بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هاجر اليهود إلى الجزيرة ينتظرون النبي الموعود
هاجر جماعات من اليهود مع أحبارهم بعد المسيح عليه السلام إلى الجزيرة العربية، بانتظار النبي الأخير الذي وعدهم أنبياؤهم عليهم السلام بأنه سيظهر فيها.
قال إسحاق بن عمار «الكافي: 8/310»: «سألت أبا عبدالله عليه السلام عن قول الله تبارك وتعالى: وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ؟ قال: كانوا قوماً فيما بين محمد وعيسى صلى الله عليهما، وكانوا يتوعدون أهل الأصنام بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ويقولون: ليخرجن نبي فليكسـرن أصنامكم، وليفعلن بكم وليفعلن، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كفروا به».
وفي الكافي: 8/308، عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «كانت اليهود تجد في كتبها أن مهاجر محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما بين عير وأحد، فخرجوا يطلبون الموضع فمروا بجبل يسمى حَداد فقالوا: حداد وأحد سواء، فتفرقوا عنده فنزل بعضهم بتيماء وبعضهم بفدك وبعضهم بخيبر، فاشتاق الذين بتيماء إلى بعض إخوانهم، فمرَّ بهم أعرابي من قيس فتكاروا منه وقال لهم أمرُّ بكم ما بين عير وأحد، فقال له: إذا مررت بهما فآذنَّا بهما، فلما توسط بهم أرض المدينة قال لهم: ذاك عير وهذا أحد، فنزلوا عن ظهر إبله وقالوا: قد أصبنا بغيتنا، فلا حاجة لنا في إبلك فاذهب حيث شئت! وكتبوا إلى إخوانهم الذين بفدك وخيبر: أنا قد أصبنا الموضع فهلموا إلينا، فكتبوا إليهم: أنا قد استقرت بنا الدار واتخذنا الأموال وما أقربنا منكم، فإذا كان ذلك فما أسرعنا إليكم.
فاتخذوا بأرض المدينة الأموال، فلما كثرت أموالهم بلغ تُبَّعٌ فغزاهم فتحصنوا منه فحاصرهم، وكانوا يَرِقُّونَ لضعفاء أصحاب تُبَّع فيلقون إليهم بالليل التمر والشعير، فبلغ ذلك تُبَّع فرقَّ لهم وآمنهم، فنزلوا إليه فقال لهم: إني قد استطبت بلادكم ولا أراني إلا مقيماً فيكم فقالوا له: إنه ليس ذاك لك، إنها مهاجر نبي وليس ذلك لأحد حتى يكون ذلك فقال لهم: إني مخلف فيكم من أسرتي من إذا كان ذلك ساعده ونصره، فخلف حيين الأوس والخزرج، فلما كثروا بها كانوا يتناولون أموال اليهود وكانت اليهود تقول لهم: أما لو قد بعث محمد ليخرجنكم من ديارنا وأموالنا، فلما بعث الله عز وجل محمداً صلى الله عليه وآله وسلم آمنت به الأنصار وكفرت به اليهود وهو قول الله عز وجل: وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الكَافِرِينَ».
أقول: يدل هذا الحديث على أن اليهود كانوا في المدينة قبل الأوس والخزرج، وقد تحالفوا، لكن الأنصار صاروا أقوى منهم لمحيطهم العربي، فاحتاج اليهود إلى أن يتحالفوا معهم ويكونوا في جوارهم.
وفي المحتضر/276، عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال: «إن الله تعالى أخبر رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بما كان من إيمان الأمم السابقة. وإن اليهود قبل ظهوره كانوا يستفتحون على أعدائهم بذكره والصلاة عليه، وكان الله عز وجل أمر اليهود في أيام موسى وبعده إذا دهمهم أمرٌ ودهمتهم داهية أن يدعوا الله بمحمد وآله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكانوا يفعلون ذلك ويستنصرون به، حتى كانت اليهود من أهل المدينة قبل ظهور النبي صلى الله عليه وآله وسلم بسنين كثيرة يفعلون ذلك، ويكفون البلاء والداهية الدهياء».
وفي تفسير القمي: 1/32: «فكانت اليهود يقولون للعرب قبل مجئ النبي صلى الله عليه وآله وسلم : أيها العرب هذا أوان نبي يخرج بمكة ويكون هجرته بالمدينة، وهو آخر الأنبياء وأفضلهم، في عينيه حمرة وبين كتفيه خاتم النبوة، يلبس الشملة ويجتزي بالكسرة والتميرات، ويركب الحمار عُرْيَةً، وهو الضحوك القتال، يضع سيفه على عاتقه ولا يبالي بمن لاقى. يبلغ سلطانه منقطع الخف والحافر، وليقتلنكم الله به يا معشر العرب قتل عاد، فلما بعث الله نبيه بهذه الصفة حسدوه وكفروا به كما قال الله: وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ».
وفي تفسير الإمام العسكري عليه السلام /393: «قال أميرالمؤمنين عليه السلام : وكانت اليهود قبل ظهورمحمد صلى الله عليه وآله وسلم بعشر سنين تعاديهم أسد وغطفان ويقصدون أذاهم، وكانوا يستدفعون شرورهم وبلاءهم بسؤالهم ربهم بمحمد وآله الطيبين، حتى قصدتهم في بعض الأوقات أسد وغطفان في ثلاثة آلاف فارس إلى بعض قرى اليهود حوالي المدينة، فتلقاهم اليهود وهم ثلاث مائة فارس، ودعوا الله بمحمد وآله الطيبين الطاهرين فهزموهم وقطعوهم...فلما ظهر محمد صلى الله عليه وآله وسلم حسدوه، إذ كان من العرب، فكذبوه»!
وفي الدر المنثور: 1/88: «كانت يهود بني قريظة والنضير قبل أن يبعث محمد يستفتحون الله به يدعون على الذين كفروا ويقولون: اللهم إنا نستنصـرك بحق النبي الأمي إلا نصرتنا عليهم، فينصرون»! والإستفتاح على العدو: طلب النصر عليه، ويشمل الإستعانة عليه بأحد، أو شيء، أو دعاء.
وجبل حَدَد «معجم البلدان: 2/229» «مطل على تيماء..قال النابغة: ساق الرفيدات من جَوْشٍ ومن حَدَدِ» واحتمل المجلسي تصحيفه عن حداد، وقد يكون الشاعر خففه.
هذا، وقول أهل البيت عليهم السلام إن هجرة اليهود إلى الجزيرة كانت بعد المسيح عليه السلام يرد ما زعمه بعض الكتاب الغربيين من أنه كان في الجزيرة مواطنون يهود كأبناء إسماعيل عليه السلام . كما أن تُبَّعاً ملك اليمن والعرب،كان بعد عيسى عليه السلام وقد أسكن الأنصار في المدينة، فكثروا فهابهم اليهود وتحالفوا معهم.
المصدر / السيرة النبوية عند أهل البيت عليهم السلام / للشيخ علي الكوراني
الجزء الأول