إن الحديث هذه الأيام كثر عن تأثير العالم اللامرئي، فبمجرد أن يعيش الإنسان الارتباك في حياته، تجده يبحث عن العوامل الغيبية:
الحسد، والعين، والجن القرين، والسحر وغيرها من هذه الأمور.. ولكن ما هو موقف المؤمن الذي هو أعقل العقلاء من هذه المسألة؟!..
القانون الأول: عدم القطع.. القرآن الكريم يقول في آية صريحة: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ}، {إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ}..
فإذن ما لم يقم دليل على الشيء، المؤمن لا يعتقد بذلك الشيء: أرى مطرا فأقول: هذا مطر ينزل، أما لا أرى شيئا وأحكم عليه؛ فهذا أمر باطل..
ومع الأسف بعض الاصطلاحات الأخلاقية، تفهم بشكل مغلوط: يقال: فلان له عين برزخية؛ أي يرى الأشخاص على واقعهم، يراهم حيوانات مثلا،
ويدعي أنه على خير {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأَخْسَرِينَ أَعْمَالا}.. والحال أنهم من أخسر الناس!..
من أين له العلم أن هذه العين برزخية، ربما هي عين شيطانية وهو لا يدري؟!..
روي عن الإمام علي (ع): (...أما إنه ليس بين الحق والباطل إلا أربع أصابع، فسئل عن معنى قوله هذا،
فجمع أصابعه ووضعها بين أذنه وعينه، ثم قال: الباطل أن تقول: سمعت، والحق أن تقول: رأيت).
القانون الثاني: تحصين النفس.. إن الإنسان الذي يريد الذهاب إلى الحج، يأخذ مضادا حيويا، فيحصن نفسه احتياطا قبل أن يأتيه المرض..
وكذلك المؤمن يحصن نفسه بالمعوذات الشرعية؛ لا بالأباطيل، والرسومات التي لم يرد فيها دليل من الشرع.. هناك مجموعة من المعوذات الشرعية، منها:
أولاً: التعويذة الصباحية: (أصبحت اللهم معتصماً بذمامك المنيع، الذي لا يُطاول ولا يحاول، من كلّ طارقٍ وغاشمٍ، من سائر ما خلقت ومن خلقتَ،
من خلقك الصامت والناطق في جُنّةٍ من كلّ مخوفٍ بلباسٍ سابغةٍ، ولاء أهل بيت نبيك، محتجزاً من كلّ قاصدٍ إلى أذيةٍ بجدارٍ حصينٍ،
الإخلاص في الاعتراف بحقهم والتمسك بحبلهم جميعاً، موقناً أنّ الحق لهم ومعهم وفيهم وبهم، أُوالي من والوا وأُجانب من جانبوا،
فأعذني اللهم بهم من شرّ كلّ ما أتقيه يا عظيم!.. حجزت الأعادي عني ببديع السماوات والأرض،
إنا جعلنا من بين أيديهم سدّاً ومن خلفهم سدّاً، فأغشيناهم فهم لا يبصرون)..
الذي يقرأها بتوجه، حاشا لرب العالمين أن يسلمه للأعداء!.. وإن أسلمه للأعداء لمصلحة؛ فذلك لرفع درجاته.
ثانياً: آية الكرسي: {اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ
يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}..
الذي حفظ السماء والأرض، لا يحفظ هذا العبد المستضعف المسكين الفقير؟!..
{اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا}؛ عاجز أن يرفع من شأن الإنسان، أو من أمره؟.. يا له من سوء فهم!..
ثالثاً: حرز الإمام الرضا (ع): هناك رقعة جيب للإمام الرضا (ع)، وهي من أقوى المعوذات والحجج، تعابيرها واضحة، وليس فيها غموض، ولا أسرار..
(بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله إني أعوذ بالرحمان منك إن كنت تقياً، أو غير تقي، أخذت بــالله السميع البصير على سمعك وبصرك،
لا سلطان لك علي ولا على سمعي، ولا على بصري، ولا على شعري، ولا على بشري، ولا على لحمي، ولا على دمي، ولا على مخي،
ولا على عصبي، ولا على عظامي، ولا على مالي، ولا على ما رزقني ربي.. سترت بيني وبينك بستر النبوة، الذي استتر أنبياء الله به
من سطوات الجبابرة والفراعنة.. جبرائيل عن يميني، وميكائيل عن يساري، وإسرافيل عن ورائي، ومحمد -صلى الله عليه وآله- أمامي،
والله مطلع عليّ، يمنعك مني ويمنع الشيطان مني.. اللهم!.. لا يغلب جهله أناتك أن يستفزني، ويستخفني..
اللهم!.. إليك التجأت.. اللهم!.. إليك التجأت.. اللهم!.. إليك التجأت).
بعد هذا كله، يسلم الإنسان نفسه للحفيظ العليم!.. نحن عندما نركب الطائرة نقول: يا حفيظ، يا عليم..
أي أنت الحفيظ، وأنت العليم؛ تحفظني من كل الآفات.
__________________
نسألكم الدعاء