ما معنى الأرض في: (لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت)؟
السؤال:
عن أبي عبد الله (عليه السلام): لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت.
ومن الواضح أنه ليس المقصود بالأرض هي مجرد هذا الكوكب الذي نعيش عليه، بل هو مجرد مثل للحياة، والمقصود أن منبع الحياة سوف ينضب باعتبار أن الأرض هي مركز الحياة والخلافة الإلهية.
هل يمكن توضيح أكثر عن معنى الأرض هنا؟
الإجابة:
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا البحث يرتبط بما يُعرف في مسائل علم الكلام بـ(واسطة الفيض) للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام)، وهو المعنى العميق لحقيقة الولاية التكوينية ومضمونها الذي نؤمن به لهم (عليهم السلام)، ولكي يتضح معناها بشكل دقيق لابد من الالتفات إلى أن عالم الخلق والإمكان قد خلقه الله تعالى على ضوء نظام الأسباب والمسببات، فلا يمكن لأي ظاهرة أو حادثة إلّا ولها علتها الخاصة بها والتي تصدر عنها.
وجميع هذه العلل والأسباب إنما هي تعود وترجع إلى الذات المقدسة ﴿وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ المُنْتَهى﴾ ويقول تعالى: ﴿وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأمُورُ﴾، وهذه الأسباب والوسائط إنما هي مخلوقة لله تعالى وهو الذي أعطاها القدرة والفعالية لكي تكون أسباباً بينه وبين خلقه تعالى، وقد دلّت الأحاديث والروايات المستفيضة على أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) هم تلك الوسائط، فقد روى الكليني عن الإمام الصادق (عليه السلام): أبى الله أن يجري الأشياء إلّا بأسباب، فجعل لكل شيء سبباً، وجعل لكل سبب شرحاً، وجعل لكل شرح علماً، وجعل لكل علم باباً ناطقاً، عرفه من عرفه، وجهله من جهله، ذاك رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ونحن. [الكافي للشيخ الكليني: ج١، ص١٨٣]
وقد تم التعبير في الأخبار والأحاديث عن ذلك في عدة روايات تتَّسق وتنسجم مع الفكرة السابقة، سواء ورد هذا المعنى في خصوص الأرض وعدم بقائها عند عدم وجود الإمام (عجّل الله فرجه) أو بما هو أعم من الأرض، فمن الروايات التي أكدت ذلك ما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام)، قال: لو أنّ الإمام رُفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها، كما يموج البحر بأهله. [الكافي للشيخ الكليني: ج١، ص١٧٩]، ومنها ما رواه المجلسي عنه (عليه السلام): فنحن أول خلق الله، وأول خلقٍ عَبَدَ الله وسبَّحه، ونحن سبب خلق الخلق، وسبب تسبيحهم وعبادتهم من الملائكة والآدميين، فبنا عرف الله وبنا وحد الله وبنا عُبِد الله. [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج٢٥، ص٢٠]، وما رواه أيضاً الشيخ الصدوق عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم): يا علي لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حواء، ولا الجنة ولا النار، ولا السماء ولا الأرض. [علل الشرائع للشيخ الصدوق: ج١، ص٥]، والأحاديث في ذلك كثيرة لو أردنا استقصاءها وذكرها لطال منا الجواب وإنما نكتفي ببعض الشواهد لها، وهذه العقيدة لا ينفرد بها علماء الشيعة فقط، بل ذكر الآلوسي ما يقترب من هذا المعنى كما جاء في تفسيره روح المعاني: وكونه (صلّى الله عليه [وآله] وسلم) رحمة للجميع باعتبار أنه [صلّى الله عليه وآله وسلم] واسطة الفيض الإلهي على الممكنات على حسب القوابل، ولذا كان نوره (صلّى الله عليه [وآله] وسلم) أول المخلوقات، ففي الخبر أول ما خلق الله تعالى نور نبيك يا جابر. [تفسير الآلوسي: ج١٧، ص١٠٥]، وعليه لا يُلتفت لمقولة من يصف هذه الفكرة بالغلو أو المبالغة.
ولأجل ذلك سيكون واضحاً ضرورة وجود الإمام المعصوم (عليه السلام) في كل زمان لتوقف وجود العالم وصلاحه على وجوده، وهذه إحدى المثبتات العلمية على وجود الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وغيبته في عصرنا هذا وإن خفت على الناس فائدة وجوده وحضوره فبه يُحفظ العالم وجوده وصلاحه بإذنه تعالى، ومن خلاله يصل العطاء والفيض الإلهي للناس، وهذا هو مدلول ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) في سياق حديثه عن ولده القائم (عجّل الله فرجه) في قوله: إن الناس ينتفعون به كما ينتفعون من الشمس إذا سترها السحاب. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص٢٠٧]، ووجه المقاربة ووجه الشبه بينه (عجّل الله فرجه) وبين الشمس أن البشرية وهم على الأرض لا يمكن لهم أن يعيشوا على الأرض من دون هذه الشمس، فهي التي تمدهم بالطاقة والحيوية ولا يضر أهميتها وقيمتها لهم حتى وإن جهلوا منفعتها وفائدتها في استمرار حياتهم.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
مركز الدراسات المهدوية
السؤال:
عن أبي عبد الله (عليه السلام): لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت.
ومن الواضح أنه ليس المقصود بالأرض هي مجرد هذا الكوكب الذي نعيش عليه، بل هو مجرد مثل للحياة، والمقصود أن منبع الحياة سوف ينضب باعتبار أن الأرض هي مركز الحياة والخلافة الإلهية.
هل يمكن توضيح أكثر عن معنى الأرض هنا؟
الإجابة:
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا البحث يرتبط بما يُعرف في مسائل علم الكلام بـ(واسطة الفيض) للنبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام)، وهو المعنى العميق لحقيقة الولاية التكوينية ومضمونها الذي نؤمن به لهم (عليهم السلام)، ولكي يتضح معناها بشكل دقيق لابد من الالتفات إلى أن عالم الخلق والإمكان قد خلقه الله تعالى على ضوء نظام الأسباب والمسببات، فلا يمكن لأي ظاهرة أو حادثة إلّا ولها علتها الخاصة بها والتي تصدر عنها.
وجميع هذه العلل والأسباب إنما هي تعود وترجع إلى الذات المقدسة ﴿وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ المُنْتَهى﴾ ويقول تعالى: ﴿وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الأمُورُ﴾، وهذه الأسباب والوسائط إنما هي مخلوقة لله تعالى وهو الذي أعطاها القدرة والفعالية لكي تكون أسباباً بينه وبين خلقه تعالى، وقد دلّت الأحاديث والروايات المستفيضة على أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) والأئمة (عليهم السلام) هم تلك الوسائط، فقد روى الكليني عن الإمام الصادق (عليه السلام): أبى الله أن يجري الأشياء إلّا بأسباب، فجعل لكل شيء سبباً، وجعل لكل سبب شرحاً، وجعل لكل شرح علماً، وجعل لكل علم باباً ناطقاً، عرفه من عرفه، وجهله من جهله، ذاك رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ونحن. [الكافي للشيخ الكليني: ج١، ص١٨٣]
وقد تم التعبير في الأخبار والأحاديث عن ذلك في عدة روايات تتَّسق وتنسجم مع الفكرة السابقة، سواء ورد هذا المعنى في خصوص الأرض وعدم بقائها عند عدم وجود الإمام (عجّل الله فرجه) أو بما هو أعم من الأرض، فمن الروايات التي أكدت ذلك ما ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام)، قال: لو أنّ الإمام رُفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها، كما يموج البحر بأهله. [الكافي للشيخ الكليني: ج١، ص١٧٩]، ومنها ما رواه المجلسي عنه (عليه السلام): فنحن أول خلق الله، وأول خلقٍ عَبَدَ الله وسبَّحه، ونحن سبب خلق الخلق، وسبب تسبيحهم وعبادتهم من الملائكة والآدميين، فبنا عرف الله وبنا وحد الله وبنا عُبِد الله. [بحار الأنوار للعلامة المجلسي: ج٢٥، ص٢٠]، وما رواه أيضاً الشيخ الصدوق عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم): يا علي لولا نحن ما خلق الله آدم ولا حواء، ولا الجنة ولا النار، ولا السماء ولا الأرض. [علل الشرائع للشيخ الصدوق: ج١، ص٥]، والأحاديث في ذلك كثيرة لو أردنا استقصاءها وذكرها لطال منا الجواب وإنما نكتفي ببعض الشواهد لها، وهذه العقيدة لا ينفرد بها علماء الشيعة فقط، بل ذكر الآلوسي ما يقترب من هذا المعنى كما جاء في تفسيره روح المعاني: وكونه (صلّى الله عليه [وآله] وسلم) رحمة للجميع باعتبار أنه [صلّى الله عليه وآله وسلم] واسطة الفيض الإلهي على الممكنات على حسب القوابل، ولذا كان نوره (صلّى الله عليه [وآله] وسلم) أول المخلوقات، ففي الخبر أول ما خلق الله تعالى نور نبيك يا جابر. [تفسير الآلوسي: ج١٧، ص١٠٥]، وعليه لا يُلتفت لمقولة من يصف هذه الفكرة بالغلو أو المبالغة.
ولأجل ذلك سيكون واضحاً ضرورة وجود الإمام المعصوم (عليه السلام) في كل زمان لتوقف وجود العالم وصلاحه على وجوده، وهذه إحدى المثبتات العلمية على وجود الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) وغيبته في عصرنا هذا وإن خفت على الناس فائدة وجوده وحضوره فبه يُحفظ العالم وجوده وصلاحه بإذنه تعالى، ومن خلاله يصل العطاء والفيض الإلهي للناس، وهذا هو مدلول ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) في سياق حديثه عن ولده القائم (عجّل الله فرجه) في قوله: إن الناس ينتفعون به كما ينتفعون من الشمس إذا سترها السحاب. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص٢٠٧]، ووجه المقاربة ووجه الشبه بينه (عجّل الله فرجه) وبين الشمس أن البشرية وهم على الأرض لا يمكن لهم أن يعيشوا على الأرض من دون هذه الشمس، فهي التي تمدهم بالطاقة والحيوية ولا يضر أهميتها وقيمتها لهم حتى وإن جهلوا منفعتها وفائدتها في استمرار حياتهم.
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
مركز الدراسات المهدوية