بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وأهلك أعدائهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا تحصل السعادة الا باصلاح جميع الصفات و القوى دائما
لا تحصل السعادة الا باصلاح جميع الصفات و القوى دائما، فلا تحصل باصلاحها بعضا دون بعض، و وقتا دون وقت، كما ان الصحة الجسمية، و تدبير المنزل، و سياسة المدن لا تحصل الا باصلاح جميع الاعضاء و الاشخاص و الطوائف في جميع الاوقات، فالسعيد المطلق من اصلح جميع صفاته و افعاله على وجه الثبوت و الدوام بحيث لا يغيره تغير الاحوال و الازمان، فلا يزول صبره بحدوث المصائب و الفتن، و لا شكره بورود النوائب و المحن، و لا يقينه بكثرة الشبهات، و لا رضاه باعظم النكبات، و لا احسانه بالاساءة، و لا صداقته بالعداوة. و بالجملة لا يحصل التفاوت في حاله، و لو ورد عليه ما ورد على ايوب النبي عليه السلام او على برناس الحكيم، لشهامة ذاته، و رسوخ اخلاقه و صفاته. و عدم مبالاته بعوارض الطبيعة، و ابتهاجه بنورانيته و ملكاته الشريفة، بل السعيد الواقعي لتجرده و تعاليه عن الجسمانيات خارج عن تصرف الطبائع الفلكية، متعال عن تاثير الكواكب و الاجرام الاثيرية فلا يتاثر عن سعدها و نحسها، و لا ينفعل عن قمرها و شمسها. اهل التسبيح و التقديس لا يبالون بالتثليث و التسديس، و ربما بلغ تجردهم و قوة نفوسهم مرتبة تحصل لهم ملكة الاقتدار على التصرف في موارد الكائنات، و لو في الافلاك و ما فيها، كما حصل لفخر الانبياء و سيد الاوصياء صلوات الله عليهما و آلهما من شق القمر و رد الشمس.
و قد ظهر مما ذكر ان من يجزع بورود المصائب الدنيوية، و يضطرب من الكدورات الطبيعية، و يدخل نفسه في معرض شماتة الاعداء و ترحم الاحباء، خارج عن زمرة السعداء، لضعف غريزته و غلبة الجبن على طبيعته، و عدم نبله بعد الى الابتهاجات التي تدفع عن النفس امثال ذلك.
و مثله لو تكلف الصبر و الرضا و تشبه ظاهرا بالسعداء لكان في الباطن متالما مضطربا، و هذا ليس سعادة لان السعادة الواقعية انما هو صيرورة الاخلاق الفاضلة ملكات راسخة بحيث لا تغيرها المغيرات ظاهرا و باطنا.
بلغنا الله و جميع الطالبين الى هذا المقام الشريف.
:: كتاب السعادات ::
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وأهلك أعدائهم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لا تحصل السعادة الا باصلاح جميع الصفات و القوى دائما
لا تحصل السعادة الا باصلاح جميع الصفات و القوى دائما، فلا تحصل باصلاحها بعضا دون بعض، و وقتا دون وقت، كما ان الصحة الجسمية، و تدبير المنزل، و سياسة المدن لا تحصل الا باصلاح جميع الاعضاء و الاشخاص و الطوائف في جميع الاوقات، فالسعيد المطلق من اصلح جميع صفاته و افعاله على وجه الثبوت و الدوام بحيث لا يغيره تغير الاحوال و الازمان، فلا يزول صبره بحدوث المصائب و الفتن، و لا شكره بورود النوائب و المحن، و لا يقينه بكثرة الشبهات، و لا رضاه باعظم النكبات، و لا احسانه بالاساءة، و لا صداقته بالعداوة. و بالجملة لا يحصل التفاوت في حاله، و لو ورد عليه ما ورد على ايوب النبي عليه السلام او على برناس الحكيم، لشهامة ذاته، و رسوخ اخلاقه و صفاته. و عدم مبالاته بعوارض الطبيعة، و ابتهاجه بنورانيته و ملكاته الشريفة، بل السعيد الواقعي لتجرده و تعاليه عن الجسمانيات خارج عن تصرف الطبائع الفلكية، متعال عن تاثير الكواكب و الاجرام الاثيرية فلا يتاثر عن سعدها و نحسها، و لا ينفعل عن قمرها و شمسها. اهل التسبيح و التقديس لا يبالون بالتثليث و التسديس، و ربما بلغ تجردهم و قوة نفوسهم مرتبة تحصل لهم ملكة الاقتدار على التصرف في موارد الكائنات، و لو في الافلاك و ما فيها، كما حصل لفخر الانبياء و سيد الاوصياء صلوات الله عليهما و آلهما من شق القمر و رد الشمس.
و قد ظهر مما ذكر ان من يجزع بورود المصائب الدنيوية، و يضطرب من الكدورات الطبيعية، و يدخل نفسه في معرض شماتة الاعداء و ترحم الاحباء، خارج عن زمرة السعداء، لضعف غريزته و غلبة الجبن على طبيعته، و عدم نبله بعد الى الابتهاجات التي تدفع عن النفس امثال ذلك.
و مثله لو تكلف الصبر و الرضا و تشبه ظاهرا بالسعداء لكان في الباطن متالما مضطربا، و هذا ليس سعادة لان السعادة الواقعية انما هو صيرورة الاخلاق الفاضلة ملكات راسخة بحيث لا تغيرها المغيرات ظاهرا و باطنا.
بلغنا الله و جميع الطالبين الى هذا المقام الشريف.
:: كتاب السعادات ::