فطرس يلوذ بمهد الحسين (ع)
المسألة:
هل قصة الملَك فطرس صحيحة؟ وهل يوجد لها سند صحيح؟
الجواب:
الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) في شأن فطرس الملَك مستفيضة، وذلك يوجب الإطمئنان بالوقوع في الجملة، نعم لا يمكن ولا يصح الوثوق بالتفاصيل التي تختص بها كلُّ رواية من الروايات المتصدية لهذا الشأن إلا انَّ المضامين المشتركة بين هذه الروايات مما يصحُّ الوثوق به نظراً لاستفاضة نقلها عن أهل البيت (ع).
فالقدر المشترك بين هذه الروايات هو انَّ ثمة ملَكاً من الملائكة اسمه فطرس أبطأ في امتثال أمرٍ بُعث إليه من قِبل الله تعالى فكُسر جناحه، وحين وُلد الحسين (ع) استشفع به ولاذ بمهده فعافاه الله تعالى مما ألمَّ به .
وهذه المضامين ليس فيها ما هو منافٍ لأصول العقيدة، فلا مبرِّر لتكذيبها، وما يُمكن ان يكون منشأ للاستيحاش هو انَّ الملائكة معصومون فكيف صحَّ القبول بدعوى ارتكاب هذا الملَك للمعصية، وإذا لم يكن ما صدر عن هذا الملَك معصيةً فكيف صحَّت معاقبته، أليس من الظلم ان يُعاقب المكلَّف دون أن يرتكب معصية.
والجواب هو انَّه لا ريب عندنا نحن الامامية في عصمة الملائكة لقوله تعالى يصف الملائكة: ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ إلا انَّ ما صدر عن فطرس الملَك لم يكن سوى الإبطاء عن إمتثال الأمر الإلهي بحسب المقدار الثابت من الروايات، والإبطاء ليس معصية حتى يكون منافياً للعصمة، نعم الإبطاء في مقام الإمتثال منافٍ لما هو الأولى، فكان ينبغي لفطرس المسارعة في الإمتثال.
إلا انَّ عدم التزامه بما هو الأولى لا ينافي العصمة، إذ من المقطوع به انَّ مخالفة الأولى يمكن صدوره من المعصوم، فقد يترك المعصوم ما هو مستحب في حالاتٍ نادرة، وقد أفاد القرآن الكريم انَّ المخالفة للأولى قد صدرت عن بعض الأنبياء كنبيِّ الله آدم (ع) ونبيِّ الله يونس (ع).
وأما الأمر الثاني وهو انَّه إذا لم يكن الإبطاء معصيةً فلماذا عُوقب بكسر جناحه فجوابه هو انَّ كسر الجناح ليس بمعنى تهشيمه أو إعطابه، فإنَّ ذلك من شئون الجناح المادي والحال انَّ الملائكة ليسوا كذلك، فالتعبير بالكسر إنَّما هو لتقريب المعنى للذهن، فمعنى انه تعالى كسر جناحه هو انَّه سلبه القدرة على التحليق، وذلك ليس من العقوبة التي هي جزاءٌ على الذنب حتى يُقال انَّه ظلمٌ لانَّه لم يرتكب ذنباً، فالتحليق منحةٌ إلهية أعطاها الله تعالى للملَك ثم سلبها منه لمخالفته الأولى، فلم يكن مستحقاً على الله انْ يهبه القدرة على التحليق حتى يكون سلبه إياها دون ذنب عقوبةً على غير استحقاق وإنَّما كانت منحةً ابتدائية منحها إياه ثم اقتضت حكمته البالغة انْ يسلبها منه لمخالفته للأولى.
وهذا هو شان الله تعالى في عباده، فقد يمنح أحداً من الناس رزقاً وافراً ثم يسلبه منه لانَّه لم يتصدق مثلاً صدقةً مستحبة.
وأما الاستيحاش من جهة ما تقتضيه هذه الروايات من مشروعيَّة الاستشفاع والتوسُّل بأهل البيت (ع) فجوابه قد فصلناه في مشروعية التبرك وفلسفة التوسل فراجع إنْ شئت.
الشيخ محمد صنقور
المسألة:
هل قصة الملَك فطرس صحيحة؟ وهل يوجد لها سند صحيح؟
الجواب:
الروايات الواردة عن أهل البيت (ع) في شأن فطرس الملَك مستفيضة، وذلك يوجب الإطمئنان بالوقوع في الجملة، نعم لا يمكن ولا يصح الوثوق بالتفاصيل التي تختص بها كلُّ رواية من الروايات المتصدية لهذا الشأن إلا انَّ المضامين المشتركة بين هذه الروايات مما يصحُّ الوثوق به نظراً لاستفاضة نقلها عن أهل البيت (ع).
فالقدر المشترك بين هذه الروايات هو انَّ ثمة ملَكاً من الملائكة اسمه فطرس أبطأ في امتثال أمرٍ بُعث إليه من قِبل الله تعالى فكُسر جناحه، وحين وُلد الحسين (ع) استشفع به ولاذ بمهده فعافاه الله تعالى مما ألمَّ به .
وهذه المضامين ليس فيها ما هو منافٍ لأصول العقيدة، فلا مبرِّر لتكذيبها، وما يُمكن ان يكون منشأ للاستيحاش هو انَّ الملائكة معصومون فكيف صحَّ القبول بدعوى ارتكاب هذا الملَك للمعصية، وإذا لم يكن ما صدر عن هذا الملَك معصيةً فكيف صحَّت معاقبته، أليس من الظلم ان يُعاقب المكلَّف دون أن يرتكب معصية.
والجواب هو انَّه لا ريب عندنا نحن الامامية في عصمة الملائكة لقوله تعالى يصف الملائكة: ﴿لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ إلا انَّ ما صدر عن فطرس الملَك لم يكن سوى الإبطاء عن إمتثال الأمر الإلهي بحسب المقدار الثابت من الروايات، والإبطاء ليس معصية حتى يكون منافياً للعصمة، نعم الإبطاء في مقام الإمتثال منافٍ لما هو الأولى، فكان ينبغي لفطرس المسارعة في الإمتثال.
إلا انَّ عدم التزامه بما هو الأولى لا ينافي العصمة، إذ من المقطوع به انَّ مخالفة الأولى يمكن صدوره من المعصوم، فقد يترك المعصوم ما هو مستحب في حالاتٍ نادرة، وقد أفاد القرآن الكريم انَّ المخالفة للأولى قد صدرت عن بعض الأنبياء كنبيِّ الله آدم (ع) ونبيِّ الله يونس (ع).
وأما الأمر الثاني وهو انَّه إذا لم يكن الإبطاء معصيةً فلماذا عُوقب بكسر جناحه فجوابه هو انَّ كسر الجناح ليس بمعنى تهشيمه أو إعطابه، فإنَّ ذلك من شئون الجناح المادي والحال انَّ الملائكة ليسوا كذلك، فالتعبير بالكسر إنَّما هو لتقريب المعنى للذهن، فمعنى انه تعالى كسر جناحه هو انَّه سلبه القدرة على التحليق، وذلك ليس من العقوبة التي هي جزاءٌ على الذنب حتى يُقال انَّه ظلمٌ لانَّه لم يرتكب ذنباً، فالتحليق منحةٌ إلهية أعطاها الله تعالى للملَك ثم سلبها منه لمخالفته الأولى، فلم يكن مستحقاً على الله انْ يهبه القدرة على التحليق حتى يكون سلبه إياها دون ذنب عقوبةً على غير استحقاق وإنَّما كانت منحةً ابتدائية منحها إياه ثم اقتضت حكمته البالغة انْ يسلبها منه لمخالفته للأولى.
وهذا هو شان الله تعالى في عباده، فقد يمنح أحداً من الناس رزقاً وافراً ثم يسلبه منه لانَّه لم يتصدق مثلاً صدقةً مستحبة.
وأما الاستيحاش من جهة ما تقتضيه هذه الروايات من مشروعيَّة الاستشفاع والتوسُّل بأهل البيت (ع) فجوابه قد فصلناه في مشروعية التبرك وفلسفة التوسل فراجع إنْ شئت.
الشيخ محمد صنقور