اللهمّ عرّفني نفسك، فإنّك إنْ لم تعرّفني نفسَك لمْ أعرف نبيّك، اللهمّ عرّفني رسولك، فإنّك إنْ لم تعرّفني رسولك لم أعرفْ حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك، فإنّك إنْ لم تعرّفني حجّتك ضلَلتُ عن ديني

بكاء رجل .. كرامة رضوية

"ما أوذي نبي مثلما أوذيت "

المشرفون: الفردوس المحمدي،تسبيحة الزهراء

صورة العضو الرمزية
أنوار فاطمة الزهراء
المدير الإداري
مشاركات: 49875
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 23, 2008 1:36 pm
الجنس: فاطمية

بكاء رجل .. كرامة رضوية

مشاركة بواسطة أنوار فاطمة الزهراء »

بكاء رجل .. كرامة رضوية
المريض المعافى: زين العابدين النجّار. من محافظة شيراز. الحالة المرضيّة: شلل وضعف البصر والذاكرة وصعوبة النطق. تاريخ الشفاء آب 1994.

أبداً ما كنتُ أراك مُتعَباً يا زين العابدين، ولا منكفئاً على نفسك، ولا محزون الفؤاد. ألِفتُك سنوات طويلة، وعرفتك منذ زمن بعيد. كنتُ طفلاً صغيراً أمرّ كلّ يوم ـ وأنا في طريقي إلى المدرسة ـ بأستوديو التصوير الذي تملكه. أتذكرُ يا زين العابدين ؟!
تناديني وتسألني عن حالي، ثمّ تدسّ يدك في جيبك فتُخرج قطعة شيكولات وتقدّمها لي. وما زلت إلى الآن أحسّ بحلاوتها في فمي. تقبّل جبيني وتأذن لي أن أتفرّج على الصور المؤطَّرة المعروضة في الأستوديو. كم كنت أحبّ هذه التصاوير.. خاصّة تصوير ذلك الطفل الذي لا أدري حتّى الآن: أكان يبكي أم كان يضحك!
كنتُ أرغب أن تكبّر صورتي وتؤطّرها، ثمّ تضعها في واجهة الأستوديو. لكنّي أخجل أن أبوح لك بهذه الرغبة.
أبداً ما كنتُ أراك متعباً يا زين العابدين، ولا منكفئاً على نفسك، ولا محزون الفؤاد. دائماً كنت أحبّك.. أراك مَرِحاً ضاحكاً طيّب القلب.
كيف أصدّق يا زين العابدين أن عينك صارت كليلةً عاجزة ؟! أبداً لا أصدّق. أنت تعتمد في شغلك ـ أكثر من أيّ شيء آخر ـ على عينيك ورِجلَيك. كيف يُصدَّق أنّ رِجلَيك لا تُسعفانك في الحركة والمشي ؟!
ما زلت أذكر كيف كنت تتنقّل وتتحرّك في الاحتفالات التي تُدعى إلى تصويرها خفيفاً رائق النفس، وأنت تحمل كاميرتك التي يبرق «فلاشها» مرّات ومرّات!
أتراه واقعاً ما أراه ؟! زين العابدين المَرِح الفَكِه.. قد انقلب إنساناً محزوناً مهموماً لا يغادر كرسيّ المُقعَدين، وعيناه الواهنتان تحدّقان في المجهول! لا كاميرا، ولا فلاش، ولا تصاوير، ولا ذكريات تثبّتها للناس على الورق الصقيل!
لا يا زين العابدين.. لن أصدّق.. أبداً لن أصدّق.. أبداً!

* * *

أعبر أمام الأستوديو.. فأراك قاعداً على كرسيّ العجز والمسكنة، وعينك تنظر بذهول. تستبدّ بي الدهشة وأسرع إليك. وتسيقظ في ذهني الذكريات. أحسّ أنني طفل يودّ لو يتذوّق من يدك حلاوة الشيكولات.. وتستهويه الصور المعروضة في محلّك.. ويطلب منك ـ بلا خجل هذه المرّة ـ أن تكبّر صورته وتضعها في واجهة المحلّ.
لكنْ.. لا. أنا لم أعُد طفلاً. لقد كبرت.. ولم تَعُد يستهويني التفرّج على هذه الصور التي وقع الغبار على ابتساماتها المصطنعة، ونظراتها الجامدة، وهيئاتها المتكلَّفة. أحبّك يا زين العابدين؛ فأنت جزء من ذكريات طفولتي وقطعة من الماضي الجميل.
أقترب منك.. وأسلّم عليك. وتسمع أنت صوتي.. فتجيش قسمات وجهك ويغلب عليك البكاء. أسألك:
ـ ما الذي حدث يا زين العابدين ؟!
تقول لي من خلال البكاء:
ـ بلاء.. بلاء.. نزل علَيّ بلاء!
آه.. ما أصعب رؤية هذا البكاء! بكاء رجل، هزيمة رجل!
وتواصل:
ـ بلاء نزل فجأة عليّ.. حادثة مُرّة لا أدري من أين جاءتني. فجأة أحسست بدوار.
ولم يتوقّف الدوار. فقدت القدرة على التحمل.. لا طاقة لي. وقعت على الأرض..
شللٌ نصفيّ. لا أقدر أن أحرّك رجلي. حتّى بصري أُصيب. شبه أعمى..
بلاء.. هو الموت.. الموت بعينه!
ضمَمتُ رأسك إلى صدري، وقبّلت جبينه. لا طاقة لي على رؤيتك تبكي يا زين العابدين. يشقّ عليّ أن أرى رجلاً يبكي ويتعذّب. ودعوتُ لك الله.. أتراني قادراً على أن أعمل لك شيئاً غير الدعاء ؟!

* * *

طابت أيّامك يا زين العابدين، ودمتَ في هناء وسرور. كلّ شيء عاد إلى سيرته الأولى.. ورائحة الماضي تملأ المكان: رائحة أيّام الطفولة السعيدة.
أعبر أمام الأستوديو.. فأراك ضاحكاً بمَسرّة. ضاحكاً من القلب.. وأنت تعدو هنا وهناك.. توزّع (حلويّات) الفرح على جيران محلّك، وعلى العابرين. لم أصدّق أنك أنت الواقف على قدمَيك، وعينك صحيحة سليمة تعمل بشكل طبيعيّ! آتيك لأتحقّق. أجل.. أجل.. وهو ذا أنت! أنت يا زين العابدين، بلا كرسيّ متحرّك.. تمشي على قدمَيك، وعيناك...!
كأنّ شيئاً لم يقع مِن قبل! هو ذا أنت زين العابدين القديم.. المعافى الفَكِه النشيط. زين العابدين الطيّب القلب. ولمحتَني.. فأقبلتَ مسرعاً إليّ. احتضنتني.. وقبّلتني بحرارة. ما أحلى رائحة الماضي.. هذه التي تفوح منك! رائحة القلب الطيّب والمحبّة والصفاء.
قدّمتَ لي الحلويّات.. وأنا أتطلّع كالذاهل إليك. ما هذه العجيبة التي ما كانت تخطر لأحد على بال ؟! أخذتَ بيدي وأجلستَني على كرسيّ، وجلستَ أنت إلى جواري. أردتَ أن تعبّر عن فرحتك وأن تُخرجني من هذا الذهول. أردت أن تجيب عن السؤال الذي كان يطنّ منّي في الذهن. وتدفّقتَ تشرح. ما أحلى حديثك يا زين العابدين، وما أروع ما فيه من عبير أخّاذ!
ـ أنتَ تدري.. يئستُ من مراجعة الأطبّاء والمستشفيات. لم يبقَ لي أمل. شعرتُ أنّي مقطوع عن هذا العالم الذي أسلَمني وتركني إلى وحدتي وهمومي. لا أراك الله مرارة داء هو كالموت البطيء. كنت أبكي وحدي. أختلي بالله وأبكي. أتضرّع إليه، ليس لي غيره.
تغيّرت حالته وهو يحكي، وقرأتُ دمعة تترقرق في عينيه الوسيعتين:
ـ كما قلت لك.. كنت أتضرّع إلى الله ودموعي تسيل حارّة حارقة. ولم أدرِ كيف نعست، وأنا أبكي.. وأخذني النوم. وفي المنام: رأيت نوراً نازلاً من السماء، ومن داخل النور سمعت قائلاً يقول لي:
ـ دواؤك في مشهد. اطلبْ شفاءك مِن إمامك.
وصحوتُ من النوم. قلبي يضطرم، وفي نفسي جَيَشان لا أقدر على وصفه. ترى.. ما معنى هذه الرؤيا ؟ أتراها شيئاً غير اللجوء إلى الإمام الرضا عليه السّلام ؟!
الرؤيا واضحة لا مجال فيها للتأويل. وسافرتُ فعلاً إلى مشهد، لألتجئ «دخيلاً» عند شافي جميع الأمراض. كنت قد سمعت أنّ الإمام يحضر في الرؤيا للذين يلجؤون إلى عتبته المقدّسة.. ولذلك حاولت أن أنام، لكن استعصى علَيّ النوم. مرّة أخرى حاولت.. لا فائدة. أغمضتُ عينيّ، ورحتُ أناجي الإمام بقلبٍ مضطرّ كسير:
ـ أيّها الإمام الرضا.. أيّها الرؤوف. مَن وجّهني إليك لابدّ أن يكون قد أوصاك بي، وها أنذا أتيت.. عبداً ضعيفاً ذليلاً مسكيناً مستكيناً بين يدَي الله، وأنت وليّ الله الأعظم وبابه الذي يؤتى منه.. أيّها الرضا.. أيّها الرضا.
كنت أسمع همهمات أدعية وضراعات الحاضرين اللائذين مثلي بعتبة شمس الشموس وأنيس النفوس.. حين تناهى إلى أذني ـ من بين الهمهمات المختلطة ـ صوت. صوت يخاطبني بعذوبة وحزم:
ـ قم.
ـ لا أقدر.
ـ قم، أنت تقدر.
باعَدتُ بين أجفاني، فأدهشني ما رأيت: هذه هي جموع الزائرين أراها بوضوح! أمسكتُ بمشبّك الضريح واعتمدت عليه لأقوم. ما هذا يا إلهي ؟! ها أنذا استطيع الوقوف على قدمَيّ! لقد شفيتُ.. شفيت.. شفاني الإمام الرضا! وبدون أن أقصد.. صدرت منّي صيحة، ورميت نفسي على الضريح.
ارتفعَتْ نداءات الزائرين بالتكبير والتهليل والصلوات على محمّد وآل محمّد. وكانت الأيدي تمتدّ من حولي إلى ثيابي تقتطع منها قِطَعاً تُقبَّل بشوق وتوضع على العيون. وما كنت أسمع إلاّ صوت نقّارة الحرم تبثّ بشائرها في كلّ ذرّة من الهواء.


(ترجمة وإعداد: إبراهيم رفاعة، من مجلة الزائر ـ العدد 19 ايلول 1995).
يقينا كله خير
صورة العضو الرمزية
وردة الزهراء
مـشـرفـة
مشاركات: 22948
اشترك في: الاثنين مايو 31, 2010 7:36 pm
مكان: الروح موطنها الحسين

Re: بكاء رجل .. كرامة رضوية

مشاركة بواسطة وردة الزهراء »

اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وَاهْلِكْ عَدُوَّهُمْ مِنَ الجِنِّ وَالاِنْسِ مِنَ ألاَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ
الْسَّلامِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ الْلَّهِ وَبَرَكَاتَةَ

ربي يعطيك الف عافيه ع المجهودالرائع ؛أختي العزيزة؛
بارك الله فيك وجزاك خير الجزاء
نسألكم الدعاء .
يَــ الطـبـعـک كريــم و مــا تــرد حايــر ..
يــاأباالفضل
صورة العضو الرمزية
يا رقية أغيثيني
مشاركات: 7616
اشترك في: السبت إبريل 07, 2012 2:48 pm

Re: بكاء رجل .. كرامة رضوية

مشاركة بواسطة يا رقية أغيثيني »

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلِ على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



شكراً لكِ أختي العزيزة على الطرح المبارك ، بارك الله فيكِ .

موفقه يارب
اللهم شافي والدي و ألبسهُ ثوب الصحة و العافية بحق مريض كربلاء
صورة العضو الرمزية
أنوار فاطمة الزهراء
المدير الإداري
مشاركات: 49875
اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 23, 2008 1:36 pm
الجنس: فاطمية

Re: بكاء رجل .. كرامة رضوية

مشاركة بواسطة أنوار فاطمة الزهراء »

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا أخواتي على المرور
لاعدمنا هذه الدعوات الله يقضي حوائجكم جميعا
يقينا كله خير
صورة العضو الرمزية
بحق الزهراء ارحمني
فـاطـمـيـة
مشاركات: 639
اشترك في: السبت مايو 05, 2012 12:52 pm

Re: بكاء رجل .. كرامة رضوية

مشاركة بواسطة بحق الزهراء ارحمني »

اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
جزاك المولى خيرالجزاء على الطرح القيم
دمتم موفقين لكل خير
اللهم ألهمنا طاعتك وجنبنا معصيتك
صورة العضو الرمزية
نور بقية السلالة الهاشمية
الـمـديـر الـعـام
مشاركات: 65765
اشترك في: الخميس أغسطس 21, 2008 9:08 am

Re: بكاء رجل .. كرامة رضوية

مشاركة بواسطة نور بقية السلالة الهاشمية »

صورة

اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
والعن من آذى فاطمة عليها السلام من الأولين والآخرين
يارب الزهراء بحق الزهراء إشف صدر الزهراء بظهور الحجة بن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف وجعلنا وإياكم من خلص أعوانه وأنصاره المقربين
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سلام الله عليك ياباب الحوائج يا غريب طوس وأنيس النفوس وشمس الشموش
يعطيك العافية على الطرح القيم أختي الكريمة أنوار فاطمة الزهراء
حفظكم الله ورعاكم وقضى حوائجكم ويسر أموركم
موفقين لكل خير



إذا لم يكن لديك شيئًا تعطيه للآخرين، فتصدّق بالكلمة الطيبة، والابتسامة الصادقة، وخالق الناس بخلق حسن
﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .. ولا حَولْ ولاقُوة الا بالله العلي العظيم )
صورة العضو الرمزية
الحجة المنتظر
فـاطـمـيـة
مشاركات: 26458
اشترك في: الخميس إبريل 15, 2010 2:14 am
مكان: صاحب العصر والزمان

Re: بكاء رجل .. كرامة رضوية

مشاركة بواسطة الحجة المنتظر »

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وآل محمد وصلي على الحجة المهدي وعجل فرجه
اللهم عجل لوليك الفرج

على الله في كل الإمور توكلي ؛؛؛ وبالخمسه أصحاب الكساء توسلي

مشكورة عزيزتي على الطرح الرائع
موفقين لكل خير يارب
(فالله خير حافظ وهو أرحم الراحمين)

العودة إلى ”روضة النبي المختار "ص" وال بيته الاطهار "ع"“