اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الصلاة في الحقيقة عبارة عن علاج روحي. فالمرض ينشأ عن نقص في ذبذبة الجسم أو العقل، أو بمعنى آخر عن عدم التوافق بين ذبذبة الروح والجسم وذبذبته. هذا النشاز يسبب التعب النفسي. والحب إشعاع يجب أن يفيض على النفس مثلما يفيض إشعاع الشمس على الجسم حتى يصح. وفي الصلاة يتصل المرء بالأثير العام وينهل من الحُب اللانهائي، فترتفع ذبذبته تدريجياً حتى يصل إلى مستواه الطبيعي من الصحة النفسية أو الجسمية.
ويمكن للإنسان بالصلاة أن يشفي مرضاً أو يقضي شأناً أو حاجة سواء لنفسه أو لغيره من الأحياء أو الأموات. ففي الصلاة تتصل روح المصلي بالخالق الرحيم اللامتناه واللامحدود، بالقوة المطلقة في الوجود.. وتسلم نفسها لها خاضعة صافية شفافة تستقبل ما يبعث إليها من أمواج تستفيد منها وتتشكل على شاكلتها. وجميعنا يعرف قيمة ذلك، فكم قضيت لنا مآرب عقب صلاة عميقة. وكشفت لنا أسرار، وكم شفيت لنا أمراض من خلال الدعاء المخلص العميق.
قال الله تعالى {ادعوني استجب لكم} ففي هذه الحالة يعمل الإنسان على رفع ذبذبته أثناء الصلاة وذلك حسب تعمقه في الصلاة. ولو تعمق الإنسان حقيقة لوصل بسرعة إلى تلك الدرجة، وهو أثناء هذه الصلاة يجب أن لا يفكر بالمسألة ذاتها بل يتوسل لله أن يقضيها.انه يحل مشكلته بنفسه إذ يرسم الخطة التي يحتمل أن يحل الله على نمطها تلك المشكلة. هذا الحل ولو كان لا شعورياً يعمل على فتح قناة ينصب فيها ماء البركة الإلهية فيما بعد. جاء في حديث قدسي»إن تحفة أمتك الصلاة» ويفسرون ذلك بأن الصلاة تجمع بين الإسراء والمعراج.
شعاع المصلي
يقول الأستاذ «باردوك» بناء على تجاربه المغناطيسية إن شعاعاً يخرج من المصلي إلى ما لا نهاية، وان الانفعالات تغير من لون هذا الشعاع ويدل على الحالة المرضية لذلك الشخص، ويقول هاري «بودنجتن» في كتابه (التجسد): «إن هالة الشخص يمكن أن توقف مرورها بعض الأجسام العازلة مثل اليد أو الورقة الخ».. ونحن نعرف أن لكل شخص هالة مستقلة وأن هذه الهالة تتأثر بهالة شخص آخر مجاور له وبذا تزداد قوة أو ضعفاً أو ربما تكتسب صفات أخرى نحن لا نراها طبعاً.. لذلك فإن صلاة الجماعة والاحتكاك أو القرب من المصلين ينقل إلينا طاقة السماحة والهدوء والسكينة ما يجعل ذبذبات المصلي تتغير للأفضل.
يقول «شو دزموند» في كتابه «كيف تكلم موتاك»: إن الأرواح المشاغبة هي لعنة، ولكن يمكن إبعادها بالصلاة والانتباه الروحي، لأن الصلاة تعمل حاجزاً مغناطيسياً من الضوء لا يمكن لهذه المخلوقات اختراقه.
إن هذا الكلام من «شو دزموند» لهو أكبر برهان على أن الشيطان يمنع الاتصال بالأرواح الخيّرة. وإذا كان الإنسان يطرد الشيطان بصلاته فمن باب أولى أن الملائكة تطردها من السماوات {وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً}.
يقول «هاري بودنجتن» أيضا: «إن الاتصالات السماوية الراقية يجب أن تتم في أوقات منظمة بواسطة مجموعة محبة ومتجانسة. ومن هنا تتراءى لنا الحكمة في تفضيل صلاة الجماعة على صلاة الفرد. جاء في الحديث المحمدي: «صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة». إن الجماعة تحدث، إذا انسجمت وتوافقت، رنيناً قويا ًبين ذبذبات أفرادها. هذا الرنين كما هو معروف في علم الطبيعة، قد يهز الأثير العام هزاً عنيفاً ويوصل العالم الأرضي بالعالم العلوي بسهولة تامة .
نظافة الجسم والعقل
ويقول هاري «بودنجتن» أيضا في كتابه (التجسد): «إن الشرط الثاني للاتصالات العلوية هو النظافة للجسم والعقل معاً. ومن هنا يتبين لنا وجاهة التعاليم الدينية في مختلف الديانات، التي تنص على الطهارة والوضوء قبل الدخول في الصلاة. أما الطهارة فهي الاغتسال من القذارة التي تخفض من ذبذبات الشخص كما أنها تجذب إليها أجسام الذبذبات السلبية.
أما الشرط الثالث الذي يوصي به «بودنجتن» من أجل الاتصالات العلوية، فهو عدم الإفراط في الأكل والامتناع عن الخمر والدخان الخ. لأن العقل السليم في الجسم السليم هو أساس التقدم النفسي على أساس علمي. وهذا يبين لنا الحكمة الإسلامية {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلمون ما تقولون}.
وظاهر مما سبق أن عملية الصلاة، ما هي إلا عملية طرح روحي لا شعوري. ولو وزن جسم الإنسان أثناء صلاته لوجدناه ينقص قليلاً، كحالة النوم أو الموت تماماً دلالة على صدق عملية الطرح.
يقول شو «دزموند» في كتابه (كيف تعيش عندما تموت) إن كل مرة يفكر فيها الإنسان فهو يصلي، فالفكر الذي يصدر عن المصلي له قوة الإنشاء. وليس هذا بمعجزة لأنه قائم على قانون طبيعي. وان معجزات الأنبياء في كل العصور ما هي إلا تحويل للمادة على حساب قانون طبيعي معروف في العوالم الروحية، ويقول أن الشقي هو الذي لم يصل إلى معرفة الله ولم يعرف معنى الأمانة وان المصلي بدون أمانة مثل التلفون الخالي من الكهرباء.
الكون كله يسبح
بما أن لكل جسم في الكون ذبذبة خاصة، وأن المرض يحدث للإنسان إذا كانت أعضاؤه غير متناسقة الذبذبة. أو بمعنى آخر أن أعضاء الجسم يجب إن تكون ذبذبتها المختلفة منمقة تنميقاً خاصاً أو موجهة وجهة خاصة حتى يظل الجسم سليماً معافى.على هذا الأساس يمكننا أن نقول أن الكون اجمع يتركب من أعضاء، وهذه الأعضاء يجب أن تكون مترنمة في الذبذبة مع بعضها حتى يبقى الكون الأكبر قائماً.
إن هذا الترنيم أو التوافق بين عضوين أو أكثر يستلزم من كل منهما، بذلاً داخلياً أو أمانة دائمة وعهداً غليظاً على أن يحفظ ذبذبته على درجة معينة لا يغيرها حتى يظل الاتصال موجوداً، وحتى لا ينقطع خيط الوفاق بينها.
هذا الترنيم أو الاحتفاظ بمستوى خاص من الذبذبة، يمكنني أن اسميه الحب أو الإخلاص أو العبادة لله عز وجل.
ولما كانت الذبذبة كما علمنا صفة عامة للجماد والنبات والحيوان والإنسان، فإن العبادة إذن تكون صفة عامة لهؤلاء جميعاً. {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ}النور41.
من هذه الآيات يتبين لنا أن الأرض والكواكب والنجوم الخ.. تشترك في الصلاة والتسبيح، وليس هذا غريباً على العلم الآن وهنا يجب أن نعود إلى رأي الفيلسوف «فشت» في وجود هالة للأرض، وأن هذه الهالة تتغير وتمرض ويقتم لونها كلما أصاب سكانها حرب أو انفعال محزن، وأن هذه الأرض دائبة على الإصلاح.. إصلاح أمرها ورفع ذبذبتها وبذا تتخلص من أسباب مرضها ثم تعود إلى حالتها الصحية الأولى.
إن هذه التقلبات والأجيال المتتابعة يصفها القرآن كما يلي: {أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا وَجَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}.
إن قانون التقدم الكوني هو الذي يضطر هذه الكائنات لأن تدأب وترفع من ذبذبتها أو بمعنى آخر تسبح الله تعالى.
ولا تقتصر على مجهود الإنسان الموجه نحو الروح الكوني العام، وإنما تبذل تلك الروح صلاة مماثلة تجتذب الصلاة الأولى، إن أبواب السماء تظل مفتوحة لدعاء الإنسان بالليل والنهار {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً}الأحزاب43
اسجد واقترب
ويجب ألا ننسى أن أساس الصلاة يتعلق بالسجود، هو السجود {واسجد واقترب} ويمكنني أن أفسر سر السجود، بأن أقول إن الطرح الروحي يتم بخروج الجسم الأثيري من بين العينين كما هو معروف، فوضع الجبهة على الأرض عند السجود يعمل على طرح هذا الجسم بدون أن نشعر وفي اتجاه أو طريق أثيري معين لا نعلمه، حيث نكون فيه على مقربة من الله تعالى كما تقول الآية حقيقة أن الله في كل مكان، إلا أن الإنسان محدود بذبذبته كما علمنا ولا يمكنه الاتصال الروحي إلا إذا ارتقى في الذبذبة. وهذا لا يتم إلا في الصلاة حيث تقفز لا شعوريا ً في سلم الأثير وتقترب من مصدر الضوء الكوني ومن الله جل وعلا.
إن هالة الأرض التي سبق ذكرها، سوف ترتفع في الذبذبة إذا ما لامستها هالة الإنسان. إنها سوف تفتح في اللون أو بمعنى آخر ترتقي أو تسبح الله كثيراً في ذلك الموضع وسوف ينبض قلبها زهواً وفخاراً شكراً لابنها الساجد وتوسلاً لربها الخالق.
ففي الصلاة إذن مفتاح سعادتنا على هذا الكوكب {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ}.
إن إشعاع الشمس والأرض هو البركة التي تفيض علينا{وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ}ويسجد لله كثير من المخلوقات في الأرض وفي السماء وهالتهم كما رأينا سابقاً تشترك في السجود، وهذه الهالات هي الظلال التي جاء ذكرها في القرآن الكريم ولم تفسر على حقيقتها حتى الآن، {ولله يسجد من في السموات والأرض طوعاً أو كرهاً وظلالهم بالغدو والآصال}.