اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم والعن عدوهم
السلام على شيعة علي عليه السلام ورحمة الله وبركاته
الحمدلله ان جعلنا من خدام شيعة علي عليه السلام
اللهم صل على فاطمة وابينها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها بعدد مااحاط به علمك
نعزيكم بذكرى وفاة ام البنين عليها السلام
حديث الخيط الأصفر
كتاب الإمامة من كتاب العوالم للشيخ المحدث الجليل الشيخ عبد الله البحراني عن استاذه العلامة محمد باقر بن محمد تقي المجلسي قدس سرهما عن والده عن كتاب عتيق جمعه بعض محدثي أصحابنا في فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : حدثنا أحمد بن عبيد الله ، قال : حدثنا سليمان بن أحمد ، قال : حدثنا محمد بن جعفر ، قال : حدثنا محمد بن إبراهيم بن محمد الموصلي ، قال : أخبرني أبي عن خالد عن جابر بن يزيد الجعفي (ح) وقال حدثنا أبو سليمان أحمد ، قال : حدثنا محمد بن سعيد عن أبي سعيد عن سهل بن زياد ، قال : حدثنا محمد بن سنان عن جابر بن يزيد الجعفي قال : (لما أفضت الخلافة إلى بني أمية سفكوا فيها الدم الحرام ولعنوا فيها أمير المؤمنين (عليه السلام) على المنابر ألف شهر وتبرءوا منه ، واغتالوا الشيعة في كل بلدة واستأصلوا بنيانهم من الدنيا لحطام دنياهم فخوفوا الناس في البلدان وكل من لم يلعن أمير المؤمنين (عليه السلام) ولم يتبرأ منه قتلوه كائنا من كان ، قال جابر بن يزيد الجعفي : فشكوت من بني أمية وأشياعهم إلى الإمام المبين أطهر الطاهرين زين العباد وسيد الزهاد وخليفة الله على العباد علي بن الحسين صلوات الله عليهما ، فقلت : يا ابن رسول الله قد قتلونا تحت كل حجر ومدر واستأصلوا شافتنا وأعلنوا لعن مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه على المنابر والمنارات والأسواق والطرقات ، وتبرءوا منه حتى أنهم ليجتمعون في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وأله وسلم) فيلعنون عليا (عليه السلام) علانية لا ينكر ذلك أحد ولا ينهر فإن أنكر ذلك أحد منا حملوا عليه بأجمعهم وقالوا هذا رافضي أبو ترابي وأخذوه إلى سلطانهم وقالوا هذا ذكر أبا تراب بخير فضربوه ثم حبسوه ثم بعد ذلك قتلوه فلما سمع الإمام صلوات الله عليه ذلك مني نظر إلى السماء فقال : سبحانك اللهم سيدي ما أحلمك وأعظم شأنك في حلمك وأعلى سلطانك يا رب قد أمهلت عبادك في بلادك حتى ظنوا أنك أمهلتهم أبدا وهذا كله بعينك لا يغالب قضاؤك ولا يرد المحتوم من تدبيرك كيف شئت وأنى شئت وأنت أعلم به منا ، قال ثم دعا صلوات الله عليه وآله ابنه محمدا (عليه السلام) فقال : يا بني ، قال : لبيك يا سيدي ، قال : إذا كان غدا فاغد إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وأله وسلم) وخذ معك الخيط الذي أنزل مع جبرئيل على جدنا (صلى الله عليه وأله وسلم) فحركه تحريكا لينا ولا تحركه شديدا الله الله فيهلك الناس كلهم قال جابر فبقيت متفكرا متعجبا من قوله (عليه السلام) فما أدري ما أقول لمولاي (عليه السلام) فغدوت إلى محمد(عليه السلام) وقد بقي علي ليل حرصا أن أنظر إلى الخيط وتحريكه فبينما أنا على دابتي إذ خرج الإمام (عليه السلام) فقمت وسلمت عليه فرد علي السلام وقال : ما غدا بك فلم تكن تأتينا في هذا الوقت ، فقلت: يا بن رسول الله سمعت أباك (صلى الله عليه وأله وسلم) يقول بالأمس خذ الخيط وسر إلى مسجد رسول الله (صلى الله عليه وأله وسلم) فحركه تحريكا لينا ولا تحركه تحريكا شديدا فتهلك الناس كلهم ، فقال : يا جابر لولا الوقت المعلوم والأجل المحتوم والقدر المقدور لخسفت والله بهذا الخلق المنكوس في طرفة عين لا بل في لحظة لا بل في لمحة ولكننا ﴿عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون﴾ قال: قلت له : يا سيدي ولم تفعل هذا بهم ؟ قال : ما حضرت أبي بالأمس والشيعة يشكون إليه ما يلقون من الناصبة الملاعين والقدرية المقصرين ؟ فقلت : بلى يا سيدي ، قال : فإني أرعبهم وكنت أحب أن يهلك طائفة منهم ويطهر الله منهم البلاد ويريح العباد ، قلت : يا سيدي فكيف ترعبهم وهم أكثر من أن يحصوا ؟ قال : امض بنا إلى المسجد لأريك قدرة الله تعالى ، قال جابر : فمضيت معه إلى المسجد فصلى ركعتين ثم وضع خده في التراب وتكلم بكلمات ثم رفع رأسه وأخرج من كمه خيطا دقيقا يفوح منه رائحة المسك وكان أدق في المنظر من خيط المخيط ، ثم قال : خذ إليك طرف الخيط وامش رويدا وإياك ثم إياك أن تحركه ، قال : فأخذت طرف الخيط ومشيت رويدا ، فقال صلوات الله عليه : قف يا جابر ؛ فوقفت فحرك الخيط تحريكا لينا فما ظننت أنه حركه من لينه ، ثم قال : ناولني طرف الخيط قال : فناولته ، فقلت : ما فعلت به يا ابن رسول الله ؟ قال : ويحك أخرج إلى الناس وانظر ما حالهم قال : فخرجت من المسجد فإذا صياح وولولة من كل ناحية وزاوية وإذا زلزلة وهدة ورجفة وإذا الهدة أخربت عامة دور المدينة وهلك تحتها أكثر من ثلاثين ألف رجل وامرأة ؛ وإذا بخلق يخرجون من السكك لهم بكاء وعويل وضوضاء ورنة شديدة وهم يقولون: إنا لله وإنا إليه راجعون قد قامت الساعة ووقعت الواقعة وهلك الناس ، وآخرون يقولون : الزلزلة والهدة ، وآخرون يقولون : الرجفة والقيامة هلك فيها عامة الناس ، وإذا أناس قد أقبلوا يبكون يريدون المسجد وبعضهم يقولون لبعض : كيف لا يخسف بنا وقد تركنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وظهر الفسق والفجور وكثر الزنا والربا وشرب الخمر واللواطة ؟ والله لينزلن بنا ما هو أشد من ذلك وأعظم أو نصلح أنفسنا، قال جابر : فبقيت متحيرا أنظر إلى الناس يبكون ويصيحون ويولولون ويغدون زمرا إلى المسجد فرحمتهم حتى والله بكيت لبكائهم ، وإذا لا يدرون من أين أتوا وأخذوا ، فانصرفت إلى الإمام الباقر(عليه السلام) وقد اجتمع الناس له وهم يقولون: يا بن رسول الله ما ترى ما نزل بنا بحرم رسول الله (صلى الله عليه وأله وسلم) وقد هلك الناس وماتوا فادع الله عز وجل لنا ، فقال لهم : افزعوا إلى الصلاة والصدقة والدعاء ، ثم سألني فقال : يا جابر ما حال الناس ؟، فقلت : يا سيدي لا تسأل ، يا بن رسول الله خربت الدور والقصور ، وهلك الناس ورأيتهم بغير رحمة فرحمتهم ، فقال : لا رحمهم الله أبدا ، أما إنه قد بقي عليك بقية لولا ذلك ما رحمت أعداءنا وأعداء أوليائنا ، ثم قال (عليه السلام) : سحقا سحقا ، بعدا بعدا للقوم الظالمين ، والله لو حركت الخيط أدنى تحريكة لهلكوا أجمعين وجعل أعلاها أسفلها ولم يبق دار ولا قصر ولكن أمرني سيدي ومولاي أن لا أحركه شديدا ، ثم صعد المنارة والناس لا يرونه فنادى بأعلى صوته : ألا أيها الضالون المكذبون ؛ فظن الناس أنه صوت من السماء فخروا لوجوههم وطارت أفئدتهم وهم يقولون في سجودهم : الأمان الأمان ؛ فإذا هم يسمعون الصيحة بالحق ولا يرون الشخص ، ثم أشار بيده صلوات الله عليه وأنا أراه والناس لا يرونه فزلزلت المدينة أيضا زلزلة خفيفة ليست كالأولى وتهدمت فيها دور كثيرة ، ثم تلا هذه الآية ﴿ذلك جزيناهم ببغيهم﴾ ، ثم تلا بعد ما نزل ﴿ فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من طين مسومة عند ربك للمسرفين﴾ ، وتلا (عليه السلام) ﴿ فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون﴾ ، قال : وخرجت المخدرات في الزلزلة الثانية من خدورهن مكشفات الرؤوس ، وإذا الأطفال يبكون ويصرخون فلا يلتفت أحد ، فلما بصر الباقر (عليه السلام) ضرب بيده إلى الخيط فجمعه في كفه فسكنت الزلزلة ، ثم أخذ بيدي والناس لا يرونه وخرجنا من المسجد فإذا قوم قد اجتمعوا إلى باب حانوت الحداد وهم خلق كثير يقولون : ما سمعتم في مثل هذا المدرة من الهمة ، فقال بعضهم: بلى لهمهمة كثيرة ، وقال : آخرون بل والله صوت وكلام وصياح كثير ولكنا والله لم نقف على الكلام، قال جابر فنظر الباقر (عليه السلام) إلى قصتهم ثم قال : يا جابر دأبنا ودأبهم إذا بطروا وأشروا وتمردوا وبغوا أرعبناهم وخوفناهم فإذا ارتدعوا وإلا أذن الله في خسفهم ، قال جابر : قلت : يا بن رسول الله ، فما هذا الخيط الذي فيه الأعجوبة ؟ قال: هذه ﴿ بقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة﴾ إلينا ، يا جابر إن لنا عند الله منزلة ومكانا رفيعا ولولا نحن لم يخلق الله أرضا ولا سماء ، ولا جنة ولا نارا ، ولا شمسا ولا قمرا، ولا برا ولا بحرا ، ولا سهلا ولا جبلا ، ولا رطبا ولا يابسا ، ولا حلوا ولا مرا ، ولا ماء ولا نباتا ولا شجرا ، اخترعنا الله من نور ذاته ولا يقاس بنا بشر، بنا أنقذكم الله عز وجل ، وبنا هداكم الله ونحن والله دللناكم على ربكم ، فقفوا على أمرنا ونهينا ولا تردوا كل ما ورد عليكم منا فإنا أكبر وأجل وأعظم وأرفع من جميع ما يرد عليكم ما فهمتموه فاحمدوا الله عليه وما جهلتموه فكلوا أمره إلينا وقولوا أئمتنا أعلم بما قالوا ، قال ثم استقبله أمير المدينة راكبا وحواليه حراسه وهم ينادون في الناس : معاشر الناس احضروا ابن رسول الله (صلى الله عليه وأله وسلم) علي بن الحسين (عليه السلام) وتقربوا إلى الله عز وجل به لعل الله يصرف عنكم العذاب ، فلما بصروا بمحمد بن علي الباقر(عليه السلام) تبادروا نحوه وقالوا : يا بن رسول الله أما ترى ما نزل بأمة جدك محمد (صلى الله عليه وأله وسلم) هلكوا وفنوا عن آخرهم ، أين أبوك حتى نسأله أن يخرج إلى المسجد ونتقرب به إلى الله ليرفع الله به عن أمة جدك هذا البلاء ، قال لهم محمد بن علي (عليه السلام) : يفعل الله تعالى إن شاء الله ، أصلحوا أنفسكم وعليكم بالتوبة والتضرع والورع والنهي عما أنتم عليه ، فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ، قال جابر : فأتينا علي بن الحسين (عليه السلام) وهو يصلي فانتظرناه حتى فرغ من صلاته وأقبل علينا فقال : يا محمد ما خبر الناس ؟ فقال : ذلك لقد رأى من قدرة الله عز وجل ما لا زال متعجبا منها ، قال جابر : إن سلطانهم سألنا أن نسألك أن تحضر إلى المسجد حتى يجتمع الناس يدعون ويتضرعون إلى الله عز وجل ويسألونه الإقالة ، قال : فتبسم (عليه السلام) ثم تلا ﴿ أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون﴾ فقلت : سيدي العجب أنهم لا يدرون من أين أتوا ، قال: أجل ثم تلا ﴿فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا وما كانوا بآياتنا يجحدون﴾ وهي والله آياتنا وهذه أحدها وهي والله ولايتنا ، يا جابر ؛ ما تقول في قوم أماتوا سنتنا وتوالوا أعداءنا وانتهكوا حرمتنا فظلمونا وغصبونا وأحيوا سنن الظالمين وساروا بسيرة الفاسقين ؟ قال جابر : الحمد لله الذي من علي بمعرفتكم وألهمني فضلكم ووفقني لطاعتكم موالاة مواليكم ومعاداة أعدائكم ، قال صلوات الله عليه : يا جابر أوتدري ما المعرفة ؟ المعرفة إثبات التوحيد أولا ؛ ثم معرفة المعاني ثانيا ؛ ثم معرفة الأبواب ثالثا ؛ ثم معرفة الأمام رابعا ؛ ثم معرفة الأركان خامسا ؛ ثم معرفة النقباء سادسا ؛ ثم معرفة النجباء سابعا ؛ وهو قوله تعالى ﴿ لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا﴾ وتلا أيضا ﴿ ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم﴾ ، يا جابر ؛ إثبات التوحيد ومعرفة المعاني ، أما إثبات التوحيد معرفة الله القديم الغائب الذي ﴿لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير﴾ وهو غيب باطن ستدركه كما وصف به نفسه ، وأما المعاني فنحن معانيه ومظاهره فيكم اخترعنا من نور ذاته وفوض إلينا أمور عباده فنحن نفعل بإذنه ما نشاء ونحن إذا شئنا شاء الله وإذا أردنا أراد الله ، ونحن أحلنا الله عز وجل هذا المحل واصطفانا من بين عباده وجعلنا حجته في بلاده ، فمن أنكر شيئا ورده فقد رد على الله جل اسمه وكفر بآياته وأنبيائه ورسله ، يا جابر ؛ من عرف الله تعالى بهذه الصفة فقد أثبت التوحيد ، لأن هذه الصفة موافقة لما في الكتاب المنزل وذلك قوله تعالى ﴿لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار ليس كمثله شيء وهو السميع العليم﴾ وقوله تعالى ﴿لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون﴾، قال جابر : يا سيدي ما أقل أصحابي قال (عليه السلام) : هيهات هيهات ، أتدري كم على وجه الأرض من أصحابك ؟ قلت : يا بن رسول الله كنت أظن في كل بلدة ما بين المائة إلى المائتين وفي كل ما بين الألف إلى الألفين بل كنت أظن أكثر من مائة ألف في أطراف الأرض ونواحيها ، قال (عليه السلام) : يا جابر خالف ظنك وقصر رأيك ، أولئك المقصرون وليسوا لك بأصحاب ، قلت : يا بن رسول الله ومن المقصرون ؟ قال : الذين قصروا في معرفة الأئمة وعن معرفة ما فرض الله عليهم من أمره وروحه ، قلت : يا سيدي وما معرفة روحه ؟ قال (عليه السلام) : أن يعرف كل من خصه الله تعالى بالروح فقد فوض إليه أمره يخلق بإذنه ويحيي بإذنه ويعلم ما في الضمائر ويعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة ، وذلك أن هذا الروح من أمر الله تعالى فمن خصه الله تعالى بهذا الروح فهو كامل غير ناقص يفعل ما يشاء بإذن الله يسير من المشرق إلى المغرب بإذن الله في لحظة واحدة يعرج به إلى السماء وينزل به إلى الأرض ويفعل ما شاء وأراد ، قلت : يا سيدي أوجدني بيان هذا الروح من كتاب الله تعالى وإنه من أمر خصه الله تعالى بمحمد (صلى الله عليه وأله وسلم) ، قال : نعم اقرأ هذه الآية ﴿وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا﴾، قوله تعالى ﴿أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه﴾ ، قلت: فرج الله عنك كما فرجت عني ووفقتني على معرفة الروح والأمر ثم قلت : يا سيدي صلى الله عليك فأكثر الشيعة مقصرون وأنا ما أعرف من أصحابي على هذه الصفة واحدا ، قال : يا جابر فإن لم تعرف منهم أحدا فأنا أعرف منهم نفرا قلائل ، يأتون ويسلمون ويتعلمون منا سرنا ومكنوننا وباطن علومنا ، قلت : إن فلان بن فلان وأصحابه من أهل هذه الصفة إن شاء الله تعالى ، وذلك أني سمعت منهم سرا من أسراركم وباطنا من علومكم ولا أظن إلا وقد كملوا وبلغوا ، قال : يا جابر ادعهم غدا وأحضرهم معك ، قال فأحضرتهم من الغد فسلموا على الإمام (عليه السلام) وبجلوه ووقروه ووقفوا بين يديه ، فقال (عليه السلام) : يا جابر أما إنهم إخوانك وقد بقيت عليهم بقية ، أتقرون أيها النفر أن الله تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ولا معقب لحكمه ولا راد لقضائه ولا يسئل عما يفعل وهم يسئلون ؟ قالوا: نعم، ﴿إن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد﴾، قلت : الحمد لله قد استبصروا وعرفوا وبلغوا ، قال : يا جابر لا تعجل بما لا تعلم ، فبقيت متحيرا فقال (عليه السلام) : سلهم هل يقدر علي بن الحسين أن يصير بصورة ابنه محمد ؟ قال جابر : فسألتهم فأمسكوا وسكتوا ، قال (عليه السلام): يا جابر سلهم هل يقدر محمد أن يصير بصورتي ؟، قال جابر : فسألتهم فأمسكوا وسكتوا ، قال: فنظر إلي وقال : يا جابر هذا ما أخبرتك أنهم قد بقي عليهم بقية ، فقلت لهم: ما لكم لا تجيبون إمامكم ، فسكتوا وشكوا ، فنظر إليهم وقال : يا جابر هذا ما أخبرتك به أنهم قد بقيت عليهم بقية ، وقال الباقر (عليه السلام) : ما لكم لا تنطقون ؟ فنظر بعضهم إلى بعض يتساءلون ، قالوا : يا بن رسول الله لا علم لنا فعلمنا ، قال فنظر الإمام سيد العابدين علي بن الحسين (عليه السلام) إلى ابنه محمد الباقر (عليه السلام) وقال لهم : من هذا؟ قالوا : ابنك ، فقال : لهم من أنا ؟ قالوا : أبوه علي بن الحسين ، قال : فتكلم بكلام لم نفهم ، فإذا محمد بصورة أبيه علي بن الحسين وإذا علي بصورة ابنه محمد ، قالوا : لا إله إلا الله ، فقال الإمام (عليه السلام) : لا تعجبوا من قدرة الله أنا محمد ومحمد أنا ، وقال محمد : يا قوم لا تعجبوا من أمر الله أنا علي وعلي أنا وكلنا واحد من نور واحد وروحنا من أمر الله أولنا محمد وأوسطنا محمد وآخرنا محمد وكلنا محمد ، قال : فلما سمعوا ذلك خروا لوجوههم سجدا وهم يقولون: آمنا بولايتكم وبسركم وبعلانيتكم وأقررنا بخصائصكم ، فقال الإمام زين العابدين (عليه السلام) : يا قوم ارفعوا رءوسكم فأنتم الآن العارفون الفائزون المستبصرون وأنتم الكاملون البالغون الله الله لا تطلعوا أحدا من المقصرين المستضعفين على ما رأيتم مني ومن محمد فيشنعوا عليكم ويكذبوكم ، قالوا : سمعنا وأطعنا قال (عليه السلام) : فانصرفوا راشدين كاملين فانصرفوا ، قال جابر : قلت : سيدي وكل من لا يعرف هذا الأمر على الوجه الذي وصفته وبينته إلا أن عنده محبة ويقول بفضلكم ويتبرأ من أعدائكم ما يكون حاله، قال (عليه السلام) : يكون في خير إلى أن يبلغوا ، قال جابر : قلت : يا بن رسول الله هل بعد ذلك شيء يقصرهم قال (عليه السلام): نعم إذا قصروا في حقوق إخوانهم ولم يشاركوهم في أموالهم وفي سر أمورهم وعلانيتهم واستبدوا بحطام الدنيا دونهم فهنالك يتسلب المعروف ويتسلخ من دونهم سلخا ، ويصيبه من آفات هذه الدنيا وبلائها ما لا يطيقه ولا يحتمله من الأوجاع في نفسه وذهاب ماله وتشتت شمله لما قصر في بر إخوانه ، قال جابر : فاغتممت والله غما شديدا ، وقلت : يا بن رسول الله ما حق المؤمن على أخيه المؤمن ، قال (عليه السلام) : يفرح لفرحه إذا فرح ويحزن لحزنه إذا حزن وينفذ أموره كلها فيحصلها ولا يغتم لشيء من حطام الدنيا الفانية إلا واساه حتى يجريان في الخير والشر كله في قرن واحد ، قلت : يا سيدي فكيف أوجب الله كل هذا للمؤمن على أخيه المؤمن ، قال (عليه السلام) : لأن المؤمن أخو المؤمن لأبيه وأمه على هذا الأمر لا يكون أخاه وهو أحق بما يملكه قال جابر سبحان الله ومن يقدر على ذلك ، قال (عليه السلام) : من يريد أن يقرع أبواب الجنان ويعانق الحور الحسان ويجتمع معنا في دار السلام ، قال جابر : فقلت : هلكت والله يا بن رسول الله لأني قصرت في حقوق إخواني ولم أعلم أنه يلزمني على التقصير كل هذا ولا عشرة وأنا أتوب إلى الله تعالى يا بن رسول الله مما كان مني من التقصير في رعاية حقوق إخواني المؤمنين)
دمتم برعااية بقية الله