زينب(عليها السلام) ورسالة الثورة
أجمع المحقّقون والباحثون أنّ الباعث الأساس للثورة والنهضة على الظلم الأمويّ، هو شخص الإمام الحسين(عليه السلام) الذي كان له الدور الأكبر في إشعال لهيب الثورة والانطلاق نحو إيقاظ الأمّة من نومها العميق، وما كان لهذه النهضة أن تستمرّ وتبقى، بل كان من المقدَّر لها بفعل ما تملكه السلطة الجائرة من وسائل وأساليب أن تذيب جميع آثار تلك الجريمة البشعة التي ارتكبتها أياديها الآثمة والمجرمة.
ولكن ها هو صوت الإمام علي بن الحسين(عليهما السلام) ومعه صرخات زينب(عليها السلام) وصبرها وجلَدها يكمل مسيرة الثورة، ويتمكّن، بجرأته وقوّته من أن يوصِل ويمدّ بلهيبها إلى جميع أنحاء العالم ليصل صوت الحسين(عليه السلام)، ويزكو دمه، وينمو في جسم الأمّة الخانعة ولتتحوّل من بعد ذلك إلى أمّة الرفض للذلّ والخنوع الذي كانت قد استسلمت معه للطاغية يزيد.
وكانت الشرارة الأولى للثورة التي أطلقتها على الحكم الأمويّ واستكمالًا منها لثورة أخيها الحسين(عليه السلام) عندما أقبلت إلى ساحة المعركة وهي تشقّ صفوف الجيش تفتّش عن جثمان أخيها الإمام العظيم، فوقفت أمامه وأبصار الجيش شاخصة إليها، تنتظر منها ماذا تقول أمام هذه الخطوب المذهلة!!
وقفت(سلام الله عليها) غير آبهةٍ بالأعداء، ولا بالرزايا التي تميد منها الجبال، وشخصت ببصرها إلى السماء، وهي تقول بحماسة الإيمان وحرارة العقيدة: "اللّهمّ تقبّل منّا هذا القربان".
وبهذه العبارات كشفت عن عظمة التضحية التي قُدّمت على أرض كربلاء أمام الجيش الذي استبان له بموقف زينب عِظَم ما اقترفه من الإثم والعدوان.
وعندما خرجت حشود الجماهير في الكوفة لتستقبل سبايا أهل البيت(عليهم السلام) اعتقادًا منهم بأنّ الركب يضمّ سبايا الخارجين عن الإسلام، وقفت السيدة زينب(عليها السلام) لتلقي خطابًا مثيرًا ومذهلًا، ممّا جعل الناس حيارى لا يعون ولا يدرون، وتحوّلت بيوتهم إلى مآتم وهم يندبون حظّهم التعيس ويبكون على ما اقترفوه من الجُرم، واستطاعت بما ورثته من جرأةٍ حيدريّة أن تفضح السلطة وأذنابها وتُحمِّل المسؤولية لكلّ متخاذلٍ ومتقاعسٍ ومنافق. وممّا قالته: "أمّا بعد، يا أهل الكوفة يا أهل الختل والخذل أتبكون! فلا رقأت الدمعة، إنّما مثلكم مثل التي نقضت غزلها من بعد قوّةٍ أنكاثًا. تتّخذون إيمانكم دخَلًا بينكم ألا بئس ما قدّمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون. أتبكون وتنتحبون!! أي والله فابكوا كثيرًا، واضحكوا قليلًا كل ذلك بانتهاككم حرمة ابن خاتم الأنبياء وسيّد شباب أهل الجنّة... أتدرون ويلكم يا أهل الكوفة؟ أي كبدٍ لرسول الله(صلى الله عليه وآله) فريتم، وأيّ دمٍ له سفكتم، وأيّ حرمةٍ له انتهكتم؟ لقد جئتم شيئًا أدًّا تكاد السماوات يتفطّرنَ منه، وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدًّا".
وفي الشام وقفت تتحدّى يزيد وطغيانه، وهي المرأة المفجوعة التي أرهقتها آلام كربلاء، وأتعبتها مسيرة السبي من كربلاء إلى الكوفة ثمّ إلى الشام، وهي أعظم المخدّرات وأشرف النساء.
تدخل على الطاغوت والسفّاك المجرم، وهي مقيَّدة وابن أخيها العليل وسائر الأسرى المنهوكين بالرحلة المرهقَة.
تنظر إلى عرش يزيد الزائف بكلّ تحقيرٍ وازدراء، وإلى رأس الحسين(عليه السلام) بكلّ شموخٍ وإباء، ويزيد(لعنه الله) يضرب ثنايا أبي عبد الله(عليه السلام) بمخصرة كانت في يده وهو يتمثّل بأبيات الشاعر فيقول:
ليت أشياخي ببدرٍ شهدوا***جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلّوا واستهلّوا فرحاً***ولقالوا يا يزيد لا تشلّ
فقامت (عليها السلام) وقالت: "أظننت يا يزيد حين أخذت علينا أقطار الأرض، وضيّقت علينا آفاق السماء، فأصبحنا لك في إسار...أمِنَ العدل يا بن الطلقاء تخديرك حرائرك وسوقك بنات رسول الله(صلى الله عليه وآله) سبايا قد هُتكت ستورهنّ وأُبديَت وجوههنّ يحدوا بهنّ الأعداء من بلدٍ إلى بلد.."
ثمّ توجّهت إلى الله تعالى بالدعاء بقلبها الكبير فقالت: "اللّهمّ خُذ بحقّنا، وانتقم من ظالمنا، واحلُل غضبك بمن سفك دمائنا، وقتل حُماتنا وهتك عنّا سدولنا".
ولم تتوقّف مسيرة زينب (عليها السلام) ورسالتها التي حملتها على عاتقها منذ استشهاد الإمام الحسين(عليه السلام) بل مضت بنفس العزيمة والإرادة لتنقل الأحداث التي خفِيَت على الأمّة من بلدٍ إلى بلد، فأشعلت لهيب الحرقة والحسرة في قلوبٍ قسَت وعقولٍ خمدَت نتيجة التخدير الذي مارسه بنو أميّة بحقّها.
وها هي كلماتها تصدَح إلى يومنا الحاضر في آذان المؤمنين تبشّرهم بأنّ لكلّ ظالمٍ نهاية ومن ذلك قولها أمام يزيد بن معاوية: "ثمّ كِد كيدَك، واجهد جهدك، فوالذي شرّفنا بالوحي والكتاب، والنبوّة والانتجاب لا تدرك أمدَنا، ولا تبلغ غايتنا، ولا تمحو ذكرنا، ولا ترحض عنك عارنا، وهل رأيك إلّا فنَد وأيّامك إلّا عدد، وجمعُك إلّا بدَد يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين".
سلامٌ عليك أيّتها الحوراء الإنسيّة، الصدّيقة الطاهرة، مع كلّ نسمة هواءٍ نتنفّس معها عبير الولاء والعشق لأعظم نهجٍ خطّه الإمام الحسين(عليه السلام) بدمائه الزكيّة الطاهرة، واستكملته العقيلة زينب بصبرها وجهادها.
شبكة المعارف
أجمع المحقّقون والباحثون أنّ الباعث الأساس للثورة والنهضة على الظلم الأمويّ، هو شخص الإمام الحسين(عليه السلام) الذي كان له الدور الأكبر في إشعال لهيب الثورة والانطلاق نحو إيقاظ الأمّة من نومها العميق، وما كان لهذه النهضة أن تستمرّ وتبقى، بل كان من المقدَّر لها بفعل ما تملكه السلطة الجائرة من وسائل وأساليب أن تذيب جميع آثار تلك الجريمة البشعة التي ارتكبتها أياديها الآثمة والمجرمة.
ولكن ها هو صوت الإمام علي بن الحسين(عليهما السلام) ومعه صرخات زينب(عليها السلام) وصبرها وجلَدها يكمل مسيرة الثورة، ويتمكّن، بجرأته وقوّته من أن يوصِل ويمدّ بلهيبها إلى جميع أنحاء العالم ليصل صوت الحسين(عليه السلام)، ويزكو دمه، وينمو في جسم الأمّة الخانعة ولتتحوّل من بعد ذلك إلى أمّة الرفض للذلّ والخنوع الذي كانت قد استسلمت معه للطاغية يزيد.
وكانت الشرارة الأولى للثورة التي أطلقتها على الحكم الأمويّ واستكمالًا منها لثورة أخيها الحسين(عليه السلام) عندما أقبلت إلى ساحة المعركة وهي تشقّ صفوف الجيش تفتّش عن جثمان أخيها الإمام العظيم، فوقفت أمامه وأبصار الجيش شاخصة إليها، تنتظر منها ماذا تقول أمام هذه الخطوب المذهلة!!
وقفت(سلام الله عليها) غير آبهةٍ بالأعداء، ولا بالرزايا التي تميد منها الجبال، وشخصت ببصرها إلى السماء، وهي تقول بحماسة الإيمان وحرارة العقيدة: "اللّهمّ تقبّل منّا هذا القربان".
وبهذه العبارات كشفت عن عظمة التضحية التي قُدّمت على أرض كربلاء أمام الجيش الذي استبان له بموقف زينب عِظَم ما اقترفه من الإثم والعدوان.
وعندما خرجت حشود الجماهير في الكوفة لتستقبل سبايا أهل البيت(عليهم السلام) اعتقادًا منهم بأنّ الركب يضمّ سبايا الخارجين عن الإسلام، وقفت السيدة زينب(عليها السلام) لتلقي خطابًا مثيرًا ومذهلًا، ممّا جعل الناس حيارى لا يعون ولا يدرون، وتحوّلت بيوتهم إلى مآتم وهم يندبون حظّهم التعيس ويبكون على ما اقترفوه من الجُرم، واستطاعت بما ورثته من جرأةٍ حيدريّة أن تفضح السلطة وأذنابها وتُحمِّل المسؤولية لكلّ متخاذلٍ ومتقاعسٍ ومنافق. وممّا قالته: "أمّا بعد، يا أهل الكوفة يا أهل الختل والخذل أتبكون! فلا رقأت الدمعة، إنّما مثلكم مثل التي نقضت غزلها من بعد قوّةٍ أنكاثًا. تتّخذون إيمانكم دخَلًا بينكم ألا بئس ما قدّمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون. أتبكون وتنتحبون!! أي والله فابكوا كثيرًا، واضحكوا قليلًا كل ذلك بانتهاككم حرمة ابن خاتم الأنبياء وسيّد شباب أهل الجنّة... أتدرون ويلكم يا أهل الكوفة؟ أي كبدٍ لرسول الله(صلى الله عليه وآله) فريتم، وأيّ دمٍ له سفكتم، وأيّ حرمةٍ له انتهكتم؟ لقد جئتم شيئًا أدًّا تكاد السماوات يتفطّرنَ منه، وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال هدًّا".
وفي الشام وقفت تتحدّى يزيد وطغيانه، وهي المرأة المفجوعة التي أرهقتها آلام كربلاء، وأتعبتها مسيرة السبي من كربلاء إلى الكوفة ثمّ إلى الشام، وهي أعظم المخدّرات وأشرف النساء.
تدخل على الطاغوت والسفّاك المجرم، وهي مقيَّدة وابن أخيها العليل وسائر الأسرى المنهوكين بالرحلة المرهقَة.
تنظر إلى عرش يزيد الزائف بكلّ تحقيرٍ وازدراء، وإلى رأس الحسين(عليه السلام) بكلّ شموخٍ وإباء، ويزيد(لعنه الله) يضرب ثنايا أبي عبد الله(عليه السلام) بمخصرة كانت في يده وهو يتمثّل بأبيات الشاعر فيقول:
ليت أشياخي ببدرٍ شهدوا***جزع الخزرج من وقع الأسل
لأهلّوا واستهلّوا فرحاً***ولقالوا يا يزيد لا تشلّ
فقامت (عليها السلام) وقالت: "أظننت يا يزيد حين أخذت علينا أقطار الأرض، وضيّقت علينا آفاق السماء، فأصبحنا لك في إسار...أمِنَ العدل يا بن الطلقاء تخديرك حرائرك وسوقك بنات رسول الله(صلى الله عليه وآله) سبايا قد هُتكت ستورهنّ وأُبديَت وجوههنّ يحدوا بهنّ الأعداء من بلدٍ إلى بلد.."
ثمّ توجّهت إلى الله تعالى بالدعاء بقلبها الكبير فقالت: "اللّهمّ خُذ بحقّنا، وانتقم من ظالمنا، واحلُل غضبك بمن سفك دمائنا، وقتل حُماتنا وهتك عنّا سدولنا".
ولم تتوقّف مسيرة زينب (عليها السلام) ورسالتها التي حملتها على عاتقها منذ استشهاد الإمام الحسين(عليه السلام) بل مضت بنفس العزيمة والإرادة لتنقل الأحداث التي خفِيَت على الأمّة من بلدٍ إلى بلد، فأشعلت لهيب الحرقة والحسرة في قلوبٍ قسَت وعقولٍ خمدَت نتيجة التخدير الذي مارسه بنو أميّة بحقّها.
وها هي كلماتها تصدَح إلى يومنا الحاضر في آذان المؤمنين تبشّرهم بأنّ لكلّ ظالمٍ نهاية ومن ذلك قولها أمام يزيد بن معاوية: "ثمّ كِد كيدَك، واجهد جهدك، فوالذي شرّفنا بالوحي والكتاب، والنبوّة والانتجاب لا تدرك أمدَنا، ولا تبلغ غايتنا، ولا تمحو ذكرنا، ولا ترحض عنك عارنا، وهل رأيك إلّا فنَد وأيّامك إلّا عدد، وجمعُك إلّا بدَد يوم ينادي المنادي ألا لعنة الله على الظالمين".
سلامٌ عليك أيّتها الحوراء الإنسيّة، الصدّيقة الطاهرة، مع كلّ نسمة هواءٍ نتنفّس معها عبير الولاء والعشق لأعظم نهجٍ خطّه الإمام الحسين(عليه السلام) بدمائه الزكيّة الطاهرة، واستكملته العقيلة زينب بصبرها وجهادها.
شبكة المعارف