الْسَّـلام عَلَيْكُم وَرَحْمَة الْلَّه وَبَرَكَاتُه...
في أسرار النية
النية عند العامة العزم على الطاعة خوفاً أو طمعاً {يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} (السجدة16).
وعند أهل المعرفة العزم على الطاعة هيبة وتعظيماً (فاعبد ربك كأنك تراه وإن لم تكن تراه
فإنه يراك) وعند أهل الجذبة والمحبة العزم على الطاعة شوقاً وحباً. قال رسول الله صلى الله
عليه وآله ((أفضل الناس من عشق العبادة فعانقها وأحبّها بقلبه)) الحديث. وقال الصادق
عليه السلام ((ولكني أعبده حباً له عز وجل وتلك عبادة الكرام)) وفي رواية ((وهي عبادة
الأحرار)) وعند الأولياء العزم على الطاعة تبعاً وغيراً بعد مشاهدة جمال المحبوب استقلالاً
وذاتاً والفناء في الجناب الربوبي ذاتاً وصفةً وفعلاً. وما قاله الصادق عليه السلام ولكني أعبده
حباً له فلعله من المقامات العاديّة له عليه السلام كما قاله شيخنا العارف الكامل أدام الله ظلّه و
هذا النحو من العبادة التبعيّة وبعد الفناء في الجناب الربوبي من خاصّتهم في بعض الحالات
كما في الحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وآله ((لي مع الله حالات لا يسعها ملك مقرّب
ولا نبي مرسل)) ونقل عن الصادق عليه السلام أنه كان ذات يوم في الصلاة فخرّ مغشياً عليه
فسئل عن ذلك قال ما زلت أكرّرها حتى سمعت من قائلها. وقال الشيخ الكبير شهاب الدين كان
لسان جعفر الصادق عليه السلام في ذلك الوقت كشجرة موسى عند ندائه منها بأني أنا الله.
ويبدو في النظر أن صلاة المعراج أيضاً كانت كذلك كما يظهر من رواية العلل.
وليعلم أنّ النيّة من أهم الوظائف القلبية التي تتحقق الصور الكمالية للعبادة بها ونسبتها إلى
صورة الأعمال نسبة الباطن إلى الظاهر والروح إلى البدن والقلب إلى القالب ومن أهمّ وظائفها
وأشدّ شرائطها على العامة تخليصها، وقلّ من يتمكن من الإخلاص الحقيقي. بل الخلوص المطلق
من أعلى مدارج الأولياء الكمّل لأن الإخلاص عبارة عن تصفية العمل من مطلق ما يشوب غير
الحق وهو في عبادة العامة التصفية من الشرك الجلي والخفي من قبيل الرياء والعجب والفخر
{أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} (الزمر3). وفي عبادة الخواص تصفيتها مما يشوب الطمع والخوف
فإنه شرك في مسلكهم وفي عبادة أصحاب القلوب عبارة عن التصفية من شوب الأنانية والأنيّة
فإنه في مسلك أهل المعرفة الشرك الأعظم والكفر الأكبر. (مادر بت ها بت نفس شما است).
وفي عبادة الكمّل عبارة عن تصفيتها من شوائب رؤية العبودية والعبادة بل رؤية الكون كما قال
الإمام عليه السلام في القلب السليم (من لقي ربّه وليس فيه شيء سوى الله) فالسالك إلى الله إذا
وضع حظوظه بل نفسه والعالم تحت قدميه وأخلص نفسه عن رؤية الغير والغيريّة ولم يسكن
في قلبه سوى الحق، وأفرغ بيت الله من الأصنام بيد الولاية وأخلاه من تصرّف الشيطان
يكون دينه وعمله وباطنه وظاهره خالصاً للحق والحق تعالى قد اختار ديناً بهذه الصفة
لنفسه (وكل قلب فيه شك أو شرك فهو ساقط).
منقوووول / من مقالة ( في مقارنات الصلاة ومناسباتها - سر الصلاة أو صلاة العارفين )
بارك الله فيكم و نوركم بنوره الأقدس
لَكُمْ مِنَا خَاْلِصُ الْدُعَاءْ ..
مُوَفَقِّيْنْ بِجَاهِ مَحَمَّدْ وَ آلِ مَحَمَّدْ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمُ أَجْمَعِيْنْ ...
نَسْأَلُكُمْ الدُعَاءْ لِصَاْحِبِ الْأَمْرِ الحُجَةِ الْمَهْدِيْ أَرْوَاْحُنَاْ لَهُ الْفِدَاْءْ بِالْفَرَجْ وَ لِسَاْئِرِ الْمُؤْمِنِيْنْ وَ الْمُؤْمِنَاْت
فِيْ أَمَاْنِ اللهِ تَعَالَىْ ..