السيدة زينب والعصمة الأفعالية السيدة زينب (ع) صابرة لم یسبقها في ذلك إلّا اُمّها فاطمة‘ فلكلّ هذا هي معصومة بالعصمة الأفعالیة.
وكما قلت لكم إنّ هذه العصمة ثابتة لغیرها ممّن هو أدنی منها مرتبةً كسیّدنا الاُستاذ النجفي المرعشي قدس سره، فإنّه قال لي یوماً وقد أقسم بفاطمة الزهراء‘ أنّه فعل شیئاً هوته نفسه قط، أي كان «مخالفاً لهواه مطیعاً لأمر مولاه» مند الیوم الأوّل، فلهذا «علی العوام أن یقلّدوه» كما ورد في الحدیث الشریف، وكذلك السیّد الخوانساري قدس سره الذي قضی صلاته طیلة حیاته ثلاث مرّات، مع أنّه من مراجع الدین وما كان ذلك إلّا لشدّة احتیاطه، فمثل هذه الأفعال تدلّ علی عصمتها الأفعالیة.
وهذا ما أكده الإمام الصادق(ع) بقوله: «عجب لمن یحبّ الله كیف یعصیه»، فالمحبّ لله تعالی لا یعصي الله تعالی ولا یفعل ما یؤثّر علی هذه العلاقة مع ربّه ومولاه ومحبوبه.
فلذا من عرف فإنّه لا یعصیه، ومن عرف زینب فإنّه یتأدّب في حضرتها بخشوع، فبالحبّ تكون الطاعة، وحبّ مجنون لیلی كان مجازیاً، ومن طریف ما یحكي أنّه كتب علی أرض الصحراء اسم لیلی، فلمّا سئل عن سبب ذلك؟ أجابهم: اُسلّي قلبي بذكری لیلی، وهكذا یفعل الحبّ المجازي بأهله، فكیف بالعشق الحقیقي وهو عشق الله سبحانه، ومن أنس به استوحش من الناس، ولهج لسانه بذكره:
﴿ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾.
فإذن إذا علمنا وزهدنا وصبرا أطعنا حقّاً، وزادنا الله عصمةً، ومثل زینب الحوراء‘ التي وصلت إلی مقام الفناء في الله كما یشهد لها قولها في جواب ابن زیاد اللعین: كیف رأیتِ صنع الله؟ فقالت‘: «ما رأیت إلّا جمیلاً». ولا یقول هذا إلّا العارف الفاني في إرادة الله وحبّه، فتری شهادة إخوتها الكرام من الله صنعاً جمیلاً، وإن كان من بني اُمیّة ویزید الطاغیة ظلماً وعدواناً، فمثلها كیف لا تكون معصومة؟
كیف لا تكون معصومة وقد صبرت حتّی عجز الصبر من صبرها، وهل یمكن لغیرها أن ترفع جسد أخیها الإمام الحسین في عصر یوم عاشوراء وهو مقطّع بالسیوف والرماح والسهام وتقول: اللهمّ تقبّل هذا القربان من آل محمّد؟
كیف لا تكون معصومة وإمام زمانها زین العابدین(ع) یقول في حقّها: أنتِ بحمدلله عالمة غیر معلّمة؟ فلا ریب ولا شك في أنّها معصومة، إلّا أنّ عصمتها عصمة أفعالیة تختلف عن عصمة اُمّها فاطمة الزهراء‘، تختلف عن عصمة الأنبیاء والأئمة الأطهار.
اللهمّ نسألك بعصمة الأنبیاء والأولیاء وبعصمة زینب الحوراء اغفرلنا فیما مضی من حیاتنا واعصمنا فیما بقي من عمرنا، آمین ربّ العالمین.
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله تعالى رب العالمين
جزاك الله كل خير على هذا الطرح المبارك
حفظك الله