ليس صحيحاً ما يقال عن الإمام السجّاد عليه السلام بأنه تفرّغ للعبادة، ونأى بنفسه عن التدخل في السّياسة وهموم الناس. ومن الظلم أن يقوم بعض المؤرخين بتلقيب الإمام بألقاب كـ (الإمام المريض، أو العليل) رغم أن مرضه في كربلاء لم يدم أكثر من عدة أيام! وبتدقيق النظر قد ينطوي هذا الظرف على مصلحة إلهية، تتمثل بعدم تكليف الإمام السجاد عليه السلام بالجهاد؛ ليقوم بعد ذلك بحمل أعباء الإمامة والقيادة التي استمرت بعد عاشوراء ما يقارب حوالي 34 أو 35 سنة، إذ تجلّت كمرحلة مختلفة للإمامة، وظروفها، ومفهومها لدى الناس، وحتى دورها، وكانت حافلة بالصعوبات والمشاق الجسام. تتضح سيرة كل إنسان بالمعنى الواقعي للكلمة، عندما نعرف التوجه العام له في حياته، بعدها نقوم بملاحظة الحوادث الجزئية التي حصلت معه. فإذا عُرف التوجه العام، فإن الحوادث الجزئية تُفهم بالمعنى المناسب.
* متابعة إنجاز الهدف كان الإمام السجّاد عليه السلام ما بين استلامه للإمامة في عاشوراء 61 هـ، واستشهاده مسموماً سنة 95 هـ، يتابع إنجاز هدف إقامة حكومة أهل البيت عليهم السلام. لذلك، من خلال هذا التوجه العام، ينبغي أن نفسّر جزئيات مراحل عمل ما قام به الإمام، والتحركات، والأساليب التي اتبعها، والتوفيقات التي حصلت معه، وكل الكلمات التي بيَّنها، والأدعية والمناجاة التي جاءت بصورة الصحيفة السجادية. كذلك المواقف التي اتخذها طوال مدة الإمامة ومنها:
1 - موقفه من عبيد الله بن زياد ويزيد الذي تميز بالبطولة والشجاعة والفداء.
2 - موقفه الذي تميز بالهدوء، من مسرف بن عقبة، هذا الذي قام بتدمير المدينة، واستباح أموالها بأمر من يزيد، في السنة الثالثة من حكمه.
3 - حركة الإمام مقابل عبد الملك بن مروان أقوى خلفاء بني أمية وأمكرهم، حيث تميز موقفه بالشدّة حيناً، والاعتدال حيناً آخر.
4 - موقف الإمام من وعّاظ السلاطين، وأعوان الظلمة... وكذا كل مواقفه عليه السلام.
ولذلك يجد المطّلع على سيرته المباركة، أنّ هذا الإنسان العظيم قد قضى كل حياته في سبيل تحقيق الهدف المقدس، وهو إقامة حكومة الله على الأرض، وتحقيق الإسلام، وقد استفاد من أنضج الوسائل وأفضلها. إن انتقال الإمامة إلى الإمام الباقر عليه السلام ومعها مهمة إقامة حكومة الله على الأرض، تظهر بصورة واضحة في الروايات. ففي رواية نجد أن الإمام السجاد عليه السلام جمع أبناءه مشيراً إلى الإمام الباقر عليه السلام، وقال: احمل هذا الصندوق، وخذ هذا السلاح، وهذه الأمانة بيدك(1). فالسلاح يرمز إلى القيادة الثورية، والكتاب يرمز إلى الفكر والعقيدة الإسلامية، وقد أودعهما الإمام السجاد عليه السلام الإمامَ الذي سيأتي بعده.
* التنظيمات السرية إنَّ المقصود من "التّنظيمات السريّة" روابط العقيدة التي كانت تصل الناس بعضهم ببعض، وتحملهم على التّضحية والأعمال السريّة. مثلاً: عندما جيء بأسرى كربلاء إلى الكوفة، في إحدى الليالي سقط حجر في السجن الذي كانوا فيه. وإذا بالحجر ورقة كتب عليها: لقد أرسل حاكم الكوفة رجلاً إلى يزيد في الشام، حتى يعلم ماذا يفعل بكم، فإذا سمعتم غداً ليلاً صوت تكبير، فاعلموا أنكم ستقتلون هاهنا، وإذا لم تسمعوا فاعلموا أن الوضع سيتحسن. عندما نسمع مثل هذه القصة، ندرك جيداً وجود شخص من أعضاء هذه التنظيمات داخل الجهاز الحاكم لابن زياد، وهو مطَّلع على ما يجري. ويمكنه أن يصل إلى السجن، ويوصل صوته إليه. خلال هذه المرحلة، وقبل وقوع الحوادث الأخرى كان الشيعة يقومون بمحاولة إعادة الانسجام السابق والاستعداد. وينقل الطبري: "فلم يزل القوم في جمع آلة الحرب والاستعداد لها"(2). وهو يقصد الموالين المطالبين بالثأر لدماء الحسين بن علي عليه السلام، الذين ازداد عددهم يوماً بعد يوم، حتى مات يزيد بن معاوية.
1.يراجع: الكافي، الكليني، ج 1، ص 305.
2.تاريخ الطبري، محمد بن جرير الطبري، ج 4، ص 431.
قال النبي صلى الله عليه وآله:
من أحب فاطمة ابنتي فهو في الجنة معي ومن ابغضها فهو في النار
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ وسَهِّلْ مَخْرَجَهُمْ والعَنْ أعْدَاءَهُم
السلام على الحسين و على علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين
السلام على ساقي عطاشى كربلاء أبا الفضل العباس ورحمة الله وبركاته
اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ
بارك الله فيكِ وجزاكِ الله خير الجزاء أختي على هذا الطرح المبارك
اسأل الله تعالى أن يحفظكم ويقضي جميع حوائجكم بحق النبي المصطفى وعترته الأطهار عليهم السلام