على أبواب عاشوراء
إن المؤمنين والمؤمنات في شرق الأرضِ وغربها، يستعدون هذهِ الأيام لاستقبال شهر من أشهر الله -عزَ وجل- وهو شهرُ محرم الحرام.. فالجاهليون الذينَ كانوا يقاتلون على أتفه الأسباب، في مثلِ هذا الشهر كانوا يوقفون القتال.. قال الرضا (ع): (إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال، فاستحلت فيه دماؤنا، وهتكت فيه حرمتنا، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا...).
ماذا نعمل في هذهِ العشرة المباركة؟
أولاً:
معرفة فلسفة البكاء.. علينا أن نعي لماذا نحضر المجالس؟.. ولماذا نبكي؟.. ولماذا نندب؟.. لأن معرفة الشيء؛ طريق إلى إتقان ذلكَ الشيء.
ثانياً:
التأسي بالنبي (ص).. فالبكاء، والندبة، والتأذي مما جرى على سيد الشهداء في هذا اليوم، هو من سنة الأنبياء وهذه هي سُنة النبي (ص) (خرج النبي (ص) من بيت عائشة، فمر ّعلى بيت فاطمة، فسمع الحسين يبكي، فقال: ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني)؟!.. هذهِ رقة النبي (ص)، وعاطفة النبي (ص)، رغم أنه لم يكن هناك ما يقاس بما جرى في أرض كربلاء.
ثالثاً:
إعلان موقف.. إن هناك تعاطفا عالمياً مع قضية الإمام الحسين (ع).. أحدهم مسيحي المذهب، وله مؤلفات كثيرة عن أهل البيت، عندما سئل عن سبب ذلك؟.. قال: "أنا لا أدافع عن أهل البيت من منطلق الاعتقاد، وإنما من منطلق الظلامة".. فالحسين (ع) معشوق الأحرار، وكثيراً ما يتردد قول غاندي: "تعلمت من الحسين، كيف أكون مظلوماً؛ فانتصر".. نحن لا نعول على هذهِ الكلمات، فالحسين أعظم وأعظم!..
رابعاً:
التعلم.. إن مجالس الحسين (ع) تعد بحق جامعة كبرى، لها فروعها في عواصم المدن الكبرى، إلى الأرياف الصغرى..
إن عميد المنبر الحسيني، الشيخ الوائلي -رحمه الله- كان يفتتح كلامه بآية من كتاب الله -عز وجل- فيشبعها بحثا من الزمن، ثم يختم بذكر مصائب الحسين (ع).. هذا المجلس هو عبارة عن محاضرة، -المحاضرة فكرة محورية، ولها شُعب- من الممكن أن تلقى في أرقى الجامعات العالمية.. هذا ديدن الخطباء الحسينيين في كل مكان، يعلموننا معالم الدين.. وهذا كله من بركة دم الحسين (ع).. فالذي حفظ الإسلام أمران: المحراب، والمنبر.. المحراب يرمزُ إلى الدين، والمنير يرمزُ إلى حركة الحُسين (ع).. فالإسلام محمدي الحدوث، وحسيني البقاء.
خامساً:
اقتران العاطفة بالعمل.. إن من دواعي التأسي بهم (ع)، المحافظة على الصلاة.. فالبعض ظهيرة يوم عاشوراء، قد ينشغل بشيء من العزاء واللطم، وما شابه ذلك؛ ويؤجل الصلاة.. بينما الحسين -عليه السلام- في هذا الوقت وقف ليصلي صلاة الحرب جماعة (فلم يزل يقتل من أصحاب الحسين الواحد والاثنان، فيبين ذلك فيهم لقلّتهم، ويُقتل من أصحاب عمر العشرة، فلا يبين فيهم ذلك لكثرتهم.. فلما رأى ذلك أبو ثمامة الصيداوي قال للحسين (ع): يا أبا عبد الله!.. نفسي لنفسك الفداء، هؤلاء اقتربوا منك، ولا والله لا تقتل حتى أقتل دونك، وأحب أن ألقى الله ربي وقد صليت هذه الصلاة.. فرفع الحسين رأسه إلى السماء وقال: ذكرتَ الصلاة، جعلك الله من المصلين!.. نعم هذا أول وقتها، ثم قال: سلُوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي... فقال الحسين (ع) لزهير بن القين، وسعيد بن عبد الله: تقدمّا أمامي حتى أصلي الظهر.. فتقدما أمامه في نحوٍ من نصف أصحابه، حتى صلى بهم صلاة الخوف.. ورُوي أن سعيد بن عبد الله الحنفي تقدم أمام الحسين (ع)، فاستهدف لهم يرمونه بالنبل، كلما أخذ الحسين (ع) يمينا وشمالا قام بين يديه، فما زال يُرمى به حتى سقط إلى الأرض...) ولعل أرقى صلاة صلاها الحسين في حياته، كانت في يومِ عاشوراء؛ خشوعاً وإقبالاً.. حيث الدماء تنزف من جراحه الطاهرة، وهو يعلم أنهُ سيستقبل ربهُ بعدَ ساعة، وأصحابهُ من حوله، والسهام تأتيه من كل مكان.. يا لها من صلاة حسينية!..
سادساً:
التغيير الجوهري.. إن الهدف من المجالس الحسينية، هي أن يخرج الإنسان بتغيير جوهري في ذاته.. علينا أن نذهب إلى هذه المجالس، بنية الاستفادة العملية.. وذلك من خلال محاولة تغيير جوهري للملكات الفاسدة في أعماق النفس.. فمن علامات القبول بعد عاشوراء: أن يخرج الإنسان بانقلاب جوهري، وأن يخرج بالاستغفار.. فالبعض لهم هاجس جفاف الدمعة، يخشى أن يأتي محرم، وفي ليلة عاشوراء لا تذرف لهُ دمعة.. نعم، يقول أمير المؤمنين (ع): (ما جفّت الدموع؛ إلاّ لقسوة القلوب.. وما قست القلوب؛ إلاّ لكثرة الذنوب).. المؤمن لابدَ أن يستغفر ربهُ هذهِ الأيام؛ لئلا يبتلى بجفاف الدمعة، هذهِ الأيام أيام جريان دموع أهل البيت (ع).. ورد عن الإمام الرضا (ع): (إن يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذلّ عزيزنا بأرض كربٍ وبلاء، أورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء.. فعلى مثل الحسين فليبك الباكون؛ فإن البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام).. في شهر رمضان الذنوبُ تحط، وهذهِ الأيام ببركة هذهِ المجالس الأمرُ كذلك.
اعداد حسين قعيق
إن المؤمنين والمؤمنات في شرق الأرضِ وغربها، يستعدون هذهِ الأيام لاستقبال شهر من أشهر الله -عزَ وجل- وهو شهرُ محرم الحرام.. فالجاهليون الذينَ كانوا يقاتلون على أتفه الأسباب، في مثلِ هذا الشهر كانوا يوقفون القتال.. قال الرضا (ع): (إن المحرم شهر كان أهل الجاهلية يحرمون فيه القتال، فاستحلت فيه دماؤنا، وهتكت فيه حرمتنا، وسبي فيه ذرارينا ونساؤنا...).
ماذا نعمل في هذهِ العشرة المباركة؟
أولاً:
معرفة فلسفة البكاء.. علينا أن نعي لماذا نحضر المجالس؟.. ولماذا نبكي؟.. ولماذا نندب؟.. لأن معرفة الشيء؛ طريق إلى إتقان ذلكَ الشيء.
ثانياً:
التأسي بالنبي (ص).. فالبكاء، والندبة، والتأذي مما جرى على سيد الشهداء في هذا اليوم، هو من سنة الأنبياء وهذه هي سُنة النبي (ص) (خرج النبي (ص) من بيت عائشة، فمر ّعلى بيت فاطمة، فسمع الحسين يبكي، فقال: ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني)؟!.. هذهِ رقة النبي (ص)، وعاطفة النبي (ص)، رغم أنه لم يكن هناك ما يقاس بما جرى في أرض كربلاء.
ثالثاً:
إعلان موقف.. إن هناك تعاطفا عالمياً مع قضية الإمام الحسين (ع).. أحدهم مسيحي المذهب، وله مؤلفات كثيرة عن أهل البيت، عندما سئل عن سبب ذلك؟.. قال: "أنا لا أدافع عن أهل البيت من منطلق الاعتقاد، وإنما من منطلق الظلامة".. فالحسين (ع) معشوق الأحرار، وكثيراً ما يتردد قول غاندي: "تعلمت من الحسين، كيف أكون مظلوماً؛ فانتصر".. نحن لا نعول على هذهِ الكلمات، فالحسين أعظم وأعظم!..
رابعاً:
التعلم.. إن مجالس الحسين (ع) تعد بحق جامعة كبرى، لها فروعها في عواصم المدن الكبرى، إلى الأرياف الصغرى..
إن عميد المنبر الحسيني، الشيخ الوائلي -رحمه الله- كان يفتتح كلامه بآية من كتاب الله -عز وجل- فيشبعها بحثا من الزمن، ثم يختم بذكر مصائب الحسين (ع).. هذا المجلس هو عبارة عن محاضرة، -المحاضرة فكرة محورية، ولها شُعب- من الممكن أن تلقى في أرقى الجامعات العالمية.. هذا ديدن الخطباء الحسينيين في كل مكان، يعلموننا معالم الدين.. وهذا كله من بركة دم الحسين (ع).. فالذي حفظ الإسلام أمران: المحراب، والمنبر.. المحراب يرمزُ إلى الدين، والمنير يرمزُ إلى حركة الحُسين (ع).. فالإسلام محمدي الحدوث، وحسيني البقاء.
خامساً:
اقتران العاطفة بالعمل.. إن من دواعي التأسي بهم (ع)، المحافظة على الصلاة.. فالبعض ظهيرة يوم عاشوراء، قد ينشغل بشيء من العزاء واللطم، وما شابه ذلك؛ ويؤجل الصلاة.. بينما الحسين -عليه السلام- في هذا الوقت وقف ليصلي صلاة الحرب جماعة (فلم يزل يقتل من أصحاب الحسين الواحد والاثنان، فيبين ذلك فيهم لقلّتهم، ويُقتل من أصحاب عمر العشرة، فلا يبين فيهم ذلك لكثرتهم.. فلما رأى ذلك أبو ثمامة الصيداوي قال للحسين (ع): يا أبا عبد الله!.. نفسي لنفسك الفداء، هؤلاء اقتربوا منك، ولا والله لا تقتل حتى أقتل دونك، وأحب أن ألقى الله ربي وقد صليت هذه الصلاة.. فرفع الحسين رأسه إلى السماء وقال: ذكرتَ الصلاة، جعلك الله من المصلين!.. نعم هذا أول وقتها، ثم قال: سلُوهم أن يكفوا عنا حتى نصلي... فقال الحسين (ع) لزهير بن القين، وسعيد بن عبد الله: تقدمّا أمامي حتى أصلي الظهر.. فتقدما أمامه في نحوٍ من نصف أصحابه، حتى صلى بهم صلاة الخوف.. ورُوي أن سعيد بن عبد الله الحنفي تقدم أمام الحسين (ع)، فاستهدف لهم يرمونه بالنبل، كلما أخذ الحسين (ع) يمينا وشمالا قام بين يديه، فما زال يُرمى به حتى سقط إلى الأرض...) ولعل أرقى صلاة صلاها الحسين في حياته، كانت في يومِ عاشوراء؛ خشوعاً وإقبالاً.. حيث الدماء تنزف من جراحه الطاهرة، وهو يعلم أنهُ سيستقبل ربهُ بعدَ ساعة، وأصحابهُ من حوله، والسهام تأتيه من كل مكان.. يا لها من صلاة حسينية!..
سادساً:
التغيير الجوهري.. إن الهدف من المجالس الحسينية، هي أن يخرج الإنسان بتغيير جوهري في ذاته.. علينا أن نذهب إلى هذه المجالس، بنية الاستفادة العملية.. وذلك من خلال محاولة تغيير جوهري للملكات الفاسدة في أعماق النفس.. فمن علامات القبول بعد عاشوراء: أن يخرج الإنسان بانقلاب جوهري، وأن يخرج بالاستغفار.. فالبعض لهم هاجس جفاف الدمعة، يخشى أن يأتي محرم، وفي ليلة عاشوراء لا تذرف لهُ دمعة.. نعم، يقول أمير المؤمنين (ع): (ما جفّت الدموع؛ إلاّ لقسوة القلوب.. وما قست القلوب؛ إلاّ لكثرة الذنوب).. المؤمن لابدَ أن يستغفر ربهُ هذهِ الأيام؛ لئلا يبتلى بجفاف الدمعة، هذهِ الأيام أيام جريان دموع أهل البيت (ع).. ورد عن الإمام الرضا (ع): (إن يوم الحسين أقرح جفوننا، وأسبل دموعنا، وأذلّ عزيزنا بأرض كربٍ وبلاء، أورثتنا الكرب والبلاء إلى يوم الانقضاء.. فعلى مثل الحسين فليبك الباكون؛ فإن البكاء عليه يحطّ الذنوب العظام).. في شهر رمضان الذنوبُ تحط، وهذهِ الأيام ببركة هذهِ المجالس الأمرُ كذلك.
اعداد حسين قعيق