منها: أن الدجال عندنا يهودي يقوم بحركة عالمية مضادة للإمام المهدي عليه السلام بعد ظهوره وإقامة دولته العالمية ونزول عيسى عليه السلام ، وأتباعه اليهود والنواصب والشاذون والمومسات . ويظهر أنه يستفيد من تطور العلوم والرخاء الذي يحققه الإمام المهدي عليه السلام فيستعمل الدجل والشعبذة ويدعي الربوبية .
ومنها: خلو أحاديثنا من عناصر الأسطورة والمبالغة التي وردت في غيرها .
ومنها: أن كعب الأحبار جعل خروج الدجال بعد فتح القسطنطينية مباشرة ، وجعل قيام الساعة بعده بسبع سنوات ، فقبلوا أفكاره كلهم ، بينما رفضتها مصادرنا وقالت إن دولة العدل الإلهي تستمر طويلاً .
ومع قبولهم أفكار كعب ، تحير علماؤهم بين الدجال الذي قال به تميم الداري ، والدجال الذي قال به عمر بن الخطاب ، كما يأتي !
أما نحن فروينا أن الدجال آخر الأئمة المضلين ، وسيكون مقابل خاتم الأئمة الهادين عليهم السلام ففي الكافي:8/296 ، عن الإمام الباقر عليه السلام من حديث في فضل علي عليه السلام جاء فيه: وأنه ليس من أحد يدعو إلى أن يخرج الدجال إلا سيجد من يبايعه ومن رفع راية ضلالة فصاحبها طاغوت) . (وعنه البحار:28/254).
وأنه قائد آخر فئة مضلة ، ففي البصائر/317، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: سلوني قبل أن تفقدوني فوالله لاتسألوني عن فئة تهدى مائة إلا أخبرتكم بسائقها وناعقها ، حتى يخرج الدجال) .
وأن أتباعه أعداء أهل البيت عليهم السلام : (عن حذيفة بن أسيد قال: سمعت أبا ذر يقول وهو متعلق بحلقة باب الكعبة: أنا جندب بن جنادة لمن عرفني ، وأنا أبو ذر لمن لم يعرفني: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من قاتلني في الأولى وفي الثانية ، فهو في الثالثة من شيعة الدجال ! إنما مثل أهل بيتي في هذه الأمة مثل سفينة نوح في لجة البحر من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ألا هل بلغت؟ (رجال الكشي/29).
وفي أمالي الطوسي:1/59 ، عن رافع مولى أبي ذر قال: رأيت أبا ذر رحمه الله آخذاً بحلقة باب الكعبة مستقبل الناس بوجهه وهو يقول: من عرفني فأنا جندب الغفاري ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من قاتلني في الأولى وقاتل أهل بيتي في الثانية حشره الله تعالى في الثالثة مع الدجال ، إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق ، ومثل باب حطة من دخله نجا ومن لم يدخله هلك). ونحوه:2/74 ، والإيقاظ/245 ، والبحار:22/408 ، و:23/119، عن الأمالي ، والدرجات الرفيعة/239 ، وتنقيح المقال:1/235 ، ومعجم رجال الحديث:4/167، عن الكشي .
وفي عيون أخبار الرضا عليه السلام :2/47 ، عن أمير المؤمنين قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله : مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح ، من ركب فيها نجا ، ومن تخلف عنها غرق ، ومن قاتلنا في آخر الزمان فكأنما قاتل مع الدجال) . والعمدة/360 ، وكشف اليقين/116، كلاهما عن مناقب الخوارزمي . وغاية المرام/237 ، عن ابن المغازلي ، والبحار:27/205 ، عن عيون أخبار الرضا . وفي:52/335 ، عن صحيفة الإمام الرضا عليه السلام .
ورواه من مصادر السنيين: مسند الشهاب:2/273 ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي ذر ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ، وذكره . والطبراني الصغير:1/139 ، وفيه: مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح في قوم نوح من ركبها نجا ، ومثل باب حطة في بني إسرائيل . والحاكم:3/150، وفيه: عن حنش الكناني قال: سمعت أبا ذر رضي الله عنه يقول وهو آخذ بباب الكعبة: من عرفني فأنا من عرفني ومن أنكرني فأنا أبو ذر سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: كما في الطبراني . ومناقب ابن المغازلي/68 و/134، وأمالي الشجري:1/151 ، وميزان الإعتدال:1/482 ، ومقتل الخوارزمي:1/104، وكشف الهيثمي:3/222 ، كلها كما في مسند الشهاب . ومجمع الزوائد:9/168 .
فهذه الأحاديث تدل على أن الطرف الذي يقاتل الدجال هم أهل البيت عليهم السلام ، وهذا طبيعي لأن دولة العدل الإلهي على الأرض ستكون على يد خاتمهم صلوات الله عليهم ، والدجال هو آخر حركة ضلال تكون على الأرض .
وقد دلت الأحاديث على أن الدجال وأتباعه شديدو العداء لأهل البيت عليهم السلام ففي المحاسن/90 ، عن الإمام الصادق عليه السلام :قال رسول الله صلى الله عليه وآله :من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يهودياً . قيل: يا رسول الله وإن شهد الشهادتين ! قال: نعم إنما احتجب بهاتين الكلمتين عن سفك دمه ، أو يؤدي الجزية وهو صاغر ، ثم قال: من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يهودياً ! قيل: وكيف يا رسول الله؟ قال: إن أدرك الدجال آمن به). ومثله ثواب الأعمال/203و242 ، وعنه البحار:52/192، و:72/134 .
وفي مشارق أنوار اليقين/52 ، عن أبي سعيد الخدري: قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أيها الناس من أبغضنا أهل البيت بعثه الله يهودياً لا ينفعه إسلامه ، وإن أدرك الدجال آمن به ، وإن مات بعثه الله من قبره حتى يؤمن به ).
وقد روى البسوي في المعرفة والتاريخ/833 وهو من علماء السنة ، عن حذيفة قال: من كان يحب وخرج الدجال تبعه ، فإن مات قبل أن يخرج آمن به في قبره). ويبدو أنه نفس حديث أبي سعيد ، وقد وقع في نسخته تصحيف .
ومعنى إن أدرك الدجال آمن به: أن التحالف بين النواصب واليهود سيبلغ أوجه في زمن الإمام المهدي عليه السلام ، وتكون نهاية النواصب أن يرتدوا عن الإسلام ويتبعوا الدجال زعيم اليهود !
كما روينا تحريم المدينة على الدجال بنفس مضامين رواياتهم . قال الصدوق في الفقيه:2/564: (وروي أن الصادق عليه السلام ذكر الدجال فقال: لايبقى منها سهل إلا وطأه إلا مكة والمدينة ، فإن على كل نقب من أنقابها ملكاً يحفظهما من الطاعون والدجال). والتهذيب:6/12، عن ابن بكير ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، وعنه وسائل الشيعة:10/272 .
وروت مصادرنا رواية مرسلة قد يفهم منها أن الدجال يفتك بأهل البصرة ، ففي شرح النهج لابن ميثم البحراني:1/289 ، أن علياً عليه السلام ( لما فرغ من حرب أهل الجمل أمر منادياً ينادي في أهل البصرة أن الصلاة جامعة لثلاثة أيام من غد إن شاء الله ولا عذر لمن تخلف إلا من حجة أو علة ، فلا تجعلوا على أنفسكم سبيلاً ، فلما كان في اليوم الذي اجتمعوا فيه خرج فصلى في الناس الغداة في المسجد الجامع ، فلما قضى صلاته قام فأسند ظهره إلى حائط القبلة عن يمين المصلي ، فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، وصلى على النبي صلى الله عليه وآله واستغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ، ثم قال: يا أهل المؤتفكة ائتكفت بأهلها ثلاثاً وعلى الله تمام الرابعة ، يا جند المرأة وأعوان البهيمة رغا فأجبتم وعقر فهربتم ، أخلاقكم دقاق وماؤكم زعاق ، بلادكم أنتن بلاد الله تربة وأبعدها من السماء ، بها تسعة أعشار الشر المحتبس فيها بذنبه والخارج منها بعفو الله ، كأني أنظر إلى قريتكم هذه وقد طبقها الماء حتى ما يرى منها إلا شرف المسجد كأنه جؤجؤ طير في لجة بحر ! فقام إليه الأحنف بن قيس فقال: يا أمير المؤمنين ومتى يكون ذلك ؟ قال: يا أبا بحر إنك لن تدرك ذلك الزمان وإن بينك وبينه لقروناً ، ولكن ليبلغ الشاهد منكم الغائب عنكم لكي يبلغوا إخوانهم إذا هم رأوا البصرة قد تحولت أخصاصها دوراً وآجامها قصوراً ، فالهرب الهرب فإنه لا بصيرة لكم يومئذ .
ثم التفت عن يمينه فقال: كم بينكم وبين الأبلة ؟ فقال له المنذر بن الجارود: فداك أبي وأمي، أربعة فراسخ . قال له: صدقت فوالذي بعث محمداً وأكرمه بالنبوة وخصه بالرسالة وعجل بروحه إلى الجنة لقد سمعت منه كما تسمعون مني أن قال: يا علي هل علمت أن بين التي تسمى البصرة والتي تسمى الأبلة أربعة فراسخ ، وقد يكون في التي تسمى الأبلة موضع أصحاب العشور يقتل في ذلك الموضع من أمتي سبعون ألفاً شهيدهم يومئذ بمنزلة شهداء بدر !
فقال له المنذر: يا أمير المؤمنين ومن يقتلهم فداك أبي وأمي؟ قال: يقتلهم إخوان الجن وهم جيل كأنهم الشياطين ، سود ألوانهم منتنة أرواحهم شديد كلبهم قليل سلبهم ، طوبى لمن قتلهم وطوبى لمن قتلوه ينفر لجهادهم في ذلك الزمان قوم هم أذلة عند المتكبرين من أهل ذلك الزمان مجهولون في الأرض معروفون في السماء ، تبكي السماء عليهم وسكانها والأرض وسكانها ، ثم هملت عيناه بالبكاء ، ثم قال: ويحك يا بصرة من جيش لا رهَجَ له ولا حس ! قال له المنذر: يا أمير المؤمنين وما الذي يصيبهم من قبل الغرق مما ذكرت ، وما الويح وما الويل؟ فقال: هما بابان فالويح باب الرحمة والويل باب العذاب ، يا ابن الجارود نعم ، ثارات عظيمة منها عصبة يقتل بعضها بعضاً ، ومنها فتنة تكون بها خراب منازل وخراب ديار وانتهاك أموال ، وقتل رجال وسبي نساء يذبحن ذبحاً ، يا ويل أمرهن حديث عجب ، منها أن يستحل بها الدجال الأكبر الأعور الممسوح العين اليمنى والأخرى كأنها ممزوجة بالدم لكأنها في الحمرة علقة ، ناتئ الحدقة كهيئة حبة العنب الطافية على الماء ، فيتبعه من أهلها عدة من قتل بالأبلة من الشهداء ، أناجيلهم في صدورهم يقتل من يقتل ويهرب من يهرب ، ثم رجف ، ثم قذف ، ثم خسف ، ثم مسخ ، ثم الجوع الأغبر ، ثم الموت الأحمر وهو الغرق . يا منذر ، إن للبصرة ثلاثة أسماء سوى البصرة في الزبر الأول لايعلمها إلا العلماء منها الخريبة ، ومنها تدمر ، ومنها المؤتفكة . يا منذر والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لو أشاء لأخبرتكم بخراب العرصات عرصة عرصة ، ومتى تخرب ومتى تعمر بعد خرابها إلى يوم القيامة ، وإن عندي من ذلك علماً جماً ، وإن تسألوني تجدوني به عالماً لا أخطئ منه علماً .
قال: فقام إليه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني من أهل الجماعة ومن أهل الفرقة ومن أهل السنة ومن أهل البدعة؟ فقال: ويحك إذا سألتني فافهم عني ولا عليك أن لا تسأل أحداً بعدي: أما أهل الجماعة فأنا ومن اتبعني وإن قلوا وذلك الحق عن أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وآله ، وأما أهل الفرقة فالمخالفون لي ولمن اتبعني وإن كثروا ! وأما أهل السنة فالمتمسكون بما سنه الله ورسوله صلى الله عليه وآله لا العاملون برأيهم وأهوائهم وإن كثروا) . وعنه البحار:3/15و:32/253 .