميع الأشهاد بل فرضه على ابنك وبناتك ، بداية التلبية من صنع أبي محمد مسلم ، ورد عليه بأن تلبيته متقبلة من الله ، فرش الخيام مسلم ، فرشهافي أرض العراق .. ليستقبل إمامه، جاؤا وازالوا الخيام ، قالوا الحج بلا خيام يا جداه، قشعوها على مسلم وأحرقوها علينا !

إن كانت الادعية أو حالة الخشوع تميزت قليلا في اليوم الثامن ، ففي اليوم التاسع و نحن سائرون هناك باتصال و أدعية ، و معنا الامام و لكن بلهجة مختلفه ، هي لهجة ترقب أعداء الله لينتصر دين الله .
كانت أدعية عند وقوقفنا يدعوا الامام فيها ونبتهل بدعائه مع الله ،
أدعية تبين أن النهاية لابد أن تكون للوحدانية ، و تبين حقيقة الانسان و حقارة الدنيا ، والبراءة منها في هذا الموقف !
تبرأ منها وبين لنا ما هو البقاء و ماذا يريد الله من العبد أن يبقيه في الدنيا، ويسأل الله أن يرزقه البقاء الأمثل ، واشار بكلامه حتى للنساء ، خصص النساء أيضاً بأن يرزقهم الله ما يبقى على أرضه .

لم يسر الإمام صامتا ملتزما بلا أدعية بل عاش يوم عرفة ، كانت لنا وقفة في ضحى يوم عرفة ، كانت أطوا ماوقفناه في هذا الوقت ضحى يوم عرفة مع أخوتي ومع النساء ،وقفنا جميعا و كانت هناك دروس تُعطى وكان أولها درساً عاماً للجميع نساءً و رجالاً ، ذكر فيه الله و جده ،و بين أهمية الخروج ،و من سنقابل ، و كيف سنكون بعد هذا الحج ، عرَّفنا بحقيقتهم . فهيئا نفوسنا وكانت أكثر الوقفات حديثا منه ... بعد ان اتجهنا الى الله بدعاء عرفة لا في أرض عرفة و شوقنا فيه إلى اللقاء و بين لنا أن فعلنا هذا لله ، و أن الله ليس بمكان واحد ، فعرفة الحسين كانت في الطريق تبعناه وأمنَّا على دعائه ، تممنا سيرنا ، تميز الحسين عليه السلام في هذا اليوم بل ميزه الحسين عليه السلام ، فلم تحظى مكة بمثله ، فللحسين عرفة مميزة ليست عاشوراء بل عرفة الحقيقية... اليوم التاسع من خروجه، التي اختلفت بالادعية و الموقف و ليس بالمكان فقط .

بعد مسيرة أيام وصلنا لكربلاء وأدعية سيدي ترن في دماغي، هنا تجسيد ما يرديه الله مني ، وبيان حقيقة توحيد الله في قلبي .و ظهور وحدانية الله على هذه الأرض ، يجب أن أظهرها و إن عشنا إلى رجوعنا إلى أرض كربلاء مرة أخرى ، متأثرين بأدعيته وبمن هو ، سأسلم عليه :
صلى الله عليك يا ابا عبد الله يوم ولدت ويوم خرجت من بلد الله الى الله ... ويوم تبعث حيا ثم أقول :
ضربونا يا أخي .... آهٍ عليك يا مزعوج ! آهٍ عليك يامطرود ! آهً وا حزناه على ابن فاطمة البتول .

قدم العمل : شمعة دنيتي فاطمة _ أنوار الرسالة
السَّلأمُ عَلَيْكَ يَا أبَا عَبْدِاللهِ ، السَّلأمُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ رَسُولِ اللهِ ، السَّلأمُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ أمِيرِ المُؤْمِنينَ ، وَابْنَ سَيِّدِ الوَصِيِّينَ ، السَّلأمُ عَلَيْكَ يَا ابْنَ فاطِمَةَ الزّهراءِ سَيِّدَةِ نِساءِ العالَمِينَ ، السَّلأمُ عَلَيْكَ يَا ثَارَ اللهِ وابْنَ ثارِهِ وَالْوِتْرَ المَوْتُورَ ، السَّلأمُ عَلَيْكَ وَعَلَى الارْواحِ الّتي حَلّتْ بِفِنائِكَ ، وَأنَاخَتْ بِرحْلِك عَلَيْكُمْ مِنّي جَميعاً سَلامُ اللهِ أبَداً ما بَقِيتُ وَبَقِيَ الليْلُ وَالنَّهارُ.