اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم والعن عدوهم
السلام على شيعة علي عليه السلام ورحمة الله وبركاته
الحمدلله ان جعلنا من خدام شيعة علي عليه السلام
اللهم صل على فاطمة وابينها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها بعدد مااحاط به علمك
نعزيكم بذكرى وفاة ام البنين عليها السلام
تحقيق لطيف في تصرفهم في الوجود
أمير المؤمنين يطلع سلمان عن خبر الأسد وطاقة الورد
عن أحسن الكبائر للقشيري قال: (كان أمير المؤمنين ع قاعدا على سطح بيت يأكل الرطب، وهو إذ ذاك ابن سبع وعشرين وسلمان قاعد في صحن الدار يرقع خرقة له، فرماه علي ع بنواة من رطب، فقال سلمان: تمازحني يا علي، وأنا شيخ كبير، وأنت شاب حدث السن، فقال علي ع: يا سلمان حسبت نفسك كبيرا ورأيتني صغيرا، أنسيت دشت أرزن ومن خلصك هناك من الأسد، قال : ولما سمع سلمان ذلك فزع وقال: أخبرني كيف ذلك؟ فقال علي ع: إنك كنت واقفا في وسط الماء تفزع من الأسد، فعند ذلك رفعت يدك بالدعاء وسألت الله عز وجل أن ينجيك منه فاستجيبت دعوتك، وقد كنت أنا إذ ذاك أمر في تلك الصحراء، فأنا ذلك الفارس الذي كان درعه على كتفه والسيف بيده، فجردت السيف وضربت الأسد فقسمته نصفين وخلصتك منه. فقال سلمان: إن لذلك علامة أخرى، قال: فمد أمير المؤمنين ع يده وأخرج من كمه طاقة ورد طري، وقال: هذه هديتك التي أهديتها لذلك الفارس في ذلك المكان، قال: فلما رأى سلمان ذلك ازداد تحيرا، وإذا بهاتف يناديه: يا شيخ امض إلى رسول الله ص واقصص عليه قصتك، قال: فمضى سلمان إلى رسول الله ص، وجعل يقص عليه قصته، ويقول: يا رسول الله إني قرأت نعتك في الإنجيل، ورسخ حبك في قلبي، وتركت جميع الأديان غير دينك، وكنت أخفي ذلك من أبي، ولما وقف على ذلك مني أراد قتلي لكن منعه عن ذلك إشفاقه على أمي وكان يدبر الحيلة في قتلي، فكان يكلفني الأعمال الصعبة ويأمرني بها، ففررت منه لذلك إلى أن وقعت في بادية أرزنة، فنمت به ساعة وعرض لي احتلام، ولما انتبهت سرت إلى عين هناك ونزعت ثيابي ودخلت الماء لأغتسل من الجنابة، وإذا أنا بأسد قد طلع من ناحية وجاء حتى وقف على ثيابي، ولما رأيت ذلك فزعت منه وجعلت أدعو وأتضرع وأسأل النجاة من الأسد، وإذا أنا بفارس قد طلع فضرب الأسد بسيفه، فقده بنصفين، فخرجت أنا من الماء وانكببت على ركابه أقبله، وكان الفصل فصل الربيع والصحراء مشتملة على الورد والرياحين، فعمدت إلى طاقة ورد وأهديتها له، ولما أخذها مني غاب عني، فلم أر منه بعد ذلك عينا ولا أثرا، وقد جاءت على هذه الواقعة بضع وثلاثمائة سنة ولم أقصصه عند أحد، وقد أخبرني الآن بذلك ابن عمك علي بن أبي طالب ع، فقال رسول الله ص: يا سلمان إنه ليس بعجب من أخي، فإني قد رأيت منه أعجب من ذلك، يا سلمان لما أسري بي إلى السماء وبلغت سدرة المنتهى تخلف عني جبرئيل، فعرجت إلى عرش ربي، فبينا يناجيني الله تعالى وأنا أناجيه وإذا أنا بأسد واقف قدامي، فنظرت وإذا هو علي بن أبي طالب، ولما رجعت إلى الأرض دخل علي وسلم علي وهنأني بمواهب ربي وعناياته لي، ثم جعل يخبرني بجميع ما جرى بيني وبين ربي من الكلام، اعلم يا سلمان أنه ما ابتلي أحد من الأنبياء والأولياء منذ عهد آدم إلى الآن ببلاء؛ إلا كان علي ع هو الذي نجاه من ذلك).
يقول محمد تقي الشريف مصنف كتاب صحيفة الابرار: إن الضعفاء يستوحشون من أمثال هذا الحديث وما قبله، ولا يكادون يذعنون بها لقصور أفهامهم عن معرفة أسرار أولياء الله مع أنهم مذعنون بحكم تواتر الأخبار من الفريقين بسبق خلق أنوارهم على سائر الخلق بدهور كثيرة، وأنهم هم الذين علموا الملائكة التسبيح والتهليل عند ابتداء خلقهم، فليت شعري ما المانع لمن خلق قبل الخلق أن يظهر فيما شاء من الزمان لمن شاء سوى توهم أنه إذ ذاك نطفة في أصلاب الآباء وأرحام الأمهات، فكيف يظهر مع ذلك رجلا سويا وهو من أقبح التوهمات عند أصحاب الألباب؛ إذ أدنى ما يقال في الجواب عن ذلك إن الله الذي جعله نطفة في الأصلاب والأرحام بعد أن كان نورا تام الخلقة في عالم الأنوار يسبح الله ويقدسه بألسنة قدسية، أليس بقادر على أن يمثله بشرا سويا حيث يشاء، فما لكم كيف تحكمون . على أنا قد قدمنا الإشارة إلى أن أنوارهم الطاهرة لا تقاس بسائر الناس، فإنها فوق الحدود البشرية تلبسوا بها ليكمل الخلق فلا يمنعهم طور عن طور، وحد عن حد، ومكان عن مكان؛ لكونهم مهيمنين على تلك الحدود فيظهرون بأي حد شاؤوا وفي أي حد شاؤوا، في أي مكان شاؤوا ولا يشغلهم شأن عن شأن . فهم حال كونهم نطفا في الأصلاب والأرحام إن شاؤوا ظهروا في ألف مكان من غير أن تخلوا منهم تلك الأصلاب الطاهرة والأرحام المطهرة، لأن تلك الحدود كلها خلقت من فاضل أنوارهم، فلا يجري عليهم ما هم أجروه فلا يكونون مأمورين في أسر قيد واحد بحيث لا يقدرون على فكه؛ لأن جميع القيود ملكهم وبيدهم لأنهم يد الله الذي بيده ملكوت كل شيء، والمالك يتصرف في ملكه كيف يشاء، وبالجملة وجودهم (عليهم السلام) بالنسبة إلى تلك الحدود وجود هيولائي غير مقيد بصورة مخصوصة لا يتعداها إلى غيرها كما هو حال سائر الخلق الواقعين تحت أسر تلك الحدود؛ ولذا كان أمير المؤمنين ع يحضر بعد موته عند جنازته مع كون السرير غير خال عنه أيضا، وما كان ذلك بجسد مثالي على المعنى الذي زعمته طائفة من أهل الظاهر، فافهم وتبصر، ولا تقدر عظمة الله بقدر عقلك فتكون من الهالكين، واعلم أن الكشف عن حقيقة تلك الأسرار بحيث تكون مشرعة لأكثر الخائضين يستدعي تقديم مقدمات وتمهيد كلمات لا يسعها أمثال هذا الكتاب الموضوع لجمع الأخبار، وإنما نشير إلى بعض البيان في بعض المقامات فتحا لباب التفكر لأرباب الاستعداد، وأما الجهال فلا يزيدون بسماع أمثال هذه الكلمات إلا وحشة ونفورا كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة، وكأني بهم بعدما سمعوا هذه الكلمات قد شهروا سيف العناد وسلقوني بألسنة حداد، وظلوا يرمون صاحبها بالارتفاع في حق آل الرسول، وأنا أتمثل في ذلك وأقول :
علي تحت القوافي من مواضعها
وما علي إذا لم يفهم البقر
دمتم برعاية بقية الله\ نسالكم الدعاء
م\كتاب صحيفة الابرار