اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن من غايات الزواج هي النسل وتكثير قول ( لا إله إلا الله ) ، ولكن قد تشاء القدرة الإلهية من جعل الرجل ، أو المرأة عقيماً لا يرزق الخلف. وذلك لحكمة اقتضاها علم الله ، أو قد تتأخر عنه الذرية لا لشيء سوى قدرته ، وعلمه بحقائق الامور قال تعالى : « أو يزوجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً إنه عليم قدير » (1).
ومع ذلك فتح الله الباب على مصراعيه فلم يجعله مسدوداً على العباد ، بل حثهم على طلبه والتوسل إليه ؛ فإن أكرم الأكرمين لا يرد أحداً خائباً لا سيما إذا أكثر الطلب والح فيه ، وإنه لا يوجد لديه سبحانه وتعالى مستحيل بل أمره إذا أراد أن يقول له كن فيكون.
فهذا زكريا عليه السلام قد دعا ربه بأن يهبه ذرية طيبة مع ما بلغ من الكبر وكانت زوجته عاقراً لا تلد ومع ذلك لم ييأس من الاستجابة.
قال تعالى : « هنالك دعا زكريا ربه قال رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء * فنادته الملآئكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى مصدقاً بكلمة من الله وسيدا وحصوراً ونبياً من الصالحين * قال رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر قال كذلك الله يفعل ما يشاء ». (2)
ولذلك عندما استفهم زكريا من الله كيف يرزقه الذرية على ما به وبزوجته جاء الجواب الإلهي ، قال تعالى : « قال كذلك قال ربك هو علي هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئاً ». (1)
وفي قصة نبي الله ابراهيم عليه السلام مع ضيفه المكرمين عندما بشروه بغلام عليم قال تعالى : « فاقبلت امرأته في صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم * قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم » (2).
فإذا تأملنا هذه الآيات جيداً نجد الجواب يأتي من قبل الله عزوجل بأن الله يفعل ما يشاء ، وأن هذا الأمر عليه هين ، وإنه حكيم عليم. فإذا عرفنا أن الله يفعل ما يشاء ولا يقف شيء حاجزاً لمشيئة الله عن حدوث ذلك الشيء إلا عدم المشيئة ، فلنسع في الحث والطلب من الله أن يشيء لا سيما أن هذه الإشاءة عليه سبحانه وتعالى هينة غير عسيرة ، وما يؤخرها سوى حكمته ، وعلمه بمصالح الأمور وأفضلها للعباد. فلندعه بأحسن حال ويتلطف علينا بالإجابة ، وأن يرزقنا الذرية الصالحة الطيبة. ولا سلاح لذلك إلا الدعاء ؛ فالدعاء يغير ما هو مثبت في اللوح المحفوظ « وعنده أم الكتاب » « يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب » (3).
لذلك نجد أهل البيت صلوات الله عليهم أرشدونا إلى السبيل ولم ييئسونا من الذرية ، بل حثونا على السعي والطلب في الطريق الذي من خلاله يحصل الطالب على مبتغاه ؛ فكما أن الدواء المادي طريق للعلاج كذلك الدواء الروحي طريق آخر للعلاج الروحي والمادي أيضاً. ومن هذه الأمور ما يلي :
1 ـ أن يرفع صوته عالياً بالأذان في المنزل ، ويكثر من ذلك.
روى محمد بن راشد عن هشام بن إبراهيم « أنه شكا إلى أبي الحسن عليه السلام سقمه وأنه لا يولد له فأمره أن يرفع صوته بالأذان في منزله. قال : ففعلت فأذهب الله عني سقمي وكثر ولدي » (1).
2 ـ أن يكثر من الاستغفار ليلاً ونهاراً.
شكا الأبرش الكلبي إلى أبي جعفر عليه السلام أنه لا يولد له وقال : « علمني شيئاً فقال : استغفر الله في كل يوم وفي كـل ليلة مائـة مـرة فـإن الله عزوجل يقـول : « استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدراراً * ويمددكم بأموال وبنين .. » (2).
3 ـ أن يقول كل يوم إذا أصبح أو أمسى : سبحان الله سبعين مرة ويستغفر الله عشر مرات ، ويسبح تسع مرات ، وتختم العاشرة بالاستغفار.
4 ـ أن يصلي ركعتين بعد صلاة الجمعة ويطيل فيها الركوع والسجود ويدعو بالأدعية المأثورة ، منها :
1 ـ « اللهم إني أسألك بما سالك به زكريا يا رب لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين.
اللهم هب لي ذرية طيبة إنك سميع الدعاء. اللهم باسمك استحللتها وفي أمانتك أخذتها ، فإن قضيت في رحمها ولداً فاجعله مباركاً ولا تجعل للشيطان فيه شركاً ولا نصيباً .. ».
2 ـ ما رواه أبو بصير عن أبي عبدالله عليه السلام : إذا أبطأ على أحدكم الولد فليقل : « اللهم لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين وحيداً وحشاً فيقصر شكري عن تفكيري ، بل هب لي عاقبة صدق ذكوراً وأناثاً آنس بهم من الوحشة وأسكن إليهم من المودة ، وأشكرك عند تمام النعمة يا وهاب يا عظيم يا معظم ، ثم أعطني في كل عافية شكراً حتى تبلغني منها رضوانك في صدق الحديث وأداء الأمانة ووفاء العهد » (1).
3 ـ أن يقرأ قبل الجماع قوله تعالى : « وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانـك إني كنت من الظالمين » (2) إلى ثلاث آيات.
وهناك كثير من الأدعية والصلوات المروية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين ، فمن أرادها فليطلبها في محلها.
1 ـ الشورى : 50.
2 ـ آل عمران : 28 ـ 40.
1 ـ مريم : 9.
2 ـ الذاريات : 29 ـ 30.
3 ـ الرعد : 39.
1 ـ الوسائل : ج 21 ، ص 373.
2 ـ الوسائل : ج 21 ، ص 368.
1 ـ الوسائل : ج 21 ، ص 368.
2 ـ الانبياء : الآية 87.
عبقـرية مبكـرة لأطفالنا
تأليف:توفيق بوخضر
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين