بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين وعجل فرجهم
والعن عدوهم والمتراضين على عدوهم ومنكري فضائلهم من الاولين والاخرين
السلام على شيعة علي عليه السلام ورحمة الله وبركاته
الحمدلله تعالى رب العالمين ان جعلنا من خدام شيعة علي عليه السلام
ياغياث المستيغيثين اغثني بفاطمة وابيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها ادركني
كل عااام وانتم بالف الف خير
قوله عليه السلام و ما فردوس ( أفردوس ) وما هم فيه إلا كالخاتم في الإصبع
لما شرح الإمام عليه السلام حقائق الأنوار والظلمات وحقائق المبادئ ومقامات العلل وأوائل جواهرها وعلمه عليه السلام بتلك الحقائق والأسرار والأنوار أراد عليه السلام أن يبين كيفية علمه بها فإن العلم على أنحاء كثيرة ، علم على جهة الإحاطة القيومية وعلم على جهة الإحاطة العضدية الركنية وعلم على جهة اللوازم والأسباب وعلم على جهة المشاهدة والعيان وعلم على جهة الإخبار والمفهوم ، فبين عليه السلام أن علمه بالأشياء مما تحت المشيئة الكونية كلها بالإحاطة القيومية لكنه أبان عن هذه الحقيقة بأطوار مختلفة طور التلويح وطور الإشارة وطور التصريح لأهل النظر الصحيح جريا على مقتضى كتاب الله التكويني والتدويني .
فقال روحي فداه و ما (أفردوس) وهي كلمة سريانية يراد بها المبادئ العالية والأنوار المتجلية المشرقة من صبح الأزل والأعيان الطيبة والأكوان الطاهرة والصفات الحسنة والروائح الطيبة والمطاعم اللذيذة مما ظهر فيه ذلك النور الإلهي والتجلي القيومي والنور المفعولي والقدر الخلقي نور الأنـوار وسر الأسرار والحكم الظاهر في كل الأقـطار والأمصار ، وضمير ( هم ) يحتمل أن يكون راجعا إلى (أفردوس) لاحتمال كونه جنسا شائعا في أفراده الذي يعطي ما تحته اسمه ، ويحتمل أن يرجع إلى الخلق المؤلف المركب من ظهورات تلك المبادئ وقوابل إنيّاتهم، والموصول يراد به الأحوال والأقوال والصفات الناشئة عن كينونات الذوات وهي أرض القابلية المحدودة بالحدود الستة المتحققة في الأيام الستة ، أوهي نفس الأيام الستة يوم الكم ويوم الكيف ويوم الزمان ويوم المكان ويوم الوضع ويوم الرتبة وما يتعلق بها ويترتب عليها من القرانات والإضافات والأحكام والنتائج والأوضاع وما تستدعي وتقتضي من الشرائط والأسباب والمكملات والمتممات والمعدات ، وكون ذلك النور المتشعب من الأنوار في تلك الأحوال في بعضها بالظرفية الحقيقية وفي بعضها بالاستجنان وفي الآخر بالظهور وفي الآخر بالاقتران والاتصال وفي الآخر بالوجود الإمكاني لا الكوني ولا العيني وفي الآخر بالقوام والقطبية إلى غير ذلك من أحكام القرانات والإضافات والجهات مما جرت فيه المشيئة والإرادة والقدر والقضاء والإمضاء والإذن والأجل والكتاب في الأحكام الوجودية والشرعية والذاتية والصفتية واللفظية والمعنوية و ما أشبه ذلك كلها بجميع أحوالها عند مولانا علي عليه السلام كالخاتم في الإصبع وكالدرهم بين يدي أحدكم ، وكل ذلك حقير صغير بكمال عظمته عنده عليه السلام صغر الخاتم إذا كان في الاصبع يديره حيث يشاء ويتصرف فيه كيف يشاء لأن الله عز وجل خلق الخلق له وفوض إليه أمره لا كما تزعمه المعظلة لعنهم الله ، لأنه تعالى خلق الخلق من نور محمد صلى الله عليه و آله وسلم وعلي عليه السلام والطيبون من أولادهما عليهم السلام فالنور واقف بين يدي المنير وطارق بابه لا يجد لنفسه نفعا ولا ضرا إلا بالمنير وهو يدبره حيث يشاء وإليه أشارعليه السلام في الزيارة (( من أراد الله بدأ بكم ومن وحده قبل عنكم و من قصده توجه بكم )) إلى أن قال عليه السلام (( بكم فتح الله وبكم يختم وبكم ينزل الغيث وبكم يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه وبكم ينفّس الهم وبكم يكشف الضر ))1 لأنهم محال تدبيره وألسنة إرادته كما عن الصادق عليه السلام في زيـارة الحسين عليه السلام (( إرادة الرب في مقادير أموره تهبط إليكم ))2 فيكونوا هم القدرة الظاهرة في المخلوقين، ولا شك أن المخلوق أثر القدرة والمتقوم في اليد فلا قوام له إلا بها فكانت نسبة الموجودات كلها إليه وإلى أخيه وزوجته الصديقة وأولاده الطاهرين سلام الله عليهم نسبة الخاتم إلى الإصبع فما أحقر الخاتم بالنسبة إلى الإصبع و ما أحقر الإصبع بالنسبة إلى اليد و ما أحقر وأصغر اليد بالنسبة إلى الجسد و ما أحقر الجسد بالنسبة إلى النفس و ما أحقرها بالنسبة إلى العقل و ما أحقره بالنسبة إلى الحقيقة التي هي الفؤاد ، فإذا أردت أن تزن نسبة حقارة الخاتم وصغره مع الحقيقة لا يمكن ذلك لأن الحقيقة من عالم الأمر وهوالماء الذي كان العرش عليه قبل خلق السموات والأرض وقد قدّر أمير المؤمنين عليه السلام مقدار القبلية بأمر تقريبي ثم استغفر عن ذلك كما روي ما معناه أنه عليه السلام (( سئل كم بقى العرش على الماء قبل خلق السموات والأرض فقال عليه السلام أتحسن أن تحسب قـال بلى قـال عليـه السلام
أخاف أن لا تحسن قال بلى أحسن فقال عليه السلام لوصبّ خردل حتى ملأ الفضاء وسدّ ما بين الأرض والسماء وأنت لوعمرت وأمرت مع ضعفك أن تنقل حبة حبة من المشرق إلى المغرب حتى ينفد لكان ذلك أقل من جزء من مائة ألف جزء من رأس الشعير مما بقى العرش على الماء قبل خلق السموات والأرض واستغفر الله من التحديد بالقليل ))1 فإذا تأملت في ذلك وجدت نسبة صغر الزمانيات كلها بالنسبة إليه سيما نسبة الإصبع الذي هو من أجزاء البدن فترتفع النسبة لغاية الحقارة سيما إذا قست الخاتم الذي هو المراد مع تلك المراتب العالية فإنك تجد شيئا لا يوصف لغاية الصغر والحقارة والذلة ، فعلى هذا فقس الموجودات بعظمها وكبرها وكثرتها وشعبها إلى مولانا علي عليه السلام فإذا أردت أن تعرف نوع عظمة العالم من جزء من مائة ألف جزء من مثقال الذرّ فاعلم أن نسبة شهودك إلى هذا العالم كنسبة غيبك إليه لأن عالم الغيب قد ظهر في الوجود على طبق عالم الشهادة من حيث ظهوره في عالم الشهادة فإذا نسبت جسدك إلى جبل من جبال الأرض تراه في الصغر ما لا يكاد يدرك الطرف وأعظم جبال الأرض نسبته إلى كرة الأرض نسبة سبع الشعير بالنسبة إليه على ما قيل بالتقريب والكوكب الصغير الذي في الكرسي اسمه السها أصغر نجم فيه أعظم من الأرض كلها خمسة عشـر مرة
ونسبة هذه الكواكب إلى كل الفلك وإلى العرش شيء لا يقاس وكذلك نسبة الغيب إلى الشهادة فإن كل عالم الشهادة بكل كثراته وأزمنته وأمكنته وسمائه وأرضه و نجومه وأفلاكه وكل ما برز في عالم الأجسام من أول العرش إلى الثرى أي الأرض بمراتبها كل ذلك كنقطة واحدة في الغيب أي الخيال ، ألا ترى أنك تتصور السموات والأرضيـين والمشرق والمغرب والأزمنة الماضيـة والمستقبلة كلها دفعة واحدة في محشر واحد و مجمع واحد و نسبة كلما في الخيال الكلي أي اللوح المحفوظ إلى العقل كنسبة الأجسام إلى الخيال الذي هو النفس لأنها بجميع كثراتها نقطة لديها على ما قال عليه السلام (( كحلقة ملقاة في فلاة قيّ )) ونسبة العقل المطوي لديه كلما في اللوح المحفوظ المطوي لديه كلما في عالمي الأشباح والأجسام إلى عالم اللاهوت أي حقيقتك أم حقيقة العالم الأكبر وفؤاده نسبة النهاية إلى اللانهاية فلا يمكنك تفرض نسبة وإن عظمت وإن جلت لأن أقصى مراتبه في العقل الذي هو عالم الجبروت وكلما تفرض مقاما أعلى تجد أعلى منه فلا تنتهي إلى حد سبحان من ملكه عظيم و منّه قديم وفيضه عميم ولا حول ولا قوة إلا به ، وهذا الخلق العظيم والأمر الجسيم عند محمد صلى الله عليه و آله وسلم وأهل بيته الطاهرين كالخاتم في الإصبع الذي لا يمكن قياس نسبته إلى الشخص لغاية الصغر والحقارة ولذا قصرت الخلائق عن إدراك أدنى مقام من مقاماتهم عليهم السلام كما قال عز وجل { وإن تعدوا نعمت الله } أي الإمام { لا نحصوها }1 وقال عز وجل { ولو أنما فى الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله }2 والأشجار هي أفراد الكائنات النابتات على حافة النهر الجاري من بحر الصاد المتحصّلة بحرارة الشمس الأسماء الكونية الخاصة بكل شجرة وبرطوبة ذلك النهر ويبوسة أرض القابلية والبحر هوبحر الوجود وينبوع الجود و مظهر الاسم الودود والأبحر السبعة خلجان ذلك البحر المتلوّن المتكيّف بكيفية الأرض الواقع عليها فحار وبارد وطيب ومنتن وغليظ ورقيق والجامع وهي مداد الأشجار التي هي الأقلام كل واحد منها مختص بنوع من الأشجار والكلمات قال مولانا الكاظم عليـه السلام (( نحن
الكلمات التي لاتدرك فضائلها ولاتستقصى ))1 فصح أن كل الوجود والموجود بجميع أنحائه منقطع عند ذكر وصف آل محمد صلوات الله عليهم لأنه منهم عليهم السلام كالخاتم في الإصبع وإليه الإشارة بقوله تعالى { وبئر معطلة وقصر مشيد }2 قال الشاعر:
بئر معطلة وقـصر مشـرف مثل لآل محمد مستطـرف
فالقصر مجدهم الذي لا يرتقى والبئر علمهم الذي لا ينزف
ثم اعلم أنه عليه السلام إنما شبه الخلق بالخاتم في الإصبع أما الخاتم ففي تفسير ظاهر الظاهر فيه إشارات يصعب على الأذهان قبولها والإذعان بها لدقة مأخذها قال عليه السلام (( لا تتكلم بما تسارع العقول إلى إنكاره وإن كان عندك اعتذاره، وليس كل ما تسمعه نكرا أوسعته عذرا ))3 .
وأما غيره فاعلم أن الخاتم إنما هو للزينة وسمة الخير والإيمان ولذا جعلوه عليهم السلام من علامة المؤمن ، ولما كان الخلق من شعاع أنوارهم عليهم السلام ومن فاضل طينتهم عليهم السلام وكان النور كلما كثر وعظم زينة لظهور المنير والورق كلما كثر وعظم زينة للشجرة وإن كانت الشجرة مستغنية عن الورق والورق محتاج و مستمد منها وكذلك الشيعة إذا كثرت والظاهر والمرايا إذا تعددت ولذا قالصلى الله عليه و آله وسلم (( تناكحوا
وتناسلوا فإني مباه بكم الأمم الماضية والقرون السالفة ولو بالسقط ))1 وذلك لأن المخلوقات كل ذرّة من ذرّاتها ثناء لآل محمد عليهم السلام ووصف لمحامدهم و محاسنهم فكان الخلق زينة لهم في ظهوراتهم وشروق أنوارهم في الدنيا والآخرة والجنة والنار فلذا شبههم بالخاتم فإن الخلق بأجمعهم سمات وصفات لهم عليهم السلام أو سمات عبوديتهم لله حيث أظهروها في هوياتهم بلسان أنهم { عباد مكرمون * لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون }2 فألقوا مثال عبوديتهم عليهم السلام في الخلق بإلقاء مثال الربوبية في الخلق حتى ظهر عندهم أن لا إلـه إلا الله فلولا ذلك المثال الملقى بهم في هويات الخلائق لم يدرك أحد التوحيد ولا يشك أحد في استقلالهم وتفردهم بالأمر كما زعمت الملائكة ذلك حتى قالوا عليهم السلام للملائكة (( لا إلـه إلا الله ولا حول إلا بالله )) لتعرف الملائكة أنهم عبيد مربوبون ، وذلك المثال بهم تحقق وبظهور نورهم تذوّت وعنهم مستمد لكنه يدل على الله عز وجل دلالة استدلال لا دلالة التكشف ولذا ترى أهل النحو يقولون في مثال ضرب زيد عمروا وأن الفاعل معمول للفعل والفعل عامل فيه ولا شك أن العامل له هيمنة على معموله مع أن المعروف بين الناس أن الفاعل أقوى من الفعل ويرون أن الفعل متقوم بالفاعل مع أنهم يجعلونه فرعا وتابعا للفعل فافهم فإنه من الأسرار المستصعبة وإليه الإشارة بقولهعليه السلام في الدعاء (( فبهم ملأت
سمائك وأرضك حتى ظهر أن لا إلـه إلا أنت ))1 فحقائق الخلق سمات توحيدهم لله عز وجل وعبوديتهم له قد صاغوها بيد القدرة الإلهية فتختموا به وهذا السر إنما ظهر في الخاتم فاستحب وصار علامة للإيمان ، ففي الحقيقة سمات إيمان الشخص وحدود توحيد آثاره وأعماله القائمة به كما قال أمير المؤمنين عليـه السلام (( يقين المؤمن يرى في عمله ويقين الكافر يرى في عمله )) فصيغت هذه الهيئة الظاهرة كاشفة عن تلك اللطيفة المعنوية فجعلت دائرة لبيان استدارة المعلولات على عللها والآثار على مؤثراتها وجعل الفصّ عليها إشارة لظهور النور الإلهي العملي الصاعد به إلى أعلى درجات القرب في تلك الأعمال والآثار فإن الأعمال الخالصة لها نور تشرق ، وقد روي أن البيت الذي يعبد الله فيه له نور يزهر كما تزهر النجوم ، و مقدار الخاتم على مقدار فصه من الغلاء والرخص وهو صفة إخلاص العمل ونور الولاية الظاهر في الوجه الأعلى من الدائرة فإن لها وجهين أعلى واسفل ، وجعل الخاتم في الإصبع لبيان تقوم الدائرة بالقطب وأن القطب هو الوسط واللب وقوام الأثر والعمل بظهور العامل المؤثر وذلك الظهور هو قطب وجوده وهولب وجوده والحدود المميزة لظهورات قشور قد اكتنفت بذلك اللب الباطني كاكتناف الخاتم بوجه من وجوه الإصبع وجعل في الإصبع وهو وجه من وجوه اليد وهي القدرة الكلية أي الفعل الكلي بالنسبة إليك والآثار الجزئية المتعددة المتقومة بوجه من وجوه ذلك الفعل الكلي وقطب كل أثر هوالفعل الخاص بذلك الأثر ، ولذا جعل الخاتم في الإصبع وجعل الأغلب في الخنصر لبيان أن المخلوق من ظهور المقام الخامس من مقاماتهم عليهم السلام وذلك المقام هو القطب لوجودات الخلائق لأنهم عليهم السلام هم اليـد في قـوله عز وجل
{ يد الله فوق أيديهم }1 { وقالت اليهود يد الله مغلولة } وهم اليدان في قوله عز وجل { بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء }2 وهم الأيدي في قوله عز وجل { والسماء بنيناها بأييد }3 لمقام الجمع كلنا محمد صلوات الله عليهم أجمعين ، والتثنية لظهور النبوة والولاية وبملاحظة الظهور والبطون أي اليمين والشمال وكلتا يديه يمين ، والجمع لمقام التفصيل والفرق والمراد باليد هي القدرة الواسعة الجامعة الشاملة لكل المقدورات وتلك القدرة هي كلمة كن وهذه الكلمة ظهرت دلالتها و ملأت الوجود وسرت في كل غيب وشهود فقوام الموجودات كلها بتلك الدلالة الظاهرة من تلك الكلمة الإلهية التي انزجر لها العمق الأكبر وقوام الدلالة بالكلمة وهي لها أربع مراتب أي النقطة والألف والحروف وتمام التركيب أي الحل الأول مع العقد الأول والحل الثاني مع العقد الثاني والدلالة على خامسها وهي أصغرها وأدونها وقوام الموجودات بها ولذا ظهرت اليد الظاهرية المجازيـة مفصلة بتلك المراتب الخمسة ، وجعل الخاتم في الآخر الأصغر إشارة إلى هذا السر لمن يعـقل ويتفكر ، فإذا ثبت أن الإصبع هو القطب للخاتم و ثبت أن القطب هو وجه الشيء إلى مبدئه ووجه مبدئه إليه وهو مورد المدد ووجه المستمد فيكون من التجلي الظاهر للشيء بالشيء فيكون من نوع مقامه و مرتبته بحيث يغيب الشيء إذا ظهر ولا يحرقه كما غيب موسى على محمد وآله وعليه السلام من نور الكروبيين و ما أحرقه كما أحرق بني إسرائيل ، فكان قوام الموجودات بظهورهم عليهم السلام في الرتبة الخامسة لا بنفس ذلك المقام وذلك ظهور هو قطب رحى وجودات الخلائق وكينوناتهم منه يستمدون وإليه ينتهون وعن الله به يصدرون فافهم.
ولما كانت القدرة الظاهرة إنما تمت في التعلق في أربعة عشر مرة لأن مقام الموجودات كلها في جميع مراتبها لا يخلوعن مقامين أحدهما مقام الإجمال أي جهة الوحدة والبساطة والعموم والانبساط الشامل كما هوشأن المبدأ المتجلي في الشيء بالشيء ، وثانيهما مقام التفصيل أي مقام التمييز والتعيين ، وكل مقام إنما تم في ستة أيام وظهر مشروح العلل و مبين الأسباب
في اليوم السابع فثنيت السبعة فتمّت أربعة عشر فاختير لهذه القدرة الأولية الظاهرية في الهياكل الأربعة عشر اسم اليد ليكون الظاهر على طبق المعنى والاسم مشيرا إلى مراتب المسمى ، واختير للظاهر بهذه القدرة الواسعة الكاملة الاسم الجواد والوهاب لهذا السر الحقيقي ، ولما كانت هذه القدرة هي الرابطة بين الخلق والحق الظاهر بالإمداد والإيجاد اختير له الاسم الوجه ليطابق الأسماء التي كل واحد منها بالاستنطاق الحرفي والعددي أربعة عشر معانيها ، ولما كانت هذه اليد الجسمانية المعروفة المحسوسة الملموسة ظاهر تلك اليد المتنزلة في العوالم كلها ظهرت في هذا العالم حاكية لتفاصيل ما كان مجملا في العالم الأعلى فظهرت بوحدتها في خمسة أصابع إشارة إلى سر ما ذكرنا وظهرت بالخمسة في أربعة عشر عقدا لتطابق العوالم كلها فإذا لاحظت ظهور الخمسة في كل من الأربعة عشر كان المجموع سبعين وهو تمام كلمة كن التي بها انزجر العمق الأكبر فدل صحيح الاعتبار والعقل الصافي عن شوائب الأغيار بمعونة كلام الله وأخبار الأئمة الأطهار عليهم السلام أن اليد هي كلمة الله العليا والمثل الأعلى وأن الأسماء رجوعها كلها إليها ، ألم تر أن اليد بالعدد أربعة عشر والوجه كذلك وهما أسماء المعاني والجواد والوهاب أيضا عددهما أربعة عشر وهما أسماء الله ، ولهذا السر كان المصدر والمشتق أي اسم الفاعل والمفعول من مادة واحدة كما هو المعلوم في النحو ، فكانت اليد هي قول كن ولما كانت هذه الكلمة رتبتها رتبة الواحدية وهي لا تتم ولا تكمل إلا بالأحدية وكان الواحد بالعدد الاسمي المطابق للعدد الرسمي الباطني تسعة عشر وتمام الرتبة إنما هو بالواحد أي الأحد الذي هوالقطب فتم العشرون فاستنطق الاسم الأعظم بسم الله الرحمن الرحيم ، ولما كان الوجود ينقسم إلى العلوي والسفلي انقسم العشرون الذي هو ظهور الواحدية بالأحدية في أطوار الوجود إلى العلوي والسفلي فظهرت العشرة في أصابع اليدين والأخرى في أصابع الرجلين فكانت طينة عليين مخلوقة من عشر قبضات وطينة سجين كذلك لتمام المعادلة والمقابلة ، فالخاتم سمة واسم لعلي عليه السلام لأن فصه حكاية عن ظهور الهاء في هو أي مقامات المبادئ والعلل كما ذكرنا سابقا ، والدائرة إشارة إلى الواو في هو لأنها دائرة نصفها منبسطة وقوس منها ملتفة مطوية فإذا بسطت المجموع يكون دائرة تامة صحيحة الاستدارة والهاء فص عليها أي حكاية للأقطاب القريبة والبعيدة ، فإذا نزلت كلا منهما إلى مقام أنزل لتصحيح الشعاعية والأثرية كان المجموع حاكيا لاسم علي عليه السلام فهذا الاسم المبارك للخلق في رتبة النزول بالظهور للمخلوقين ليدعوا الله بأسمائه ويعرفوه بصفاته من الأسماء والصفات الظاهرة لهم بهم ولذا قـال عليه السلام (( فأول ما اخـتار لنفسه العلي العظيم ))1 فهذا الاسم الشريف بمسماه في رتبة الظهور الاسمي الغيري وأما في رتبة ذاته المباركة فهو هو مع الإشباع ودونه كما قال عز وجـل { وهو
العلى العظيم }1 فهذه الثلاثة في مراتب ثلاثة فالأول في مقام الحقيقة والثاني في مقام الظهور النوري الجبروتي والثالث في مقام الظهور الملكوتي وقد قال عز وجل { وإنه فى أم الكتاب لدينا لعلى حكيم }2 فحذف الإشباع وقال مولانا الرضا عليه السلام أن معنى العلي (( معناه الله ))3 وأخبر الحق عز وجل عن معنى المعنى و معنى معنى المعنى وقد قال الله عز وجل { وأن الله هو العلى الكبير }4 دلّ على أن الله معنى للاسم العلي وقال عز وجل {وهو العلى العظيم }5 دلّ على أن هو معناه وقال عز وجـل { وإنه فى أم الكتاب }6 الآية ، دلّ على أن الهاء المضمومة من غير إشباع معنى العلي فإذا لاحظنا خبر مولانا الرضا عليه السلام مع هذه المراتب ظهر وجه الجمع فكان كما ذكرنا من أن الله معنى لعلي وهو معنى لله لأنه مستخرج منه والهاء المضمومة معنى لهو لأن الواو رسم قد تولدت من الهاء عند الضمة ولذا لما أرادت الشمس أن تسلم على علي عليه السلام قالت (( السلام عليك يا أول ويا آخر ويا ظاهر ويا باطن )) فلم تصرح بالمراد وذكرت بعض أوصافها فإن الهاء من أوائل الخلق وأغمض الحروف وأعلاها وأشرفها وهي الإشارة إلى تثبيت الثابت ومراتب الأقطاب والمبادئ ، والواو من عالم الشهادة من أدنى المخرج لأنها من الشفه فهوالأول بالهاء لفظا معنى والآخر بالواو لفظا ومعنى وهو الظاهر بالواو والباطن بالهاء لكنها لم تصرح باللفظ المقصود المطلوب الذي لوحنا إليه الآن لئلا تفصح بالحكمة، فعلى ما ذكرت وفصلت وأجملت وأبرزت وكتمت علمت أن الكاف في قوله عليه السلام (( وما أفرودوس و ما هم فيه إلا كالخاتم في الإصبع )) تأكيد وتثبيت للمثل وإلا فالمشبه عين المشبه به ، بل الخلق كلهم أجمعون خاتم في إصبع أمير المؤمنين عليه السلام حقيقة لا مجازا كما وصفنا ، وهذا الخاتم المعروف إنما سموه خاتما لكونه مجازا لذلك الخاتم لكن لما كان أهل هذا العالم محجوبين عن مشاهدة تلك الحقائق ليعلموا أن كلما في الدنيا والآخرة مجازات للحقائق والأصول المستودعة في أسرار اللاهوت وخزانة الحي الذي لا يموت وضعوا أمثلة تلك الألفاظ على أمثلة تلك المعاني ومنعا ذاتيا تبعيا فكانت المعاني الثانية في تلك الألفاظ حقائق
بعد حقائق وهي في الترتيب الطبيعي بالمجاز أشبه منها إلى الحقيقة فافهم .
وهذا التشبيه ليس كما يزعمون من الاتحاد في الكيف كقولهم زيد كالأسد لاشتراك زيد والأسد في الوصف الكيفي أي الشجاعة بل حقيقة هذا المشبه به عين المثال والصفة لا أنها أمرا آخرا لها صفة توافق هيئة المشبه المشبه به فإن المتناسبين بقول مجمل لا يخالف إما أن يكونا في صقع واحد أو في صقعين مختلفين بالعلّيّة والمعلولية والأثرية والمؤثرية ولا ثالث ، فإن كانا في صقع واحد كان الاختلاف بينهما بالأمور الخارجية عن الحقيقة الجامعة فتوافقهما في الشيء الواحد أم أكثر مثلا ينبئ عن وجود ذلك الشيء فيهما بالوجود الجمعي وإن اختلف بعض صفاته من جهة تشخصات الخارجية لكن عند ملاحظة التوافق والنسبة لا تلحظ جهة المخالفة فيقطع النظر عن الحدود المميزة فيكون ما في أحدهما عين ما في الآخر كالشجاعة إذا فرضتها في زيد وعمرو فإنها حقيقة واحدة فيهما اختلفت بالمشخصات فظهرت في أحدهما أكثر وأشد وخفيت في الآخر فتقول إن ما في زيد من الشجاعة مثل ما في عمرو من جهة إظهار شجاعة زيد لا لظهور شجاعة عمرو وإلا فالشجاعة فيهما واحدة ، والأصل في ذلك أن الأشياء في كل أحوالها في ذواتها وصفاتها واقفة بباب الفيض و مقابلة لفوّارة القدر فيفاض على الكل بما يقتضي ذاته وكينونته من الهيئات وأنحاء الإقتضاءات فإن كان الواقفان في رتبة واحدة يفاض على كل واحد من نوع ما يفاض على الآخر وإن كان ذلك الفيض من جهة الحدود والعوارض يختلف بالشخص لكن في مقام الجمع ورتبة الوحدة واحد حقيقي لا تخالف بينهما بوجه من الوجوه ، وإن كانا في رتبتين في السلسلة الطولية فيفاض على المسبوق من فاضل ما أفيض على السابق ، مثاله الشمس فإذا كانت أجساما كثيفة تقابل جرم الشمس كلها فتفيض الشمس بإشراقها عليها نورا واحدا يختلف بالقابلية وإلا فالنور الواقع على أحدهما عين الواقع على الآخر ، وإذا كانت أجسام أخر تقابل النور الواقع على تلك الأجسام لا أصل الشمس فإن النور الواقع عليها من فاضل النور الواقع على الأجسام المقابلة للشمس وهذا واضح إنشاء الله ، فإذا فهمت هذا المثال فهمت أن المتوافقين في الصفة سواء كانت الصفة ذاتية أم فعلية كانت أحدهما عين الأخرى في الحقيقة وإن اختلفتا في الجهات والحدود والتشبيه بكثيف عن هذه العينية الوصفية وتغاير المحل فالكاف لإظهار تلك الجهة الجامعة للأمرين وإن كانا في صقعين كان حقيقة المتأخر التابع صفة و مثلا للسابق المتبوع وإن كان للتابع لا من جهة التابعية جهات منافية للمتبوع وهو غير ما نحن فيه و من جهة هذه الحكاية والمثلية أجرينا على الثاني كل أحكام الأول ثانيا وبالعرض لأنه من شعاع الأول وبالذات فالتشبيه والمشبه والمشبه به ووجه المشبه في المقامين واحد لا فرق بين شيء منها في أحد منهما إذ التشبيه لا يقع في جهة المخالفة وإنما هو في جهة الموافقة وهي كما ذكرنا من الاتحاد في الذات أو في الظهور فافهم وإلا فأسلم تسلم .
ولما كان محمد وعلي والطيبون من أولادهماعليهم السلام محال مشيئة الله وألسنة إرادته وأركان توحيده لا يساويهم شيء من الأشياء في الرتبة الذاتية قال مولانا الصادق عليه السلام (( إن الله خلقنا من طينة مخزونة مكنونة عنده ولم يكن لأحد في ما خلقنا منه نصيب ))1 ، فإذ وقع التشبيه بينهم في صفة من الصفات وبين شيء من الأشياء كان ذلك عين ذلك الشيء كما قال الله عز وجل { * الله نور السماوات والأرض مثل نورة كمشكاة فيها مصباح }2 الآية ، فإن المشكاة الموصوفة هي عين مثال النور وقوله تعالى { واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه }3 الآية ، فمثل الحياة الدنيا هو عين الماء النازل من السماء وقوله تعالى { مثلهم كمثل الذى استوقد نارا }4 الآية ، فإن مثلهم هو عين مثلهم ثم قـال عز وجـل { أو كصيب من السماء }5 ولم يقل أوكمثل صيّب ، فإن حقيقة الصيّب هو المثل لا مثله فإذا أمعنت النظر وتتبعت في الكتاب والسنة وجدت كل التشبيهات القرآنية
والمعصومية من هذا القبيل ، بل إني أقول إن كل مشبه هو عين المشبه به لأنك إذا قلت زيد كالأسد لا تريد بزيد هو زيد من حيث هو هو أو من حيث أنه إنسان أو من حيث أنه كاتب أو شاعر أو قائم أو قاعد وأمثالها فإن هذا كذب محض ولا نريد أيضا بالأسد هو الأسد من حيث هو هو أو من حيث أنه حيوان مفترس أو من حيث أنه سبع وأمثال ذلك وإنما تريد بزيد من حيث ظهوره بالشجاعة والأسد أيضا من حيث ظهوره بالشجاعة ، وقد برهنّا سابقا أن المشتق إنما يظهر في المبدأ المصدر بنفس ذلك المصدر لا بنفس الظاهر وبأمر آخر فإن القائم ما يظهر إلا بالقيام والقاعد إلا بالقعود والآكل إلا بالأكل وهكذا ، وكذلك الشجاع لا يظهر إلا بالشجاعية فهي مرآة ظهور الشجاع كما أن العلم مرآة ظهور العالم فزيد والأسد من حيث هما مثال الزجاجة الحامل للمرآة أي الصورة والشجاع الظاهر بالشجاعة كالصورة المتجلية في المرآة فإذا تجلى زيد مثلا في المرآتين كان ظهور زيد في أحدهما عين ظهوره في الأخرى إذ ليس المراد خصوصية المحل فإنها جهة المباينة لا جهة الموافقة والمفروض خلافها ، فالشجاعة الظاهرة في زيد عين الشجاعة الظاهرة في الأسد إن قلت باتحاد المقام فيهما كما هوالمعروف عند الجمهور إن صدق الشجاعة أو الشجاع على زيد وعلى الأسد بالاشتراك المعنوي لا اللفظي كصدق الجسمية والجسم عليها ، فإذاً يكون الشجاعان أيضا واحدا وإن اختلف محل الظهور كما تقول إن الإنسان واحد في الأفراد ليس بمتعدد وإن اختلف مواقع ظهوراته فافهم ، وإن قلت أن الأسد هو من فاضل طينة الإنسان وشعاعها فتكون شجاعة الأسد مثل شجاعة زيد وصفته بل الأسد الشجاع مثل لزيد الشجاع ووصف له كما كانت الأشعة وصفا للشمس ، ولنا في هذا المقام بحث عجيب ينكشف من أسرار البواطن القرآنية أعرضنا عنه للتطويل ولأدائه إلى ما ينبغي أن يؤدي فإن الله عز وجل يقول { * إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها }1 { ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التى جعل الله لكم قياما وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولا معروفا }2 وقد أشرنا لتأدية الأمانة و ما صرحنا خوفا لتصرف السفهاء والله الموفق .
فعلى ما شرحنا وأوضحنا ظهر لك أن أفردوس وما هم فيه هو نفس الخاتم وحقيقته وأن هذا الخاتم المعروف مثال لذلك وشرح له ودليل عليه وأن الإصبع هو وجه من وجوه اليد وأن عليا عليه السلام هو حقيقة اليد والإصبع قطب الوجود المتقوم باليد المتقوم به الأشياء وهو ذات علي عليه السلام الظاهرة للذوات والأعيان المالئ لكل الأكوان كما قال عليه السلام (( أنا ذات الذوات أنا الذات في الذوات للذات )) ، والذات في الذوات هي الإصبع في الخاتم وهي الشبح المنفصل عنه عليه السلام المتقوم به الكائنات بل أقول أنها شبح الشبح المنفصل الذي هو شبح للشبح المتصل فهذا الشبح الثالث هو جوهر أي عرض لعلي عليه السلام قائم به قيام صدور قد تقوّم به الكون وهو قول الشاعر في مدحه روحي فداه :
يـا جـوهرا قام الوجـود به والخــلق بعدك كلهم عرض
وقال عبد الحميد بن أبي الحديد في القصيدة الرّائية:
صفاتك أسماء وذاتك جـوهر بريء المعاني عن صفات الجواهر
يجل عن الأعراض والكيف والمتى ويكبر عن تشبيـهه بالعناصـر
فظهر من هذا البيان أن علمه عليه السلام بالخلق كلّهم علم إحاطة قيومية لأن الله عز وجل أقامه مقامه في الأداء واتخذه وليا من العز وأشهده خلق السموات والأرض وأنهى إليه علمها ، بمعنى أنه سبحانه جعلها في قبضته وطواها وقهرها وسواها فعدّها بيمينه كما قال عز جل { وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون }1 ويريد بالقبضة واليمين هو علي عليه السلام أوقبضته ويمينه وكلا المعنيين مرادان كما قال مولانا الباقرعليه السلام عليه السلام (( سبيل الله هوعلي عليه السلام والقتل في سبيل الله هوالقتل في سبيل علي عليه السلام ))2 وقد قـال عز وجل { ما من دابة إلا هو ءاخذ بناصيتها }3 فإنه في تفسير ظاهر ظاهر الظاهر مصرّح باسم علي عليه السلام لأن الله عز وجل ظهر فيه بالقيومية وفي أخيه وزوجته وأولاده الطاهرين عليهم السلام وقد أجمل الكلام الإمام الهمام الصادق الأمين عليه السلام بقوله ما معناه (( اجعلوا لنا ربا نؤوب إليه وقولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا قال الراوي ما شئنا قال عليه السلام ما شئتم و ما عسى أن تقولوا فوالله ما وصل ا ليكم من فضلنا أو من علمنا إلا ألف غير معطوفة ))1 ، أشهد أن هذا هو الحق و ما أوتينا من العلم إلا قليلا .
ولما كان كون الموجودات كالخاتم في الإصبع ليس فيه شيء يوهم الاختصاص ما خصه بنفسه الشريفة في الظاهر كما خصّ الأرض بقوله عليه السلام (( وأنا المتولي دائرتها )) لكنه في هذا المقام أطلق ليشمل كل تلك القصبة المباركة الثابتة في أجمة اللاهوت لأن كل واحد منهم عليهم السلام علّة مستقلّة في العالم .
_________________
نسالكم الدعاء
دمتم برعاية بقية الله
الهي ان لم تبدئني الرحمة منك بحسن التوفيق فمن السالك بي اليك بواضح الطريق
شرح الخطبة الطتنجية للسيد كاظم الرشتي