بسم الله الرحمن الرحيم
نستقبل أيام شهادة الصديقة الكبرى والإنسية الحوراء فاطمة الزهراء صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها .هذه المظلومة المجهولة القدر عند غير المسلمين وعند المسلمين ، عند السنة وعند الشيعة ، عند العوام وحتى عند الخواص !
يجب علينا أن نحيي ذكرها العاطر في كل سنة ، معترفين بالتقصير والقصور عن أداء حقها.
سؤالنا: لقد اعترفتم بأن هذه الأيدي ترتفع فتدعوا فيستجيب الله ، فهل يمكن أن ترتفع إلا عن عقل معصوم وقلب معصوم؟!
هل فهمتم أن الكلم الطيب الذي يصعد حتماً الى الله تعالى ولا يرد ، لا يمكن أن يكون إلا من معصوم: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) (سورة فاطر: 10 ) وأنه لايمكن أن يصعد من قلب أبي بكر وعمر ، ولا من قلب سلمان وأبي ذر ، فيصل حتماً الى درجة: وَإِنْ مِنْ شئ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ. (سورة الحجر: 21) ، بل لابد أن يصعد من قلب علي، أو قلب فاطمة، أو الحسن، أو الحسين عليهم السلام ؟!!
وسؤالنا: مادام الأمر كذلك، فما حكم الذي استحل قتل هؤلاء وشرع في إحراق البيت عليهم ، من أجل تثبيت خلافة اعترف أنها (فلتة) ؟!!
لقد كتبوا جميعاً من الزبير بن بكار وابن قتيبة ، الى محمد فريد وجدي في دائرة معارفه ، أن عمر جاء الى باب بيت علي عليه السلام فقال: ياعلي أخرج فبايع ، وإلا أحرقت عليكم هذا البيت بمن فيه! فبالله عليكم من الذين كانوا في البيت؟!! أليس من حق الإنسان أن يبكي دماً هنا ؟!
أيها الفخر الرازي ، أيها القاضي البيضاوي ، أيها الزمخشري ، يا جلال الدين السيوطي.. أنتم رجال فَهْم ، فلماذا نراكم هنا لم تفهموا القضية؟! لماذا لم تفهموا حكم هذا الشخص الذي جاء الى هذا البيت وقال يا علي أخرج وبايع وإلا حرقت عليكم الدار بأهلها ؟!
قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ ! قيل لعمر: إن في البيت فاطمة! وفي ذلك معنى كبير، يعني داخل هذا البيت تلك التي قال فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم (من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله) ! وكتبوا كلهم أن عمر قال: وإن.. وإن !!
بالله عليكم أي بيعة هذه التي دفع ثمنها كل شئ ، وهاجم من أجلها بيت آل النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكان مستعداً لإحراقه على من فيه؟! إنها تلك البيعة التي قال عنها هو نفسه: (كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها) !
قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ علىكل العالم ، نفس الشخص الذي جاء ليحرق بيتاً فيه فاطمة وعلي والحسن والحسين عليهم السلام ، نفسه قال كما في البخاري بيعة أبي بكر كانت فلتةً - أي غلطاً وخطيئةً - وقى الله الأمة شرها !!
أيها الرجل، إذا كانت حقيقة بيعتكما هذه باعترافك، فلماذا دفعت من أجل تثبيتها هذا الثمن الباهض من الإسلام ومستقبل الأمة، ومن دينك أنت ؟!!
أيها العلماء السنيون.. هذا الرجل قائل تلك الكلمة إن كان عاقلاً فإن إقرار العقلاء على أنفسهم جائز ! وقد أقر أنه من أجل الفلتة والغلطة جاء ليحرق فاطمة الزهراء وبعلها وبنيها عليهم السلام ! ترى ، هل يوجد مظلوم في العالم أكثر من هذه الحرة ؟! وهل توجد مصيبة أعظم من هذ ه المصيبة ؟!!
إن قدر فاطمة مجهول عند أهل الأرض، وظلامتها أيضاً ، وسوف لا يعرف مقامها حتى يكون يوم المحشر ، فيظهر الله ظلامتها ومقامها العظيم !
والله إن قدر فاطمة الزهراء مجهول في كل العالم ، وإذا كان قدرها مجهولاً في مراكز السنيين وبلادهم فليس فيه حسرة ، لكن في دولة فاطمة ، هنا دولة الزهراء ، هنا بلد فاطمة ، وهنا يعلنون عطلةً رسمية طويلة من أجل ذكرى جم، من أجل نوروز العجم، لكن من أجل شهادة فاطمة الزهراء عليها السلام لايوجد تعطيل رسمي ليوم واحد ! المجهولة قدراً ، المجهولة قدراً !
أما متى يعلم مقام فاطمة ويعرف قدرها؟ في ذلك اليوم الذي تبعث من تربتها فيبعث الله تعالى لاستقبالها سبعين ألف ملك بلواء التكبير ، وسبعين ألف ملك بلواء التسبيح ، يرافقونها حتى تستقر في مقرها !
هذا النوع من التكريم والتقدير الالهي لم يصدر أمر من الله تعالى بمثله لإبراهيم خليل الله وأب الأنبياء عليهم السلام ولا لموسى بن عمران كليم الله عليه السلام ولا لعيسى بن مريم روح الله عليه السلام ، مع أن خزائن الله لا تتناهى.
إنه يفتح لفاطمة اعتباراً غير محدود! يأتيها جبرئيل فيقول لها: سلي حاجتك تعطين ، ولا حد لهذه الحاجة ، مهما شئت فاطلبي! فماذا تطلب فاطمة من الله تعالى ؟
أرجو الدقة في هذا الموضوع أيها العلماء ، أنتم أهل دقة ففكروا في رقيّ هذه المسألة، إن الطلب من الله تعالى في ذلك اليوم هو الجزاء ، والجزاء غير العمل، ولكن فاطمة عندما يقال لها أطلبي حاجتك من الله تعالى، تقول: اللهم أرني الحسن والحسين! إنها تريد أن ترى العمل قبل الجزاء !
يعني إلهي أرني الذي عملته كما هو ، ليكون الجزاء متناسباً معه! فيأتونها بالحسن والحسين وأوداج الحسين تشخب دماً !!
اللهم بفاطمة وأبيها، وبعلها، وبنيها، والسر المستودع فيها صل وسلم عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها عدد ما في علمك صلاةً دائمة بدوام ملكك وفضلك.
والعن أعداءها وغاصبي حقوقها ، عدد ما في علمك لعناً دائماً أبدياً ، بدوام قهاريتك وعدلك . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.( كتاب الحق المبين في معرفة المعصومين للشيخ علي الكوراني)