نعرض لكم حكاية أحد المهتدين إلى الله عزوجل بوليه وحبيبه الحسين بن علي، سيد الشهداء، صلوات الله عليه، إنه (حسين) الكويتي.. تابعونا على بركة الله.
أن هذا الأخ الكويتي نشأ منذ الصغر على الأفكار الوهابية ذات الجذور الأموية التي زرعها في أخواله، فامتلأت نفسه بالكراهية لأتباع مدرسة أهل البيت – عليهم السلام – لإعتقاده بأنهم كفرة ومنافقون يخفون كفرهم بوسيلة التقية، لقد اتخذ هذا الشاب الجامعي موقفه العدائي تجاه الشيعة رغم أن والده كان شيعياً، وكان السبب من جهة أن والده كان كثير السفر، قليلاً ما يتواجد في البيت، في حين كانت والدته من أتباع أحد المذاهب الإسلامية من غير الشيعة. فتربى على مذهبها واعتنقه وأخذ الأفكار الوهابية من أخواله دون تمحيص، وقد تعمدوا منعه من التعمق في البحث الديني لمعرفة الحقائق؛ فنشأ متعصباً لمعاوية وبني أمية دون أن يعرف حقيقتهم وعندما عرف الوالد باتجاهات ولده الفكرية، شعر بالتقصير تجاهه، فسعى إلى جبران تقصيره، فاصطحبه مرة إلى الحسينية لحضور مجالس العزاء الحسيني وقد صادف ذلك أيام عاشوراء.
هذا الشاب ذهب للحسينية مكرهاً وتعمد أن لا يسمع شيئاً من المجلس الحسيني ثم ذهب ثانية مع صديق له، علم بذهابه للحسينية، فتصور أنه من الشيعة فبكى هذه المرة عندما سمع بصورة خاطفة باسم عبد الله الرضيع الشهيد ابن الحسين – عليهما السلام – فنفذت بارقة النور هذه إلى قلبه ولكن تعصبه لمعاوية والناشئ من جهله بحقيقته، منعه من الإستنارة بها، فازداد كرهه للشيعة لموقفهم السلبي من معاوية.
ثم كان أن والده عرض عليه الزواج من فتاة طيبة هي إبنة عم له يقيم في ايران، فاضطر هذا الشاب للقبول بعد أن رأى أن رفضه الأولى قد أدى إلى أزمة صحية لأبيه أدخلته المستشفى، فتقرر أن يسافر مع عائلته إلى ايران لإجراء مقدمات الزواج وهو يرى أنه مقدم على مصيبة كبرى.
يقول أخونا الكويتي، متابعاً نقل قصته: (بعد أيام قليلة جاء وقت السفر فسافرنا إلى ايران واستقبلنا أرحام أبي بكل حفاوة وكرم، وبعد ثلاث ليال تم عقد القران على أن يكون الزواج في الكويت، وبعد أيام تأقلمت قليلاً مع زوجتي، وذات ليلة سمعت صوت بكاء في إحدى الغرف، فدخلت فإذا بزوجتي تصلي وتدعو بكل خشوع رافعةً يديها للسماء، فجلست أنظر إليها وقد جذبني خشوعها وصدقها مع ربها ودعائها بسكينة لم أرها من قبل).
أيها الأطائب، ونبقى مع أخينا المهتدي الكويتي وهو يتابع سرد حكايته بعد أن رأى من عبادة زوجته ما لم يكن يتصور وجوده في الشيعة الذين كان يكرههم وينظر إليهم أنهم كفرة ومنافقون.. والشيطان يلقي عليه شباكه لصده عن معرفة الحقيقة وإتباعها؛ يقول هذا الأخ حفظه الله:
(عندما إنتهت زوجتي من صلاتها تسرعت بسؤال هو أسخف ما سألت في حياتي! قلت لها: من تحبين أكثر؟ الرسول أم الإمام علي؟ فنظرت إلي بنظرة لا أنساها وقالت: يا حسين، رسول الله – صلى الله عليه وآله – هو سيد الخلق وسيد علي وكل أهل البيت – عليهم السلام -!
قلت في نفسي: ترى هل تقول هذا تقية؟! ولكن لماذا تتبع التقية معي وهي تعتقد بأنني شيعي مثلها؟ ومما تخاف؟ فقطعت زوجتي تسلسل هذه الأسئلة في ذهني عندما سألتني: حسين هل أنت شيعي؟ إستغربت سؤالها وقلت بتلكؤ: نعم، أكيد، لماذا هذا السؤال هل لديك شك؟
أجابت: أولاً أحب أن أكون متفقة مع زوجي في كل شيء، وثانياً سؤالك لا يسأله شيعي، فالشيعة جميعاً يعلمون بأننا نحب الإمام علياً لأن الرسول – صلى الله عليه وآله – وصانا بحبه ولأن حبه حب للرسول، فكيف لا تعلم ذلك وأنت شيعي؟
لم أعرف ماذا أقول.. حتى انقدح في ذهني أن أجيبها قائلاً: أردت فقط أن أعرف الجواب عن هذا السؤال لكي أجيب من يسألني بصورة صحيحة.
ولكن جوابي هذا لم يزل شكوكها فقالت لي: إذا رجعت للكويت فابدأ بالمطالعة والبحث في هذه الموضوعات... فوعدتها بذلك على سبيل المجاملة).
أيها الأعزاء.. لعلكم لاحظتم لطيف تدبير الإلهي لأمر هداية هذا الشاب إلى دينه الحق ببركة تلك الدمعة التي أجراها – دون أن يعرف سرها – على مصاب الشهيد المظلوم عبد الله الرضيع بن الحسين – عليهما السلام – لقد قذف عزوجل في قلب هذا الشاب محبة هذه الفتاة المؤمنة الطيبة من جهة، ومن جهة ثانية أجرى لسانها أن تدعو زوجها للبحث العلمي عن الحقيقة من خلال البحث العلمي، ولذلك نجد أن هذا الشاب لم يستطع إلا الوفاء بالوعد الذي قطعه على نفسه لزوجته دون أن يكون في حينها عازماً على الوفاء، فبدأت رحلته الفكرية في البحث والتحقيق التي توجت بهداية حسينية كريمة.
يقول الأخ حسين الكويتي متابعاً نقل قصته:
(بعد أيام عدت مع عائلتي للكويت فوجدت نفسي أفكر بزوجتي كثيراً، حاولت تجنب ذلك دون جدوى، قلت لنفسي: يجب أن أسعى إلى أن لا أفكر بها فهي على غير ملتي، ولكن كيف وقد أصبحت الآن زوجتي؟ لماذا لا أبدأ بالبحث كما أوصتني؟ لعلي أتعلم أشياء تصحح ما لدي، ألم أكن أظن بأن الشيعة يحبون علياً أكثر فاتضح لي خلاف ذلك؟
اتصلت بصديقي الذي حدثتكم عنه في البداية وطلبت منه أن يعرفني بالمذهب الشيعي، فجائني مسروراً وهو يحمل كتباً كثيرة من كتب الشيعة المعتبرة كالمراجعات والغدير، قرأتها وعرفت حقائق غير التي سمعتها من قبل عن الشيعة، ثم أوصاني صديقي بقراءة المصادر المعتبرة عند أهل السنة فقرأت البخاري ومسلم ومسند أحمد والترمذي ومنهاج السنة وغيرها...)
إمتدت فترة البحث العلمي عن الحقيقة عدة شهور، عرف فيها كثيراً من الحقائق التي لم يسمح له أخواله بالإطلاع عليها، تحطمت بعينه شخصيات كان يقدسها، فعرفها على حقيقتها وأدرك عميق عدائها للإسلام ولأهل بيت النبوة – عليهم السلام -.
تأثر كثيراً بمظلومية بضعة المصطفى – صلى الله عليه وآله – وبهجة قلبه الصديقة الزهراء – سلام الله عليها – واهتز لما ارتكبه طواغيت بني أمية في واقعة كربلاء وأخذ يتدبر في الأحاديث الشريفة التي صحت روايتها عند مختلف فرق المسلمين عن النبي الأكرم وهو – صلى الله عليه وآله – يهدي أمته إلى وديعتيه في هذه الأمة وثقليه الذين لا تكون النجاة من الضلالة إلا بالتمسك بهما معاً، كتاب الله وعترة نبيه – صلى الله عليه وآله – كما صرح بذلك حديث الثقلين المتواتر،
يقول الأخ حسين في القسم الأخير من قصته:
(تدبرت كثيراً في حديث الثقلين وأحاديث آية التطهير.. حتى عرفت الحقيقة كاملة.. ولكن إبليس لم يتركني وجعلني أكابر وأقول: كيف أصبح واحداً من أناس كنت أكفرهم وأسبهم وأكره مجالستهم.. وكنت أرى أنني على حق وهم على باطل، عانيت كثيراً من هذا المرض، حتى توجهت إلى الله ذات ليلة وقلت وأنا أبكي: (يا رب، إذا كان الشيعة ومذهبهم على حق، وإذا كان الحسين الذي يتوسلون به إليك على حق، فإني أسألك بحقه تهديني يا رب يا رب يا رب..) نمت وأنا أبكي ولا أعرف كيف نمت، فإذا بي أسمع النداء، لقد استجاب الله دعوتي وتوسلي بحق هذا الإمام الطاهر، فرأيت في منامي إثني عشر كوكباً مكتوب فوقها عبارة (الأئمة من بعدي الذين فضلهم الله على العالمين) انتبهت من نومي وقد اشتد بكائي فسجدت شكراً وحمداً لله وتوضأت وصليت شكراً لله ونذرت لله نذراً على روح الإمام الحسين – عليه السلام – والحمد لله على نعمة الولاية التي بها كمال الدين وتمام النعمة).
بالحسين اهتديت