اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
المحدث الكبير والعلامة الجليل الشيخ عباس القمي قدس سره .

ولادته ونشأته :
ولد المحدث الشيخ عباس بن محمد بن رضا بن أبي القاسم القمي في مدينة قم عام 1294هـ ونشأ في ظلال العلم وتربى في ربوع الدين وأحب العلم وأهله فقرأ مقدمات العلوم والفقه والأصول وخاض معترك الحياة لا يعرف الملل ولا يتطرق إليه اليأس فلما بلغ شيخنا السادسة والعشرين من عمره وقد عرف الناس فيه الحزم والعزم وسرى ذكره بينهم وأصبح حديث الأندية والمجالس لذا فكر أن ينتقل إلى بيئة علمية أوسع ومجال ثقافي أكبر فغادر وطنه وذهب إلى عاصمة العلم والدين مدينة النجف الأشرف فحل فيها واتصل برجالها وأساتذتها وانطلق إلى حلقات الدرس بشغف بالغ ولازم أستاذه الحاج ميرزا حسين النوري رحمه الله وكان يصرف معه أكثر وقته في استنساخ مؤلفاته ومقابلة بعض كتابه .
وفي سنة 1318هـ تشرف إلى الحج وبعد قضاء المناسك وزيارة النبي والأئمة عليهم السلام بالمدينة المنورة ذهب إلى إيران لتجديد العهد بذويه في قم ثم رجع إلى النجف ملازما لأستاذه النوري . وفي سنة 1329هـ تشرف إلى الحج مرة ثانية وفي سنة 1331هـ انتقل إلى مشهد الإمام الرضا عليه السلام واتخذ منه مقرا دائما له وانصرف إلى طبع وتأليف الكتب ووفق خلال ذلك للحج مرة ثالثة .
الواعظ الملتزم :
انصرف الشيخ إلى الوعظ والخطابة والإرشاد الديني فكان مصداقا للواعظ المتعظ الذي يقول بلسانه ما يلتزم بتطبيقه في أفعاله وأعماله . وفي أثناء الوعظ شوهد كثيرا أن دموعه تنهمر على عينيه وخاصة عند ذكره لمصاب الحسين عليه السلام ورما منعه البكاء من الاستمرار كان قدس سره مداوما لصلاة الليل وكان مواظبا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكان متواضعا لأهل العلم لاسيما علماء الحديث والرواية ولم يقدم نفسه على أحد ولو مدحه أحد ترجى منه تغيير الحديث وقطع المدح ويقول : إني أعلم بحقارتي ودناءتي . وكان في الحقيقة تابعا لنبيه رسول الله والأئمة وسيرتهم عليهم السلام فهو الإنسان الكامل ومصداق لرجل العلم الفاضل .
مؤلفاته:
له الكثير من المؤلفات ولعل من أبرز مؤلفاته الذي لا يكاد منزل ولا مشهد مقدس يخلو منه وهو كتاب مفاتيح الجنان المعروف لدى كل الشيعة وله أيضا الكثير من الكتب فقد كرس حياته في التأليف نذكر منها :
الأنوار البهية – الباقيات الصالحات – بيت الأحزان – نفس المهموم – سفينة البحار – الكنى والألقاب – منازل الآخرة –منتهى الآمال ‘ والعديد من الكتب التي لا نستطيع ذكرها في هذا المختصر.
وفاته :
توفي رضوان الله عليه بالنجف بعد منتصف ليلة الثلاثاء الثالثة والعشرين من شهر ذي الحجة سنة 1359هـ وشيع تشييع حافل حضره وجوه العلماء والتجار سائر الطبقات ودفن في الصحن العلوي الشريف عند قبر شيخه النوري . وأرخ وفاته العلامة الشيخ عباس الرضي القمي بقوله :
والشيخ عباس الرضي القمي قد جاور النوري بين الــجم
ألف والتألـيف در منتظـم فــأرخوا بـفقد عبـاس خـتم
وقد ترك ولدين ذكرين خيرين توفي أحدهما وهو الواعظ النبيل الحاج ميرزا علي محدث ودفن بمزار شيخان بقم والآخر جناب المستطاب ميرزا محسن محدث زاده في طهران وله أيضا بنتان.
لقد توفي القمي ولا تزال آثاره الفكرية تردد وذكره يجدد وعاش ومات وهو من العلماء المجاهدين النابهين الخالدين . وكان ممن تركوا للمكتبة الإسلامية والعربية ثروة فكرية هائلة وتراثا عظيما خالدا مدى الدهر .
المحدث الكبير والعلامة الجليل الشيخ عباس القمي قدس سره[/font][/align]