وقد اهتم معاوية بهذه الأحديث وطبقها على أهل الشام ، وأضاف لها الرواة صفاتٍ لهؤلاء الغرباء أهل الحق لتنطبق على أهل الشام ! ثم وضعوا أحاديث تصرح بأن هذه الطائفة هم أهل الشام وإمامهم معاوية !
وفي عصرنا ، حاول الإخوان المسلمون أن يطبقوا أحاديث الغرباء على حركتهم ، لأنهم أمة وطائفة من الأمة ثابتة على الحق تدعو الى الإسلام .
كما حاول الفلسطينيون تطبيقها عليهم ، لأن بعضها ذكر أن الفئة الظاهرة تكون في بيت المقدس وأكنافه ، وبعضها ذكر أنهم يقاتلون على الحق ، فهي تنطبق على المقاومين لإسرائيل .
كما حاول الوهابيون أن يطبقوها عليهم لأنها تصف الثابتين من الأمة بأنهم طائفة أو عصابة أي فئة قليلة وهم فئة قليلة فتنطبق عليهم ، وفي السنوات الأخيرة ركزوا على تعبئة جماعتهم الطالبان بهذه الأحاديث ، وكتبوا مقالات وكتباً في أنهم هم الطائفة المنصورة التي وصفها النبي صلى الله عليه وآله !
أما مصادرنا ، فروت أن النبي صلى الله عليه وآله لم يترك حديثه مهملاً ، بل سمى هؤلاء القلة الغرباء المضطهدين الثابتين على الحق ، الظاهرين بالحجة ، وأنهم الأئمة من عترته عليهم السلام وشيعتهم ، فهم الذين أوصى بهم أمته فقال: (وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض فانظروني بم تخلفوني فيهما). (مسند أحمد:3/17).وهم الذين بَشَّر بإمامتهم الربانية ، وأخبر بأن الأمة سوف تضطهدهم وتكذبهم وتقتلهم ، وأنهم لايضرهم تكذيب من كذبهم وعداء من عاداهم حتى يظهر خاتمهم المهدي الموعود عليه السلام فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
ففي الطبراني الكبير:2/213، عن جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: يكون لهذه الأمة اثنا عشر قيِّماً لايضرهم من خذلهم ). وفي:2/265: (عن جابر بن سمرة: قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يخطب على المنبر ويقول: اثنا عشر قيماًَ من قريش لايضرهم عداوة من عاداهم). وقال عنه في مجمع الزوائد:5/191: رواه البزار عن جابر بن سمرة وحده ، وزاد فيه: ثم رجع يعني النبي صلى الله عليه وآله إلى بيته فأتيته فقلت: ثم يكون ماذا؟ قال: ثم يكون الهرج . ورجاله ثقات). انتهى.
لذلك نعتقد أن رواة أتباع الخلافة القرشية حذفوا صفات هؤلاء الثابيتين الغرباء ، وجردوها من القرائن التي تدل عليهم .(المعجم الموضوعي لاحاديث الامام المهدي عليه السلام للشيخ علي الكوراني)