فقد روى الصدوق رضي الله عنه بسند صحيح ، في كمال الدين/516 ، قال: (حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد المكتب قال: كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ علي بن محمد السمري قدس الله روحه ، فحضـرته قبل وفاته بأيام فأخرج إلى الناس توقيعاً نسخته:
بسم الله الرحمن الرحيم . يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام ! فاجمع أمرك ولا توص إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك ، فقد وقعت الغيبة التامة فلا ظهور إلا بعد إذن الله عز وجل ، وذلك بعد طول الأمد ، وقسوة القلوب ، وامتلاء الأرض جوراً .
وسيأتي شيعتي من يدعي المشاهدة ، ألا فمن ادعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كذابٌ مفتر ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
قال: فنسخنا هذا التوقيع وخرجنا من عنده ، فلما كان اليوم السادس عدنا إليه
وهو يجود بنفسه فقيل له: من وصيك من بعدك؟ فقال: لله أمر هو بالغه . ومضى
رضي الله عنه ، فهذا آخر كلام سمع منه ).
فهذا مذهب الشيعة قديماً وحديثاً ، وهو أن الله تعالى مد في عمر المهدي كالخضـر’ وليس له سفير حتى تبدأ علامات ظهوره بخروج السفياني الذي يحكم سوريا ، والنداء السماوي من جبرئيل( عليه السلام ) بانتهاء عصور الظلم وظهور المهدي الموعود( عليه السلام ) .
وقد جاء الشيعة من ادعى السفارة عن الإمام المهدي صلوات الله عليه ، فطلبوا من المعجزة فلم يكن عنده ، فأفحموه ورجع خائباً .
فكل من ادعى أنه سفير الإمام( عليه السلام ) أو أنه مكلف منه ولو بتبليغ كلمة ، نطلب منه معجزةً تثبت صدقه ، وإلا فهو كذاب مفترٍ ، أو مجنون لا قيمة لكلامه .
أما من ادعى رؤية الإمام( عليه السلام ) ولم يدع أنه سفيره ، ولا اعى أنه كلفه بشئ ، فهذا ممكن في عصر الغيبة ، ويتوقف على الثقة بصدقه .
وقد طلبنا من دجال البصرة معجزة فعجز ، ثم وعدنا بها ونكص ، فعرفنا أنه من الكذابين المفترين الدجالين .
(2) لماذا جاء ابن المهدي جاء قبل أبيه !
قلت لمبعوثه: هل هو ابن الإمام المهدي( عليه السلام ) ووصيه الذي يحكم بعده ؟ قال: نعم . قلت: فلماذا جاء قبل أبيه؟ فَأُفْحِمَ وسكت !
فقلت له: هل أن إمامك أحمد الحسن سيملأ الأرض قسطاً وعدلاً ؟ قال: نعم. قلت: إذن انتفت الحاجة الى مجيئ أبيه ! فأفحم وسكت !
(3) عنده معجزات جميع الأنبياء(عليهم السلام)
قلت له: هل إمامك عنده معجزات؟ قال: نعم عنده جميع معجزات الأنبياء والأوصياء(عليهم السلام) ، فماذا تريد منها ؟ قلت: أريد أن يقتل هذا الطاغية شارون الذي يقتل المسلمين ، ويخبرنا متى يُقتل وكيف يُقتل ؟
فقام ودخل الى غرفة واتصل بإمامه تلفونياً ، وكان يومها في التنومة قبل أن يثور في البصرة ، ويهرب على أثرها . وعاد قائلاً: غداً نجيبك .
ثم جاء مع صاحبه في الغد وقالا: أجابنا أن الإمام المهدي( عليه السلام ) لم يأذن !
فقلت له: ليقل له إن الناس كذبوني ولم يقبلوا أني رسولك حتى يروا معجزة ، وهذه المعجزة لا تكلفه إلا قوله: اللهم أهلك شارون ! فسكت !
وبتعبير آخر: نحن عندما ثبت لنا صدق نبوة نبينا(صلى الله عليه وآله ) وجبت علينا طاعته . وعندما ثبت لنا صدق إمامة أئمتنا الإثني عشر(عليهم السلام) وجبت علينا طاعتهم . ولم يثبت لنا وجوب طاعة أبنائهم ، إلا إذا أمرنا الإمام المعصوم بذلك .
فحتى لو كنت أنت إبن الإمام المهدي( عليه السلام ) ، فلست إمامنا ولا تجب علينا طاعتك . نعم إذا ثبت لنا أن الإمام أمرنا بذلك فيكون واجباً . فأنت تحتاج الى إثباتين:
الأول ، دعواك أنك أبن الإمام( عليه السلام ) .
والثانية ، أنه أمرنا بطاعتك . وحيث لم تثبت لنا ذلك ، نقول لك: أيها الرجل لا حق لك علينا ، ولا شئ لك عندنا . إذهب الى من زعمت أنه أباك ، أوإذهب الى المقهى! فالموقف العقلي الشرعي من كل مشكك بصدقك أن تعذره ، لأنه لم تتم له الحجة ، لا أن تحكم عليه بالكفر ، وتنادي عليه بالثبور وعظائم الأمور !
وتقول لنا : لقد تمت الحجة . فنقول: تمت عندك وبخيالك وليس علينا ، فلا تتم علينا في مثل هذا الأمر العقائدي والمصيري إلا بيقين لا لبس فيه ، وبمعجزة .
فأين معجزتك الواضحة البينه كالشمس التي يشاهدها الناس ويشهدون بها ، وليست معجزة خفية ضائعة كالجني تقول إنك رأيته ، ولم يره غيرك !
(4) المهدي( عليه السلام ) لا يُهزم فكيف انهزم ابنه ؟!
من صفات الإمام المهدي( عليه السلام ) أن الله ينصره بالرعب فلا ترد له راية ولا يُهزم في أي معركة . (ينصر بالسيف والرعب ، وأنه لا ترد له راية). (كمال الدين/327).
والذي يدعي أنه ابنه ومبعوث منه ، لا بد أن يكون مثله ، مع أنا رأيناه انهزم هو وجنوده في معركة البصـرة مع الشـرطة ، ودخلوا في جحورهم ، فقبضوا عليهم فرادى وجماعات ! وفرَّ هو حتى وصل الى مموليه الوهابية في الإمارات !
قد يقال: إن المهدي( عليه السلام ) لايهزم في معركة فتحها هو ، ومعركة البصـرة فتحتها عليه الحكومة . فالجواب: لافرق في قاعدة: لا ترد له راية، بين أن يكون هو فتح المعركة أو يكون فتحها عليه غيره !
فيكفينا على كذب ادعائه أنه انغلب وانهزم ولو في معركة واحدة !
5) يدعي أنه ابن المهدي( عليه السلام ) ولا يحسن قراءة القرآن!
قيل لأصحابه الخاصين: ألا ترون أن إمامكم يخطئ في قراءة القرآن ! فكيف يكون سفير الإمام المهدي( عليه السلام ) الى العالمين ، وابنه المعتمد ، وهو يغلط في قراءة القرآن ؟! فقد وجدنا له في تسجيل قصير غلطتين !
قال بعضهم: هذا ليس غلطاً بل هو قراءات ! فأجبته: إن الخطأ غير القراءة ، والقراءة لا بد أن تثبت عن أحد القراء المعتبرين ! فسكت ولم يجب .
فقيل له: ما دام إمامك ابن الإمام المهدي( عليه السلام ) والخبير بقراءة القرآن ، فلماذا لا يسجل القرآن كاملاً بصوته ليضبط المسلمون مصاحفهم على قراءته الصحيحة !
فسكت صاحبه ، ثم قال: سوف أطلب منه ذلك !
وقيل له: ومن أجل أن نضبط صلاتنا فلماذا لا تصوروا له صلاته الصحيحة وتنشروها بين الناس ؟
(6) يدعي أنه إمام وهو لايعرف العربية !
والعجيب أن بعض المثقفين اتبعوه وكأنه سحرهم ، فلا يحس أحدهم أن هذا الإمام المزعوم لا يعرف قراءة القرآن بشكل صحيح ، وأنه يخطئ أخطاء فاضحة في مفردات اللغة العربية ، وفي قواعدها النحوية ؟!
ولو استعمل أحدهم عقله لقال: كيف يكون إماماً وابن إمام معصوم وهو يخطئ في قراءة القرآن ، ولا يعرف العربية ، ويخطئ في الصفحة الواحدة عدة أخطاء ، تدل على عاميته . وهذه كتبه بين أيديهم فليقرؤوها ويحكموا بأنفسهم !
(7) يدعي أنه إمام ولا يعرف لغات العالم !
قيل لبعض أصحابه: من عقائدنا أن الإمام( عليه السلام ) يعرف لغات كل الناس ، لانه لا يمكن أن يكون حجة على قوم ولا يعرف لغتهم . فهل يعرف إمامكم لغات العالم ؟ قالوا: نعم ، يعرفها كلها . فقيل لهم: لماذا لا يظهر ويتكلم بلغات عديدة حتى يرى الناس معجزته فيهتدون الى دينه ؟
(8) العنف والتكفير طابع خطابه وأتباعه
وهذا واضح من عامة كتبه وبياناته وكلام أصحابه وتصـرفهم ! فمنطقهم خيالي عنيف كمتطرفي القاعدة ! وهذا نموذج واحد من كلامه:
(أعلن بإسم الإمام محمد بن الحسن المهدي أن:كل من لم يلتحق بهذه الدعوة ويعلن البيعة لوصي الإمام المهدي بعد13رجب1425هـ ق فهو خارج من ولاية علي بن أبي طالب وهو بهذا إلى جهنم وبئس الورد المورود وكل أعماله العبادية باطلة جملة وتفصيلاً ) ! وصي ورسول الإمام المهدي (ع) إلى الناس كافة أحمد الحسن- 13/6/1425 هـ . ق.). انتهى.
كما أن الصفة المشتركة له ولأتباعه المراوغة في الألفاظ والأفكار ، والعامية والجهل والغرور المفرط بأنفسهم ، حتى أن الإمعة منهم يدعي لنفسه مقامات عظيمة !
وغرور أحدهم بنفسه ليس غروراً مسالماً ، بل غرور عدوانيٌّ على كل الناس ! يطفح شرره من منطقه ، ويصعد دخانه من رأسه ! ويغلي صدره حقداً على مراجع الدين الكبار في النجف وقم ، وعلى بقية العلماء والطلبة ، فيصفهم بأقسى الأوصاف ! حتى أنه يستحل دماءهم لأنهم برأيه العقبة الكأداء أمام دعوته !
ثم تراه في تعامله وكلامه ، لايحترم أصولاً ولا يعرف حدوداً ، حتى حدود التعامل الإجتماعي العادي ، فضلاً عن اللياقات !
بل لايحترم اللغة ومعانيها ولا يقف عند حدودها ، فتراه يقفز على المعنى الثابت لأي كلمة أو آية ، ويفسـرها بالتمحل والمحال ، من أجل تأييد بدعته !
إن مشكلة أحدهم أنه لم يَبْنِ أمره على الصدق ، بل اختار عن سبق إصرار أهواءً وعمقها في نواياه وتمسك بها ، مصراً على جهله ، معانداً في خطئه !
إنهم حقاً فصيل من خوارج العصر ، بكل ما يحمله عصـرنا من مادية وعبادة للذات وتمرد على بديهيات العقل . فجوهرهم والتكفيريين والقتلة واحد ، لا فرق بينهم إلا بالأسلوب والأدوات !
فقد اختار أولئك لتحقيق ذواتهم أدوات الإسلام والتكفير ، وإسم أهل السنة والجماعة ، وادعاء الجهاد . واختار هؤلاء أدوات المهدية وادعاء تكليف الله لهم بالثورة ، وقتل من يقف في طريقهم لأنه كافر ! أعاذ الله المسلمين منهم جميعاً .
(9) حيلتهم في الإستدلال بالإستخارة !
قال لي صاحبه وهو يحثني على الإيمان بإمامه : ألا تؤمن بالقرآن ؟
قلت: بلى . قال: فاستخر الله وافتح القرآن وانظر الآية ، فإن كانت الإستخارة جيدة فاتبعه ، وإلا فلا .
وكان أحد الفضلاء حاضراً في المجلس فقال له: هل أنت متزوج ؟
قال: نعم . قال: وصاحبك هذا؟ قال: لا .
فنهض وأخذ له القرآن وقال له: هذا القرآن فاستخر الله تعالى على أن تطلق زوجتك وتؤثر بها أخاك ! فبهت صاحبه واسمه صالح ! فقال له الشيخ: مالك ألا تؤمن بالقرآن ! خذ القرآن واستخر الله تعالى . فلم يقبل .
فقال له: أنت لم تستخر على طلاق زوجتك ، وتريد من فلان أن يستخير على تبديل دينه ؟!
فقلت له: إفهم عليَّ:
الإستخارة معناها أنك متحير بين أمرين مباحين لا تعرف أيهما أرجح ، فتدعو الله تعالى وتفتح القرآن ، فتفهم من الآية الأمر أو النهي أو ترجيح أحدهما .
هذا إذا كان الأمر مباحاً ، أما إذا كان واجباً أو حراماً فالإستخارة عليه غلط ، لأن الله أعطاك الموقف منه ، قال تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِينًا . (الأحزاب:36) فما قضى الله فيه أمراً لا خيرة ولا استخارة فيه .
وهذا كله في السلوك والأعمال ، أما العقائد فليست مجالاً للإستخارة أبداً ، لأن الله تعالى قضى فيها وأوجب الإعتقاد بما صح للعقل منها ، ونهى عما لم يصح .
بل لامعنى للإستخارة في العقائد ، لأن معناها جواز الطرفين ، وأنك مخير بين هذا وعدمه ، وليس في العقائد ما أنت مخير بين الإعتقاد بأنه حق أو بأنه باطل !
فأنت عندما طلبت مني أن أستخير على اتباع أحمد الحسن ، فمعناه أنك تقر أني مخير بين اتباعه وعدم اتباعه ، لأنهما جائزان ، فهل تقر بذلك ؟
فإن قلت نعم ، فأنا مخير واختار عدم اتباعه ، وإن قلت: كلا ، لأن الإستخارة بزعمك تأتي دائماً بوجوب اتباعه ، وهذا معجزة .
قلنا لك: نحن في هذا المجلس عشرة أشخاص ، والآن ندعو ونفتح القرآن ، فإن خرجت آية لأحدنا فيها نهيٌ أو تحذيرٌ أو وعيدٌ بالنار ، فمعناها أن أحمد الحسن باطل ، هل تقبل بذلك وتلتزم به ؟ قال: لا .
قال له أحد الحاضرين: ما رأيك أن نستخير على أن أحمد الحسن دجال شيطان ، فإن خرجت الآية جيدة ، فهل تقبل بذلك ؟ قال: لا .
قال أحدهم: ما رأيك أن نستخير على النبوة ؟ أو الألوهية ؟
قال: هذا لا إستخارة عليه .
فقيل له: فثبت بذلك أنكم انتقائيون في الإستخارة ، تقبلون بها إن استطعتم التلبيس بها لتأييد بدعتكم ، وترفضونها إن خالفت بدعتكم !
(10) حيلتهم في الإستدلال بالمنامات !
وكذلك استدلالهم بالمنامات ، وهم يصيدون به السذج فيقولون للشاب الناشئ: نعطيك ورداً تقرؤه هذ اليوم ، وإذا نمت في الليل رأيت مناماً يقول لك إن أحمد الحسن حق فاتبعه ! فيرى مناماً من إيحائهم ويقع في شبكتهم !
نقول لهم: إن المنام ليس حجة ، لا في العقيدة ولا في العمل ، إلا ما استثناه الدليل كمنامات الأنبياء(عليهم السلام) .
ثم إذا قلتم إن كل منام حجة ، فلا بد أن تقبلوا المنام الذي هو ضدكم أيضاً ! فإذا رأى أحد أن دعوة أحمد الحسن باطلة فمنامه حق . وإذا رأى في المنام أن إمامكم دجال يجب قتله ، فيجب أن تقبلوا وتساعدوه على قتله !
يقولون: لا يمكن ، لأن الرؤيا حق وهي من الله تعالى ، والمنام دائماً معنا .
نقول لهم: حسناً ، خذوا عشرة من عامة الناس ، وأعطوهم الذكر الذي تريدون ليقرؤوه قبل النوم ، أو طول النهار ثم ينامون وانظروا ما يرون في المنام .
فقد يرى بعضهم أن دعوتكم وإمامكم حق ، لكن إذا رأى أن دعوتكم باطل وأنه يجب قتل إمامكم ، فيجب أن تقبلوا أيضاً !
يقولون: لا ، لا نقبل إلا ما وافق دعوتنا ، ونرفض ما خالفها .
ومعناه أنهم ينقضون قولهم بأن المنام حق ، ويصير بعضه حقاً وبعضه باطلاً حسب هواهم ! فيكون استدلالهم بالمنامات باطلاً كاستدلالهم بالإستخارة .
طلبت من العالم الفاضل السيد محمد رضا شرف الدين حفيد آية الله السيد عبد الحسين شرف الدين(قدس سره) أن يكتب لي مناقشته مع أتباع هذا الدجل،فكتب ما يلي:
( قال الله تعالى:
أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ .
أثناء إقامتي لأداء الوظيفة الشرعية في شهر الله الكريم بجوار الروضة الزينبية صانها الله ، أتاني بعض طلاب العلوم الدينية مصطحباً بعض من انطلت عليه ترهات المتسمي بأحمد الحسن البصري ، وارث الشلمغاني الغوي ، وطلب مني أن أكلمه عساه يؤوب إلى رشده ، فاستقبلتهم مرحباً بهم مصغياً اليهم ، ثم سألتهم عما يحتجون به لتلبية تلك الدعوة فأجابوا بأمور ثلاثة:
النص ، والرؤيا ، والإستخارة .
طالبتهم بالنص فجاؤوني بروايات لا دلالة فيها على المدعى ، ولا تصلح للإستناد إليها في فروع الفروع ، فكيف تصلح لأمر يعد من الأصول التطبيقية .
وأما الرؤيا فقد عرضوا كلمات تتضمن دعاء الله تعالى أن يبين أمر أحمد الحسن ، يزعمون أن من قرأها أربعين ليلة رأى في منامه من يرشده إلى حقانية المدعي !
فاستشهدت لهم بصحيحة ابن أذينة عن أبي عبد الله الصادق( عليه السلام ) قال: قال: ما تروي هذه الناصبة؟ فقلت: جعلت فداك في ماذا؟ فقال: في أذانهم وركوعهم وسجودهم، فقلت : إنهم يقولون : إن أبي بن كعب رآه في النوم، فقال : كذبوا فإن دين الله عز وجل أعز من أن يرى في النوم) .
وقلت لهم: فإذا كان المنام لايصلح حجة في فروع الفروع فكيف فيما نحن فيه ؟ والرؤيا إنما تصلح لافتة إلى تقصي دليل نقلي أو مرشدة إلى دليل عقلي ، أما أن تكون دليلاً أو جزء من دليل فهذا باطل لا يركن إليه .
ثم إن الرؤى منها ما يكون بفعل تأثير سفلي بالإستعانة بالعوالم الشيطانية ، ومنها ما يكون رحمانياً ، ومنها مايكون بالتلقين النفسي وإظهار كوامن اللاشعور وهنا أقترح عليكم أن تلتزموا بتكرار كلمة بطيخة أربعين مرة في كل ليلة قبل النوم ، وأنا أضمن لكم أن تروا صحراء بطيخ ، قبل حلول الليلة الأربعين !
وأما الإستخارة فإن الشرط في متعلقها أن لايكون واجباً أو محرماً ، ولو كانت دليلاً شرعياً مطرداً كما تزعمون فهل ترضون بأن نستخير على أن تعطوني كل ما تملكون ، أو أن تطلقوا حلائلكم فأزوجهن بآخرين ؟
ثم أخبرتهم أني قرأت أوراقاً مما كتبه صاحبهم وأنصاره ، فهالني ما رأيت من مزخرفات ملتقطة من كتب بعض المتصوفة والباطنيين ، تكشف عن مستواه الثقافي . وألفتني فيها كثرة الأخطاء اللغوية والإملائية والإنشائية والنحوية ! وقدمت لهم أربع صفحات لخصت فيها تلك الأخطاء راثياً بذلك أبا الأسود والخليل وابن السكيت والكسائي ويعرب بن قحطان، فبادروني بمقولة تضحك الثكلى وهي أن القرآن فيه أخطاء نحوية أيضاً ! في قوله تعالى: لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا.
فلما أجبتهم بالنصب على المدح ، والعطف على إسم الموصول المجرور محلاً ، بهتوا مبتسمين ابتسامة عدم الفهم ، التي ينبغي أن تضاف في عصـرنا هذا إلى قائمة أنواع الإبتسامات !
ثم قلت لهم: إن المدعي زعم أن النبي(صلى الله عليه وآله ) هو تجلي الصفات بل الذات الإلهية ، بل هو الله في الخلق فكيف يكون ذلك؟!
فهل الذات الإلهية التي يُعبر عنها بغيب الغيوب قابلة للحكاية والتجلي ، مع أن النبي(صلى الله عليه وآله ) لا يمكنه درك الذات الإلهية فكيف يعبر عنه بأنه الله في الخلق !
فرأيت منهم الوجوم والصمت الناشئ عن عدم فهم لما ينقلونه فكيف لهم أن يدركوا صحته من سقمه ! فعطفت على استنهاض فطرتهم فقلت لهم: أحبتي ، إن هي إلا نفس واحدة ، والأمر خطير غاية الخطورة والعقل يقضي بما أرشد إليه الشرع: (دع ما يريبك إلى ما لايريبك) . وما روي عن النبي(صلى الله عليه وآله ) من قوله: (هل ترى الشمس؟ على مثلها فاشهد أو دع).
إذهبوا وتعلموا معالم دينكم ، فإن العلم نور ، وثِقوا بأن هذا الأمر أبين من الشمس ، وأنه حين يحين أوانه لايخفى على أحد ، بل يُخرج المخدرات من خدورهن بآياته الجلية ، ولايعتمد على المعميات والحزازير والخرافات ، فلله الحجة البالغة وهو أحكم من أن يتخذ داعية لا يُحكم قراءةكتابه الكريم .
إن الشخص المذكور ليس إلا سارقاً لجهالات الباطنيين ليضلل بها عوام الناس، فاحذروا منه ومن أمثاله ). انتهى.
(11) دجال البصرة يُزَوِّرُ النُّصُوص في موقعه ؟!
قال معتمده الشيخ ناظم العقيلي في كتاب (الرد الحاسم على منكري ذرية القائم) ، وهو منشور في موقعه: (جاء في بشارة الإسلام نقلاً عن بحار الأنوار عن سطيح الكاهن في خبر طويل جاء في أحد (إحدى) فقراته: (فعندها يظهر ابن المهدي) (بشارة الإسلام/157) وهذا يدل صراحة على أن قبل قيام الإمام المهدي( عليه السلام ) يظهر ابن الإمام المهدي ، وهذا الإبن هو الذي أكد عليه في أدعية أهل البيت). انتهى.
وعندما ترجع الى البحار ، تجد أن هذه المزيف وصاحبه العقيلي ارتكبا خيانة وتزويراً ! فأصل العبارة: (فعندها يظهر ابن النبي المهدي) فحذفا منها كلمة (النبي) فصارت (ابن المهدي) ليطبقاها على الكذاب أحمد إسماعيل كويطع ! ويوهما أنها حديث عن النبي(صلى الله عليه وآله ) أو الأئمة(عليهم السلام) مع أنها أثر عن سطيح الكاهن !
وقد سألت مبعوثه اليَّ: من الذي ينزل المواد في موقع إمامك ؟
قال: أنا ، أو الإمام أحمد بن الحسن .
قلت له: من الذي حذف كلمة النبي من عبارة سطيح الكاهن ؟ فلم يجب !
قال المجلسي( رحمه الله) في البحار:51/162: (باب نادر فيما أخبر به الكهنة وأضرابهم وما وجد من ذلك مكتوباً في الألواح والصخور . روى البرسي في مشارق الأنوار عن كعب بن الحارث قال: إن ذا يزن الملك أرسل إلى سطيح لأمر شك فيه فلما قدم عليه أراد أن يجرب علمه قبل حكمه ، فخبأ له ديناراً تحت قدمه ، ثم أذن له فدخل فقال له الملك: ما خبأت لك يا سطيح ؟ فقال سطيح: حلفت بالبيت والحرم ، والحجر الأصم والليل إذا أظلم ، والصبح إذا تبسم ، وبكل فصيح وأبكم ، لقد خبأت لي ديناراً بين النعل والقدم ، فقال الملك: من أين علمك هذا يا سطيح ! فقال: من قبل أخ لي جنى ينزل معي أنى نزلت . فقال الملك: أخبرني عما يكون في الدهور ، فقال سطيح: إذا غارت الأخيار وقادت الأشرار ، وكذب بالأقدار ، وحمل المال بالأوقار ، وخشعت الأبصار لحامل الأوزار ، وقطعت الأرحام ، وظهرت الطغام ، المستحلي الحرام ، في حرمة الإسلام واختلفت الكلمة ، وخفرت الذمة ، وقلت الحرمة ، وذلك عند طلوع الكوكب الذي يفزع العرب ، وله شبيه الذنب ، فهناك تنقطع الأمطار ، وتجف الأنهار ، وتختلف الأعصار ، وتغلو الأسعار ، في جميع الأقطار . ثم تقبل البربر بالرايات الصفر ، على البراذين السبر ، حتى ينزلوا مصر فيخرج رجل من ولد صخر ، فيبدل الرايات السود بالحمر ، فيبيح المحرمات ، ويترك النساء بالثدايا معلقات ، وهو صاحب نهب الكوفة ، فرب بيضاء الساق مكشوفة على الطريق مردوفة ، بها الخيل محفوفة ، قتل زوجها وكثر عجزها واستحل فرجها ، فعندها يظهر ابن النبي المهدي ، وذلك إذا قتل المظلوم بيثرب ، وابن عمه في الحرم ، وظهر الخفي فوافق الوشمي ، فعند ذلك يقبل المشوم بجمعه الظلوم فيظاهر الروم ويقتل القروم ، فعندها ينكسف كسوف ، إذا جاء الزحوف ، وصف الصفوف . ثم يخرج ملك من صنعاء اليمن أبيض كالقطن ، إسمه حسين أوحسن ، فيذهب بخروجه غمر الفتن ، فهناك يظهر مباركاً زكياً ، وهادياً مهدياً ، وسيداً علوياً ، فيفرح الناس إذا أتاهم بمن الله الذي هداهم ، فيكشف بنوره الظلماء ويظهر به الحق بعد الخفاء ، ويفرق الأموال في الناس بالسواء ، ويغمد السيف فلا يسفك الدماء ، ويعيش الناس في البشر والهناء ، ويغسل بماء عدله عين الدهر من القذاء ويرد الحق على أهل القرى ، ويكثر في الناس الضيافة والقرى ، ويرفع بعدله الغواية والعمى ، كأنه كان غبار فانجلى ، فيملأ الأرض عدلاً وقسطاً والأيام حباء ، وهو علم للساعة بلا امتراء).
ورواه بهذا النص في مشارق أنوار اليقين/196، واليزدي في إلزام الناصب(2/148).
والذي يظهر من مجموع الروايات أن مليك اليمن سيف بن ذي يزن وعبد المطلب المعاصر له كانا يعرفان بقرب نبوة النبي(صلى الله عليه وآله ) وقد بشرا به ، وكذلك بَشَّـرَ عبد المطلب ( رحمه الله) بالمهدي من ذريته .
كما يظهر أن سطيحاً كان كاهناً مميزاً وكان يصيب في بعض ما يخبر به . لكن الذي يبدو من الرواية أنها موضوعة بعد الإسلام ، وفيها مضامين أحاديث عن النبي(صلى الله عليه وآله ) والأئمة(عليهم السلام) ، فلا يمكن نسبتها الى سطيح ، فضلاً عن ضعف سندها. وشاهدنا منها تزوير الضال المضل أحمد إسماعيل لهذا النص من أجل تأييد بدعته . وكفى بذلك إسقاطاً لصدقيته !
وقد حاول صاحبه المراوغة والتشبث بأنه لا يوجد كلمة النبي في بشارة الإسلام .
فأجبته : هذا كتاب متأخر ، ومعناه أن كلمة النبي سقطت من الطباعة ، فهل تتمسكون لإثبات إمامة صاحبكم بخطأة من طباع ؟! (كتاب دجال البصره للشيخ علي الكوراني)