يعتبر السيد حسين القاضي التبريزي من المتقين الصالحين وله كرامات كثيرة وبركات جمّة ، حتى نقل ان الامام الخميني (قدس سره) وعندما ابتليت احدى بناته بحالة مرضية ، امر بعض اهله ان يذهبوا الى بيت السيد حسين القاضي - في قم - ويطلبوا منه جرعة من الماء للاستشفاء ، وهذا يدل على بركة هذا السيد الجليل وقربه من الرب تعالى . وهذه الحكاية مرتبطة بهذه التقى الورع، قال (قدس سره): في مجلس كنت مع بعص الاشخاص وتشرفنا بمحضر بقية اللّه الاعظم (ارواحنا فداه) ، وكان (عليه السلام) ينظر الينا واحدا واحدا ويتفدقنا ، وعندما وصل الدور الىّ قال لي (عجل اللّه تعالى فرجه الشريف) : وانت ، ماذا تريد ؟ قلت : اريد ان أكون اقرب هؤلاء الاشخاص اليك . ففسح الامام (عجل اللّه تعالى فرجه الشريف) مجالا وأجلسني الى جنبه .
يقول العلامة المرحوم الميرزا القمي صاحب كتاب (القوانين) : كنت أتباحث مع العلامة بحر العلوم في درس الاستاذ الوحيد البهبهاني وكنت غالبا ما اقرّر البحث له الى ان جئت الى ايران ، ثم اشتهر شيئا فشيئا علم السيد بحر العلوم بجميع الصقاع ، وكنت استغرب واتعجب من ذلك الى ان وفقني اللّه تعالى لزيارة العتبات المقدسة فعندما تشرفت بزيارة النجف الاشرف التقيت بالسيد وطرحت مسألة فرأيت السيد بحر العلوم بحرا موّاجا وعميقاً من العلوم . فقلت : سيدنا عندما كنّا نتباحث معا لم تكن لك هذه المرتبة ، وكنت تستفيد منّي ، ولكنك الآن مثل البحر ؟ ! فقال : يا ميرزا هذه من الاسرار ، اقولها لك فلا تحدث بها أحدا ما دمت حيا واكتمها . وكيف لا أصير كذلك وقد الصقني سيدي بصدره الشريف في ليلة من الليالي في مسجد الكوفة . قلت : كيف تشرفتم بلقائه ؟
قال : ذات ليلة ، ذهبت الى مسجد الكوفة ، فرأيت سيدي ومولاي ولى العصر (عجل اللّه تعالى فرجه الشريف) مشتغلا بالعبادة ، فوقفت وسلمت ، فاجابنى وقال : تعال . فتقدمت خطوة اليه ، ثم قال : تقدم . فتقدمت خطوة اليه ، ثم قال : تقدم . فتقدمت حتى فتح ذراعيه وضمنّي الى صدره المبارك ، وهنا انتقل الى صدري ما شاء اللّه تعالى ان ينتقل .
« يقول آية الله الشيخ بهجت (قدس سره) نقل لي صديقي الّذي أثق به ، أنّه في مجلسنا الّذي أقمناه في اليوم الخامس عشر من شعبان ، كان السيّد جالساً بجوار المحراب وعندما أنهيتَ قراءتك للمدائح والأناشيد وأردت أن تدعو دعاء الختام ، قام السيّد وأخذ نعله وأراد الخروج من المسجد ، لكن لا أدري ما الّذي حصل حيث بدأت أنت فجأة برثاء السيّدة الزّهراء (عليها السّلام) والنّعي عليها ، فعاد السيّد إلى المجلس ثانيةً احتراماً لمجلس عزاء أُمّه وحضر هذا النّعي » . يقول الرّاثي قلت لسماحة الشّيخ (بهجت): هناك الكثير من السّادة يحضرون في مجلسكم، فقال لي سماحته : «لا ، لا ، السّيد ، الإمام الحجّة | كان حاضراً في المجلس ! » .
يذكر الشيخ علي أكبر النهاوندي "ره " : أن رجلاً صالحاً يعمل عطاراً في البصرة ، في احد الايام جاءه رجلان يطلبان منه سدراً وكافوراً على هيئة غريبة تختلف عن اهالي المنطقة ، فيقول العطار : سألتهما عن مدينتهما ، ولكنهما امتنعا عن الجواب ، فأصررت كثيراً حتى اقسمت عليهما برسول الله 'صل الله عليه وآله وسلم ' مباشرةً أجابا عن سؤالي قائلين : نحن من الأصحاب الملازمين لبقية الله عجل الله فرجه ، وبما أن احدنا توفي أُمرنا من طرف مولانا بشراء سدر وكافور منك . يقول العطار : ما إن سمعت هذا المطلب حتى توسلت اليهما وتضرعت كثيراً حتى يصحبوني معهم لكنهما ردا : الامر متعلق بإذن الإمام وبما انه لا إذن لنا منه فنحن معذورون عن استجابة طلبك . أجبتهما : خذاني الى حيث أنتم حتى آخذ إذن الإمام ، فأن أذن فبها وإلا فأنا راجع من حيث اتيت . في البداية امتنعا الرجلان لكنهما ولإصراري الشديد والحاحي سمحا لي . أغلقت دكاني واتبعتهما حتى وصلنا الى الساحل . لم يحتج الرجلان الى وسيلة ليعبرا البحر حيث مشيا على الماء بكل قدرة ، لكن وقفت عاجزاً ، لا ادري ما العمل حتى قالا لي : لا تخف ، وأقسم على الله بالحجة ان يحفظك ثم سر معنا . ففعلت ما قالا لي ومشيت على الماء وأثناء المسير تجمعت السحب حتى شرعت بالامطار فتذكرت الصابونات التي جعلتها مكشوفة لتضربها الشمس وتجف ، وفي اللحظة التي غفلت فيها وصار فكري وقلبي مشغولا بصابوناتي نزلت قدماي وصرت اسبح لأنجو من الغرق ، لكن الرجلان توجها لحالي وانقذاني وقالا : تب مما اغرقك وجدد القسم . تبت وجددت القسم وتمكنت من السير على الماء عندما وصلنا الى الساحل رأيت خيمة وسط البر تنير ما حولها ، قالا لي الرجلان : غاية المقصود في هذه الخيمة ، تقربنا من الخيمة ، ودخل احدهما لأخذ الإذن من الإمام فكنت أسمع ما يجري بينهما من حديث ، فسمعت الإمام يقول له . ردّوه فإنه رجل صابوني ما ان سمعت كلام الإمام المقدس ايقنت صحة بيانه ، واني مسلوب اللياقه في لقاء حضرته ، فما دمت متعلقاً بأوساخ الدنيا وقلبي لاينفك عن الدنيا كيف له ان يعكس المحبوب في مرآته .
نقل السيد عباس المدرسي : ذهبت برفقة والدي المرحوم إلى لقاء العالم الرباني آية الله السيد حجت قدس سره في منزله الكائن خلف مدرسة الحجية بقم المقدسة . فحكى لنا السيد حجت قصة وقعت له أيام دراسته قائلا : كنت في فقر مدقع مالي شديد إلى درجة لم أحصل أنا وزوجتي وأطفالي ما نأكله قدر الحاجة الطبيعية ذات يوم حينما عزمت على الخروج إلى الدرس قالت لي زوجتي : يا سيد ليس لدينا اليوم أي شيء من الطعام على الإطلاق ، أنزلت رأسي خجلا وودعتها إلى الدرس ولما عدت إلى المنزل وجدت الوضع مؤلما للغاية ، فدخلت غرفتي وصليت ركعتين هدية إلى سيدي ومولاي الإمام الحجة (عليه السلام) . ثم قلت مخاطبا إياه ، سيدي لمن نحن ندرس ونتعلم السنا طلاب مدرستك ، السنا جنود نهضتك ؟ إذا كنا كذلك فأعنا على لقمة العيش كي نواصل طريقك . ساعة وإذا بطرقة على باب المنزل ، ذهبت وفتحت الباب، سلّم علّي الطارق وسلّمني ظرفا وقال : كل شهر مثل هذا اليوم آتيك بمثله ولا تخبر أحدا وفي أمان الله ! مشى ولم أستطع أن أكلمه بسبب التعجب والسرور والبهجة الغالبة . دخلت المنزل وفتحت الظرف أمام زوجتي وكان فيه من المال ما يسد حاجة العوائل المرفهة في شمال طهران ! صرنا بذلك المال نشتري جميع حوائجنا المنزلية ويبقى فائض منه على الحاجة . وكما اخذ مني العهد لم أصرح بهذا الأمر الغريب لأحد . حتى جاء على وعده بعد شهر فقدم لي ظرفا آخر . واستمر هذا الكرم شهران آخران حتى سألته : هل من الممكن أن اعرف اسمك الشريف ؟ قال اسمي الحاج (فلان) من العمارة التجارية رقم (كذا) في سوق طهران . وذات يوم كنت جالسا مع شقيق زوجتي وهو العالم الكبير آية الله الشيخ مرتضى الحائري ( رحمة الله عليه ) ابن المرجع الشيخ عبدالكريم الحائري مؤسس حوزة قم فبحت له بالسر . ثم راحت الأيام حتى اليوم الموعود ، حيث كنت انتظر الرجل فلم يأت .. وانتهى الشهر ولم أره . وبدا المال ينفذ وينفذ حتى نهاية الشهر الآخر فعادت الأيام بالضيق وصعوبات الجوع ، ثم تذكرت انه أعطاني عنوانه فلماذا لا أذهب إليه واستفسر عن سبب الانقطاع ؟! وهكذا جئته على العنوان فدخلت عليه الغرفة ، سلمت وجلست حتى انتهى الحاضرون من مهامهم وخرجوا . فدنوت منه وسألته عن حاله وكنت أود أن يفاتحني الموضوع بنفسه ولكنه لم يفعل ... ففاتحته به خجلا وقلت : يا حاج .. كنت قد عودتنا على عطاء سخي وقد انتظرتك حسب الاتفاق في ثلاثة الأشهر الاخيره فلم أتشرف باللقاء ؟ خيرا إنشاء الله . أطرق الرجل رأسه قليلا ثم نظر إلي نظرة الآسفين وقال : إن الذي امرني أن أعطيك امرني بالتوقف ! .
سكت الرجل ولم يتكلم أكثر من هذا . هنا عرفت كم قد خسرت من لطف الإمام وكرمه عندما خالفت الشرط بان لا أبوح بالسر لأحد ولو كان آية الله الشيخ مرتضى الحائري .
كان شخص يسمى( الشيخ محمد الكوفي ) يسكن في مدينة النجف الأشرف، وبعد فترة سكن مدينة الكوفة واتخذ من إحدى غرف مسجد الكوفة سكناً له، وكان يذهب إلى زيارة مسجد السهلة . كان ذلك في عصر مرجع الشيعة الكبير سماحة السيد أبي الحسن الإصفهاني رحمة الله عليه وكان السيد يعطي الطلاب ديناراً شهرياً مع كمية من الخبز تكفي لشهر واحد حيث كان الطلاب يستلمونها من المخابز وكانت مبالغها تكتب على حساب السيد.
وكان الشيخ محمد الكوفي يذهب إلى النجف الأشرف مرة كل اسبوع فيستلم مقداراً من الجبن واللبن والخبز، ويجففهما ليستطيع الاستفادة منها خلال اسبوع، كما كان خادم مسجد الكوفة يعطيه ما يزيد من طعامه . ذات يوم دخل الشيخ محمد على السيد أبي الحسن وبدأ يبكي شديداً، وبعد أن سأله السيد: مم بكاؤك ؟ قال : كنت لسنين أبحث عن مولاي الحجة بن الحسن عجّل الله تعالى فرجه الشريف، فرأيته ذات مرة ولكنني ما عرفته وعندما تعرّفت عليه فقدته .
فسأله السيد: وكيف حدث ذلك؟
قال: كنت ماشياً في الطريق الذي يربط بين مسجدي الكوفة والسهلة، فأحست أن خلفي شخصاً، فقال لي: يا شيخ محمد من أين تأكل؟
فقلت: من دينار وخبز السيد أبي الحسن الإصفهاني الذي يعطيهما مجّاناً للطلاب.
فقال لي: قل للسيد أبي الحسن:
«رخّص نفسك، واجلس في الدهليز واقض حوائج الناس، نحن ننصرك».
فتناول السيد أبوالحسن على الفور ورقة وكتب فيها هذه الوصية.
وقد نقلوا عن السيد رحمه الله أنه كان يقول: عندما كنت أحسّ بالتعب والضغط جرّاء الأعمال اليومية والمسؤوليات كنت أتناول هذه الورقة واقرأ ما أوصى به مولاي بقية الله الأعظم عجّل الله تعالى فرجه الشريف فكان التعب يذهب عني ومعنوياتي تتجدد .