***********************
لم يحتوي شهر من فضائل بحق الولاية كما أحتوى شهر ذو الحجة ، حيث أحتضن هذا الشهر
*** في يومه الأول من السنة الثانية للهجرة ***
تلاقي نطفتي النبوة والإمامة من خلال زواج الإمام علي عليه السلام بسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام ....(1).
ليكون هذا اليوم الإنطلاقة الظاهرية للإمامة من حيث الخلق الدنيوي ،
قال رسول الله (ص) ... يا أم أيمن إنه لما أراد الله أن أزوج فاطمة من علي أمر الملائكة أن أحتدقوا بالعرش وأمر الله شجرة طوبى أن تزين وأمر الله الحور العين أن يحتدقن بشجرة طوبى وأمر جبرئيل أن يكتب الملائكة يشهدون فكان الكاتب جبرئيل والشهود الملائكة والولي رب العالمين ، وأمر شجرة طوبى أن أنثري ما عليك من اللؤلؤ والزمرد فجعلت تنثر ما عليها وجعلت الحور العين يلتقطنه في حليهن وحللهن ويتفاخرن ويتهادينه ويقلن هذا من نثار فاطمة أبنة محمد زوجة علي بن أبي طالب .....(2) .
***وفي الأول من ذي الحجة في السنة التاسعة للهجرة ***
بعث النبي سورة براءة حين نزلت عليه مع أبي بكر ، ثم نزل على النبي عليه السلام أنه لايؤديها عنك إلا أنت أورجل منك فأنفذ النبي علي عليه السلام حتى لحق أبا بكر فأخذها منه ورده بالروحاء يوم الثالث منه ثم أديها الى الناس يوم عرفة ، ويوم النحر قرأها في المواسم .... (3)،
ولنزول هذه السورة معاني كثيرة وكبيرة فمنذ اللحظة الأولى لنزولها أرسلت الأسس والقواعد لبعض القضايا في الإسلام، لأن إرسال الإمام علي عليه السلام خلف ابي بكر وأخذ السورة منه لكي يبلغها الإمام عليه السلام في موسم الحج وقول رسول الله (ص)
( لا يبلغ عني إلا أنا أو علي بن ابي طالب) ...، (4)
اي كان أختيار الإمام علي عليه السلام من الله سبحانه وتعالى لتبليغ هذه السورة وبهذا أصبح الإمام علي عليه السلام رسول رسول الله (ص) للمسلمين وأميرهم في موسم الحج لتبيلغ هذه السورة التي وضعت الحد الفاصل ما بين الإسلام والشرك حيث منع المشركين من دخول مكة بعد هذه اليوم .
***وفي اليوم العاشر من ذي الحجة ***
يتوجه الحجاج من بعد رمي الجمرات الى الطواف حول بيت الله الذي يحتضن وحدانية الله النقية من كل شرك ومكان ولادة أمير المؤمنين عليه السلام الذي يمثل الولاية التي أوجبها الله سبحانه وتعالى على العباد ،
***وفي اليوم الثامن عشر من ذي الحجة في السنة العاشرة للهجرة ***
وهو يوم الغدير الذي قام به النبي (ص) فيه بتنصيب علي عليه السلام للخلافة والولاية .....(5) قال رسول الله (ص)
( من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه) ...(6)
وبعد هذا التنصيب بأمرة المؤمنين أنزل الله سبحانه وتعالى آية إكمال الدين قال الله سبحانه وتعالى
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا) ....(7)
أي بالولاية تمت النعمة وبالولاية أكمل الدين وبالولاية رضا الله سبحانه وتعالى أن يكون الأسلام ديناً يتعبد به إليه.
***وفي اليوم الرابع والعشرين من ذي الحجة ***
نزلت آية المباهلة التي أظهرت فضل أمير المؤمنين عليه السلام بأنه نفس رسول الله (ص) كاشفاً بذلك عن بلوغه نهاية الفضل ومساواته للنبي (ص) في الكمال والعصمة من الآثام وأن الله سبحانه وتعالى جعله وزوجته وولديه مع تقارب سنهما حجة لنبيه (ص) وبرهانه على دينه ونص على الحكم بإن الحسن والحسين عليهم السلام أبناءه وإن فاطمة عليها السلام نسائه المتوجه إليهم الذكر والخطاب في المباهلة والإحتجاج وهذا فضل لم يشركهم فيه أحد من الأمة ولا قاربهم فيه ولا ماثلهم في معناه وهو لاحق بما تقدم من مناقب أمير لمؤمنين عليه السلام الخاصة ......(8) .
***وفي يوم الرابع والعشرين من ذي الحجة ***
نزلت آية الولاية لقد طلب النبي سليمان عليه السلام الملك فأعطية الخاتم والإمام علي عليه السلام لقد تصدق بالخاتم ونزلت هذه الآية العظيمة
(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)
وقضى الله سبحانه وتعالى في هذه الآية أن يشتق من ولايته ولاية أمير المؤمنين عليه السلام والذي لا يؤمن بهذه الولاية فأنه لا يؤمن بولاية الله سبحانه وتعالى لأن إنما أداة حصر قد حصرت الولاية بألله وبالرسول (ص) وبأمير المؤمنين عليه السلام (9) .
***وفي اليوم الخامس والعشرين من ذي الحجة ***
أظهر الله سبحانه وتعالى مكانت أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم أجمعين وفي مقدمتهم الإمام علي عليه السلام قال الله سبحانه وتعالى
( هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا * إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا وَأَغْلالا وَسَعِيرًا * إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ...) (10) .
وبهذا فإن شهر ذي الحجة قد أحتوى ما لم يحتويه اي شهر من فضائل الولاية وإظهار عظمتها وأهميتها عند الله سبحانه وتعالى ففي الولاية يعبد الله سبحانه وتعالى أحق العبادة ويوحد أكمل التوحيد لأنها الطريق الذي إختاره الله لعباده أن يسلكوه في عبادتهم له ، لهذا فإن شهر ذي الحجة هو بحق شهر الولاية .
_______________________________________
(1) الحدائق الناضرة – للمحقق البحراني ج10ص538
(2) مناقب أمير المؤمنين (ع) – محمد بن سليمان الكوفي – ص204
(3) مصباح المتهجد – الشيخ الطوسي ص672
(4) تاريخ دمشق – بن عساكر ج42ص345
(5) المهذب – القاضي أبن البراج ج1ص8
(6) جواهر الفقه – القاضي أبن البراج ص249
(7) سورة المائدة آية 3
(8) المستجاد من الإرشاد ( المجموعة) – العلامة الحلي ص108
(9) رياض المسائل – السيد علي الطباطبائي ج5ص464
(10) سورة الإنسان من آية 1 إلى 10
بقلم : خضير العواد