السلام على شيعة علي ع ورحمة الله وبركاته
كل عام وأنتم بخير
أظهر الأمر سبحانه وتعالى لتعيين ذوي القربى لئلا يدعي كل من له نسبة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإن كانت عرضية فقال سبحانه { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ } فهذه الأولوية ليست إلا في الولاية التي أثبتها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ،
والولاية هي الأولوية في التصرف لقوله { أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ } فأخرج المهاجرين عن هذه الولاية أجمع
وأثبت الأمر في أولي الأرحام فخصص ذوي القربى بهم عليهم السلام
فبطل الذين كانوا متمسكين بالقرابة السببية من المناكحة والمزاوجة ،
ثم أولـوا الأرحام أيضا ما دخلوا كلهم لقوله تعالى { بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ } والأمر في الحقيقة وإن ظهر في هذا المقام لأن أولي الأرحام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما كان إلا العباس وأمير المؤمنين ، والعباس قد عرف الخلق كلهم بعدم استيهاله لهذا الأمر وكذلك باقي بني هاشم ،
لكن الله سبحانه تأكيدا للأمر وإتماما للحجة وإكمالا للنعمة صرح بالأمر ونص عليا عليه السلام بهذا الأمر بما لا يحتمل الخلاف بقوله
تعالى { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا } وما اجتمعت الصفتان إلا في علي عليه السلام لأن العباس وغيره من بني هاشم وغيرهم كانوا نسبا ولم يكونوا صهرا وعثمان وإن كان صهرا على ظاهر دعواهم لكنه لم يكن نسبا
وليس النسب والصهر إلا مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه فقوله تعالى { فَجَعَلَهُ نَسَبًا }
إشارة إلى أنه سبحانه جعله كذلك واختصه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فهو نسب واقعي إلهي قد جعله الله لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وارثا إذ ما كل نسب في الظاهر وأولي رحم هو نسب وأولي رحم في الباطن والحقيقة وأحكام النبوة والولاية والمودة الإلهية للنسب الواقعي الإلهي الأصلي لا الظاهري ألم تر إلى قوله تعالى { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } وحكم النجاة ما شمل ابن نوح الشامل لكل أهله لأنه ابنه في الظاهر ولم يكن ابنه في الباطن ، ولما شهد الحق سبحانه لعلي عليه السلام بالقرابة الواقعية والمناسبة الذاتية المجعولة من الله سبحانه ولم يشهد لغيره علمنا أنه لمزية عنده ليست لغيره فيكون هو المناسب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دون غيره بأن زوجه الله سبحانه ابنة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فشهد لها بالطهاره وعلو القدر والمقام إذ الله سبحانه ما يختار للنبوة والرسالة أهل الباطل وأهل المعصية مردة الشيطان وفعلة الطغيان والعصيان وإنما يختار الطيب الطاهر لأنه سبحانه هو الطيب الطاهر { الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ } فما ينسب إلى الله سبحانه وتعالى يجب أن يكون أشرف وأولى وأطهر من كل أحد مما لم ينسب إلى الله سبحانه وتعالى ، فلما اختار محمدا صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة والنبوة علمنا أن ذلك لجليل شأنه عنده وعظيم خطره لديه وكبر محله وقرب منزلته منه ، فلما اختار من بين المنتسبين إليه واحدا وأثبت له القرابة والنسب دون الآخر ين علمنا أن ذلك ليس لمجرد النسبة الظاهرية وإلا لكان لغوا بل لمناسبة حقيقية ذاتية ليست في غيره خصوصا عند قوله تعالى { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا } مع أن البشر كلهم خلقوا من التراب قال تعالى { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } فلو كان المراد الماء الذي جزء العناصر فالكل كانوا مشتركين في هذا الحكم مع أن ذلك لا يصح فإن الحكم على الجزء الغالب لا الجزء المغلوب ولذا شاع وذاع أن الإنسان خلق من التراب والجن من النار والملائكة من النور مع أن هذه الثلاثة في الكل موجودة ولا يقال أن الملائكة خلقوا من النار أو من التراب أو الجن خلقوا من التراب أو من النور أو البشر خلقوا من النور أو من النار أو من الهواء فكذلك من الماء،
فتحقق أن الله سبحانه يريد في هذه الآية بيان حقيقة مناسبة هذا الخلق مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنه لا يشبه غيره من أولي القربى وأهل النسب فإنهم خلقوا من التراب أي من فاضل الجسد البشري وأما هذا الخلق عليه السلام فهو من الماء ، والماء هوالذي به كل شيء حي فهو مادة الحياة والخلق من هذه المادة إشارة إلى وجودها وتحققها فيه وإلا لكان عبثا ، يعني أن حياته الأبدية ذاتية فطرية إلهية ليست كسائر الخلق بالاكتساب والاختلاط الترابي وإنما هو حياة صرف ونور بحت ، والحياة هي العلم والإيمان والتقوى والعمل الصالح والطهارة ولذا كان الماء
طهور ا لقوله عز وجل { أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ } فجعل الجـاهل والكافـر ميتـا لقوله { كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ } وهي السواد الذي طبعها بارد يابس الذي هو طبع الموت وقال تعالى { وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ * إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ }1
فإذا أثبت الحق سبحانه أن عليا عليه السلام هو مادة العلم ومنشؤه وحقيقته وفطر على اليقين والتقوى في أصل خلقته لحسن قابليته ، وأن النبوة ليست حكم القالب البدني الترابي وإنما هو حكم القالب البدني المائي الذي هو آثار رحمة الله يحيي بها أراضي القلوب الميتة وعلي عليه السلام مناسبة في هذه الحقيقة فيرد الأمر من المناسب إلى المناسب لا البائن ، ثم لما أراد الله سبحانه إظهار ذوي القربى وحملة النبوة والولاية جعل هذا الطيب الطاهر المخلوق من الماء الذي هونسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صهرا حقيقيا بأن زوّجه ابنته الحقيقية التي لها مناسبة ذاتية مع ذلك البشر المخلوق من الماء فتكون هي أيضا مخلوقة من الماء لحكم المناسبة فهي أيضا عين العلم ومعدنه ومنبعه وما كانت مخلوقة من الجسد البشري وإنما هي مخلوقة من الماء الإلهي الذي به حياة كل شيء حي نزل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتولدت منه على الواقعي الحقيقي لا الظاهري المحض ، فلما قارن السعدان والتقى البحران أخرج الله سبحانه منهما اللؤلؤ والمرجان وهما الحسنان عليهما السلام فورثا حكم الله واستودعا أمر الله إذ من الطيب والطيبة ابنة الطيب ما يظهر إلا الطيب فالمناسب للمناسب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مناسب له ، فذوي القربى ولاة الأمر يجب أن يكونوا من نسل هذين الطيبين الطاهرين وإليه أشار مولانا الحسين عليه السلام في يوم
كربلاء إلى أن قال عليه السلام :
لا لشيء ان مني قبل ذا غير فخري بضياء الفرقدين
بعلي الخير مـن بعـد النبي والنبـي القـرشـي الوالـديـن
خيرة الله مـن الخلـق أبي ثم أمي فـأنـا ابـن الخـيـرتين
فضة قد خلصت من ذهب فأنـا الفضة وابـن الـذهـبيـن
من له جد كجدي في الورى أو كشيخي فأنا بـن الـقمريـن
فـاطم الزهراء أمـي وأبي قاصم الكفر ببـدر وحنـــين
إلى آخر الأبيات .
فكان أئمتنا سلام الله عليهم مأخوذين من تلك الصفوة ومن تلاقي ذين البحرين المخرج منهما اللؤلؤ والمرجان فهم ليسوا من نسبة هذا التراب البشري المحض وإنما هم من نسبة الماء الذي به كل شيء حي ولما كان المعاند قد يلتبس الأمر على بعض العوام المستضعفين على أن السبط والذرية إنما هي من جهه الأب لا الأم إلا الجزئي على ما قال شاعرهم :
بنونا بنوا أبنائنا، وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد
والأئمة سلام الله عليهم منسوبون إلى رسول الله من جهه الأم لا من جهة الأب فلا يقال لهم ابن رسول الله إلا مجازا أبطل هذه الشبهة ورفع هذه الواهمة في سورة الأنعام بإثبات أن عيسى عليه السلام من ذرية نوح عليه السلام ولا ريب أنه من جهه الأم لا من جهه الأب .
وبالجملة براهين طهارتهم واضحة وحجج ولايتهم ظاهرة لا ينكر طهارتهم إلا خبيث المولد خبيث الذات خبيث الصفات خبيث الأفعال المشرك المرتاب ، اللهم صل على محمد وآل محمد وثبتنا على دينك ودين نبيك ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب .
وهذا مقام طهارتهم عليهم السلام في المقامات البشرية ،
وأما طهارتهم في مقام الوجهية فمما يقصر الكلام لبيانها ويحسر اللسان لأدائها
السيد كاظم الرشتي ..الخطبة التطنجيةكل عام وأنتم بخير
أظهر الأمر سبحانه وتعالى لتعيين ذوي القربى لئلا يدعي كل من له نسبة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإن كانت عرضية فقال سبحانه { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ } فهذه الأولوية ليست إلا في الولاية التي أثبتها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ،
والولاية هي الأولوية في التصرف لقوله { أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ } فأخرج المهاجرين عن هذه الولاية أجمع
وأثبت الأمر في أولي الأرحام فخصص ذوي القربى بهم عليهم السلام
فبطل الذين كانوا متمسكين بالقرابة السببية من المناكحة والمزاوجة ،
ثم أولـوا الأرحام أيضا ما دخلوا كلهم لقوله تعالى { بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ } والأمر في الحقيقة وإن ظهر في هذا المقام لأن أولي الأرحام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما كان إلا العباس وأمير المؤمنين ، والعباس قد عرف الخلق كلهم بعدم استيهاله لهذا الأمر وكذلك باقي بني هاشم ،
لكن الله سبحانه تأكيدا للأمر وإتماما للحجة وإكمالا للنعمة صرح بالأمر ونص عليا عليه السلام بهذا الأمر بما لا يحتمل الخلاف بقوله
تعالى { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا } وما اجتمعت الصفتان إلا في علي عليه السلام لأن العباس وغيره من بني هاشم وغيرهم كانوا نسبا ولم يكونوا صهرا وعثمان وإن كان صهرا على ظاهر دعواهم لكنه لم يكن نسبا
وليس النسب والصهر إلا مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه فقوله تعالى { فَجَعَلَهُ نَسَبًا }
إشارة إلى أنه سبحانه جعله كذلك واختصه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فهو نسب واقعي إلهي قد جعله الله لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم وارثا إذ ما كل نسب في الظاهر وأولي رحم هو نسب وأولي رحم في الباطن والحقيقة وأحكام النبوة والولاية والمودة الإلهية للنسب الواقعي الإلهي الأصلي لا الظاهري ألم تر إلى قوله تعالى { إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } وحكم النجاة ما شمل ابن نوح الشامل لكل أهله لأنه ابنه في الظاهر ولم يكن ابنه في الباطن ، ولما شهد الحق سبحانه لعلي عليه السلام بالقرابة الواقعية والمناسبة الذاتية المجعولة من الله سبحانه ولم يشهد لغيره علمنا أنه لمزية عنده ليست لغيره فيكون هو المناسب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دون غيره بأن زوجه الله سبحانه ابنة محمد صلى الله عليه وآله وسلم فشهد لها بالطهاره وعلو القدر والمقام إذ الله سبحانه ما يختار للنبوة والرسالة أهل الباطل وأهل المعصية مردة الشيطان وفعلة الطغيان والعصيان وإنما يختار الطيب الطاهر لأنه سبحانه هو الطيب الطاهر { الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ } فما ينسب إلى الله سبحانه وتعالى يجب أن يكون أشرف وأولى وأطهر من كل أحد مما لم ينسب إلى الله سبحانه وتعالى ، فلما اختار محمدا صلى الله عليه وآله وسلم بالرسالة والنبوة علمنا أن ذلك لجليل شأنه عنده وعظيم خطره لديه وكبر محله وقرب منزلته منه ، فلما اختار من بين المنتسبين إليه واحدا وأثبت له القرابة والنسب دون الآخر ين علمنا أن ذلك ليس لمجرد النسبة الظاهرية وإلا لكان لغوا بل لمناسبة حقيقية ذاتية ليست في غيره خصوصا عند قوله تعالى { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا } مع أن البشر كلهم خلقوا من التراب قال تعالى { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ } فلو كان المراد الماء الذي جزء العناصر فالكل كانوا مشتركين في هذا الحكم مع أن ذلك لا يصح فإن الحكم على الجزء الغالب لا الجزء المغلوب ولذا شاع وذاع أن الإنسان خلق من التراب والجن من النار والملائكة من النور مع أن هذه الثلاثة في الكل موجودة ولا يقال أن الملائكة خلقوا من النار أو من التراب أو الجن خلقوا من التراب أو من النور أو البشر خلقوا من النور أو من النار أو من الهواء فكذلك من الماء،
فتحقق أن الله سبحانه يريد في هذه الآية بيان حقيقة مناسبة هذا الخلق مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنه لا يشبه غيره من أولي القربى وأهل النسب فإنهم خلقوا من التراب أي من فاضل الجسد البشري وأما هذا الخلق عليه السلام فهو من الماء ، والماء هوالذي به كل شيء حي فهو مادة الحياة والخلق من هذه المادة إشارة إلى وجودها وتحققها فيه وإلا لكان عبثا ، يعني أن حياته الأبدية ذاتية فطرية إلهية ليست كسائر الخلق بالاكتساب والاختلاط الترابي وإنما هو حياة صرف ونور بحت ، والحياة هي العلم والإيمان والتقوى والعمل الصالح والطهارة ولذا كان الماء
طهور ا لقوله عز وجل { أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ } فجعل الجـاهل والكافـر ميتـا لقوله { كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ } وهي السواد الذي طبعها بارد يابس الذي هو طبع الموت وقال تعالى { وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاء وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ * إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ }1
فإذا أثبت الحق سبحانه أن عليا عليه السلام هو مادة العلم ومنشؤه وحقيقته وفطر على اليقين والتقوى في أصل خلقته لحسن قابليته ، وأن النبوة ليست حكم القالب البدني الترابي وإنما هو حكم القالب البدني المائي الذي هو آثار رحمة الله يحيي بها أراضي القلوب الميتة وعلي عليه السلام مناسبة في هذه الحقيقة فيرد الأمر من المناسب إلى المناسب لا البائن ، ثم لما أراد الله سبحانه إظهار ذوي القربى وحملة النبوة والولاية جعل هذا الطيب الطاهر المخلوق من الماء الذي هونسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صهرا حقيقيا بأن زوّجه ابنته الحقيقية التي لها مناسبة ذاتية مع ذلك البشر المخلوق من الماء فتكون هي أيضا مخلوقة من الماء لحكم المناسبة فهي أيضا عين العلم ومعدنه ومنبعه وما كانت مخلوقة من الجسد البشري وإنما هي مخلوقة من الماء الإلهي الذي به حياة كل شيء حي نزل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتولدت منه على الواقعي الحقيقي لا الظاهري المحض ، فلما قارن السعدان والتقى البحران أخرج الله سبحانه منهما اللؤلؤ والمرجان وهما الحسنان عليهما السلام فورثا حكم الله واستودعا أمر الله إذ من الطيب والطيبة ابنة الطيب ما يظهر إلا الطيب فالمناسب للمناسب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مناسب له ، فذوي القربى ولاة الأمر يجب أن يكونوا من نسل هذين الطيبين الطاهرين وإليه أشار مولانا الحسين عليه السلام في يوم
كربلاء إلى أن قال عليه السلام :
لا لشيء ان مني قبل ذا غير فخري بضياء الفرقدين
بعلي الخير مـن بعـد النبي والنبـي القـرشـي الوالـديـن
خيرة الله مـن الخلـق أبي ثم أمي فـأنـا ابـن الخـيـرتين
فضة قد خلصت من ذهب فأنـا الفضة وابـن الـذهـبيـن
من له جد كجدي في الورى أو كشيخي فأنا بـن الـقمريـن
فـاطم الزهراء أمـي وأبي قاصم الكفر ببـدر وحنـــين
إلى آخر الأبيات .
فكان أئمتنا سلام الله عليهم مأخوذين من تلك الصفوة ومن تلاقي ذين البحرين المخرج منهما اللؤلؤ والمرجان فهم ليسوا من نسبة هذا التراب البشري المحض وإنما هم من نسبة الماء الذي به كل شيء حي ولما كان المعاند قد يلتبس الأمر على بعض العوام المستضعفين على أن السبط والذرية إنما هي من جهه الأب لا الأم إلا الجزئي على ما قال شاعرهم :
بنونا بنوا أبنائنا، وبناتنا بنوهن أبناء الرجال الأباعد
والأئمة سلام الله عليهم منسوبون إلى رسول الله من جهه الأم لا من جهة الأب فلا يقال لهم ابن رسول الله إلا مجازا أبطل هذه الشبهة ورفع هذه الواهمة في سورة الأنعام بإثبات أن عيسى عليه السلام من ذرية نوح عليه السلام ولا ريب أنه من جهه الأم لا من جهه الأب .
وبالجملة براهين طهارتهم واضحة وحجج ولايتهم ظاهرة لا ينكر طهارتهم إلا خبيث المولد خبيث الذات خبيث الصفات خبيث الأفعال المشرك المرتاب ، اللهم صل على محمد وآل محمد وثبتنا على دينك ودين نبيك ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب .
وهذا مقام طهارتهم عليهم السلام في المقامات البشرية ،
وأما طهارتهم في مقام الوجهية فمما يقصر الكلام لبيانها ويحسر اللسان لأدائها