بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وجوب معرفة حقيقة آل محمد (عليهم السلام) أجمعت الأمة الاسلامية بجميع مذاهبها على وجوب معرفة أهل البيت (عليهم السلام)، كما برهن عليه مفصلا السيد المرتضى في رسائله
وفي الروايات الشريفة إشارة واضحة لذلك فعن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال:
" لا يدخل الجنة إلا من عرفهم وعرفوه "
وعن أبي عبد الله (عليه السلام): " لا يقبل الله اعمال العباد إلا بمعرفته (الإمام) .
وليس المراد بمعرفتهم معرفة أسمائهم وأسماء ابائهم، كما لا يخفى على المتأمل، خاصة عندما تحدثنا الروايات ان بمعرفتهم نعرف الله تعالى، كما قال سيد الموحدين:
" انا باب حطة من عرفني وعرف حقي فقد عرف ربه "
بل نجد ان أمير المؤمنين يصرح بان المراد بمعرفتهم المعرفة الباطنية قال (عليه السلام):
" يا سلمان، انه لا يستكمل أحد الايمان حتى يعرفني كنه معرفتي بالنورانية... إلى أن يقول:
يا سلمان: أولنا محمد وأوسطنا محمد وآخرنا محمد، فمن استكمل معرفتي فهو على الدين القيم.
يا سلمان: كنت انا ومحمد نورا واحدا من نور الله... " إلى آخر الحديث .
ويشير إلى ذلك أيضا ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): فعن المفضل قال:
دخلت على الإمام الصادق (عليه السلام) ذات يوم فقال لي: " يا مفضل هل عرفت محمدا وعليا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) كنه معرفتهم "؟
قلت: يا سيدي ما كنه معرفتهم؟
قال: " يا مفضل من عرفهم كنه معرفتهم كان مؤمنا في السنام الأعلى ".
قال: قلت: عرفني ذلك يا سيدي؟
قال: " يا مفضل تعلم انهم علموا ما خلق الله عز وجل وذرأه وبرأه، وانهم كلمة التقوى وخزان السماوات والأرضين والجبال والرمال والبحار، وعلموا كم في السماء من نجم وملك ووزن الجبال وكيل ماء البحار وأنهارها وعيونها، وما تسقط من ورقة إلا علموها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين، وهو في علمهم وقد علموا ذلك "
وإياك والشك في ذلك فقد روى لنا سلمان عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله:
" يا سلمان ان الشاك في أمورنا وعلومنا كالممتري في معرفتنا وحقوقنا " .
وعن الإمام الرضا (عليه السلام): " فوالله لا وصل إلى حقيقة معرفتنا إلا من من الله بها عليه وارتضيناه لنا وليا "
أثر معرفة أهل البيت (عليهم السلام) هناك اثار معنوية ومادية لمعرفة أهل بيت محمد (صلى الله عليه وآله)، معرفة واقعية صحيحة، وقد جمعها الإمام الصادق (عليه السلام) في احدى خطبه جاء منها:
" فمن عرف من أمة محمد (صلى الله عليه وآله) واجب حق امامه، وجد طعم حلاوة ايمانه، وعلم فضل طلاوة اسلامه، لان الله نصب الإمام علما لخلقه، وجعله حجة على أهل مواده وعالمه وألبسه تاج الوقار، وغشاه من نور الجبار، يمد بسبب إلى السماء - إلى أن قال: حجج الله ودعاته ورعاته على خلقه يدين بهديهم العباد وتستهل بنورهم البلاد وينمو ببركتهم التلاد.
فليس يجهل حق هذا العالم إلا شقي ولا يجهده إلا غوي، ولا يصد عنه إلا جري على الله جل وعلا "
وفي حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: " يا سلمان من عرفهم حق معرفتهم واقتدى بهم فهو والله منا، يرد حيث نرد ويسكن حيث نسكن... " .
وقريب منه عن أبي جعفر (عليه السلام) (3).
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): قال الله تعالى لموسى: " محمد وعترته فمن عرفهم وعرف حقهم جعلت [- ه] عند الجهل علما، وعند الظلمة نورا، وأعطيته بعد السؤال وأجبته قبل الدعاء
" أين باب الله الذي منه يؤتي " " أين وجه الله الذي اليه يتوجه الأولياء
فكيف نريد ان نتقرب بوجوه لا نعرفها وأبواب لا نهتدي إليها!!
وبذلك صرح الإمام الصادق (عليه السلام): " وبعبادتنا عبد الله ولولانا ما عبد الله " (1).
" نحن الأسماء الحسنى الذين لا يقبل الله عملا إلا بمعرفتنا "
وقال الإمام الباقر (عليه السلام): * (ان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) * نحن السبيل فمن أبى فهذه السبل "
ومن الآثار توقف العبادة عليهم لما يأتي أنهم الوسائط بيننا وبين الله تعالى كحديث: " نحن فيما بينكم وبين الله "
وحديث: " واسطة على سبيل هداة لا يهتدي هاد إلا بهداهم " .
فلا يستطيع الانسان أن يتقرب إلا بعد معرفته الأسباب والوسائط.
وورد: بالباء ظهر الوجود، وبالنقطة تميز العابد عن المعبود " .
وورد عن بعض العارفين: " ما رأيت شيئا إلا ورأيت الباء عليه مكتوبة "
وقال أمير المؤمنين (عليه السلام): " انا النقطة تحت الباء "
* أقول: هناك روايات أخرى في أثر معرفتهم فلتراجع في مضانها
تبصرة عبادية:
* أقول: معرفة آل محمد (عليهم السلام) بحقيقة المعرفة يتوقف عليها الكثير من العبادات، فحتى البكاء على آل محمد (عليهم السلام) وإقامة المآتم وتفسير ابتلاءهم ومحنهم ونحو ذلك، كله يختلف باختلاف الاعتقاد بحقيقة محمد وآل محمد صلوات المصلين عليهم ما سبح ملك وقدس أخر.
فإذا كان شخص يبكي على الحسين (عليه السلام) لأنه ظلم وسلب حقه، ولأنه معصوم وابن الرسول الكريم، فإنه إذا عرف مكانة الحسين الحقيقية من الله تعالى، وانه كان يعلم بتفاصيل واقعة عاشوراء ومع ذلك اقدم، وانه كان يستطيع ان يفني وجودهم بولايته التكوينية أو بدعائه المستجاب ، ومع ذلك صبر لعشقه الشهادة وعشق لقاء الله وجواره، فان البكاء يختلف وصبر الحسين يعظم.
وهذا كله متوقف على معرفة حقيقته وسعة علمه وقدرته في التصرف بالكون، وعندها إذا تعرف العبد على سيده وعرف مكانته وبكى عليه، أو أظهر الحزن، يكون بكاؤه عن عقيدة وعلم ويقين واطمئنان، لا عن مجرد تقليد للاباء أو مجرد عاطفة وتأثير الضمير بالبكاء على كل مظلوم.
عندما ندرك قدرة الحوراء الانسية عليها السلام على قلب الموازين الطبيعية، أو ان دعاءها مستجاب، ثم نسمع انها صبرت على دخول دارها عنوة واخراج زوجها، فان للصبر عندها لذة يكشف عن عظمة التزامها بأمر أبيها وأمر الله تعالى.
وهكذا بالنسبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) عندما ندرك تصرفه بالكون - وما أكثره - وعلمه الشامل لما كان ويكون، ومع ذلك صبر على المحسن التزاما بالتكليف الشرعي ولمصالح ليس هنا محل ذكرها، عندها ندرك حقيقة الصبر الذي كان يتحلى
به، وهو غير ما قد يفهمه الانسان بعيدا عن حقيقة أمير الموحدين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وقدرته وعلمه.
وهكذا في امامنا زين العابدين (عليه السلام) ففهمنا لصبره على الأسر والقيود والسلاسل يختلف باختلاف عقيدتنا به، لذا يأتي انه عندما حزن بعض أهل الشام على أسره وتقيده، قام الإمام (عليه السلام) باخراج يديه ورجليه من القيود وأخبره انه يقدر على أكثر من ذلك
وما مراد الإمام (عليه السلام) إلا أن يعرفه انه مع قدرته وعلمه وامكان تصرفه بالكون، يصبر على البلاء ويلتزم بحكم الله تعالى.
وهكذا عندما خرج من السجن وذهب لدفن والده الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء
والمسألة أوضح في امام زماننا أرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء، فمع قدرته وعلمه وتسخير الجن والإنس والجبال والسماء وجنودهما، ينتظر قضاء الله في الخروج كل يوم جمعة، مع عشقه للخروج وتفريج الهموم عن شيعته ومحبيه ومنتظريه، ومع بكائه دما بدل الدموع على جده الحسين (عليه السلام) لتأخير الاخذ بثأره.
فكل حركات وسكنات آل محمد (صلى الله عليه وآله) يختلف تفسيرها باختلاف معرفتهم بالنورانية كما تقدم عن أمير المؤمنين (عليه السلام).
هذا وقد أخبرونا ان الكلمة والحديث منهم ينصرف على سبعين وجها فافهم
تنبيه:
قد يقول بعض من يقف على هذه الدراسة المختصرة، ان هذا كلام عجيب وأحاديث آحاد لا نفهم منها ما يقال، أو انها فيها غلو بأهل البيت (عليهم السلام).
أخي القارئ لا ينبغي للانسان العاقل المؤمن ان يقيس الأشياء على ذهنه الخاص وعقله الشخصي ومعلوماته الناقصة، ومعرفته التي اكتسبها من جراء مجتمعات خاصة أو أساتذة معينين.
وفكر بما ذكره الله عز وجل في كتابه عن أصحاب الكهف والرقيم الذين هم دون أهل البيت (عليهم السلام) في الفضل والمقام:
* (... إن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا... وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك من آيات الله... وتحسبهم ايقاظا وهم رقود ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال...) *
تأمل في ذلك بعيدا عن خيالاتك.
والى ذلك أشار الإمام الصادق (عليه السلام) بقوله: " ما جاءكم منا مما يجوز أن يكون في المخلوقين ولم تعلموه ولم تفهموه، فلا تجحدوه وردوه الينا... ".
وكذلك الإمام الكاظم (عليه السلام) بقوله: " إن حديث آل محمد صعب مستصعب لا يؤمن به الا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان، فما ورد عليكم من حديث آل محمد (صلى الله عليه وآله) فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه، وما اشمأزت له
قلوبكم وأنكرتموه فردوه إلى الله والرسول والى العالم من آل محمد (عليهم السلام)، وانما الهالك ان يحدث أحدكم بالحديث أو بشئ لا يحتمله فيقول: والله ما كان هذا، والله ما كان هذا، والانكار لفضلهم هو الكفر "
اللهمّ عرّفني نفسك، فإنّك إنْ لم تعرّفني نفسَك لمْ أعرف نبيّك، اللهمّ عرّفني رسولك، فإنّك إنْ لم تعرّفني رسولك لم أعرفْ حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك، فإنّك إنْ لم تعرّفني حجّتك ضلَلتُ عن ديني
يا سلمان من عرفهم حق معرفتهم واقتدى بهم فهو والله منا،
المشرفون: الفردوس المحمدي،تسبيحة الزهراء
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 9771
- اشترك في: الثلاثاء إبريل 12, 2011 7:41 am
- مكان: عراق اهل البيت ع والمقدسات ((مركز دوله الامام المهدي عج ))
يا سلمان من عرفهم حق معرفتهم واقتدى بهم فهو والله منا،
ان ماأردت الفوز بالعلياء والمكارم فاسجد وقل بفاطم بفاطم بفاطم
-
- الـمـديـر الـعـام
- مشاركات: 65765
- اشترك في: الخميس أغسطس 21, 2008 9:08 am
Re: يا سلمان من عرفهم حق معرفتهم واقتدى بهم فهو والله منا،
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خير على الطرح القيم
أختي الكريمة فاطمة جنة علي
موفقين لكل خير
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خير على الطرح القيم
أختي الكريمة فاطمة جنة علي
موفقين لكل خير
﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .. ولا حَولْ ولاقُوة الا بالله العلي العظيم )
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 1418
- اشترك في: الثلاثاء ديسمبر 22, 2015 6:29 pm
- الجنس: فاطمية
Re: يا سلمان من عرفهم حق معرفتهم واقتدى بهم فهو والله منا،
اللهم صل على محمد وال محمد مشكوره جزاكي الله خير
اللهم صل على محمد وال محمد
-
- المدير الإداري
- مشاركات: 49874
- اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 23, 2008 1:36 pm
- الجنس: فاطمية
Re: يا سلمان من عرفهم حق معرفتهم واقتدى بهم فهو والله منا،
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أختي
موفقة لكل خير
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك أختي
موفقة لكل خير
يقينا كله خير
-
- مـشـرفـة
- مشاركات: 13029
- اشترك في: السبت يناير 31, 2009 12:36 am
Re: يا سلمان من عرفهم حق معرفتهم واقتدى بهم فهو والله منا،
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احسنت بارك الله فيك
دمتم بخير وعافية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احسنت بارك الله فيك
دمتم بخير وعافية
قال النبي صلى الله عليه وآله:
من أحب فاطمة ابنتي فهو في الجنة معي ومن ابغضها فهو في النار
من أحب فاطمة ابنتي فهو في الجنة معي ومن ابغضها فهو في النار