اللهمّ عرّفني نفسك، فإنّك إنْ لم تعرّفني نفسَك لمْ أعرف نبيّك، اللهمّ عرّفني رسولك، فإنّك إنْ لم تعرّفني رسولك لم أعرفْ حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك، فإنّك إنْ لم تعرّفني حجّتك ضلَلتُ عن ديني
الاعتماد على الله عزوجل
المشرف: أنوار فاطمة الزهراء
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 7515
- اشترك في: الثلاثاء فبراير 10, 2009 6:25 pm
الاعتماد على الله عزوجل
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم[/align]
الحمدُ للهِ الذي يُؤمنُ الخائفين، ويُنَجِّي الصالِحين، ويَرْفَعُ المُستَضعَفِين، ويَضَعُ المُستُكُبرين، وَيُهْلِكُ مُلُوكاً وَيَسْتَخْلِفُ آخَرين، والحمدُ للهِ قاصِم الجَبارين، مُبِيِر الظالمِيِن، مُدرِكِ الهاربِيِن، نكالِ الظالِميِن، صَرِيِخ المُسْتَصْرِخِين، مَوْضِعِ حاجاتِ الطالِبِين، مُعْتَمَدِ المؤمِنين، اَلحَمْدُ للهِ الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها، وترجف الارض وعمارها، وتموج البِحارُ، وَمَنْ يَسْبَحُ في غَمَراتِها. اَلحَمدُ لله الذي هَدَانا لِهذا وما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لولا اَنْ هَدانا الله، الحَمْدُ للهِ الذي يَخْلُقُ وَلَمْ يُخْلَق، وَيَرْزُقُ ولا يُرْزَق، وَيُطعِمُ ولا يُطعَمْ، وَيُمِيتُ الاحياء، وَيُحيي المَوْتى، وَهو حَيُّ لا يَمُوت، بِيَدِه الخير، وَهو عل كلِ شَيءٍ قّدير..]
تعالج الادعية المأثورة واقعاً نفسياً للانسان ينعكس في تصرفاته الاجتماعية، وعندما نتأمل في فقرة من فقرات الدعاء لابد ان نتساءل: أي واقع تعالجه هذه الفقرة؟ واي انحراف تصححه؟ واي ضعف يسعى الدعاء من اجل ان يجيره؟ واي عجز يسعى من اجل ان يقيمه؟
وبتعبير اخر: ما هو الهدف المباشر وراء هذه الكلمة أو تلك من الدعاء؟
وحينما نتعمق في كل ذلك فانه ينفعنا اولاً في معرفة نواحي الضعف في انفسنا، وثانياً في معرفة كيفية معالجة هذه النواحي عبر الدعاء وعبر ما يثيره في انفسنا من احساسات، وما يعلمنا من دروس.
وفي حالة التأمل في كلمة من كلمات الدعاء، يجب ان لا نقتصر على فهم الدعاء فحسب، وانما علينا ان نصل إلى تلك الطريقة التي اتبعها الدعاء من اجل معالجة هذه الناحية من النقص في انفسنا، واذا وصلنا إلى تلك الطريقة فيمكن ان نستفيد منها ولو بصورة غير صورة الدعاء.
فمثلاً علينا ان نسأل: من اجل ماذا تسعى هذه الفقرة من الدعاء؟
الجواب: انها تجبر ضعفاً موجوداً في واقع النفس البشرية، انه ضعف الانسان امام الطبيعة وخوفه منها، ضعف الانسان امام المجتمع وخشيته منه، ضعف الانسان امام السلطات التي تمثل القوى الاجتماعية وخوفه منها، هذا الضعف لابد أن يجبر لكي يتكامل الانسان، فالانسان الخائف الذي يخشى الطبيعة، أو المجتمع، أو السلطة الفاسدة الحاكمة، لا يكون انساناً متكاملاً ولا مستقلاً، بل اكاد اقول ولا انساناً مؤمناً، لان المؤمن لا يكون جباناً، ان المؤمن الذي يترك دينه خوفاً من الناس وخوفاً من المجتمع وخوفاً من الطبيعة، ماذا ينفعه ايمانه؟ الايمان هو سلاح الانسان ضد الطبيعة، والحصن الذي يحافظ على استقلال المؤمن، فاذا كان هذا الحصن مخترقاً، فكيف ينفع الانسان؟ ماذا ينفع الايمان الذي لا يحصن استقلالك؟ انه يشبه الدواء الذي لا ينفعك في حالة المرض، وانما يفيدك فقط حينما تكون متمتعاً بكامل صحتك.. فما هي فائدة هذا الدواء اذن؟
الايمان هو حصن المؤمن وسلاحه، والانسان يستخدم سلاحه ضد عدوه، وضد كل ما يخاف منه، والانسان بطبيعته وفطرته يخشى الطبيعة، ويخشى الظلام، والهوام والدواب، يخشى الظواهر الطبيعية كالرعد والبرق والرياح، ومن هنا نشأت عبادة البشر ـ عبر التاريخ ـ للظواهر الطبيعية، اذ انهم كانوا يخشونها فيتحولون إلى عبادتها، ولذلك كان كل مجتمع يعبد الظاهرة الطبيعية التي يعايشها ويخاف منها، فمنهم من يعبد الرعد، والبرق، والسحاب، ومنهم من يعبد البحر اذا كان يعيش على سواحل البحار، وهناك من يعبد النهر لانه يسكن على شاطئه، وهكذا نجد الاقباط السابقين في مصر كانوا يعبدون النيل لانهم كانوا يعيشون على ضفافه وكانوا يطعمونه كل عام واحدة من اجمل فتياتهم.
ولهذا السبب كان جماعة من الناس يعبدون رؤساء العشائر رموز القوة الاجتماعية، وكانت الاصنام عادة رموزاً لقوى اجتماعية معينة.
كل ذلك لان في طبيعة الانسان تكمن حالة الانسحاب والتبعية، حالة الذل التي تجعله يعبد ما يخشاه ويخافه.
وهذه الفقرة من الدعاء تجبر هذا الضعف البشري، اذ تقول للانسان بانك قوي حتى لو لم تملك السلاح، والقوة المادية، اذ انك تملك التوكل على الله والاعتماد عليه، تملك سلاحاً امضى من أي سلاح، وهو سلاح الدعاء، فعندما تدخل على حاكم فاسد جبار، اقرأ هذا الدعاء لكي تغمر قلبك قوة في المواجهة، وعندما تواجه انحرافاً اجتماعياً، فاقرأ هذا الدعاء حتى يمنحك القدرة على مقاومته وتصحيحه.
اذن، فان كل دعاء يعالج واقعاً نفسياً، وضعفاً قائماً في النفس البشرية، وعند التدبر في الدعاء يجب ان نحاول اكتشاف الاهداف المباشرة من وراء كل فقرة، وكلمة، على هذا الاساس نواصل التدبر في هذه الفقرة من دعاء الافتتاح:
[الحمد لله الذي يؤمن الخائفين..]
الخوف هو الوتر الحساس في حياة الانسان، والذي تؤكد عليه هذه الفقرة من الدعاء في بدايتها، فالذي يخاف ويرتجف من السلطان الجائر، كيف يستطيع مقاومته، والذي يخاف الطبيعة ومظاهرها، كيف يمكنه تسخيرها والاستفادة منها.. اذن باي حبل يستطيع هذا الخائف ان يعتصم حتى يطمئن قلبه، وتسكن نفسه؟ الجواب: بحبل الله الذي يؤمن الخائفين، والمؤمن هو من اسماء الله الحسنى (وينجي الصالحين)، اذا كانت اعمالك صالحة فلا تخشى احداً أو شيئاً لان الله تعالى سوف ينجيك وينقذك اذا واجهت اية مصاعب، (ويرفع المستضعفين)، واذا استضعفك الاخرون.. سلبوا قدراتك واستثمروك اقتصادياً واعلامياً، وغلقوا في وجهك مسارب الحياة والتقدم فان هناك رب العزة الذي يرفع المستضعفين وياخذ بايديهم إلى ساحل النجاة والحياة الحرة الكريمة، ولكن بشرط واحد هو ان تبقى في نفس المستضعف شعلة الامل متوهجة، وان لا ينتهي إلى اليأس والقنوط والاستسلام للواقع الفاسد.
(ويضع المستكبرين)، لا يمكن ان يستمر الطغاة والمستكبرون في تسلطهم الظالم على الشعوب المستضعفة، ان هذا لا يتفق مع سنن الله في الحياة، فلابد ان يُدحر الله كل المستكبرين والطواغيت، وان يرفع في مكانهم الذي استُضعفوا ويجعلهم ائمة.
(ويهلك ملوكاً ويستخلف آخرين)، ان هؤلاء الملوك، والطغاة، والجبابرة الذين يمسكون بين اصابعهم مصائر الشعوب، ويتلاعبون بمقدرات الامم المستضعفة، لا يشكلون قوة حقيقية في الحياة، فالله القاهر يهلك الملوك ويقضي على الطغاة ويستخلف مكانهم آخرين.
(والحمد لله قاصم الجبارين)، الذين يتجبرون في الارض ويحسبون انفسهم انصاف آلهة ويزرعون الخوف والهلع في قلوب الجماهير ويعيثون في الأرض فساداً سوف يقصم الله ظهورهم (قاصم الجبارين مبير الظالمين)، أما الظالمون الذين يظلمون الناس فان الله يهلكهم عن اخرهم ويبيدهم ابادة تامة، وما أكثر عبر الحياة في هذا المجال، فاين هؤلاء الذين كانوا يظلمون الناس في هذه البلاد (إيران)؟
لقد ابادهم الله، وشتت شملهم في آفاق الارض، (مُدرك الهاربين)، وهل يستطيع الظالم ان يهرب؟ اجل، قد يهرب من ايدي المظلومين، إلا انه لا يستطيع الهرب من الله القاهر الجبار، فالله مدركه اينما يولي وجهه، فهو (مدرك الهاربين نكال الظالمين)، سوف يعذبهم عذاباً شديداً، (صريخ المستصرخين)، ذلك الذي يستصرخ ربه، ويدعوه إلى اغاثته، فان الله صريخه، أي يجيبه ويكون عند استغاثته. (موضع حاجات الطالبين)، الذين يطلبون من الله حاجاتهم مهما تكن كثيرة، فان الله موضع حاجاتهم يستجيب لهم، فان الآمال والطموحات الكبيرة لا تتحقق إلا بالله، (معتمد المؤمنين)، أما المؤمنون فانهم يعتمدون على الله سبحانه وتعالى ويتوكلون عليه، هذا بالنسبة إلى الطغاة والقوى الاجتماعية.
اما في مجال القوى الطبيعية، فيقول الدعاء:
(الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها)، الانسان يخشى السماء وما فيها من رعود وبروق، ويرجو رحمة الله من السماء ايضا، إلا ان الحقيقة هي غير ذلك، فالسماء لا تشكل خطراً يُخاف منه، اذ ان السماء وسكانها ترتعد من خشية الله سبحانه وتعالى فلماذا نخشى الطبيعة اذن؟
(الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها، وترجف الارض وعمارها)، فالارض والذين يعمرون الارض ويحيونها يرتجفون خوفاًمن الله وخشيته (وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها)، هذه الحيوانات البحرية الهائلة، التي يزن بعضها (100) طن، ويصل طول بعضها ثلاثين متراً، كل هذه ترتعد فرقاً وخشية من رب العالمين..
اذن، يجب ان لا يخشى الانسان المؤمن الظواهر الطبيعية.. ان لا يخاف السماء والارض والبحار، فكل هذه مخلوقات لله ومسخرات بأمره.
والآن، ما دمنا قد وصلنا إلى هذه المرحلة واكتشفنا بان الملوك، والجبابرة والظالمين والمستكبرين لا يشكلون اية قوة بازاء الله رب العالمين، وانه سوف يبيدهم عن آخرهم، وان السماء والارض والبحار وكل ظواهر الطبيعة ليست عدوة الانسان حتى يخاف منها ويخشاها، بل هي كلها ترتعد وترتجف امام ملكوت الله، علينا اذن ان نحمد الله على هدايته ايانا إلى هذه الحقيقة الايمانية.. لقد كنا سابقاً نخشى مخلوقات الله فنعبدها من دونه، ولكن الله هدانا إلى الصراط السوي.
(الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا نهتدي لولا ان هدانا الله)، فالله تعالى هو الذي يعِّرف نفسه بنفسه، ولولا هداية الله للانسان لظلّ سادراً في غوايته، والانسان هو المخلوق العاجز الضعيف الذي يحتاج الله في كل شيء، والله هو الغني القيوم، هو الذي يخلق الاشياء، ولا يخلقه شيء، ويرزق الانسان ولا يحتاج إلى رزق احد، ويُطعم البشر ولا حاجة له إلى الطعام.. بيده الموت والحياة والنشور.. بل هو القادر على كل شيء ولا يعجزه امر:
[..الحَمْدُ للهِ الذي يَخْلُقُ وَلَمْ يُخْلَق، وَيَرْزُقُ ولا يُرْزَق، وَيُطعِمُ ولا يُطعَمْ، وَيُمِيتُ الاحياء، وَيُحيي المَوْتى، وَهو حَيُّ لا يَمُوت، بِيَدِه الخير، وَهو عل كلِ شَيءٍ قّدير..]
قبسات من دعاء الافتتاح * تأملات في دعاء الافتتاح*
الحمدُ للهِ الذي يُؤمنُ الخائفين، ويُنَجِّي الصالِحين، ويَرْفَعُ المُستَضعَفِين، ويَضَعُ المُستُكُبرين، وَيُهْلِكُ مُلُوكاً وَيَسْتَخْلِفُ آخَرين، والحمدُ للهِ قاصِم الجَبارين، مُبِيِر الظالمِيِن، مُدرِكِ الهاربِيِن، نكالِ الظالِميِن، صَرِيِخ المُسْتَصْرِخِين، مَوْضِعِ حاجاتِ الطالِبِين، مُعْتَمَدِ المؤمِنين، اَلحَمْدُ للهِ الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها، وترجف الارض وعمارها، وتموج البِحارُ، وَمَنْ يَسْبَحُ في غَمَراتِها. اَلحَمدُ لله الذي هَدَانا لِهذا وما كُنّا لِنَهْتَدِيَ لولا اَنْ هَدانا الله، الحَمْدُ للهِ الذي يَخْلُقُ وَلَمْ يُخْلَق، وَيَرْزُقُ ولا يُرْزَق، وَيُطعِمُ ولا يُطعَمْ، وَيُمِيتُ الاحياء، وَيُحيي المَوْتى، وَهو حَيُّ لا يَمُوت، بِيَدِه الخير، وَهو عل كلِ شَيءٍ قّدير..]
تعالج الادعية المأثورة واقعاً نفسياً للانسان ينعكس في تصرفاته الاجتماعية، وعندما نتأمل في فقرة من فقرات الدعاء لابد ان نتساءل: أي واقع تعالجه هذه الفقرة؟ واي انحراف تصححه؟ واي ضعف يسعى الدعاء من اجل ان يجيره؟ واي عجز يسعى من اجل ان يقيمه؟
وبتعبير اخر: ما هو الهدف المباشر وراء هذه الكلمة أو تلك من الدعاء؟
وحينما نتعمق في كل ذلك فانه ينفعنا اولاً في معرفة نواحي الضعف في انفسنا، وثانياً في معرفة كيفية معالجة هذه النواحي عبر الدعاء وعبر ما يثيره في انفسنا من احساسات، وما يعلمنا من دروس.
وفي حالة التأمل في كلمة من كلمات الدعاء، يجب ان لا نقتصر على فهم الدعاء فحسب، وانما علينا ان نصل إلى تلك الطريقة التي اتبعها الدعاء من اجل معالجة هذه الناحية من النقص في انفسنا، واذا وصلنا إلى تلك الطريقة فيمكن ان نستفيد منها ولو بصورة غير صورة الدعاء.
فمثلاً علينا ان نسأل: من اجل ماذا تسعى هذه الفقرة من الدعاء؟
الجواب: انها تجبر ضعفاً موجوداً في واقع النفس البشرية، انه ضعف الانسان امام الطبيعة وخوفه منها، ضعف الانسان امام المجتمع وخشيته منه، ضعف الانسان امام السلطات التي تمثل القوى الاجتماعية وخوفه منها، هذا الضعف لابد أن يجبر لكي يتكامل الانسان، فالانسان الخائف الذي يخشى الطبيعة، أو المجتمع، أو السلطة الفاسدة الحاكمة، لا يكون انساناً متكاملاً ولا مستقلاً، بل اكاد اقول ولا انساناً مؤمناً، لان المؤمن لا يكون جباناً، ان المؤمن الذي يترك دينه خوفاً من الناس وخوفاً من المجتمع وخوفاً من الطبيعة، ماذا ينفعه ايمانه؟ الايمان هو سلاح الانسان ضد الطبيعة، والحصن الذي يحافظ على استقلال المؤمن، فاذا كان هذا الحصن مخترقاً، فكيف ينفع الانسان؟ ماذا ينفع الايمان الذي لا يحصن استقلالك؟ انه يشبه الدواء الذي لا ينفعك في حالة المرض، وانما يفيدك فقط حينما تكون متمتعاً بكامل صحتك.. فما هي فائدة هذا الدواء اذن؟
الايمان هو حصن المؤمن وسلاحه، والانسان يستخدم سلاحه ضد عدوه، وضد كل ما يخاف منه، والانسان بطبيعته وفطرته يخشى الطبيعة، ويخشى الظلام، والهوام والدواب، يخشى الظواهر الطبيعية كالرعد والبرق والرياح، ومن هنا نشأت عبادة البشر ـ عبر التاريخ ـ للظواهر الطبيعية، اذ انهم كانوا يخشونها فيتحولون إلى عبادتها، ولذلك كان كل مجتمع يعبد الظاهرة الطبيعية التي يعايشها ويخاف منها، فمنهم من يعبد الرعد، والبرق، والسحاب، ومنهم من يعبد البحر اذا كان يعيش على سواحل البحار، وهناك من يعبد النهر لانه يسكن على شاطئه، وهكذا نجد الاقباط السابقين في مصر كانوا يعبدون النيل لانهم كانوا يعيشون على ضفافه وكانوا يطعمونه كل عام واحدة من اجمل فتياتهم.
ولهذا السبب كان جماعة من الناس يعبدون رؤساء العشائر رموز القوة الاجتماعية، وكانت الاصنام عادة رموزاً لقوى اجتماعية معينة.
كل ذلك لان في طبيعة الانسان تكمن حالة الانسحاب والتبعية، حالة الذل التي تجعله يعبد ما يخشاه ويخافه.
وهذه الفقرة من الدعاء تجبر هذا الضعف البشري، اذ تقول للانسان بانك قوي حتى لو لم تملك السلاح، والقوة المادية، اذ انك تملك التوكل على الله والاعتماد عليه، تملك سلاحاً امضى من أي سلاح، وهو سلاح الدعاء، فعندما تدخل على حاكم فاسد جبار، اقرأ هذا الدعاء لكي تغمر قلبك قوة في المواجهة، وعندما تواجه انحرافاً اجتماعياً، فاقرأ هذا الدعاء حتى يمنحك القدرة على مقاومته وتصحيحه.
اذن، فان كل دعاء يعالج واقعاً نفسياً، وضعفاً قائماً في النفس البشرية، وعند التدبر في الدعاء يجب ان نحاول اكتشاف الاهداف المباشرة من وراء كل فقرة، وكلمة، على هذا الاساس نواصل التدبر في هذه الفقرة من دعاء الافتتاح:
[الحمد لله الذي يؤمن الخائفين..]
الخوف هو الوتر الحساس في حياة الانسان، والذي تؤكد عليه هذه الفقرة من الدعاء في بدايتها، فالذي يخاف ويرتجف من السلطان الجائر، كيف يستطيع مقاومته، والذي يخاف الطبيعة ومظاهرها، كيف يمكنه تسخيرها والاستفادة منها.. اذن باي حبل يستطيع هذا الخائف ان يعتصم حتى يطمئن قلبه، وتسكن نفسه؟ الجواب: بحبل الله الذي يؤمن الخائفين، والمؤمن هو من اسماء الله الحسنى (وينجي الصالحين)، اذا كانت اعمالك صالحة فلا تخشى احداً أو شيئاً لان الله تعالى سوف ينجيك وينقذك اذا واجهت اية مصاعب، (ويرفع المستضعفين)، واذا استضعفك الاخرون.. سلبوا قدراتك واستثمروك اقتصادياً واعلامياً، وغلقوا في وجهك مسارب الحياة والتقدم فان هناك رب العزة الذي يرفع المستضعفين وياخذ بايديهم إلى ساحل النجاة والحياة الحرة الكريمة، ولكن بشرط واحد هو ان تبقى في نفس المستضعف شعلة الامل متوهجة، وان لا ينتهي إلى اليأس والقنوط والاستسلام للواقع الفاسد.
(ويضع المستكبرين)، لا يمكن ان يستمر الطغاة والمستكبرون في تسلطهم الظالم على الشعوب المستضعفة، ان هذا لا يتفق مع سنن الله في الحياة، فلابد ان يُدحر الله كل المستكبرين والطواغيت، وان يرفع في مكانهم الذي استُضعفوا ويجعلهم ائمة.
(ويهلك ملوكاً ويستخلف آخرين)، ان هؤلاء الملوك، والطغاة، والجبابرة الذين يمسكون بين اصابعهم مصائر الشعوب، ويتلاعبون بمقدرات الامم المستضعفة، لا يشكلون قوة حقيقية في الحياة، فالله القاهر يهلك الملوك ويقضي على الطغاة ويستخلف مكانهم آخرين.
(والحمد لله قاصم الجبارين)، الذين يتجبرون في الارض ويحسبون انفسهم انصاف آلهة ويزرعون الخوف والهلع في قلوب الجماهير ويعيثون في الأرض فساداً سوف يقصم الله ظهورهم (قاصم الجبارين مبير الظالمين)، أما الظالمون الذين يظلمون الناس فان الله يهلكهم عن اخرهم ويبيدهم ابادة تامة، وما أكثر عبر الحياة في هذا المجال، فاين هؤلاء الذين كانوا يظلمون الناس في هذه البلاد (إيران)؟
لقد ابادهم الله، وشتت شملهم في آفاق الارض، (مُدرك الهاربين)، وهل يستطيع الظالم ان يهرب؟ اجل، قد يهرب من ايدي المظلومين، إلا انه لا يستطيع الهرب من الله القاهر الجبار، فالله مدركه اينما يولي وجهه، فهو (مدرك الهاربين نكال الظالمين)، سوف يعذبهم عذاباً شديداً، (صريخ المستصرخين)، ذلك الذي يستصرخ ربه، ويدعوه إلى اغاثته، فان الله صريخه، أي يجيبه ويكون عند استغاثته. (موضع حاجات الطالبين)، الذين يطلبون من الله حاجاتهم مهما تكن كثيرة، فان الله موضع حاجاتهم يستجيب لهم، فان الآمال والطموحات الكبيرة لا تتحقق إلا بالله، (معتمد المؤمنين)، أما المؤمنون فانهم يعتمدون على الله سبحانه وتعالى ويتوكلون عليه، هذا بالنسبة إلى الطغاة والقوى الاجتماعية.
اما في مجال القوى الطبيعية، فيقول الدعاء:
(الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها)، الانسان يخشى السماء وما فيها من رعود وبروق، ويرجو رحمة الله من السماء ايضا، إلا ان الحقيقة هي غير ذلك، فالسماء لا تشكل خطراً يُخاف منه، اذ ان السماء وسكانها ترتعد من خشية الله سبحانه وتعالى فلماذا نخشى الطبيعة اذن؟
(الحمد لله الذي من خشيته ترعد السماء وسكانها، وترجف الارض وعمارها)، فالارض والذين يعمرون الارض ويحيونها يرتجفون خوفاًمن الله وخشيته (وتموج البحار ومن يسبح في غمراتها)، هذه الحيوانات البحرية الهائلة، التي يزن بعضها (100) طن، ويصل طول بعضها ثلاثين متراً، كل هذه ترتعد فرقاً وخشية من رب العالمين..
اذن، يجب ان لا يخشى الانسان المؤمن الظواهر الطبيعية.. ان لا يخاف السماء والارض والبحار، فكل هذه مخلوقات لله ومسخرات بأمره.
والآن، ما دمنا قد وصلنا إلى هذه المرحلة واكتشفنا بان الملوك، والجبابرة والظالمين والمستكبرين لا يشكلون اية قوة بازاء الله رب العالمين، وانه سوف يبيدهم عن آخرهم، وان السماء والارض والبحار وكل ظواهر الطبيعة ليست عدوة الانسان حتى يخاف منها ويخشاها، بل هي كلها ترتعد وترتجف امام ملكوت الله، علينا اذن ان نحمد الله على هدايته ايانا إلى هذه الحقيقة الايمانية.. لقد كنا سابقاً نخشى مخلوقات الله فنعبدها من دونه، ولكن الله هدانا إلى الصراط السوي.
(الحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا نهتدي لولا ان هدانا الله)، فالله تعالى هو الذي يعِّرف نفسه بنفسه، ولولا هداية الله للانسان لظلّ سادراً في غوايته، والانسان هو المخلوق العاجز الضعيف الذي يحتاج الله في كل شيء، والله هو الغني القيوم، هو الذي يخلق الاشياء، ولا يخلقه شيء، ويرزق الانسان ولا يحتاج إلى رزق احد، ويُطعم البشر ولا حاجة له إلى الطعام.. بيده الموت والحياة والنشور.. بل هو القادر على كل شيء ولا يعجزه امر:
[..الحَمْدُ للهِ الذي يَخْلُقُ وَلَمْ يُخْلَق، وَيَرْزُقُ ولا يُرْزَق، وَيُطعِمُ ولا يُطعَمْ، وَيُمِيتُ الاحياء، وَيُحيي المَوْتى، وَهو حَيُّ لا يَمُوت، بِيَدِه الخير، وَهو عل كلِ شَيءٍ قّدير..]
قبسات من دعاء الافتتاح * تأملات في دعاء الافتتاح*
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 15021
- اشترك في: الثلاثاء مارس 04, 2008 6:40 pm
- مكان: كـنـف المـــــنـــصــــــــورة (ع)
Re: الاعتماد على الله عزوجل
[align=center]اللهم صل على الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي الكريمة أحسنتم بارك الله تعالى بكم طرح مبارك ورائع
نسأل الله تعالى بحق محمد وآل محمد أن يحفظكم ويرزقكم خير الدنيا والآخرة وشيعة محمد وآل محمد
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
والحمد لله رب العالمين [/align]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أختي الكريمة أحسنتم بارك الله تعالى بكم طرح مبارك ورائع
نسأل الله تعالى بحق محمد وآل محمد أن يحفظكم ويرزقكم خير الدنيا والآخرة وشيعة محمد وآل محمد
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين
والحمد لله رب العالمين [/align]
يا الله
-
- مـشـرفـة
- مشاركات: 13029
- اشترك في: السبت يناير 31, 2009 12:36 am
Re: الاعتماد على الله عزوجل
[align=center]اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك فيكم اختي امل الزهراء
احسنت موضوع رائع وقيم جدا
جزاك الله خير
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين [/align]
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك فيكم اختي امل الزهراء
احسنت موضوع رائع وقيم جدا
جزاك الله خير
وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين [/align]
قال النبي صلى الله عليه وآله:
من أحب فاطمة ابنتي فهو في الجنة معي ومن ابغضها فهو في النار
من أحب فاطمة ابنتي فهو في الجنة معي ومن ابغضها فهو في النار
-
- المدير الإداري
- مشاركات: 49874
- اشترك في: الثلاثاء سبتمبر 23, 2008 1:36 pm
- الجنس: فاطمية
Re: الاعتماد على الله عزوجل
[align=center][font=Traditional Arabic] بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ
جزاك الله خيرا عزيزتي
أمل الزهراء
طرح رائع ومميز .. جعله الله في ميزان أعمالك[/font][/align]
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وعَجِّلْ فَرَجَهُمْ
جزاك الله خيرا عزيزتي
أمل الزهراء
طرح رائع ومميز .. جعله الله في ميزان أعمالك[/font][/align]
يقينا كله خير
-
- فــاطــمــي
- مشاركات: 9197
- اشترك في: السبت فبراير 23, 2008 3:04 pm
Re: الاعتماد على الله عزوجل
[font=Traditional Arabic][align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين المنتجبين
بارك الله فيكم في ميزان حسناتكم يارب
جزيتم الف خير وقضى الله حاجاتكم بالدنيا والاخرة
اللهم صل على محمد وال محمد[/align][/font]
[font=Traditional Arabic][align=center]راية المهدي[/align][/font]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
اللهم صل على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين المنتجبين
بارك الله فيكم في ميزان حسناتكم يارب
جزيتم الف خير وقضى الله حاجاتكم بالدنيا والاخرة
اللهم صل على محمد وال محمد[/align][/font]
[font=Traditional Arabic][align=center]راية المهدي[/align][/font]
اَلسَّلامُ عَلَيْكِ يا مُمْتَحَنَةُ امْتَحَنَكِ الَّذى خَلَقَكِ فَوَجَدَكِ لِمَا امْتَحَنَكِ صابِرَةً اَنَا لَكِ مُصَدِّقٌ صابِرٌ عَلى ما اَتى بِهِ اَبُوكِ وَوَصِيُّهُ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِما وَاَنَا أَسْأَلُكِ اِنْ كُنْتُ صَدَّقْتُكِ إلاّ اَلْحَقْتِنى بِتَصْديقى لَهُما لِتُسَرَّ نَفْسى فَاشْهَدى اَنّى ظاهِرٌ بِوَلايَتِكِ وَوَلايَةِ آلِ بَيْتِكِ صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِمْ اَجْمَعينَ.
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 39518
- اشترك في: الأربعاء إبريل 29, 2009 11:20 am
Re: الاعتماد على الله عزوجل
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين
سلمت يمناك عزيزتي امل الزهراء
الله يعطيك الف عافية طرخ رائع و مبارك
اسأل الله ان يوفقكِ و يحفظكِ بحق النبي و آله الاطهار عليهم السلام
دمــــتِ ســــالمة[/align]
اللهم صل على محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين
سلمت يمناك عزيزتي امل الزهراء
الله يعطيك الف عافية طرخ رائع و مبارك
اسأل الله ان يوفقكِ و يحفظكِ بحق النبي و آله الاطهار عليهم السلام
دمــــتِ ســــالمة[/align]
(( إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ))
-
- عضو موقوف
- مشاركات: 49213
- اشترك في: السبت أكتوبر 04, 2008 5:03 pm
- مكان: في قلب منتداي الحبيب
Re: الاعتماد على الله عزوجل
[align=center]اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
احسنتم اختنا الكريمة على طرحكم الموضوع المبارك
وفقكم الله و سدد خطاكم لكل خير بجاه محمد و آله الطاهرين..
[/align]
احسنتم اختنا الكريمة على طرحكم الموضوع المبارك
وفقكم الله و سدد خطاكم لكل خير بجاه محمد و آله الطاهرين..
[/align]
( حسبي الله ونعم الوكيل )
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 27275
- اشترك في: الاثنين يناير 26, 2009 6:25 pm
Re: الاعتماد على الله عزوجل
[align=center][font=Traditional Arabic]اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم و ارحمنا بهم يا كريم ,,
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أشكرك أختي أمل على هذا الطرح ,
بارك الله فيكِ.[/font][/align]
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أشكرك أختي أمل على هذا الطرح ,
بارك الله فيكِ.[/font][/align]
-
- فـاطـمـيـة
- مشاركات: 3565
- اشترك في: الأحد إبريل 19, 2009 2:06 pm
Re: الاعتماد على الله عزوجل
[align=center]
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل وسلم وزد وبارك على النبي محمد واله بعدد ما احاط به علمك
السلام على النبي محمد ووصيه علي وابنته فاطمة
وسبطيه وكل اهل بيته الطاهرين
الحمد الله عدد ما احاط به علمه اضعاف مضاعفه
وكما هو اهله
الله يرضى عليك ويرضيك
ويرحم والديك
ورزقك ثواب هذا الموضوع الجنه مع النبي واله
وكذلك كل المؤمنين
اللهم وفقنا وكل المؤمنين لما يحب ويرضى
.[/align]
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل وسلم وزد وبارك على النبي محمد واله بعدد ما احاط به علمك
السلام على النبي محمد ووصيه علي وابنته فاطمة
وسبطيه وكل اهل بيته الطاهرين
الحمد الله عدد ما احاط به علمه اضعاف مضاعفه
وكما هو اهله
الله يرضى عليك ويرضيك
ويرحم والديك
ورزقك ثواب هذا الموضوع الجنه مع النبي واله
وكذلك كل المؤمنين
اللهم وفقنا وكل المؤمنين لما يحب ويرضى
.[/align]