سؤال :
قال الله تعالى : « الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ »، وينطلق البعض من هذه الآية على قيمومية الرجال على النساء مطلقاً، فلذلك إذا كانت المرأة معصومة كالزهراء (عليها السلام) فلا بدّ أن يكون زوجها معصوماً وكفواً لها حتّى تتمّ القيمومة، وعلى هذا إذا كانت السيّدة زينب ( عليها السلام ) لا تعرف بمعرفة كمالية فلماذا زوّجها أمير المؤمنين من عبد الله بن جعفر ؟
الجواب:
إنّ ما جاء في الآية الشريفة من باب المناسبة بين الموضوع والحكم كما في الفقه، حيث يقول الفقهاء لا بدّ من مناسبة بين الموضوع والحكم كما عند الفلاسفة فإنّهم يقولون: لا بدّ من سنخية بين العلّة والمعلول ، فالآية حكمت بأنّ الرجال قوّامون على النساء، فالموضوع هو الرجال والنساء والحكم هو القيمومية، ومفهوم القيمومية له مصاديق متعدّدة، منها الوصاية كوصاية وقيمومية الوصي على الطفل، أو قيمومية الإمام على الاُمّة أو قيمومية المعلم على التلميذ، فكلّ موضوع له حكم يناسبه. وفي مقامنا تكون القيمومية في دائرة الزوجية وليس على نحو عامّ أيّ ليس أنّ كلّ رجل قائم على كلّ امرأة ، بل المراد أنّ كلّ زوج قائم على زوجته فالقيمومية بسبب الزوجية ، وقيمومية الرجل في نطاق الاُسرة وإنّما شرّع ذلك لأنّ الله تعالى خلق الإنسان وهو عارف بمكنوناته وذاته.
وأنا تعرّضت لهذا البحث الاجتماعي في شهر رمضان في قم المقدّسة بالتفصيل، فقلت :
إنّ الرجل والمرأة كلاهما ناقصان، وكلّ واحد منهما له كمال يمتاز به عن الآخر، وحيث إنّ الله تعالى خلق الكون كلّه بزواج تكويني، والبّنة الشرعية تكون بشاهدين عدلين، فكانت البيّنة التكوينية كذلك، فخلق الله من كلّ شيء زوجين لتكون بيّنة على وحدانيّته، فهذه الخلقة فيها دلالة وبيّنة على أنّ الله تعالى واحد أحد، وهذه البيّنه بيّنة تكوّنية على مدّعى الله تعالى بأنّه واحد أحد، فالرجل والمرأة من الزوجية التكوّنية وهما يتّصفان بالنقص كما أسلفنا فأراد الله تعالى لهما أن يتكاملا ببعضهما في ميادين كثيرة، ومن هذه الميادين ميدان العقل والعاطفة، فإنّ العقل في الرجال أقوى ممّا عند النساء، والعاطفة أكثر ممّا عند الرجال على نحو الغالبية والجوهرية والأصالة، ولهذا جعل الرجل قائماً على المرأة عند الزوجية وليس معنى كلامنا هذا أنّ المرأة ناقصة العقل أي مجنونة أو قاصرة، وإنّما مرادنا أنّ الجانب العاطفي عندها أكثر من التعقّل ولذلك في الاُمور التي يحتاج المجتمع بها إلى التعقّل تسند الوظيفة إلى الرجل كما في (القضاء والمرجعية) فقولنا هذا لا دلالة فيه على الانتقاص من المرأة بل فيه بيان خلقة المرأة وبيان ما يناسبها من وظيفة، وإلاّ لو كان كلامنا نافياً لعقل المرأة فكيف يعتبرها الإسلام مكلّفة بالتكاليف الشرعية عند بلوغها تسع سنين، فتكون مكلّفة قبل الرجل ولوجود هذا الفارق في التعقّل صار الرجل قائماً على المرأة عندما يرتبطون برابطة الزوجية وتكوين الاُسرة، وكذلك المرأة لها من العاطفة ما ليس للرجل فلذلك تقوم بما لا يستطيع الرجل القيام به، إذن تكوين الاُسرة يحتاج إلى تعقّل وعاطفة وهذا لا يعني أنّ المرأة تنقص عن الرجل مطلقاً بل ربما تكون المرأة يضرب بها المثال للمؤمنين وهم رجال كما في قصّة آسيا امرأة فرعون حيث ضرب الله بها مثلا للمؤمنين.
وأمّا بالنسبة لزينب (عليها السلام) فإنّها معصومة ولكن عبد الله بن جعفر لم يكن أكفأ منه لزينب حيث بينهم نسب وحسب وهو ابن عمّها وهذا يكفي في نظر العرف آنذاك مع ما لعبد الله بن جعفر من العلم والتربية حيث إنّه تربّى في أحضان النبوّة والإمامة فلهذا لا تنافي بين كون عبد الله بن جعفر قائم على زينب بموجب الآية وبين عصمة زينب وعلوّ مقامها.
عصمة الحوراء زينب (عليها السلام)... السيد عادل العلوي