السؤال : ما هي العلامات المذكورة التي تحدّد السور المكّية والمدنية؟
الجواب :
هناك أمور اعتُبرت علامات تشير إلى زمن نزول الآية، وهل أنها مكية أم مدنية، لكن المشهور بين العلماء أن هذه العلامات ليست قطعية، ولا يعوّل عليها دائماّ، فهي ليست سوى مرجّحات تساعد على تحديد المكي من المدني، ومن هذه العلامات: من علامات السور المكية:
1- كل ما نزل فيه {يَا أَيُّهَا النَّاسُ}.
بناءً على أن طبيعة المرحلة المكية هي الخطاب العام لكل الناس، لا للمؤمنين.
إلاّ أن هذا العنصر أو هذه السمة لا تصلح أن تكون ضابطة تمييز بين المكي والمدني, نظراً لورود آياتٍ ثبت أنها مدنية، وهي تخاطب الناس بالخطاب العام مثل قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [سورة البقرة، 21].
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ...} [سورة البقرة، 168].
2- ما نزل من القرآن فيه ذكر الأمم.
وهذه الضابطة أيضاً غير دقيقة، لوجود ذكر الأمم في سور مدنية قطعاً، ويكفي مثالاً على ذلك سورة البقرة التي تحدّثت عن قصة موسى وبني إسرائيل مفصلاً ومن الثابت أنها مدنية.
3- السور التي تبدأ بالحروف المقطعة من علامات السور المكية، عدا سورتي البقرة وآل عمران، وفي سورة الرعد خلاف.
4- كل سورة فيها سجدة فهي مكية (والمراد من ذلك الأعم من السجدات الواجبة والمستحبة).
5- كل سورة فيها لفظ (كلاّ) فهي مكية.
ومن علامات السور المدنية:
1- ما كان فيه الخطاب: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ}. فقد تكوّن المجتمع الإيماني الذي بدأت تخاطبه الآيات بـ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ} في المدينة بعد الهجرة. لذلك ربما لا نجد فيما نصّ على أنه مكيّ خطاباً بـ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ﴾.
2- ما كان من الفرائض والسنن وتفاصيل السنن والحدود والأحكام. فإنما نزل بالمجتمع المدني حيث الدولة الإسلامية وسن الشَّرائع والقوانين.
3- كل سورة فيها ذكر للمنافقين فهي مدنية سوى سورة العنكبوت، وقيل: إنّ أولها إلى آخر الآية مدني أيضاً وما عداها فهو مكي، وفي هذه الآيات ذكر الجهاد والمنافقين.
4- كل سورة فيها إذنٌ بالجهاد أو ذكر له وبيان أحكامه فهي مدنية، أو خصوص الآيات المتضمنة لذلك.
5- كل سورة فيها محاججة لأهل الكتاب فهي مدنية.
والحقّ: أن هذه العلامات المميزة مبنية على ملاحظة السور والآيات واستقرائها، وهي جميعها في موارد ثبت بالنقل مكية السورة أو مدنيتها. وعليه فلا يكون هناك ثمرة كبيرة في دراسة هذه المميزات.
وقد بالغ المفسّرون أحياناً في تشخيص المكي والمدني، فعدّوا بعض الآيات الواردة في السور المكية مدنياً، وبالعكس، اعتماداً على وجوه واعتبارات استحسانية لا يصح الاعتماد عليها.