بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم
والعن عدوهم والمتراضين على عدوهم ومنكري فضائلهم من الاولين والاخرين
السلام على شيعة علي عليه السلام ورحمة الله وبركاته
الحمدلله تعالى رب العالمين ان جعلنا من خدام شيعة علي عليه السلام
ياغياث المستيغيثين اغثني بفاطمة وابيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها ادركني
كل عام وانتم بالف الف خير
أُم الإمام المهدي عليهالسلام
اسمها : السيدة المعظّمة نرجس عليهاالسلام بنت ملك الروم.
ومن أسمائها الأخرى : صقيل ، ومليكة ، وريحانة ، وسوسن ، وحكيمة .
زواجها من الإمام العسكري عليهالسلام :
إنّ كيفية وصول أُم الإمام المهدي عليهالسلام (السيدة نرجس) إلى الإمام العسكري عليهالسلام كانت عن طريق ابتياعها من قبل بشر بن سليمان النخّاس ، الذي ينتهي نسبه إلى الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري ، وبأمر من الإمام الهادي عليهالسلام بعد أن فقهه في أمر الرقيق ، فكان لا يبتاع ولا يبيع إلاّ بإذنه عليهالسلام ، وهكذا وصلت إلى بيت الإمام الهادي عليهالسلام ، وأعطاها إلى أُخته السيدة حكيمة بنت الإمام
الجواد عليهالسلام ، قائلاً لها : « يا بنت رسول اللّه ، خذيها إلى منزلك وعلّميها الفرائض والسنن ، فإنّها زوجة أبي محمّد واُم القائم »
وأما عن اقترانها بالإمام العسكري عليهالسلام ، فقد ذكرت ذلك روايات عدّة ، ومنها ما اختاره الفيض الكاشاني من رواية ثقة الإسلام ، والشيخ الصدوق ، وشيخ الطائفة وغيرهم من المحدّثين وبأسانيد معتبرة عن السيدة حكيمة بنت الإمام الجواد عليهالسلام أنها قالت : كانت لي جارية يقال لها نرجس ، فزارني ابن أخي ـ الإمام العسكري ـ فأقبل يحدّق النظر إليها. فقلت له : يا سيدي لعلّك هويتها ، فأرسلها إليك؟ فقال : « لا يا عمّة ، لكني أتعجّب منها ، إنا معاشر الأوصياء لسنا ننظر نظر ريبة ولكنا ننظر تعجّباً! » .
فقلت : وما أعجبك؟ فقال عليهالسلام : « سيخرج منها ولد كريم على اللّه عزّوجلّ الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطا كما مُلئت ظلما وجورا ».
فقلت : فأرسلها إليك يا سيدي؟ فقال عليهالسلام : « استأذني في ذلك أبي عليهالسلام » قالت : فلبست ثيابي وأتيت منزل أبي الحسن عليهالسلام فسلّمت وجلست ، فبدأني عليهالسلام وقال : « يا حكيمة ابعثي نرجس إلى ابني أبي محمّد » قالت ، قلت : يا سيدي ، على هذا قصدتك على أن أستأذنك في ذلك ، فقال لي : « يا مباركة ، إنّ اللّه تعالى أحبّ أن يشركك في الأجر ، ويجعل لك في الخير نصيبا ».
قالت حكيمة : فلم ألبث أن رجعت إلى منزلي ، وزيّنتها ووهبتها لأبي محمّد عليهالسلام ، وجمعت بينه وبينها في منزلي ، فأقام عندي أياما ثمّ مضى إلى والده عليهماالسلام ، ووجّهت بها معه .
ولادتها الإمام المهدي المنتظر عليهالسلام :
تزوّج الإمام العسكري عليهالسلام بالسيدة نرجس عليهاالسلام ، ومضت بهما الأيّام وغمرتهما السعادة الإلهيّة ، وفي أثنائها رحلَ الإمام الهادي عليهالسلام ، شهيداً مظلوما إلى بارئه ، فتبوّأَ الإمام العسكري عليهالسلام منصب الإمامة.
ومضت الأيام والسيدة نرجس في كنف الإمام العسكري عليهالسلام ، حيث البركات النازلة عليهما صباح مساء ، وما أن حملت بمولودها المبارك حتى غمرتها هالة من النور والجمال ، ولذا سُمّيت صقيل ، وفي أحد الأيام بعث الإمام العسكري عليهالسلام إلى عمّته حكيمة بنت محمّد بن علي عليهالسلام. فقال : يا عمّة ، اجعلي إفطارك الليلة عندنا ، فإنّها ليلة النصف من شعبان ، وإنّ اللّه تبارك وتعالى سيظهر في هذه الليلة الحجّة ، وهو حجّته في أرضه.
قالت : فقلت : ومن أُمّه؟ قال لي : « نرجس ». قلت : جعلت فداك ما بها أثر؟ فقال : « هو ما أقول لك ».
قالت : فجئت فلما سلّمت وجلست جاءت تنزع خفّي وقالت لي : يا سيدتي كيف أمسيت؟ فقلت : بل أنت سيدتي وسيدة أهلي! قالتْ : فأنكرتْ قولي وقالتْ ما هذا يا عمّة؟ قالتْ : فقلتُ لها : يا بنية إنّ اللّه سيهب لك في ليلتك هذه غلاما سيدا في الدنيا والآخرة ، قالت : فخجلتْ واستحيتْ!
فلمّا أن فرغت من صلاة العشاء الآخرة أفطرت وأخذت مضجعي فرقدت ، فلمّا أن كان في جوف الليل قمت إلى الصلاة ففرغت من صلاتي وهي نائمة ليس بها حادث ، ثمّ جلست معقّبة ، ثمّ اضطجعت ثمّ انتبهت فزعة وهي راقدة ، ثمّ قامت فصلّت ونامت.
قالت حكيمة : وخرجت أتفقّد الفجر ، فإذا أنا بالفجر الأوّل كذنب السرحان وهي نائمة ، فدخلني الشكوك ، فصاح بي أبو محمّد عليهالسلام من المجلس ، فقال : لا تعجلي يا عمّة ، فهاك الأمر قد قرب. قالت : فجلست وقرأت ألآم السجدة ويآس ، فبينما أنا كذلك إذ انتبهتْ فزعة فوثبتُ إليها. فقلتُ : اسمُ اللّه عليك ، ثمّ قلتُ لها : أتحسّين شيئا؟ قالت : نعم يا عمّة. فقلت لها : اجمعي نفسك واجمعي قلبك فهو ما قلتُ لك.
قالت : فأخذتْني فترة وأخذتْها فترة ، فانتبهتُ بحسّ سيدي ، فكشفتُ الثوب عنه ، فإذا به عليهالسلام ساجدا يتلقّى الأرض بمساجده ، فضممتُه إليّ ، فإذا أنا به نظيف متنظّف ، فصاح بي أبو محمّد عليهالسلام : « هلمّي إليّ ابني يا عمّة ».
فجئت به إليه ، فوضع يديه تحت إليتيه وظهره ، ووضع قدميه على صدره ، ثمّ أدلى لسانه في فيه ، ومرَّ يده على عينيه ومفاصله ثمّ قال عليهالسلام : « تكلّم يا بني » ، فقال : « أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمّدا رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ». ثمّ صلّى على أمير المؤمين وعلى الأئمة عليهمالسلام إلى أن وقف على أبيه ثمّ أحجم.
ثمّ قال أبو محمّد العسكري عليهالسلام : « يا عمّة اذهبي به إلى أُمّه ، ليسلّم عليها ، وائتني به ». فذهبت به فسلّم عليها ورددته ، فوضعته في المجلس ، ثمّ قال : « يا عمّة إذا كان يوم السابع فأتينا ».
قالت حكيمة : فلما أصبحت جئت لأسلم على أبي محمّد عليهالسلام وكشفت الستر لأتفقّد سيدي عليهالسلام فلم أره ، فقلت : جعلت فداك ، ما فعل سيدي؟ فقال : « يا عمّة استودعناه الذي استودعته أُم موسى عليهالسلام ».
قالت حكيمة : فلما كان في اليوم السابع ، جئت فسلّمت وجلست فقال : « هلمّي إلي ابني » فجئت سيدي عليهالسلام وهو في الخرقة ، ففعل به كفعلته الاُولى ، ثمّ أدخل لسانه في فيه كأنه يغذيه لبنا أو عسلاً ، ثمّ قال : « تكلّم يا بني » ، فقال : « أشهد أن لا إله إلاّ اللّه » وثنى بالصلاة على محمّد وعلى أمير المؤمنين وعلى الأئمّة الطاهرين صلوات اللّه عليهم أجمعين حتى وقف على أبيه عليهالسلام ثمّ تلا هذه الآية : بِسْمِ اللّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ( وَنُرِيدُ أَن نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ فِي الاْءَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الاْءَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَونَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَا كَانُواْ يَحْذَرُونَ ) .
أمّا وقت ولادته فالمشهور أنها كانت في ليلة الجمعة الخامس عشر من شعبان المعظم من سنة ٢٥٥ للهجرة المباركة ، وأمّا محل ولادته فمدينة سامراء المقدسة.
وقد استبشر الإمام العسكري عليهالسلام بمولوده المبارك ، حيث روى الشيخ الصدوق بالإسناد عن أبي جعفر العمري ، قال : لما ولد السيد عليهالسلام قال أبو محمّد عليهالسلام : « ابعثوا إلى أبي عمرو » ـ يعني عثمان بن سعيد ـ فبعث إليه ، فصار إليه ، فقال له : « اشتر عشرة آلاف رطل خبز وعشرة آلاف رطل لحم وفرّقه » ـ أحسبه قال : على بني هاشم ـ ، « وعقّ عنه بكذا وكذا شاة » .
كراماتها عليهاالسلام :
لأُم الإمام المهدي عليهالسلام كرامات كثيرة وفضائل شتّى ، حيث كانت من أفضل النساء في عقلها ودينها ، وكانت من الورعات التقيّات والصالحات العابدات القانتات ، وكانت في غاية العلم والفقاهة والتبحّر في أحكام الدين ، وللإحاطة في عظمة وكنه هذه المخدّرة الجليلة ينبغي الرجوع إلى بعض الفقرات الواردة في زيارتها حتّى تتجلّى مواصفاتها الرائعة والعالية ، وكيف استودعها ربّ العزّة والجلال لتكون مأوىً للإمام المهدي عليهالسلام :
« السلام على والدة الإمام ، والمودعة أسرار الملك العلاّم ، والحاملة لأشرف الأنام ، السلام عليكِ أيتها الصدّيقة المرضيّة ، السلام عليكِ يا شبيهة أُم موسى ، وابنة حواريّ عيسى ، السلام عليكِ أيتها المنعوتة في الإنجيل ، المخطوبة من روح اللّه الأمين ، ومن رغب في وصلتها محمّد صلىاللهعليهوآله سيد المرسلين ، والمستودعة أسرار ربّ العالمين ، السلام عليكِ وعلى آبائكِ الحواريين ، السلام عليكِ وعلى بعلك وولدكِ ، السلام عليكِ وعلى روحكِ وبدنكِ الطاهر ... » .
على أن في زيارتها تلك مقاطع رائعة تكشف عن عظمة هذه المرأة وسمّوها ، وها نحن نذكر بعضاً من تلك المقاطع :
« أشهد أنك أحسنت الكفالة ، وأدّيت الأمانة ، واجتهدت في مرضاة اللّه ، وصبرت في مرضاة اللّه ، وحفظت سرّ اللّه ، وحملت ولي اللّه ، وبالغت في حفظ حجّة اللّه ، ورغبت في وصلة أبناء رسول اللّه ؛ عارفة بحقّهم مؤمنة بصدقهم ، معترفة بمنزلتهم ، مستبصرةً بأمرهم ، مشفقة عليهم ، مؤثرة هواهم ، وأشهد أنكِ مضيت على بصيرة من أمركِ ، مقتدية بالصالحين ، راضية مرضية ، نقية زكية ، فرضي اللّه عنك وأرضاكِ ، وجعل الجنّة منزلكِ ومأواكِ ، فلقد أولاك من الخيرات ما أولاك ، وأعطاك من الشرف ما به أغناك ، فهنّاك اللّه بما منحك من الكرامة وأمراك » .
لقد أحاطتها رعاية اللّه عزّوجلّ من قبل وصولها إلى أهل البيت عليهمالسلام ، ورافقتها العناية الإلهية بحملها الإمام المهدي عليهالسلام في روايات كثيرة لا حاجة إلى تتبّعها ، ولو لم يكن من فضلها إلاّ أنها أُم خاتم الأئمّة عليهمالسلام ومهدي هذه الأُمة لكفى.
لقد شاءت الإرادة الإلهية لهذه السيدة الجليلة أن تكون أُمّاً لخاتم الأوصياء ( عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف ) وفقاً لعدّة مقوّمات ، تستفاد من الروايات الواردة في طريقة وصولها إلى بيت الإمام عليهالسلام منها :
أوّلاً : تمكّنها من اللغة العربية بطلاقة (كما هو معلوم من الخبر).
ثانياً : امتناعها من السفور وتحاشي يد اللامس!
ثالثاً : رفضها أي مشترٍ يتقدّم لشرائها ، وإصرارها على بائعها في تعيين مشتريها وأن يتمّ بموافقتها ، معلّلةً ذلك بأنها تريد الذي يسكن إليه قلبها.رابعاً : إنها عليهاالسلام رغبت رغبة شديدة بالإمام العسكري عليهالسلام ، وبكت بكاءً شديداً عليه ، بل وهدّدت بالانتحار إذا لم يبعها منه!
وفاتها :
إن الصحيح الثابت أنها توفّيت في زمان الغيبة الصغرى لإمام العصر والزمان عليهالسلام بعد وفاة زوجها الإمام العسكري عليهالسلام بقليل.
ويدلُّ عليه أنها كانت مع أُم الإمام العسكري عليهالسلام في المدينة المنورة وعادتا إلى سامراء في الوقت الذي استُشهد فيه الإمام العسكري عليهالسلام ، وحضرتا جنازته الشريفة ، مع عقيد الخادم .
هذا زيادة على الروايات الكثيرة المصرّحة بالموقف الخسيس الذي وقفه المعتمد العباسي بعد شهادة الإمام العسكري عليهالسلام ، حيث قبضوا على السيدة أُم الإمام المهدي عليهالسلام مُطالبيها تسليم ولدها (المهدي) ، فأنكرته وادّعت أنها حامل لتغطّي (حال ولدها الإمام عليهالسلام ) وظلّت حبيسة السجن (وهم ملازمون لها) مدّة سنتين أو أكثر حتى تبيّن لهم بطلان حملها ، فقُسّم ميراث الإمام العسكري بعد ثبوته عند قاضي قضاة بني العباس بين أُمه وأخيه جعفر ، وادّعت أمّه وصيّته .
وظلّت السيدة على تلك الحال المزرية حتى فوجئ بنو العباس بموت عبيداللّه بن يحيى بن خاقان ، وخروج صاحب الزنج في البصرة على حكمهم ، فشُغلوا عن السيدة ، فخرجت من أيديهم .وأما ما ورد مخالفاً لذلك من أنها تُوفّيت في حياة الإمام العسكري ، وبعد ما ولدت الإمام المهدي عليهالسلام بقليل ، فهو خبر ضعيف منقول عن جارية أبي علي الخيزراني ، ولا يعوّل عليه.
وأما تحديد تاريخ وفاتها بالضبط ، فلا يمكن الوصول إليه ، ويمكن تقديره بما بعد سنة ٢٦٠ه ، أي في أوج اضطهاد العباسيين لأسرة الإمام العسكري عليهالسلام ، وأما مكان دفنها عليهاالسلام ، ففي سامراء إلى جنب زوجها الإمام العسكري عليهالسلام.
فسلام عليكِ يوم وُلدتِ ويوم اقترنت بالإمام العظيم أبي محمّد الزكّي الطاهر ، ويوم أنجبتِ المهدي الموعود المنتظر ، ويوم عُذّبت في سبيل اللّه ، ويوم رحلتِ إلى جوار اللّه راضية مرضية ورحمة اللّه تعالى وبركاته.
نسالكم الدعاء
دمتم برعاية بقية الله
الهي ان لم تبدئني الرحمة منك بحسن التوفيق فمن السالك بي اليك بواضح الطريق