بيان خصوصيات فاطمة في القرآن -10-
مـقــام الأئـمــة
أهل البيت (عليهم السلام) خلفاء الله تعالى الخاصين، أولئك هم واسطة الفيض الإلهي إلى البشر، وأي شيءٍ يمكن للإنسان الوصول إليه من الكمالات هو عن طريق أولئك، ولذلك لديهم شخصية عميقة كثيرا، سنشير إلى جملة المقامات التي لدى أئمة الدين (عليهم السلام).
1-مقام الجسمانية
الأئمة المعصومون (عليهم السلام) في هذا البُعد مثل بقية بني الإنسان، وليس لديهم تفاوت من جهة الجسم، بمعنى أنه بعد الولادة يطوون مراحل الرشد ويصلون إلى كمالهم الجسماني، وفي النهاية يرحلون عن الدنيا، إذاً من هذه الجهة هم متساوون مع الآخرين.
﴿إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ(امتيازي فقط أنه) يُوحَى إِلَيَّ...﴾.
2-مقام الإمامة
لدى الأئمة (عليهم السلام) في هذا المقام فضائل بلا عدّ، وهم جامعون للإمامة، بذلك المقام لديهم الولاية المطلقة والكلية على كل الوجود، بمعنى أن لديهم إشراف جامع من الجهة التكوينية والتشريعية بكل ما خلق الله المتعال، عن طريق هذا المقام.
3-مقام النورانية
هذا المقام مرتبط بمقام التجرُّد وقبل خلق العالم المادي لهم، يقول النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله):
﴿كنت أنا وعلي نورا بين يدي الله عز وجل يسبح الله ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق الله آدم بألف عام، فلما خلق الله آدم، ركّب ذلك النور في صلبه فلم يزل في شيء واحد حتى افترقنا في صلب عبد المطلب، ففيَّ النبوة وفي علي الخلافة﴾.
من هذه الجهة لا يخفى على الأئمة الأطهار (صلوات الله عليهم) وهم في هذا المقام أي أمرٍٍ، ولديهم اطلاع على كل الحقائق والمخلوقات.ولذلك بالتوجه إلى مقام نورانية الإمام علي(صلوات الله عليه) يُعرف أن ما عمله، بهذا الدليل لا يريد استخدام مقامه حتى أن الآخرين يصلوا إلى معرفة المقام العالي للسيدة الصديقة(صلوات الله عليها)، ولذلك أظهر عدم المعرفه من باب﴿تجاهل العارف﴾، مثلما عمل الإمام الحسن والإمام الحسين (صلوات الله عليهما) مع الرجل العجوز الذي يتوضأ خطأً وهذا الأمر مشابه له.
﴿﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ * بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ﴾﴾.
بحران مختلفان جنب بعض، وبينهما اتصال، بينهما حاجز وبرزخ حتى لا يغلب أحدهما الآخر، بمعني أننا جعلنا بينهما حائلاً وهو الوجود المقدس لخاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله)، حتى لا يعلو أحدهما على الآخر ويغلبه.
هذه الآية تقول: إن بحر الإمام علي(صلوات الله عليه) وبحر السيدة فاطمة(صلوات الله عليها) متساويان، بمعنى أن هذين الإثنين متساويان في الكمالات من جهة العلم، والقدرة، والإيمان، والتقوى، والإعجاز، والقرب والمقام عند الله، ولا يوجد بينهما أفضلية على الآخر؛ لأن بينهما الوجود المقدس أي الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله).
مصحف السيدة فاطمة
إحدى الخصوصيات المنحصرة بالسيدة فاطمة(صلوات الله عليها) هي مصحفها، حيث أن الإطلاع عليه من أجل معرفتها ضروري جدا، ولذلك سوف نحقق في مصحف هذه السيدة العظيمة(صلوات الله عليها) بصورة مختصرة. أنزل الله المتعال القرآن الكريم على نبيه (صلى الله عليه وآله) حتى تصلنا المعارف الإلهية والأحكام الدينية، رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
﴿إني تاركٌ فيكم الثّقلين كتاب الله وعترتي﴾.
كذلك أرسل الله تعالى كتاباً لأجل السيدة الزهراء(صلوات الله عليها) وبعدها صار لدى الأئمة المعصومين (صلوات الله عليهم) من يدٍ إلى يد حتى وصل اليوم في يد الإمام صاحب الزمان (صلوات الله عليه)؛ ولذلك فإن الواسطة بين الله والأئمة المعصومين (صلوات الله عليهم) الوجود النوراني للسيدة الزهراء(صلوات الله عليها).
الأمر المهم حول هذا المصحف أن هذا الكتاب بالنسبة لنا لا توجد قابلية للاستفادة منه، بل فقط الأئمة (صلوات الله عليهم) لديهم قابلية الاستفادة منه وفهمه؛ ولذلك ليس في يدنا هذا الكتاب.
عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي (صلوات الله عليه) عن مصحف فاطمة(صلوات الله عليها)؟
فقال: أُنْزِلَ عليها بعد موت أبيها.
فقلت: ففيه شيء من القرآن؟
قال: ما فيه شيء من القرآن.
قال: قلت: فصفه لي.
قال: له دفتان من زبرجدتين على طول الورق وعرضه حمراوين.
قلت له: جعلت فداك صف لي ورقه.
قال: ورقه من درًّ أبيض قيل له (كن) فكان.
قلت: جعلت فداك، فما فيه؟
قال: فيه خبر ما كان، وخبر ما يكون إلى يوم القيامة، وفيه خبر سماء سماء، وعدد ما في سماء سماء من الملائكة، وغير ذلك، وعدد كل من خلق الله مرسلا وغير مرسل، وأسماؤهم، وأسماء الذين أرسلوا إليهم، وأسماء من كذب ومن أجاب منهم، وفيه أسماء جميع من خلق الله من المؤمنين والكافرين، من الأولين والآخرين، وأسماء البلدان، وصفة كل بلد في شرق الأرض وغربها، وعدد ما فيها من المؤمنين، وعدد ما فيها من الكافرين، وصفة كل من كذَّبَ، وصفة القرون الأولى وقصصهم، ومن وَلِيَ من الطواغيت ومدة ملكهم وعددهم، وفيه أسماء الأئمة وصفتهم، وما يملك واحدا واحدا، وفيه صفة كراتهم، وفيه صفة جميع من تردد في الأدوار من الأولين والآخرين.
قال: قلت: جعلت فداك وكم الأدوار؟
قال: خمسون ألف عام، وهي سبعة أدوار، وفيه أسماء جميع من خلق الله من الأولين والآخرين وآجالهم، وصفة أهل الجنة، وعدد من يدخلها، وعدد من يدخل النار، وأسماء هؤلاء وأسماء هؤلاء، وفيه علم القرآن كما أنزل، وعلم التوراة كما أنزلت، وعلم الانجيل، والزبور، وعدد كل شجرة ومدرة في جميع البلاد.
قال أبو جعفر (صلوات الله عليه): فلما أراد الله(عز وجل) أن ينزله عليها، أمر جبرئيل وميكائيل وإسرافيل أن يحملوا المصحف فينزلوا به عليها، وذلك في ليلة الجمعة من الثلث الثاني من الليل، هبطوا به عليها وهي قائمة تصلي، فما زالوا قياما حتى قعدت، فلما فرغت من صلاتها سلموا عليها، وقالوا لها: السلام يقرئك السلام، ووضعوا المصحف في حجرها.
فقالت لهم: الله السلام، ومنه السلام، وإليه السلام، وعليكم يا رسل الله السلام.
ثم عرجوا إلى السماء، فما زالت من بعد صلاة الفجر إلى زوال الشمس تقرأه، حتى أتت على آخره. ولقد كانت(صلوات الله عليها) طاعتها مفروضة على جميع من خلق الله من الجن، والإنس، والطير، والبهائم، والأنبياء، والملائكة.
فقلت: جعلت فداك فلما مضت إلى من صار ذلك المصحف؟
فقال: دفعته إلى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، فلما مضى صار إلى الحسن، ثم إلى الحسين (صلوات الله عليه)، ثم عند أهله حتى يدفعوه إلى صاحب هذا الأمر.
فقلت: إن هذا العلم كثير!
فقال: يا أبا محمد، إن هذا الذي وصفته لك لفي ورقتين من أوله، وما وصفت لك بعد ما في الورقة الثالثة، ولا تكلمت بحرف منه.
وفي رواية أخرى عن الإمام جعفر الصادق (صلوات الله عليه) في خصوص مصحف السيدة فاطمة(صلوات الله عليها) هكذا يقول:
﴿تظهر الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة، وذلك أني نظرت في مصحف فاطمة (صلوات الله عليها).
قال: قلت: وما مصحف فاطمة؟
قال: إن الله تعالى لما قبض نبيه (صلى الله عليه وآله) دخل على فاطمة (صلوات الله عليها) من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلا الله عز وجل، فأرسل الله إليها ملكا يسلِّي غمَّها ويحدِّثها، فشكت ذلك إلى أمير المؤمنين (صلوات الله عليه).
فقال: إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولي لي فأعلمته بذلك فجعل أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) يكتب كلما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفا.
قال: ثم قال: أما إنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام ولكن فيه علم ما يكون﴾.
أنا لا أقول أن عليا نبيا لكن لديه كتاب مصحف تالي القرآن مثلما الجسم والمصحف روحه نعم إن المصحف هو بيان زاوية من المقامات العلمية للسيدة فاطمة(صلوات الله عليها).
كتاب:- فاطمة كوثر الرسول - قسم سورة القدر
عليها السلام للأستاذ الشيخ حسين گنجي
بيان خصوصيات فاطمة في القرآن -1-
بيان خصوصيات فاطمة في القرآن -2-
بيان خصوصيات فاطمة في القرآن -3-
بيان خصوصيات فاطمة في القرآن -4-
بيان خصوصيات فاطمة في القرآن -5-
بيان خصوصيات فاطمة في القرآن -6-
بيان خصوصيات فاطمة في القرآن -7-
بيان خصوصيات فاطمة في القرآن -8-
بيان خصوصيات فاطمة في القرآن -9-